أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرالضفة وغزةومضات

“بوابة” قرية “حارس”.. تقطع أوصال الحياة بـ”كبسة زر”

كغالبية القرى الفلسطينية الواقعة في نطاق السيطرة الأمنية للاحتلال الإسرائيلي، يلف قرية حارس طوق استيطاني كما يلتف السوار بالمعصم، ما يجعل صور الحياة من وإلى القرية مرهونة بمزاجية جنود الاحتلال.

وما تواجهه قرية “حارس”شمال غرب سلفيت ليست شيئاً شاذاً عن الأوضاع التي تمر بها أغلب القرى المجاورة والقرى الواقعة في المناطق المُصنفة (ج)، إذ يوجد على مداخل أغلبها بوابات معدنية عنصرية صفراء اللون موضوعة فوق مكعبات إسمنتية عملاقة، يتحكم فيها جنود الاحتلال وفق أوقات محددة، وقد يغلقون أو يفتحون البوابة في أي لحظة يشاؤون.

ويقول الناشط الحقوقي عيسى صوف: “إن أكثر القرى استهدافاً تلك الواقعة على الطرق الالتفافية الاستيطانية كـ “حارس” التي تقع وسط التجمع الاستيطاني المعروف باسم “إصبع أرئيل” الذي يعد الأكبر في الضفة الغربية، ويضم 14 مستوطنة أخرى إلى جانب المستوطنة الأم “أرئيل”.

ويقسم “إصبع أرئيل” الضفة إلى نصفين بشكل عرضي، وفي عام 2000م تم وضع البوابات على قرية “حارس”، وجارتيها “دير استيا” و”كفل حارس”.

وتصل تلك البوابات القرى بالشارع الرئيس الذي يفصلها عن محافظتي “سلفيت” ونابلس، وأحياناً يغلق جنود الاحتلال تلك المداخل جميعاً دفعة واحدة، أو إحداها وأحياناً دون المدخلين الآخريْن.

ويقول صوف في تصريحات صحفية: “إن سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها قوات جيش الاحتلال تعقد حياة 5000 مواطن يسكنون القرية.

ويبين أن إغلاق البوابات يضاعف الزمن الذي يحتاجه الأهالي من أجل الوصول إلى مركز مدينة سلفيت، بواقع 45 دقيقة بدلًا من سبع دقائق، كما يتعذر وصول طلاب الجامعات إلى جامعاتهم والموظفين إلى أشغالهم في المدن المجاورة”.

في حين يُضطر العمال الذين يعملون في أراضي عام 1948 للسير مشياً على الأقدام للالتحاق بأعمالهم، ولا يتوقف الأمر على تلك الآثار السلبية، بل إنه يطال الحالات الطبية الطارئة؛ إذ يوجد في القرية مركز طبي للحالات المرضية العادية فقط، التي يتم إعاقة نقلها عبر البوابة، ما يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.

ويتابع: “هنا نعيش وفقاً لمزاج الجنود المتقلب، وفي المدة الأخيرة خاصة بعد انتهاء انتخابات الاحتلال الخامسة، فإن مدخل القرية يشهد عصر كل يوم تقريباً مظاهرة للمستوطنين الذين يدعون أنهم يتعرضون لإلقاء حجارة من أبناء القرية”.

وفوراً تأتي قوات الاحتلال وتغلق البوابة وتطلق قنابل الغاز المسيلة للدموع التي تخترق بيوت القرية، وتعرض مواطنيها للاختناق، عدا عن اقتحامات المستوطنين للقرية ورفع “أعلام صهيونية”، وفي الحقيقة هم مَنْ يتعرضون للمواطنين بإلقاء الحجارة عليهم وبالسباب وبالشتم.

كل تلك الممارسات- وفق صوف- تأتي بالتوازي مع المشاريع الاستيطانية التي تلتهم أراضي القرية، كونها تقع على بحيرة مياه جوفية عملاقة يستنزفها الاحتلال لصالح مستوطناته.

تدمير لمقومات الحياة

في حين يشعر رئيس مجلس قروي حارس عمر سمارة بالأسى، إذ “لا تقيم سلطات الاحتلال وزنًا لأي فلسطيني”، قائلاً في تصريحات صحفية: “ذهبتُ قبل أيام لسلفيت وأثناء عودتي للقرية وجدتُ البوابة مغلقة بشكل فجائي، فاضطررتُ لسلوك طرق التوائية استغرقت مني وقتاً وجهداً كبيريْن”.

ويقف سمارة عاجزاً أمام النظر في أغلب شكاوى أهالي “حارس” التي تتعلق أغلبها بسلوك الاحتلال تجاه سكان القرية، “فهم يعزلوننا بكبسة زر عن محيطنا، يؤخرون العمال، ويضطرونهم لسلوك طريق ترابية تستغرق منهم وقتاً ومالاً، ويحرمون المزارعين من تسويق محاصيلهم وخاصة الزيتون”.

وحتى المرضى لا يسلمون من إجراءات الاحتلال، كما يؤكد سمارة، فمؤخراً أَجهضت سيدة بعدما أصيب بنزيف حاد في إثر استنشاقها غازاً مسيلاً للدموع، وقد أعاق الجنود دخول الإسعاف للقرية، وهذا غيضٌ من فيض مما يحدث مع المرضى في القرية”.

ومن المفترض أن يتم إغلاق البوابة مساءً وفتحها صباحاً، لكن تلك ليست القاعدة بالنسبة للاحتلال، فقد يغلقها في أي وقت يشاء، “فمؤخرًا يعمد الاحتلال لإغلاق البوابة عصر كل يوم، وهذا يتسبب بمعاناة تفوق التصور”.

ويلفت إلى أن مواطني القرية يصبحون ويمسون على شر الاستيطان والمستوطنين، الذين لا يكتفون بتكسير السيارات الفلسطينية وسرقة الأراضي؛ بل تعداها لتستهدف تلويثها بالمياه العادمة ومنع الوصول إليها، وتدمير كل مقومات الحياة هناك.

ويقول سمارة: “تخيلوا أن مزارعاً يملك خمسين دونماً مزروعًا بالزيتون، لا يُسمح له بدخولها سوى أيام معدودة في السنة، فيحتار ماذا يفعل، هل ينظف الأرض أم يحرثها أم يجمع المحصول؟”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى