أخبار وتقاريرتكنولوجيادين ودنياومضات

الخيانة الرقمية!!

أُمية جبارين (أم البراء)

كما يُقال تعددت الأسباب والموت واحد. نعم فالموت هو الموت بأوجاعه وآلامه وفقده مهما تعددت أسبابه. وفي المقابل أقول الخيانة واحدة مهما تعددت صورها وأشكالها!!!

فالخيانة هي الخيانة بآلامها وقسوتها إذ تجعل المصاب بها ميتا وسط الأحياء، حتى لو أخفى آلامه ودموعه وحزنه في سبيل المحافظة على أسرته وعدم تشريد الأبناء!!

وسواء كانت هذه الخيانة جسدية كاملة أو خيانة مشاعر وأحاسيس، وما أصعب وأقسى ألم الخيانة إن جاءتنا من القريب!!!

وقبل أن أسهب في تفصيلات الحديث أود أن أوضح بداية أن الخيانة الرقمية تعتبر معصية وإثم كما أوضح الفقهاء، وأن من أستصغرها واعتاد عليها تتحول إلى كبيرة والعياذ بالله.

وكما هو معروف من استحل الحرام حَرَمَه الله تعالى من لذة الحلال. وقد عَّرَّف الأخصائيون النفسيون معنى الخيانة بشكل عام هكذا: فالخيانة تعني ما حاك في الصدر وخشيت أن يعرفه الناس.

وهذا التعريف هو نفس التعريف الذي عرف به الرسول صلى الله عليه وسلم الإثم.

والخيانة عادة ما تكون درجات، يندرج تحت سقفها الغيرة، الفتنة، النفاق، والأذية.

وليس شرطا أن تكون الخيانة مكتملة حتى في الخيانات العاطفية. وكما نعلم بأن العين تزني وزناها النظر والأذن تزني وزناها السمع واليد تزني وزناها اللمس أو البطش واللسان يزني وزناه الكلام والرجل تزني وزناها الخطى والقلب يتمنى والفرج يصدق ذلك او يكذبه.

وها انا في مقالتي هذه أود أن أتحدث عن أحدث أنواع الخيانة بما أننا نعيش في عصر الحداثة والتطور، في عصر باتت فيه وسائل الاتصال والتواصل مع الآخرين بلمسة إصبع!! سأتحدث عن “الخيانة الرقمية” أي الخيانة من خلال منصات التواصل الاجتماعي بشتى منصاته المختلفة الواتس، المسنجر التشات، الإنستا وغيرها من المنصات الرقمية. ونحن هنا بصدد الحديث عن الخيانة بين الأزواج.

نعم أيها السادة، ففي السابق لم نكن نعرف إلا الخيانة المكتملة التقليدية (الزنا) ولكننا اليوم نواجه خطرا كبيرا يهدد أسرنا وعوائلنا، خطرا يفتح الباب على مصراعيه فيصيب بسهامه القاتلة للحياء القاضية على السكينة والأمن والأمان والثقة والاستقرار في بيوتنا، يصيبها في مقتل!!!

فان ما يميز “الخيانة الرقمية” سهولة الوقوع ببراثنها فهي تحتاج إلى اقل جهد من قبل الشخص الخائن، فيستطيع المرء سواء كان ذكرا أو أنثى أن يمارس هذه الخيانة وهو في بيته بجانب شريكه (الزوج/الزوجة) وأولى خطوات هذه الخيانة بالتعرف على شخص ما على مواقع التواصل أو حتى في الحياة الواقعية فيبدأ في التواصل معه والحديث مع هذا الشخص من خلال مواقع التواصل. وقد تبدأ الحكاية من خلال إشارة إعجاب على منشور وبعدها إشارة القلب وبعدها يتم الدخول للخاص وهنالك يبدأ الشيطان بتجميل وتنميق وتزيين هذا الخطأ الفادح من كلا الطرفين، وإيجاد المبررات، وأن هذا تصرف عادي فهو مجرد كلام دون لقاء!!! ولكن مالا يفهمه الخائن هنا: أن الخيانة ليست فقط خيانة جسدية، بل الخيانة تتم على شكل فكرة، رغبة، اهتمام. لذلك فإن من المفارقة العجيبة أن نجد الطرف غير الشريك الأصلي يعرف حيثيات حياة الشخص (الخائن) بل يعرف أدق التفاصيل عن حياته الخاصة ومشاكله الأسرية!!!

والأَّمر من ذلك في هذه العلاقة المحرمة بكل المعايير أن الرجل أو المرأة (الخائن/ه) يشعر بالراحة بالحديث مع غير الشريك ويشعر أن هذا/هذه الغريب/ة متفهم أكثر من الشريك ويحتويه/ها أكثر! وقد يبرر الخائن لنفسه هذا التصرف بأنه مظلوم في حياته مع شريكه، ولا يجد قيمته أو مكانته، أو قد يتهم شريكه بأنه غير مهتم به وغير مبال بإحتياجاته، وقد يتهم شريكه بأنه إنسان نكدي لا يعرف كيف يعيش، وقد يفتعل هذا الشخص الخائن مع شريكة المشاكل ويضخمها…. وإلى آخره من هذه المبررات الشيطانية، حتى يُسكِت الشخص الخائن ضميره!!!!

قد أتفهم وجود مشاكل تحصل بين الأزواج، بل هذه المشاكل هي من صميم الحياة الأسرية فلا يوجد حياة مثالية خالية من الهموم والضغوطات التي تنغص الحياة الأسرية. ولكن هذا الأمر لا يجيز للمرء أن يهدم ويدمر أسرته من أجل النسبة القليلة المفقودة أو في سبيل نزوة عابرة. ولا يجيز لك أن تجعل من هذه النزوة سببا في قهر وتدمير الشريك الذي وثق بك ووهبك من حبه وجميل مشاعره. وما أصعب أن يتحول مصدر الأمان والسكينة إلى مصدر ألم وقهر وخذلان، وما أقسى أن تعطي وتعطي ولا تدخر جهدا في سبيل إرضاء شريكك فيقابلك بالخيانة والإهمال.

لذلك أوصيكم ونفسي بهذه الوصايا الخاصة بكل شريك حتى نحافظ معا على أسرة قوية عفيفة ترتكز على الحب والتفاهم والاحترام، تملؤها الرحمة والسكينة تزينها الحوارات البناءة في سبيل الوصول إلى مجتمع سليم سوي.

فإليك أيها الزوج أقول: إياك من فعل هذه الأمور فبها تخرب البيوت وتهدم، إياك من:

1- الابتعاد فإنه يترك فراغا قاتلا في قلب زوجتك.

2- الإهمال فإنه يقتل المودة شيئا فشيئا في قلب زوجتك.

3- القسوة فهي تقتل كرامة زوجتك.

4- البخل فإنه يطفئ الدفء في البيت.

ولتعلم أيها الزوج أن المرأة كريمة ومعطاءة. إن أعطيتها الحب أعطتك الراحة والطمأنينة، وإن أعطيتها الاحترام جعلتك ملكا على رأسها طول الزمان.

وإليك أيتها الزوجة أقول: كوني زوجة صالحة كما وصفك الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم حين قال:
الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة التي إذا نظر إليها زوجها أسرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته في ماله وعرضه.

واعلم أيها الزوج أن أول من يشهد عليك يوم القيامة زوجتك وأن شهادتها لك بحسن المعاملة تدخلك الجنة. وليست شهادة المتلاعبات!!

واعلمي أيتها الزوجة أن أول من يشهد عليك يوم القيامة زوجك. وإن رضا الزوج من رضا الرب وهو طريقك إلى الجنة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى