أخبار رئيسيةتقارير ومقابلاتشؤون إسرائيليةومضات

كاتب إسرائيلي: كلنا هرتسوغ.. كلنا محتلون

أكد كاتب إسرائيلي أن من يلقي باللوم على متطرفي المستوطنين، فيما يتعرض له الفلسطينيون اليوم في الأراضي المحتلة، يغفل حقيقة لا مراء فيها وهي أن من يسوم الفلسطينيين سوء العذاب ويسرق أرضهم وينهب خيراتهم هم “نحن الإسرائيليين كلنا دون استثناء”.

وعاد ميخائيل سفارد بداية مقاله بصحيفة هآرتس Haaretz إلى أيام الاحتلال الأولى للضفة الغربية عام 1967، مقدما وصفا لما حل بها من دمار وظلم تحت سلطة الجنرال حاييم هرتسوغ الذي أسندت إليه إدارتها.

وتصور الكاتب كيف عاش الفلسطينيون منذ ذلك الحين، مجسدا معاناتهم في “شخصية وهمية” أطلق عليها اسم “عبد” قال إنه ولد اليوم الأول لاحتلال الضفة.

وأضاف “بينما كان المولود ينفث أنفاسه الأولى وبينما كانت والدته تحتضنه في أول مداعبة له، كان الجنرال يتمايل مخمورًا في رحلة سلطة مذهلة”.

وأضاف أن هذا الجنرال استحوذ على كل سلطات الحكومة والتشريع والتعيين والإدارة المتعلقة بالمنطقة أو سكانها.

فهذا الطفل أول مولود فلسطيني بعد احتلال الضفة، وتزامن ذلك مع الحكم الدكتاتوري اللواء حاييم هرتسوغ الذي أصبح سادس رئيس لإسرائيل، وها هو اليوم ابنه إسحاق يشغل منصب الرئيس الـ 11.

ويمضي الكاتب: منذ اليوم الأول أظهر هرتسوغ الأب سلطته على عبد ووالديه ومئات الآلاف من أبناء شعبه الذين يعيشون بالأراضي المحتلة قائلا في 7 يونيو/حزيران 1967 “أعلن حظر التجول في جميع أنحاء المنطقة، فلا يجوز لأي كان أن يغادر منزله في أي وقت أثناء النهار أو الليل”.

وهذا يعني أن “عبد” ولد في ظل احتلال طاغية وعاش في ذلك كل حياته، ولم يختبر ولا دقيقة واحدة من الحرية، ولا ثانية واحدة من السيادة، على حد تعبير الكاتب.

وفي السنوات التي أعقبت ولادة “عبد” يقول الكاتب: أسس هرتسوغ مكتب محاماة ناجحا مع شريكيه مايكل فوكس ويعقوب نيمان، وطور مسيرة سياسية بلغت ذروتها في الكنيست بانتخابه رئيسا لإسرائيل، الأمر الذي مكنه من إصدار عفو عن عملاء جهاز الأمن العام (الشاباك) الذين عذبوا وقتلوا الفلسطينيين، كما خفف 3 مرات عقوبة السجن المؤبد لأعضاء في تنظيم إرهابي يهودي سري قتل طلابا جامعيين فلسطينيين وحاول قتل رؤساء بلديات مدن فلسطينية بالضفة وركاب حافلات فلسطينيين.

وخلال تلك الفترة تميز مسار حياة “عبد” بغياب الحقوق المدنية نتيجة العيش في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وخضوعه لهرتسوغ وخلفائه.

فهؤلاء، وفقا للكاتب، هم من قرروا مصير أراضي عائلته، وما إذا كانت ستحصل على تصريح لبناء منزل، وما إذا كان هو نفسه يمكنه السفر إلى الخارج لقضاء عطلة أو متابعة دراسة.

وفي سنوات مراهقته، رأى “عبد” كيف تغيرت طبيعة وطنه بشكل كلي، وكيف تمت مصادرة مئات الآلاف من الأفدنة من أراضي وطنه الزراعية، وكيف تولت مجتمعات جديدة ذات هندسة معمارية أوروبية غريبة السيطرة على جزء كبير من ذلك الفضاء.

شاهد “عبد” بأم عينه وصول سكان جدد، جلبوا معهم عقلية كونهم أسياد الأرض والذين حصلوا من “هرتسوغ” على كل ما أخذ من عائلة “عبد” ومجتمعه: الأرض، المياه، الموارد الطبيعية، المشاركة في القرار، وفوق ذلك كله التمتع بالكرامة.

وبعد نصف مليون مستوطن وانتفاضتين، يقول الكاتب إن (الرئيس الحالي) هرتسوغ جونيور (الابن) بدأ رئاسته بزيارة مستوطنة “هار براخا” حيث افتتح “أولبانا” وهي مدرسة ثانوية للفتيات المتدينات، كما أشعل شموع “هانوكا” بالموقع الذي أقدم فيه طبيب يهودي على ذبح المصلين المسلمين في الحرم الابراهيمي بالخليل، ولم يزر هرتسوغ الحالي “عبد” ولم يفتتح شيئًا في قريته، وفقا للكاتب.

ولهذه الأسباب، يقول الكاتب وهو محام معروف بدفاعه عن المنظمات الخيرية الفلسطينية، إن علينا ألا نلقي اللوم على بن غفير وسموتريتش (عضوي كنيست متطرفان) كما يفعل هرتسوغ.

فمن أيام هرتسوغ الأب إلى العهد الحالي لهرتسوغ الابن، فإن المؤسسة الإسرائيلية، وليس جماعات هامشية، هي التي تصادر الأراضي، تبني المستوطنات، تعيد هندسة التركيبة السكانية للأراضي المحتلة، تخنق بوحشية كل معارضة لحكمها، بما في ذلك المقاومة السلمية، تسبب الكوارث لـ “عبد” وقومه.

ويقول الكاتب “آل هرتسوغ هم من يشجعون تلك السياسة ويعززونها، وحتى إن لم نكن نحن جميعًا بن غفير فنحن جميعًا هرتسوغ”.

وإلى جانب ذلك، فإن “إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش هما أولادنا الشرعيون، وهم ثمرة الشجرة التي سممناها جميعًا، والتركيز عليهم هو إلقاء اللوم على الحجر وإعفاء من رمى به” يقول الكاتب.

ويقول الكاتب إن بسبب هذه السياسة ها هو “عبد” البالغ اليوم من العمر 55 عاما يعيش حالة فصل عنصري كاملة “أنشأناها جميعًا، نحن الإسرائيليين، بما في ذلك أولئك الذين يعتبرون أنفسهم بعيدين جدًا عن المجانين بالخليل”.

“فنحن الإسرائيليين نفرض حظر التجول على عبد، وكلنا نحول كل موارد أرضه الطبيعية إلى جيرانه المستوطنين على حسابه، لمجرد أنه فلسطيني، وهم يهود، فهل سيضطر عبد إلى أن يعيش بقية أيامه هكذا؟ يتساءل الكاتب، ليجيب “هذا يعتمد بشكل كلي تقريبا علينا نحن الإسرائيليين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى