أخبار وتقاريردين ودنياومضات

الإعلام الرساليّ.. يبني وعيًا.. يصنع فكرًا.. ويثمر نهضة

مارية محاجنة

تكمن أهمية الإعلام الرساليّ الناهض في كونه إحدى وسائل الدعوة إلى الله، كما أرشدنا ربّنا عزّ وجلّ بقوله: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۚ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.

فبالحكمة في تقدير الأمور ووضعها في مواضعها، وبفهم السياقات والظروف وما يترتّب عليها، يبني الإعلاميّ منهجية واعية في التعامل مع الأحداث، وفي قراءة الخبر ودلالاته، وإبقاء المعنى داخل سياقه دون تشويه أو انتزاع.

وفي قول النبي ﷺ: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ»،

وقوله ﷺ: «لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ»،

تتجلّى الغاية من استثمار المنابر الإعلامية بوصفها وسائل دعوية ونهضوية تخدم المجتمع وترفع وعيه.

وهكذا يجد الإعلاميّ الرساليّ نفسه مُسخّرًا منبره للدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، ولتعزيز فضائل الأخلاق، وإبراز مواطن القوة في المجتمع؛ من خلال دعم المبادرات الإيجابية، ورفع الهمم، والتعريف بالقُدوات وأهل الاختصاص الذين يعزّزون قيمًا مجتمعية كالإيجابية والمسؤولية الجماعية والنهوض الاجتماعيّ، في مواجهة سيل المحتوى الهابط والتافه.

وعند الحديث عن موقع الدعوة في الإعلام المعاصر، فإنّ طبيعة المجتمع المسلم تقتضي وجود إعلام إسلامي يقوم على أسس صحيحة ومقوّمات أصيلة؛ ذلك أنّ وجود إعلام غير منضبط بالقيم الإسلامية في مجتمع مسلم يمثّل تناقضًا خطيرًا تنعكس آثاره السلبية على الأخلاق والتربية، ومن ثم على بنية المجتمع كله. ويتضاعف الخطر مع انحدار كثير من المنصّات والفضائيات التي انفتحت بلا ضوابط، فأصبحنا نعاني انفصالًا حادًّا بين القيم الأصيلة والمحتوى الإعلامي حين يكون هابطًا أو مُثيرًا للشبهات.

وحين يستند الإعلام الإسلامي إلى أسسه الراسخة، تصبح العملية الإعلامية — في مجملها وتفاصيلها — مستلهمة لفكر الدعوة ومنسجمة مع منهجها؛ فيغدو المحتوى الإعلامي نسيجًا إسلاميًا خالصًا يرسّخ القيم، ويهذّب الأخلاق، ويصوغ الفكر العام للمجتمع، ويربّي الأجيال تربية إيمانية صحيحة.

ولا شكّ أن وسائل الإعلام الحديثة — بتنوع قنواتها وفنونها — تمتلك قدرة هائلة على تطوير وسائل الدعوة وإيصالها داخل المجتمعات الإسلامية وخارجها؛ مما يجعل الاستثمار فيها ضرورة لنشر دعوة الله التي جاء بها رسولنا الكريم ﷺ رحمةً للعالمين، لكل الناس وليس فقط للمسلمين.

وهو ما يؤكد أن الخطاب الإسلامي خطاب عالميّ يتوجّه إلى جميع الشعوب والأمم.

وهذا ما سأتناوله بإذن الله في الحلقة القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى