“النسوية” بين البلطجة وازدواجية المعايير
أُميّة جبارين (أم البراء)
الحمد لله الذي جعلني إمرأة مسلمة سوية متصالحة مع نفسي، أعتز بانتمائي إلى الإسلام، وأفتخر بما أعطانيه من حقوق دون تفرقة أو تمييز، لا على أساس جنس أو لون أو دين، وذلك من منطلق (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) و (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لذكر على أنثى إلا بالتقوى) و(الناس عند الله سواسية كأسنان المشط) و(النساء شقائق الرجال) و(متى إستعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار).
نعم يا سادة، هذه المبادئ والتعاليم التي جاء بها الإسلام قبل أكثر من 1400 سنة وجعلتني كامرأة موازية للرجل متساوية معه في الحقوق والواجبات. أعرف مهمتي السامية في هذه الحياة، ولكن أبت بعض النسوة من بنات جلدتنا اليعربية ممن أطلقن على أنفسهن “النّسويات” أو “الحركات النسوية” إلا وأن تدَّعي زورا وبهتانا بأن المرأة العربية مظلومة ومسلوبة الحقوق، وأنها تعاني من سلطة الرجل وتسلطه عليها!!
وطبعا هذه الادّعاءات لم تأت من قبيل الصدفة، بل هي نتاج أجندة عالمية بدعم من جمعيات وصناديق ممولة مشبوهة تعمل تحت مسميات عدة، منها جمعيات تعنى بحرية المرأة، وأخرى لمحاربة العنف ضد المرأة، وحق المرأة بالإجهاض. وتطور الأمر للمطالبة بالحق الجندري والجنسي للمرأة،
ولمن أراد الإستزادة والتعرف على مطالب هذه الجمعيات النسوية ستجده مدونا في “إتفاقية سيداو”، والتي أعلن عنها في سنة 1975 في المكسيك خلال المؤتمر الدوري لحقوق المرأة. والملفت في بنود هذه الإتفاقية أنه لو تم تطبيق بنودها لكان بذلك تفكيك للأسرة، وتفكيك للمجتمع وضياعه، وهذا ما يريده أعداء الإسلام.
نعم قد أتفهم أن هنالك شريحة من النساء قد طالهن الظلم وخاصة في الدول الأوروبية!! نعم لا تستغربوا فالدول الأوروبية والتي نُبهر بها هي أكثر من ظلم المرأة حتى الآن، حيث أن نسبة القتل ضد النساء في أوروبا من أعلى النسب، وهنالك تجد أعلى نسب لاغتصاب النساء والقاصرات.
وتجارة النساء، تجارة مزدهرة ومربحة في أوروبا، واستغلال المرأة في العمل من قبل مرؤوسيها، حدّث عنه ولا حرج، التفرقة في الرواتب والمعاشات بين الرجل والمرأة، وغير ذلك من أنواع الظلم والتعدي على حقوق المرأة الأوربية على الرغم من أنها خاضت ثورات وموجات من المطالبة بحقوقها بعد الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر إلى يومنا هذا!
ولا أنكر كذلك أن هنالك شريحة من النساء في المجتمعات العربية والإسلامية تعاني من الظلم والإجحاف المجتمعي، ولكن ما أنكره وأرفضه جملة وتفصيلا أن يُزج بالإسلام إلى قفص الإتهام في قضية هو منها براء، فكيف نتهم من أعطى للمرأة حقها في الحياة الكريمة، وضمن لها حق التعليم والثقافة، والعمل، وحق التصويت والإنتخاب والترشح، وحق الميراث والتملك، وحق الأمومة والنفقة، وحق الخلع من زوجها إن كرهته!!
ولكن وللأسف أطلت علينا النسويات بأفكار غير سوية اختزلت مفهوم حقوق المرأة وحريتها بأمور هي أبعد ما تكون عن الحقوق التي تبنى على أساس العدل، بل أرادت هذه الحركات أن تلغي أو تتعدى على حقوق الرجل في سبيل الوصول إلى مجتمع نسوي بامتياز، تكون فيه المرأة سيدة نفسها بإمتياز دون أدنى سلطة أو ولاية لزوجها، لأبيها أو لأخيها ولها حرية التملك في جسدها، ولها الحرية في اختيار جندريتها والتحول الجنسي (الشواذ) وهذا مناف لكل قيمنا، مبادئنا، أعرافنا الإسلامية والعربية السوية!!!
وفي سبيل تنفيذ هذه المطالب التي دُبِّر لها بليل في أروقة الماسونية العالمية، أخذت الحركات النسوية على عاتقها تنفيذ هذه المطالب بكل الطرق حتى لو عن طريق البلطجة!! لذلك أصبح الكثير ممن يعارضون مطالب النسويات، في قفص الاتهام، وينعتون بالتخلف ويحاصرون ويقاطعون في وظائفهم، بل والأدهى من ذلك أنه في استمارة التسجيل للجامعة أو للوظائف المرموقة يضعون سؤالا حول رأيك في حق الجندرية والشواذ؟!
وبناء عليه، يتم تقييمك! أوليس هذا أسلوبا للبلطجة؟!!
زد على ذلك، ما حصل في مونديال قطر من هجوم عليه والدعوة لمقاطعته لأن دولة قطر المسلمة رفضت أن تضع شعارات الشواذ (المثليين) في الملاعب وعلى ملابس اللاعبين!! أوليست هذه بلطجة؟!!
الهجوم الشرس على محمد بن تريكة لأنه رفض التماهي أو دعم المثليين ونعته بالمتخلف وغير الكفؤ لمنصبه كلاعب عالمي ومحلل رياضي أوليست هذه بلطجة؟!! وغيرها من حالات البلطجة التي مورست على معارضي الأفكار النسوية لا يتسع المقام لذكرها.
ولكن المثير للعجب والجدل في آن واحد أن ذات هذه الجمعيات النسوية التي تطالب بحق النساء وعدم التعرض لها بأي سوء أو أذى وتقيم الدنيا وتقعدها إذا تعرضت إمرأة أو فتاة للقتل على خلفية شرف العائلة أو تم إغتصابها أو تزويجها بسن مبكرة، نرى هذه الجمعيات تعقد المؤتمرات وتصدر البيانات الإستنكارية وترفعها لأعلى الجمعيات والمؤسسات الدولية التي تعنى بشؤون المرأة هي ذاتها من أشاحت البصر وأصاخت السمع عما يحدث للنساء في غزة، في الضفة، في السودان من جرائم يندى لها جبين كل صاحب ضمير حي، فنرى المرأة في هذه الأحداث تقتل وتغتصب وترمل وتجوع وتعطش وتمنع من التداوي وتحرم من المسكن والأمن والأمان في حياتها ككل!!!
فأين أنتن أيتها الجمعيات النسوية يا من تحملن حربة الدفاع عن المرأة وحقوقها!!! أين توصياتكن لليونيسيف وللجمعيات الأممية بوقف الحرب والاحتلال، لأن المتضرر الأكبر هو المرأة.
لماذا لم تحاول جمعياتكن إدخال الطعام والدواء إلى أخواتنا المحاصرات والنازحات في غزة والضفة والسودان، أم أنها سياسة إزدواجية المعايير التي تعملون وفقها!! إذا ما كانت المرأة المظلومة مسلمة أو ليست من أصحاب البشرة البيضاء، تجاهلتن ظلمها ومصابها!!
فإن كنتن تؤمنن أن المرأة سيدة نفسها ولها أن تختار، فلماذا تحاربن الحجاب حتى لو كان من إختيار وقناعة المرأة!!
لماذا لم نر أو نسمع صوتا نسويا يعارض ويقف بوجه القوانين المجحفة بحق المرأة المسلمة في أوروبا، وبالذات في فرنسا، بلد الحريات!!!
لماذا لا تدافعن عن أطفال المسلمين الذين يتم اختطافهم من أهاليهم بالسويد تحت ذرائع قانونية ظالمة وتحت بند الإضطهاد الأسري.
أين أنتن أيتها المطالبات بالحرية الحقوق!!
فبين البلطجة وازدواجية المعايير التي تمارسنها أبشع أنواع الظلم وأقبح كبح للحريات، فتبا لكل نسوية هدفها التدمير لا التعمير!!



