أخبار رئيسيةأخبار عاجلةتقارير ومقابلات

أسرة فلسطينية تنتزع الملف الطبي لابنها الشهيد من الاحتلال

انتزعت عائلة الشهيد الفلسطيني عبد الحميد أبو سرور من مخيم عايدة غرب بيت لحم جنوب الضفة الغربية، من الاحتلال التقرير الطبي الذي يكشف تفاصيل دفن وتشريح جثمان ابنها وتوزيع جثمانه المُحترق في أكياس؛ ورغم بشاعة أفعال الاحتلال التي ارتكبها بحق جثمان نجلها، فأنّ انتزاع هذه المعلومات يعدّ انتصاراً حققته العائلة. مع العلم أن الجثمان لا يزال محتجزاً من قبل الاحتلال.

عبد الحميد أبو سرور (19 عاماً) الذي استشهد خلال تنفيذه عملية تفجير لحافلة إسرائيلية تحمل الرقم (12) في القدس المحتلة، في الثامن عشر من يوليو/ تموز 2016، وأصيب على إثرها 21 إسرائيلياً بجروح وحروق، وأعلن الاحتلال استشهاده بعد يومين من العملية، لا يزال يحتجز جثمانه، ويُرجح أن الاحتلال حوله إلى أشلاء. أما العائلة فإن انتصارها كان بحصولها على تقرير طبي من معهد الطب العدلي الإسرائيلي (أبو كبير) يوضح تفاصيل تشريح جثمان ابنها، وقرار دفنه في مقابر الأرقام.

انتصار الألم
تُسجل عائلة الشهيد انتصاراً آخر بعد نضالها المستمر طيلة 9 أشهر ماضية للحصول على قرار الدفن، إذ حصلت مطلع يونيو/حزيران الماضي، على الملف الطبي الخاص بابنها الشهيد عبد الحميد سرور من معهد الطب العدلي الإسرائيلي (أبو كبير).

وتوضح والدة الشهيد عبد الحميد، أزهار أبو سرور، في تصريحات صحفية، أن التقرير الطبي الذي يقع في 40 صفحة باللغة العبرية، يبين رقم سيارة الإسعاف التي نقلت عبد الحميد للمشفى بعد حصول العملية، ووصوله إلى معهد أبو كبير أشلاء موزعة في ثلاثة أكياس تمت مطابقتها.

ثم تكمل والدته وقد ابتلعت غصتها قائلة: “إن الحديث عن هذه التفاصيل مؤلم وصعب للغاية؛ حتى أن التقرير يوضح أنه في كيس من الأكياس عثر على نعل أحد زوجي الحذاء الذي كان يلبسه عبد الحميد، وبعض التحاليل التي أُجريت له بيّنت ذلك”.

وتشير إلى أن العائلة حصلت على قرار الدفن في يوليو/ تموز عام 2017، ويُبين التقرير دفن عبد الحميد في مقبرة “عامي عاد”، إحدى مقابر الأرقام السرية التي يدفن الاحتلال فيها جثامين منفذي العمليات الفدائية، أو من يدعي قيامهم بذلك. ويذكر أيضاً ساعة الدفن ورقم القبر ورقم السطر، كما يُشير إلى دفن الشهيد في تابوتٍ معدني بعد أخذ عينة DNA، ومطابقتها على الأرجح مع عينة من والده محمد أبو سرور الذي استدعاه الاحتلال للتعرف على جثمان ابنه، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب الحروق المنتشرة في جميع أنحاء الجسد، ودُفن مع سرور في المقبرة نفسها وفي اليوم نفسه 3 شهداء آخرين يُرجح أنهم مقدسيون.

العائلة حصلت على الملف الطبي بمتابعة حثيثة من مؤسسة “عدالة”، التي تمكنت من دفع النيابة لطلب التقرير من أبو كبير، رغم المماطلة الكبيرة من الجهات الإسرائيلية لكنها نجحت في تلقي نسخةً منه، أما محامو مؤسسة “عدالة” فإنهم يسعون إلى الحصول في المرحلة التالية على تقرير المشفى الإسرائيلي “تشعاريه تسيدك” الذي نُقل إليه الشهيد عبد الحميد سرور بعد العملية، للوقوف على كيفية استشهاده.

ويشكك المحامي فادي خوري من مؤسسة “عدالة”، الذي يتولى ملف الشهيد إلى جانب زميله حسن جبارين، في حديث معه، برواية الاحتلال باستشهاد عبد الحميد إثر العملية التي نفذها، ويقول: “وعليه تسعى عدالة للاطلاع على التقرير الطبي من المشفى، وتفعيل القضية خاصة أن الجلسة الأخيرة عُقدت في المحكمة العليا الإسرائيلية في يوليو/ تموز 2018، وكانت جلسة استماع من جهة 7 قضاة، ولا يُعلم في جلستها المقبلة التي لم تحدد بعد إن كانت ستؤكد على قرار القضاة الثلاثة قبلها بعدم صلاحية احتجاز جثامين الشهداء، وإنه في حال لم تبلغ المحكمة بعقد جلسة، سيتم التشاور حول آلية تحرك “عدالة” في هذا الإطار”.

خشية على مصير الجثامين المجهول

تعيش والدة عبد الحميد سرور وأهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم منذ انطلاق هبة القدس عام 2015، وعددهم 44 جثماناً، حالة ارتقاب دائمة لمعرفة أماكن دفن أبنائهم أو المزيد عن ذلك، لا سيما عندما يدور الحديث عن إهمال الاحتلال لمقابر الأرقام واحتمالية انجراف بعض الأشلاء بفعل العوامل الطبيعية، وإفلاس بعض شركات التأمين الإسرائيلية التي تقوم بالدفن في هذه المقابر، وضياع ملفات الشهداء وأرقامهم.

وتؤكد والدة الشهيد عبد الحميد أبو سرور، أن هذا القلق الذي ينتاب أهالي الشهداء المحتجزة جثامنيهم سيكون مضاعفا خاصة مع صعوبة التعرف على جثامين الشهداء واستبعاد أمر استلامهم من قبل عائلاتهم، علاوة على أن حصول هذه العائلات على قرارٍ بالإفراج عن جثامين أبنائها مرتبط بالمستوى السياسي الإسرائيلي فقط.

وتدعو والدة الشهيد عبد الحميد، أزهار أبو سرور، أهالي الشهداء المحتجزة جثامينهم إلى المتابعة الحثيثة لقضايا الإفراج عنها، والحصول على معلومات دفنهم واستشهادهم، لا سيما أن لوائح القانون في إسرائيل تخلو من أي نص يُشرع احتجاز الجثامين، لكنها تلجأ لقانون الانتداب البريطاني الذي كان معمولاً به قبل احتلالها فلسطين، وينص على أن جثمان من يُعدم أو يصدر بحقه قرار الإعدام لا يُسلم لذويه.

ولجأت الحكومة الإسرائيلية لسياسة احتجاز الجثامين في 13 أكتوبر/تشرين الأول العام 2015؛ من أجل الضغط على حركة “حماس” للإفراج عن جنودها المحتجزين في قطاع غزة، في مخالفة للقوانين الدولية وفي زيادة لمعاناة عوائل الشهداء ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها سلطات الاحتلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى