الإنسان في مجتمعنا العربي أرخص من الفلافل والشاورما.. إلى أين نحن ذاهبون؟

الإعلامي أحمد حازم
في ظل تفاقم العنف والقتل في مجتمعنا العربي، في الداخل الفلسطيني حيث اقترب عدد الضحايا من الـ 250 قتيلًا، أتساءل: ألهذه الدرجة من الرخص وصل الدم في المجتمع العربي المسمى “عرب إسرائيل؟” ألهذه الدرجة يتم قتل الانسان العربي من قبل ابن جلدته العربي دون رجفة جفن وبكل دم بارد؟ وأتساءل أيضًا: هل نحن “عرب إسرائيل” فعلًا “شعب الجبارين؟” أم من المفترض أن تكون لنا صفة أخرى؟
أكتب ذلك من حرقة قلبي على ضحايا العنف والجريمة في مجتمعنا العربي. التقارير الرسمية تقول إن العام 2023 انتهى حاملا معه 244 اسما من المجتمع العربي قتلوا بسبب العنف والجريمة. ضحايا رعب وإرهاب اجتماعي. العام الماضي شهد جريمة قتل كل 36 ساعة. فأي نوع من الشعوب نحن؟ هل نحن من طينة مختلفة تماما عن طينة البشر؟ وهل نحن مرشحون لدخول موسوعة غينيتس في القتل؟
العنف والتخلف الاجتماعي والفوضى وعدم الوعي في المجتمع العربي، وصل إلى حد لم يعد يطاق أبدًا. لقد أصبح قتل الإنسان في مجتمعنا العربي أسهل من اصطياد الطيور والحيوانات البرية، وأسهل من ” شربة مي”. شباب وفتيان وحتى نساء يقتلون في وضح النهار بكل برودة دم وبكل برودة أعصاب. مجتمع عربي أهله يقتلون بعضهم البعض والكل يتفرج ولا سيما السلطات المسؤولة. حالات قتل أشقاء بسبب خلاف عائلي، يظهر مدى التخلف المتراكم في المجتمع العربي. لأن الخلاف مهما يكون يجب أن يعالج بالعقل لا بالعضلات المفتولة أو بالسلاح. لكن عندما يفتقر الانسان إلى العقل يصبح تماما مثل الحيوان يستخدم كل شيء وأي شيء لإبادة الآخر.
نسبة العرب في البلاد تبلغ 22%، لكن نسبة العنف في المجتمع العربي تبلغ ثلاثة أو أربعة أضعاف من مجمل أعمال العنف في إسرائيل. معلومات “ترفع الرأس” بالفعل. السلطات الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الرئيسية المباشرة عن هذا الأمر. لكن المجتمع العربي ليس بريئًا مما يجري وهو يتحمل أيضًا المسؤولية عما يجري فيه، لأن التربية والسلوكيات هما الأساس، وأقولها بفم ملآن ودون تردد أو اعتبار “التلم الأعوج من الثور الكبير” وافهموا ذلك كما يحلو لكم. كل راع مسؤول عن رعيته، ونحن المسؤولين عن مجتمعنا.
كل جريمة لها عقاب، إلا في مجتمعنا العربي. وهنا من الضروري طرح سؤال على من يهمهم الأمر والمقصود على الشرطة المسؤولة أيضًا عن أمن وأمان المواطن العربي وليس اليهودي فقط: كيف يمكن لجهاز شرطة إسرائيلي متطور أن يعجز عن إيجاد من يقتل العربي؟ فهل هذا تقصير ام عدم رغبة في الكشف عن القتلة “لحاجة في نفس يعقوب” كما يقول المثل؟
في العام المنصرم وقعت 244 حالة قتل في المجتمع العربي ومعدل فك الرموز هو ضئيل للغاية، الأمر الذي يبرهن بصورة واضحة على “أن العديد من القتلة أحرار ويشكلون خطرًا على المجتمع”.
في الحادي عشر من شهر مارس/آذار الماضي عقدت لجنة الأمن الوطني جلسة بعنوان “الارتفاع الحاد في عدد حالات قتل المواطنين العرب وتقاعس الشرطة في التعامل مع الظاهرة”. القائم بأعمال رئيس اللجنة عضو الكنيست موشيه سعادة اعترف بفك لغز 15% من جرائم القتل ومعنى ذلك أن 85% من القتلة يتجولون بحرية.
واضح أن الدولة تقول ولا تفعل فيما يتعلق بمعالجة تفشي الجريمة في المجتمع العربي. الدولة نفسها تعترف بالأسباب ولم تقدم الحلول. ومن يراجع تقرير “توصيات لجنة المدراء ّ العامين للتعامل مع الجريمة والعنف في المجتمع العربي أي وثيقة السياسات التلخيصية تموز2020″، يجد فيها: أن الشباب العرب تم إهمالهم وهؤلاء يشكلون القسم الأساسي من حالات الاجرام في المجتمع العربي، وأن الدولة لا تستخدم بشكل فعّال ومختلف أدوات تطبيق القانون التي بحوزتها في مواجهة العناصر الإجرامية.
كما ورد حرفيًا في التقرير: “وبما أن الدافع الرئيسي للجريمة هو اقتصادي، فقد أصبحت السلطات المحلية العربية هدفًا مرغوبًا للاستيلاء على مصادر الميزانيات التي تتدفق من خلالها بطرق شبه مشروعة”.
الأسباب فهمناها وإن لم تذكر كلها، لكن ماذا عن الحلول؟
سكان أدغال أفريقيا الذين يعيشون مع القرود، لا يعانون من تفشي الجريمة، وبذلك فإننا لم نصل بعد إلى مستوى من يعيش مع (السعادين) فأي نوع من العرب نحن؟



