أخبار رئيسيةأخبار عاجلةعرب ودولي

دوائر السيسي تخشى انتقال عدوى العصيان المدني إلى مصر

قالت مصادر دبلوماسية مصرية، وفق ما نشره موقع “العربي الجديد”، إن اللجنة المخابراتية التي تتولّى التعامل مع الملف السوداني، بإشراف من مدير المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، أرسلت بالفعل عدداً من المسؤولين الفنيين في مجالات إدارة المطارات ومحطات الكهرباء وتوزيع الوقود، التابعين لشركات الحكومة إلى السودان، للمساعدة في إدارة الأزمة الحالية التي تعصف بالمرافق الحيوية نتيجة العصيان المدني، وذلك قبل القرار بتعليقه مساء أمس الثلاثاء. وكانت المعارضة قد بدأت يوم الأحد الماضي عصياناً مدنياً، فيما يحاول المجلس العسكري الانتقالي تقويضه لإثبات نجاحه في إدارة شؤون البلاد، بدعم لوجيستي وسياسي من النظام المصري.

وأضافت المصادر الدبلوماسية أن هناك قلقاً مصرياً متنامياً من احتمالات نجاح العصيان المدني في السودان، لأنه يمثل سابقة هي الأولى من نوعها في الأقطار العربية، نتجت كردة فعل على فض اعتصام القيادة العامة بالقوة قبل أكثر من أسبوع.
ولا يقتصر القلق المصري من نجاح العصيان على تأثيره السلبي على صلابة موقف المجلس العسكري الانتقالي، بل إن الدائرة المخابراتية الخاصة برئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي تخشى انتقال عدوى هذا العصيان إلى مصر مستقبلاً، من خلال طرح أسلوب الإضراب أو العصيان كبديل ناجح وناجع للتظاهرات والنزول للشارع.

ومنذ وصول السيسي واغتصابه للسلطة، عملت حكومة الانقلاب من خلال إدارتها للقطاعات المختلفة على محاربة الحركة العمالية، خصوصاً في شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام.
كذلك تواطأت مع أصحاب شركات القطاع الخاص ضد الإضرابات العمالية بمختلف صورها، فصدر قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية في عامي 2016 و2018 على التوالي، واضعاً جزاء الفصل للدعوة إلى الإضراب أو الانخراط فيها.
كذلك استصدرت حكومة الانقلاب مما يسمى المحكمة التأديبية عدة أحكام بين عامي 2015 و2017 لتجريم الإضراب عن العمل ومنعه نهائياً، كما استصدرت من مجلس الدولة عدة فتاوى بين عامي 2017 و2019 بعدم مشروعية اللجان النقابية المستقلة التي تدعو إلى الإضراب ضد توجهات اتحاد العمال الحكومي الرسمي، فضلاً عن تقديم عمال بعض الشركات بالمحلة الكبرى والسويس والإسماعيلية للمحاكمة بتهمة الإضراب.
وأشار السيسي بنفسه إلى معارضته لتنظيم الإضرابات أكثر من مرة، كانت أولاها في عام 2014 عندما اتهم المضربين عن العمل والمطالبين بتحسين أوضاعهم بأنهم “عايزين ياكلوا مصر” وبأنهم ينظمون فعاليات فئوية للنيل من هيبة الدولة.
كذلك قال في خطاب بمناسبة عيد العمال الأخير منذ شهرين مخاطباً العمال: “كلما تتظلم أكتر اشتغل أكتر”.
لكن العصيان المدني في السودان يعطي بعداً آخر أعمق من كونه إضراباً عمومياً عن العمل، فنجاح المعارضة السودانية في تنظيم العصيان باعتباره وسيلة سياسية للمواجهة، وما ترتب على ذلك من إصدار المجلس العسكري الانتقالي عدة بيانات تعبر عن تراجع – ولو تكتيكياً – في مواجهته للمعارضة، بما في ذلك تعهده بتقديم بعض المسؤولين عن مجزرة القيادة العامة للمحاكمة واستعداده للتفاوض من جديد على عضوية المجلس السيادي، فإن جميع هذه المستجدات تمثل قلقاً لنظام السيسي، بحسب مصدر أمني.
ووفقاً للمصدر فإن الأجهزة الأمنية ممثلة في شعبها المسؤولة عن متابعة صفحات التواصل الاجتماعي وقياس اتجاهات الرأي العام، رصدت تفاعلاً متزايداً للدوائر السياسية المعارضة بمختلف اتجاهاتها مع الأحداث في السودان، وترحيبها بخطوة العصيان المدني، والدخول في نقاشات تقارن بين العصيان وأسباب نجاحه وبين أسباب فشل مشروعات الإضرابات العامة السابقة في مصر.
وأوضح المصدر الأمني أن هناك قلقاً من الأحداث في السودان على مستويات أمنية عدة، بدءاً من أن تمثل التجربة السودانية إلهاماً وتجديداً للأمل في أوساط الشباب المصري أو الأجيال الجديدة التي لم تشارك بفاعلية في ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وانتهاء بأن تؤدي الاضطرابات الحالية إلى حالة من ضعف سلطة الدولة والأجهزة العسكرية والأمنية بالسودان، وتترتب على ذلك صعوبة في التعامل مع الأخطار الأخرى كالتسلل عبر الحدود والهجرة غير الشرعية والتنقيب غير الشرعي عن المعادن.
ويمثل العصيان المدني قلقاً للسيسي على صعيد سياسي آخر، لأن فشل مصر في إدارة الأزمة بالسودان من خلال دعمها للمجلس العسكري سيمنح أفضلية واضحة للمنافس الإقليمي إثيوبيا، التي تدخلت في الأزمة من خلال محاولة أداء دور الوساطة بين المجلس الانتقالي والمعارضة، واعتبرت أن نجاح هذه الوساطة قد يكون أساساً لأدائها دوراً آخر مستقبلاً لضمان إلغاء قرار تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، باعتبار أن إثيوبيا، وهي دولة المقر للاتحاد، تملك نفوذاً يمكنها من ذلك.
وتخشى مصر، بحسب مصادر دبلوماسية مصرية، من أن تكتسب إثيوبيا مساحات نفوذ جديدة، خاصة في السودان، إذا نجح العصيان المدني وأبدى المجلس العسكري الانتقالي تراجعاً إلى الخطوط التي كانت تدعو إثيوبيا إلى الانطلاق منها نحو مفاوضات جديدة مع المعارضة، لا سيما وأن قرار عدم تعليق عضوية السودان لمدة 3 أشهر في الاتحاد الأفريقي الذي صدر بناء على جهود مصرية واتصالات عديدة كانت القاهرة محورها مع عواصم أفريقية وأوروبية، لم يصمد على وقع فض اعتصام القيادة العامة بهذه الصورة الدموية التي أضعفت مصداقية وموثوقية المجلس الانتقالي لدى مجلس السلم والأمن التابع للمنظمة القارية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى