“الشاباك” يتهم عربيا من النقب بالاتصال مع عميل اجنبي بسبب توزيع مادة دراسية على رفاقه الطلاب في جامعة اربد!!
اتهمت النيابة العامة الإسرائيلية طالبا عربيا من النقب، ويدرس الطب في الأردن، بارتكاب مخالفة امنية خطيرة، لأنه تحدث مع زميل له على مقاعد الدراسة وقام بتوزيع ملخص المادة التعليمية.
واعتقل جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) الطالب ثائر جودة لمدة شهر، تم خلالها التحقيق معه بعنف ومنع من الاتصال بمحامي او مع ابناء عائلته.
وبحسب صحيفة “هآرتس” اليوم الأحد، انتقدت كل من المحكمة المركزية والمحكمة والعليا لائحة الاتهام ضد جودة، ورفضتا طلب النيابة تمديد اعتقاله حتى انتهاء الاجراءات ضده، وسمحتا له بالعودة لاستكمال دراسته رغم معارضة الدولة.
وبسبب الانتقادات قررت النيابة الغاء احدى التهم الموجهة الى جودة، الا ان النيابة تطالب بمحاكمته بتهمة اخرى، وهي الاتصال مع عميل اجنبي، وهي مخالفة تصل العقوبة عليها الى 15 سنة سجن، وكذلك بتهمة تقديم خدمات لتنظيم غير قانوني (وعقوبتها خمس سنوات). وتدعي النيابة ان ملخص المواد التي نشرها هدف لمساعدة لجنة الطلاب الجامعيين المتماثلة مع حماس.
ويدرس جودة (21 عاما)، وهو من قرية عرعرة في النقب، الطب في جامعة اربد في الأردن. وهو الابن البكر لعائلته.
وكان ثائر قد عاد لزيارة عائلته خلال العطلة الصيفية، وفي 19 حزيران، قبل عدة ايام من موعد عودته الى الأردن، ظهر رجال الشاباك في بيته واعتقلوه. وقال ثائر: “عندما حضروا كنت نائما. انتزعوني من السرير واخذوني الى منشأتهم”. ومن ثم، حسب اقواله، تم نقله الى منشأة اخرى في الجنوب. ويصف ثائر التحقيق بأنه كان معاديا وعنيفا: “ضربوني، هددوني بتدمير مستقبلي، شتموني وتحدثوا معي بكلمات نابية”. وقام المحققون بشد وثاقه الى كرسي لأكثر من عشر ساعات، ما سبب له الآم شديدة في الظهر. وبعد اسبوعين من التحقيق سمحوا له بالتقاء محامي.
وقال محامي ثائر ان الشاباك حاول تجنيده للعمل كمخبر. واشار الى انه تم اعتقاله بعد تواجده في البلاد لعدة اسابيع، وليس على معبر الاردن مع عودته الى البلاد، كما هو متبع عادة في حالات الاشتباه الامني. وقال ان جهاز الشاباك اتصل قبل سنة بثائر واستدعاه، وعرض عليه العمل مخبرا في الجامعة. وقال ثائر: “لقد رفضت ذلك وقلت لهم انه ليس لدي وقت لهذا. انا انشغل طوال الوقت بالكتب، بالدراسة”. وحسب اقواله فقد هدده رجال الشاباك في حينه بالتعرض له في المستقبل.
وفي التاسع من تموز تم تقديم لائحة اتهام ضد ثائر الى المحكمة المركزية في بئر السبع، بادعاء ارتكاب مخالفة امنية. لكن لائحة الاتهام لا تفصل كيف كان ينوي المس بأمن الدولة. وتتعلق التهمة الاولى بمحادثة اجراها مع طالب اخر في الجامعة، تصفه لائحة الاتهام كناشط في حماس. وكان هذا الطالب (ع) قد سأل ثائر عن الفارق بين الجناحين الشمالي والجنوبي للحركة الإسلامية، فقال له ان الجنوبي، خلافا للشمالي، يتمثل في الكنيست. وبسبب هذه المعلومة العلنية تم اتهام جودة بالاتصال مع عميل اجنبي وتسليم معلومة للعدو. وفي الاسبوع الماضي في اعقاب انتقاد المحكمة المركزية لهذه التهمة، اعلنت نيابة اللواء عن ازالتها من لائحة الاتهام.
وحسب البند الثاني، الذي بقي في اللائحة، فقد التقى ثائر في 2015 بالطالب (أ) الذي طلب منه توزيع تلخيص المادة الدراسية على الطلاب الجدد باسم “لجنة الطب الانساني”. وتدعي النيابة ان هذه اللجنة تتبع لرابطة طلاب حماس، الكتلة الاسلامية. ورغم ان المادة التي وزعها ثائر لا تشمل أي مواد لا ترتبط بالدراسة، الا ان النيابة تدعي انه في عمله هذا “مس بأمن الدولة” لأن توزيع المادة ساعد الرابطة الطلابية في الانتخابات. وهذه هي التهمة الموجهة اليه الان: الاتصال بعميل اجنبي وتقديم خدمة لجهة غير قانونية!
وقال قاضي المحكمة المركزية في بئر السبع، ناصر ابو طه، ان النيابة لم تحاول بتاتا اثبات ادعاءاتها بأن اللجنة الطبية هي ذراع لرابطة طلاب حماس. وقال القاضي: “قلبت وقلبت مواد التحقيق المطروحة امامي ولم أعثر على أي دليل يثبت هذا الادعاء”. كما يلتمس ثائر ضد الربط بين الكتلة وحماس، وقال محامي ثائر “رابطة الطلاب الجامعيين لا تتبع لأي تنظيم، والا لكانت المخابرات الأردنية قد نفذت القانون بحقها منذ زمن”. واضاف المحامي: “صحيح ان الرابطة متماثلة دينيا، لكن ليس كل اسلامي هو حماس”.
وطلبت النيابة من المحكمة تمديد اعتقال ثائر حتى انهاء الاجراءات. وفي 19 تموز رفض قاضي المحكمة المركزية ابو طه هذا الطلب، وانتقد النيابة واقترح عليها التراجع عن لائحة الاتهام، وكتب القاضي: “سيكون من الجيد اذا فكرت النيابة مرة اخرى بلائحة الاتهام، مع الاخذ في الاعتبار بأن الضرر الذي يمكن ان يصيب المدعى عليه لا يقاس، خاصة في ضوء الحقائق وظروف الحادث”. واضاف: “ليس من المستبعد ان يقف الى جانب جودة الدفاع في مواجهة امور هامشية”.
مع ذلك فرض ابو طه قيودا على ثائر، وفي مقدمتها منعه من مغادرة البلاد، الأمر الذي منعه من العودة لاستكمال دراسته في الأردن. وطلب المحامي الغاء الأمر، وفي الاسبوع الماضي استجابت المحكمة المركزية لطلبه، وحدد القاضي فابلو اكسلارد انه “سيكون من غير المنطقي تماما التخريب على دراسة المدعي للطب، في ظروف لائحة الاتهام التي تم تقديمها ضده”.
والتمست النيابة ضد القرار الى المحكمة العليا، وفي يوم الاثنين الماضي، رفضت القاضية دفنا براك – ايرز الالتماس، واشارت الى الاشكالية الكامنة في لائحة الاتهام. وكتبت القاضية ان “محامي المدعى عليه محق بأن نقطة الانطلاق للنقاش يجب ان تكون القرار المتعلق بطلب تمديد اعتقال المدعى عليه حتى انتهاء الاجراءات، والذي اشار الى مصاعب في قاعدة الادلة”. واضافت: “في هذه الظروف فان الضرر الذي سيصيب المدعى عليه اذا لم يرجع لاستكمال دراسته، لا يقاس، مع الاخذ في الاعتبار الدمج بين نوعية التهمة وقاعدة الأدلة، وكذلك حقيقة ان الدولة لم تشر الى التخوف من تهربه من القضاء”.
وقال ثائر الذي يفترض ان يرجع الى الأردن قريبا لاستكمال دراسته، انه بسبب خسارته للفصل الصيفي، سيضطر الان الى اعادة السنة الدراسية الثالثة كلها، لأنه لا يوجد في جامعة اربد فرصة ثانية لمن فوت الامتحانات.
وادعى جهاز الشاباك في تعقيبه ان “ثائر جودة اعتقل في 19.6.2017 للتحقيق في الشاباك بشبهة ارتكاب مخالفات امنية. وتم التحقيق معه بشكل قانوني وبإشراف المحكمة. نوضح ان الادعاء بشأن التحدث اليه بنابية وضربه خلال التحقيق لا اساس له. في نهاية التحقيق معه تم تقديم لائحة اتهام ضده الى المحكمة المركزية في بئر السبع، تنسب اليه الاتصال بعميل اجنبي وتقديم خدمات لتنظيم غير قانوني. وفي هذه الأيام تجري محاكمته”.