زوجة الشيخ رائد صلاح تتحدث لـ “موطني 48” عن مشاعر العائلة وشيخ الأقصى تغيبه السجون عشية عيد الأضحى المبارك
طه اغبارية
في أول حديثها عن زوجها الشيخ رائد صلاح، المعتقل بتهم التحريض على الإرهاب، تؤكد أم عمر أن زوجها الذي يخضع لظروف اعتقال ظالمة، ليس وحده في ذلك، فآلاف الأسرى من أبناء الشعب الفلسطيني يخضعون للأسر، والشيخ رائد صلاح يقدّم مثلهم ضريبة المواقف المناصرة للقدس والأقصى وقضايا شعبه، وقالت أم عمر إنها عشية العيد تشتاق لرؤية شقيقها الدكتور سليمان أحمد، المعتقل أيضا على خلفية نصرة الأقصى، خاصة أنه كان خير مساند لها ولعائلتها أيام تغييب الشيخ أكثر من مرة خلف قضبان الظلم الإسرائيلي.
والتقى موقع “موطني 48” السيدة أم عمر (كاملة محاجنة)، عشية عيد الأضحى المبارك، لتسأل عن حال العائلة وشيخ الأقصى، رب الأسرة، تغيبه السجون الإسرائيلية، فردّت كعادتها بمزيد من الصمود والمعنويات مؤكدة أن الظالمين لن ينجحوا أبدا في إضعافها وعائلتها، رغم كيدهم، ولن يروا منها والعائلة إلا المزيد من القوة والثبات والإصرار، التي تعلموها من الشيخ رائد صلاح، ومن كل الأحرار الذين قدّموا ضريبة الانتماء لقضايا شعوبهم.
وعن مشاعرها بعد سماعها الاثنين الفائت، ما ذكره الشيخ رائد حول ظروف اعتقاله تقول أم عمر: “ما يتعرض له الشيخ من ظروف قهرية في المعتقل، يظنون أنها ستجعله يتراجع عن ثوابته، ولكن هذا لن يكون مهما فعلوا، لان الشيخ رائد صلاح صاحب مواقف وثوابت يؤمن بها ويعمل من اجلها مثل: قضية القدس والاقصى وحق العودة واللاجئين وغيرها من قضايا شعبه وأمته”.
وتنوّه السيدة أم عمر إلى أن زوجها قصد دائما الحديث عن الاحتلال الإسرائيلي في القدس والأقصى ببعده الحقيقي، وحرص بعد احداث الاقصى الأخيرة وإزالة البوابات، على التأكيد أن ازالة البوابات والاجراءات الاحتلالية الأخرى، لا تعني أن الأقصى لم يعد في خطر أو أن القدس ليست في خطر، فهو يعتقد أن الاحتلال هو رأس البلاء، وتضيف: “وبالتالي ما يدفعه زوجي وآلاف الأسرى من أبناء شعبنا، هو ثمن هذه المواقف المناوئة للوجود الاحتلالي في القدس والأقصى وفي سائر الأراضي المحتلة، وعلينا أن نعمل على اطلاق سراح الأسرى والضغط على المؤسسة الإسرائيلية في هذا الاتجاه، وفي موضوع الشيخ تحديدا تسعى المؤسسة الإسرائيلية بكل ثمن إلى تلفيق التهم للزج بالشيخ رائد لأطول فترة ممكنة في السجن، ولكن هيهات أن يؤدي ذلك إلى تراجع الشيخ عن مواقفه ومبادئه التي سجن لأجلها العديد من المرات”.
إذا كان يعرفون أن الشيخ رائد لن يتراجع عن ثوابته فلماذا يفعلون ذلك ويخضعونه لهذه الظروف الظالمة؟
تقول أم عمر: “يحاولون كسر ارادته، وربما يعتقدون أنهم بهذه الانتهاكات يستطيعون إذلاله، ولكن الشامخ لا يذل وشخصية الانسان والمسلم تحديدا، حين تبنى على العطاء والمواقف المعززة بالفعل والعمل، لا يمكن أن تخضع أو تشعر بالمهانة، فحتى لو وضعوا الشيخ فيما أصعب مما هو فيه، سيبقى ثابتا مبتسما وساخرا من كل جبروتهم وظلمهم”.
وحذرت زوجة شيخ الأقصى، من الركون إلى المخططات الإسرائيلية والتصعيد الحاصل في موضوع الملاحقات السياسية والاعتقالات الإدارية في الداخل الفلسطيني، وأشارت إلى أن الصمت والاعتياد على التصعيد الإسرائيلي والظلم الحاصل بحق القيادات والنشطاء، سيؤدي إلى مزيد من التصعيد الذي قد يصل حد تمرير مخططات التهجير والاقتلاع، ودعت إلى تحرك شعبي أوسع لمواجهة المخططات العنصرية الإسرائيلية، التي، كما قالت، تتصاعد بخطورتها يوما بعد يوم.
لا تذكر أم عمر عدد الأعياد التي غاب فيها الشيخ رائد صلاح، خلف القضبان، خلال فترات اعتقاله الكثيرة، لكنها تعتقد أنها تصل إلى 9 أعياد (عيد الفطر والأضحى): “في عام 2003 ايام اعتقاله في ملف رهائن الأقصى، لم يحضر معنا الشيخ رائد على مدار 5 أعياد، وفي عام 2010 عيدين، وفي الاعتقال الأخير عام 2016 غاب لعيدين أيضا، لا شك أن هذا الغياب الدائم للشيخ يؤثر فينا ويحزننا، ولكن زوجي أسير ضمن آلاف الأسرى، وقد منحني الله القوة للثبات خلال تلك الفترات التي اعتقل فيها الشيخ، وأنا بكل صراحة أنظر لما يجري باعتباره منحة ربانية وليست محنة، وأدرك أن قوتنا تساهم في قوة الشيخ بسجنه وتمدّه بالمعنويات وتساعده على الصمود دون انشغال وتفكير بنا بما يحزنه، وعلينا أن لا ننسى أن الاحرار والشرفاء يتقدمون الصفوف بالتضحيات، هكذا هو الشيخ رائد والآلاف من أبناء شعبه وآلاف الأحرار من أبناء الأمة العربية والإسلامية، ومن ربما تكون ظروفهم أصعب من الشيخ رائد، مثل الدكتور مرسي واخوانه في مصر وغيرهم الكثيرين من أبناء شعبنا والأمة العربية والاسلامية”.
هل كانت زوجة الشيخ رائد صلاح تريده شخصا عاديا لا يحمل هموما ويتعرض للاعتقال؟
تجيب: “ما هي قيمة الانسان العادي بدون مبادئ وثوابت، هل خلقنا لنأكل وننام فقط؟ الرجل صاحب المبادئ والثوابت يعزز بمواقفه الصمود والشموخ والعطاء في الاجيال بعده ومن خلاله، لذلك أنا اعتز بمواقف “أبو عمر” وأحمد الله حمدا كثيرا على وجوده وحضوره في كل محفل مدافعا عن المظلومين ورافضا للظلم والاحتلال، ومتقدما الصفوف بالمشاريع والأفكار الكفيلة بالنهوض بشعبنا في الداخل الفلسطيني”.
للشيخ رائد صلاح وزوجته، 8 من الأبناء (5إناث و 3 ذكور)، وتعترف أم عمر أن الاعتقال الأخير للشيخ رائد ترك اثرا كبيرا لدى الأبناء وخاصة البنات، لا سيما بعد اطلاق سراحه مطلع هذا العام والشعور بأن الشيخ سيمضي عيد الأضحى مع عائلته تضيف: “في المحكمة الأخيرة لاحظت بكاء بعض بناتي، بعد أن سلّمن على والدهن، ولكن هذا طبيعي في ظل الظروف، وفعلا كان الاعتقال مفاجئ بعض الشيء وترك حزنا في القلب، ولكن مع كل ذلك نحن والحمد لله بمعنويات كبيرة لا تتزحزح عن الحق”.
عن حماتها أم محمد، والدة الشيخ رائد صلاح تقول أم عمر: “امرأة عمي صابرة والحمد لله، ربما ظروف جيلها (83 عاما) أدت إلى ان حزنها أكثر من كل مرة على اعتقال الشيخ، فهي تخاف أن يحدث، لا قدر الله، لها مكروه والشيخ رائد غائب عن البيت، لكنها في العموم مطلعة دائما على كل ما يدور حولها تتابع الاحداث السياسية وتتفاعل معها، ولعلكم رأيتموها خلال حديثها بعد الاعتقال الأخير، وكيف كانت صابرة وتلعن الظالمين”.
كيف استطاعت أم عمر في إدارة المنزل وسط غياب الشيخ رائد في المعتقل أو بسبب انشغالاته الكثيرة؟
تقول: “ليس سهلا أن تقوم الزوجة بدور الأم والأب، ولكن توفيق الله تعالى وقناعتي أن ما نحن فيه منحة واختبار من الله، يساعدني بالتغلب على كل المصاعب، وهناك مثلي آلاف النساء من أبناء شعبنا من خضن تجارب أكبر بسبب اعتقال أزواجهن، وتمكن من الصمود والثبات وتخريج أجيال مؤمنة صابرة وملتزمة بقضايا الأمة”.
وزوجة الشيخ رائد صلاح هي شقيقة الدكتور سليمان أحمد، المعتقل في ملف “عشاق الأقصى” منذ عدة أشهر، فماذا تقول وزوجها وشقيقها رفيق دربه في السجون عشية العيد: “في الحقيقة اشتاق كثير لأبي أنس، وقد زرته مرة واحدة ورأيته في المحكمة خلال جلستني، وانا أدرك أنه الان يريد أن يطمئن علينا بعد اعتقال الشيخ، فقد كان الدكتور خير سند لنا ايام اعتقال الشيخ في السابق، وكان بمثابة الأب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، نسأل الله أن يفرج عنه وعن الشيخ رائد وكل أسرى شعبنا”.