أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرشؤون إسرائيليةمرئياتومضات

باحثو معهد وايزمان ينعون مختبراتهم.. صاروخ إيراني سحق عقودًا من الأبحاث في لحظة (شاهد)

يسود اعتقاد إسرائيلي راسخ بأن إصابة مختبرات الأبحاث في قلب معهد وايزمان بمدينة رحوفوت (وسط)، بشكل مباشر بصاروخ إيراني، يوم الأحد الماضي، لم تكن محض صدفة، ويتحدّث الباحثون عن فقدان عقود من العمل البحثي وتضرر معدات حساسة وعيّنات نادرة في لحظة. وتسبب الصاروخ في إحداث أضرار غير مسبوقة بالمباني داخل الحرم، والتهمت النيران مختبرات وأبحاثًا، جراء الهجوم الذي وقع خلال ساعات الليل، عندما لم يكن معظم الموظفين والباحثين موجودين داخل المباني. وكشفت الصور التي نُشرت لاحقًا حجم الدمار، وأظهرت جدرانًا متفحّمة ونوافذ محطّمة، بالإضافة للأسلاك الكهربائية المكشوفة والمياه المتراكمة نتيجة عمليات الإطفاء.

وأفادت صحيفة ذي ماركر العبرية، في تقرير موسّع، شمل مقابلات مع باحثين، بأنّ الهجوم على معهد وايزمان لم يكن عشوائيًا، بل استهدف مؤسسة يعتبرها الكثيرون رمزًا بارزًا للتفوق العلمي والتكنولوجي لإسرائيل، في محاولة لإظهار أن هذا التفوق ليس محصنًا بالكامل، مضيفة أنّ المعهد ورغم تركيزه على البحوث العلمية الأساسية، فإنّ له تأثيرًا غير مباشر ومستمرًا في مجالات ذات صلة بالأمن، مثل الفيزياء والتكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي.

وبينما توثّق الصور حجم الدمار، تتضح تدريجيًا، كذلك، شدة الضرر الذي لحق بالمختبرات والمجتمع البحثي.

وقال البروفيسور إلداد تساحور، الباحث في قسم البيولوجيا الجزيئية للخلايا: “أنا أعيش في المعهد. إنه بيتي منذ 22 عامًا. بعد ربع ساعة من الانفجار وصلت الصور فترى مبنى مختبرك يشتعل بالنيران، ولا تصدق. لاحقًا، أدركت أننا فقدنا المختبر. انهارت ثلاثة طوابق بالكامل. لا أثر. كل التاريخ، والعلم، والصور، والتذكارات، كل شيء كان هناك. كل شيء اختفى”.

وكان المختبر، الذي كان يديره البروفيسور تساحور، يركّز على دراسة أمراض القلب: “كانت لدينا مجموعة من آلاف العينات القلبية من الحيوانات والبشر، ولم يتبقَّ شيء”.

وأوضح تساحور أن هذه الخسارة ليست مجرد فقدان معدات قابلة للاستبدال، بل ضياع لأرشيف بحثي لا يمكن تعويضه: “عندما تنشر ورقة علمية، تحتاج إلى صور مجهرية وبيانات خام، والآن لم يعد ذلك ممكنًا. لقد انتهى كل شيء”.

وأضاف: “لم أستوعب بالكامل مدى تأثير الحدث. خلال الحديث مع الآخرين، أدركت تدريجيًا كم فقدنا. إنه موقف مروّع. في يوم واحد، أدركت أن لا شيء على الإطلاق بقي”.

كما تعرض مختبر البروفيسور عيران سيغال، من قسم علوم الحاسوب لضربة مباشرة. وفي اليوم التالي كان فريقه، الذي يعمل على تطوير الطب الشخصي المعتمد على الذكاء الاصطناعي، ينقل عينات بيولوجية، وُصفت بأنها ذات قيمة كبيرة، من مجمدات بدرجة حرارة -80، بينما يتنقّلون بين الزجاج المحطّم والأسلاك الكهربائية المكشوفة، في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وقال سيغال: “عشرات الصناديق تحتوي على آلاف العينات التي جُمعت على مدار سنوات. تمكّنا في اللحظة الأخيرة من نقلها إلى مجمدات علماء آخرين، قبل سماع صفارات الإنذار مجددًا. إنه عمل حياتنا. كل شيء دُمّر في لحظة واحدة”.

ووفقًا لسيغال، تعرّضت معدات تُقدر قيمتها بملايين الدولارات للمياه وتضررت، ولا أحد يعلم حتى الآن إن كان بالإمكان إصلاحها. وذلك يتضمن بحثًا مستمرًا منذ 20 عامًا، ويعمل عليه فريق يضم 50 باحثًا.

من جهته، يصف البروفيسور شارئيل فليشمان، من كلية الكيمياء الحيوية، الذي لم تتضرر مختبراته، “حالة حزن حقيقية”، يشعر بها المجتمع العلمي في المعهد بعد استهدافه.

وقال: “المختبرات في علوم الحياة تعتمد على مواد جُمعت وحُفظت على مدار سنوات، وعندما يجري تدمير المختبر مع هذه المواد، يكون ذلك خسارة فادحة لأشياء فريدة لا يمكن تعويضها”.

أجيال من الأبحاث بمعهد وايزمان ذهبت أدراج الرياح

وأوضح فليشمان أن الضرر لا يقتصر على الأجهزة المتطورة والمكلفة، مثل المجاهر المتخصصة، أو معدات تنقية الخلايا المتقدمة، بل يشمل أيضًا جميع المعايرات والإعدادات الدقيقة التي تراكمت على مدار سنوات من البحث.

وأضاف: “أجيال من الأبحاث ذهبت سدى”.

وأشار إلى أنهم تلقوا العديد من رسائل الدعم من مختبرات أخرى في إسرائيل وحول العالم: “حيث يدرك الجميع مدى حجم الخسارة وأهمية التأثير المدمر على مختبر علمي نشط. إنه شعور مؤلم”.

وطاول الضرر مختبر البروفيسورة ليئات كيرين، الذي ذكرت الصحيفة أنه كان يركز على رسم خريطة البيئة المناعية للأورام السرطانية باستخدام التصوير الجزيئي والذكاء الاصطناعي، بحيث تعرض للدمار الكامل في الهجوم.

أما البروفيسور أورين شولدينر، الذي يعمل في المعهد منذ 16 عامًا، فقد وصف حجم الدمار بعبارات أكثر حدة: “أتعامل مع المختبر وكأنه تبخر في الهواء. كانت لدينا مجموعة فريدة من الحمض النووي والخلايا الجذعية، وسلالات من الذباب المهندَس وراثيًا ليعبّر عن أمور تهمّنا. كل ذلك اختفى. نحن نتحدث عن سنوات من العمل، عمل الطلاب. إنه أمر مؤلم يحطم القلب”.

ووفقًا للبروفيسور شولدينر، سيستغرق الأمر عامين على الأقل حتى تتم إعادة بناء البنية التحتية العلمية التي فُقدت.

وقال: “إنه ضرر كبير لقدرتنا على تطوير العلوم، وإنتاج المعرفة، وتحقيق الاكتشافات، سواء في مجال السرطان، والأمراض الأخرى، أو العلوم الأساسية”.

وأضاف أنَّ السؤال الذي يتبادر إلى ذهنه هو: “هل من جدوى من كل هذا؟ (في إشارة إلى الحرب وعواقبها) ليس خوفًا من الإيرانيين، بل خوفًا على البلاد. هل للدولة مستقبل غير مشبع بالكراهية، كما كان الحال في السنوات الثلاث الأخيرة؟”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى