تطرف المستوطنين.. نذير شؤمٍ تجسده حكومة نتنياهو

يصف مراقبون جرائم المستوطنين بحق المواطنين التي طالت آخرها الشقيقيْن المقدسييْن محمد ومهند مطير، بـ”التطرف الزائد”، وعدّوا أن تصاعدها في الأراضي المحتلة نذير شؤم تجسده حكومة بنيامين نتنياهو، التي تضم وزراء يوصفون بأنهم الأكثر تطرفًا ضد الفلسطينيين.
ولاقت جريمة دهس متعمد نفذها مستوطن قرب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، وراح ضحيتها الشقيقان مطير، تنديدًا فلسطينيًا ووعيدًا شديد اللهجة.
وأعادت هذه الجريمة إلى الأذهان سلسلة من المجازر والانتهاكات التي نفذها المستوطنون منذ ما قبل تأسيس الكيان الاسرائيلي، إذ شارك هؤلاء في تشكيل عصابات “الهاغاناة”، والأرغون”، و”شتيرين”، التي ارتكبت مجازر لن يمحوها الزمان من ذاكرة الشعب الفلسطيني.
وفي العصر الحديث، ربما تشكل مجزرة المسجد الإبراهيمي في رمضان 1994، أحد أبشع انتهاكات المستوطنين، وراح ضحيتها آنذاك 29 مصليًا، إضافة إلى جريمة حرق الطفل محمد أبو خضير، صيف 2014.
لكن الترقب يزداد في الأراضي المحتلة مع عودة اليميني المتطرف بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة الاسرائيلية، وضمّه وزراء من غلاة المستوطنين، إذ يعدّ زعيم حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف “إيتمار بن غفير” أبرز هؤلاء، وقد تلقى وعودًا من نتنياهو بتوليه منصب وزير “الأمن الداخلي”.
وقال المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي جلال رمانة إن حكومة الاحتلال والمستوطنين يحملون الفكر المتطرف، مشيرًا إلى أن حصول حزب “بن غفير” على 14 مقعدًا في انتخابات “الكنيست” كان بفضل أصوات المستوطنين المتطرفين.
وأضاف رمانة في حديث معه أن المستوطنين يريدون إضفاء الشرعية على أي تصرف يصدر عنهم ضد المواطنين في الضفة الغربية، ويشمل ذلك: ممارسة العدوان والقتل ضدهم، والعدوان على حقوق شعبنا، وشرعنة البؤر الاستيطانية وتوسيعها.
وبشأن الشقيقيْن مطير، ذكر أن دهسهما من مستوطن كان جريمة متعمدة، وليس حادث طرق كما تدعي مصادر عبرية، مستندًا في ذلك إلى تصريحات أشقاء الشهيديْن.
وأشار إلى أن هذه الجريمة ارتُكبت بغطاء من حكومة الاحتلال. وتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة العديد من جرائم المستوطنين، ولا سيما أن شعورهم بالحصانة يزداد مع وجود “بن غفير” في “الكنيست” وحكومة الاحتلال، منبهًا إلى أن هذه الحكومة لا تسعى إلى كبح تطرف المستوطنين، وهذا يعني أنها تسكب الزيت على النار المشتعلة، ما سيؤدي حتمًا إلى تصاعد المواجهات.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي خالد صادق: إن المستوطنين لديهم دافع لارتكاب الجرائم نابع من التحريض المستمر على قتل الفلسطينيين، الذي تتبناه حكومات الاحتلال.
ونبَّه صادق في حديث معه إلى أن استمرار سياسة التحريض وما ينتج عنها من جرائم للمستوطنين وجنود الاحتلال ناجم عن عدم محاسبة قادة الكيان على ذلك، عادًّا “المجتمع الدولي متورطًا في تلك الجرائم بسبب صمته على ذلك”.
وعدد بعضًا من جرائم الاحتلال، ومنها: الإعدامات الميدانية، وعمليات القتل والتصفية المباشرة بمزاعم واهية، في وقت تواصل السلطة في رام الله برئاسة محمود عباس سياسة التنسيق الأمني والتساوق مع الاحتلال وسياساته.
ورجح استمرار سياسة التحريض وتداعياتها في ظل التحول في الخطاب التحريضي بشكل كبير لدى “الصهيونية الدينية” التي تتحكم بسياسة الاحتلال ونواياه التصعيدية تجاه الفلسطينيين والمقدسات في الأراضي المحتلة، وتنفيذ المزيد من مخططات تهويد المدن الفلسطينية وتهجير سكانها الأصليين.
وبين أن استمرار استسلام السلطة أمام انتهاكات الاحتلال سيؤدي ميدانيًا إلى تصاعد جرائم وانتهاكات الاحتلال ومخططاته ومؤامراته.



