أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

قضايا اجتماعية… زوجي مدمن مخدرات

توجان سليمان- اختصاصية نفسية علاجية (جمعية سند لصلاح الأسرة وبناء المجتمع)

رنّ هاتفي صباحا في الساعة السابعة، حاولت أن أرد برسالة نصية معلنة أنني الآن بفترة ما قبل العمل، ولكن المتصل أو المتصلة تجاهل محاولاتي للاستمتاع بفقراتي الصباحية، والفضول جعلني أرفع السماعة لأتعرف على أسباب هذا الإصرار، وقبل أن أجيب وقبل أن أتعرف على هويتها بكت وأخبرتني بأنها مصدومة لا تعلم كيف تتصرف، تابعت وقالت: “أنا صبية صغيرة عمري فقط 24 سنة ولم أخطئ بحياتي خطأ يكلفني هذه الحقيقة، وتابعت بالبكاء وأنا أتحين الفرصة لكي أعرف متى أتلفظ بالكلمة الأولى وهل يجب أن أتكلم أو أتركها تدلي بمكنوناتها المسممة. أستطيع مقابلتك بعيادتي في الساعة العاشرة لنفهم صدمتك معا إن شئت؟ صمتت واستمرت بصدمتها وأنا انتظرتها. بعد حين أجابت بالموافقة لكي تعود إلى واقعها مرة أخرى.

في الساعة العاشرة كانت تقف على الباب تبكي وهي تعرفني على نفسها: “ساعديني على أن أتحمل هذه الحقيقة. زوجي مدمن أفيون. نظرت إلي لكي تفحص مدى صدمتي. قمت بدعوتها للجلوس لكي أتعرف عليها أكثر وعلى أخلاقيات هذا الزوج وما هي دوافعه للإدمان على هذا النوع من المخدرات. بإماطة الستار عن هذه الحقيقة كان يتوجب على هذه الفتاة أن ترى هذه المشكلة من عدة زوايا ومنها: صدمتها وكيفية التعامل معها. مسؤوليتها تجاه هذا الزوج وابنهما الرضيع. نوعية هذا الزوج ودوافعه لاستعمال هذه المادة المخدرة ومدى تعاونه معها في حل هذه المشكلة. قرارها بإشراك أهلها أو لا. تعرفها على شخصيتها ومدى استقلاليتها بالتعامل مع هذه المشكلة ومدى احتياجها لمساعدة خارجية. قدرتها على التحمل والعمل على إصلاح هذه العلاقة أو المضي في هذه الحياة دون هذا الزوج. إكمال تعليمها الاكاديمي وإتمام المساقات التعليمية. كل هذه التحديات والتفكير العميق استلزم منا أنا والفتاه العمل معا لكي تستطيع أن تصل إلى حل وطريقة تعامل مع هذه الأزمة بشكل عقلاني غير انفعالي مع تطوير للذات وتطوير لجعبة أدوات هذه الفتاة الغضة.

 

ما هو الأفيون؟

يعرف الأفيون بأنه أحد أنواع المواد المخدرة المزروعة طبيعيا والمشتقة من نبات البوبي، وقد كان يستخدم قديما كمسكن للآلام ومخدر في العمليات الجراحية حيث يعمل على تهدئة الجهاز العصبي لما له من تأثير مسكن على وظائف الجسم المختلف، ويسبب تعاطي الأفيون خارج نطاق الإشراف الطبي نوعا من الاعتماد النفسي والجسدي يصعب معه التوقف عن تعاطيه فيما يعرف بالإدمان ونتيجة لذلك يترك آثارا ضارة على الحالة النفسية والوظائف الجسدية للمتعاطي.

مشتقات الأفيون:

يعتبر الهيروين والمورفين والكودايين أحد مشتقات نبات الأفيون التي تحمل نفس التأثير الإدماني لمتعاطيه.

كيفية تعاطي الأفيون:

يتم تعاطي الأفيون عن طريق: الحقن في الوريد، عن طريق الفم، التدخين وتعتبر أقل الطرق تأثيرا. نتيجة التردي الحاصل في الحياة الجنسية وانعدام الرغبة فيها في حالة إدمان أحد الزوجين، ينعكس ذلك على الحياة الزوجية بشكل عام التي يتخللها المشاكل بسبب انعدام الاتصال الجنسي مما يؤدي إلى التفكك وكثرة الخلافات ليصل الأمر في النهاية إلى الانفصال وانهيار الحياة بالكامل.

 

أسباب تعاطي المخدّرات

هناك العديد من الأسباب التي تدفع الشخص إلى إدمان المخدّرات ومنها:

– ضعف الإيمان بالله، وعدم اللجوء إليه في المصائب والمحن.

– الفراغ. حبّ التجربة.

– البذخ والترف. رفقة أصدقاء السوء.

– الضعف النفسي في مواجهة المشكلات، وبالتالي محاولة الهروب منها باللجوء إلى المخدّرات.

– الأفلام والمسلسلات التي تبثها القنوات الفضائيّة، والتي تشجع على المخدّرات وغيرها من الأفعال القبيحة، وتصوّرها بأنّها شيء عاديّ بل وممتع.

– تناول الأدوية المهدئة دون استشارة الطبيب لمدّة طويلة، ممّا يجعل الشخص يدمن عليها دون أن يدرك ذلك.

– وجود عصابات وتجّار للمخدّرات يقومون بالترويج لها بشتى الطرق.

– إهمال التربية والرعاية والمراقبة من الأهل للأبناء.

تأثير المخدرات على الأسرة:

– للأسرة دور كبير في ذلك الموضوع من حيث الاهتمام والمتابعة والتحذير لأفرادها من خطورة تلك المواد المخدرة لابد أن يكون هناك توعية لخطورة المخدرات في المجتمع والأسرة فلا يصح ترك هذا الموضوع مهمشاً، يجب التحدث عن مخاطره بشكل مستمر في سبيل الوقاية من ذلك الأمر الذي يعرض أبناءنا للخطر الدائم النفسي والمعنوي والمادي أيضا.

ولذلك هناك أساليب عديدة للتخلص من تلك الخطورة المستمرة عبر عمل ندوات ولقاءات تلفزيونية لتوعية الشباب وتفعيل تلك اللقاءات والمؤتمرات والندوات بطريقة صحيحة لحث الشباب على الابتعاد عن تلك المخدرات المدمرة وقد أشار بعض المتخصصين أن غالبا ما يكون متعاطي المخدرات فاقد الأبوين ووحيدا ولذلك لا يتم نصحه من أحد ويتجه إلى تلك الأمور التي تجعله يسلك طريقا خطأ.

– وأيضا التفكك الأسري وحالات الطلاق والانفصال يؤدي الى اتجاه ذلك الشاب إلى طريق المخدرات والانحراف عن الطريق الصحيح كما يتسم الأطفال متعاطو المخدرات بعدم احترامهم للوالدين وعدم الوعي الكامل بمعاملة الوالدين وعدم التزامهم بالقيم العائلية، كما تتميز البيوت التي يعيشون فيها بتفككها القيمي وضعف الرقابة وانعدام وسائل التسلية والترويح داخل الأسرة.

– يؤدي إهمال الآباء في تربية أبنائهم إلى عدم وجود جو عاطفي مشبع بالفهم والحب، ومن هنا عدم تقبل الأبناء التوجيهات والمعايير التي يحاول الآباء إلزام أبنائهم بها فلا بد أن تتبع الأسرة الطريق السليم وتحذر الشباب من خطورة المخدرات، حيث أن تعاطي المخدرات يسبب خطرا كبيرا على المجتمع والأسر.

علاج إدمان الأفيون: في مستشفى التعافي يتم تحديد خطة العلاج بناء على نوع المخدر وتأثيره على الحالة الصحية للمريض وفي حالة علاج إدمان الأفيون يوضع البرنامج العلاجي بالتركيز على علاج الأعراض الجانبية التي يتركها الأفيون فتمر خطة العلاج بعدة مراحل أبرزها:

– مرحلة التخلص من السموم وعلاج أعراض الانسحاب: يتم فيها استخدام برنامج دوائي متخصص في التعامل مع أعراض الانسحاب التي تظهر نتيجة تقليل الجرعة المعتادة من المخدر حتى تنعدم تماما، فتمر دون خوف أو ألم ودون ظهور أعراض أو مضاعفات جانبية ناتجة عنها ويشمل ذلك البرنامج أدوية ومضادات اكتئاب ومسكنات للتخفيف من آلام المفاصل والعضلات.

مرحلة العلاج النفسي والتأهيل السلوكي:

في تلك المرحلة يتم التركيز على الجانب النفسي المتضرر نتيجة الإدمان بالإضافة إلى البحث عن الأسباب التي دفعت إليه وعلاجها ويتم فيها استخدام عدة برامج مثل:

برنامج العلاج النفسي الفردي: هي عبارة عن جلسات علاج نفسي يتم اجراؤها بانتظام أسبوعيا للبحث عن المشاكل الحياتية التي دفعت بالمريض إلى الإدمان وعلاجها بما في ذلك المشاكل الأسرية وضغوط العمل والحياة.

البرنامج السلوكي المعرفي:

  • يهدف إلى المساعدة في التخلص من العادات السلبية القديمة واستبدالها بعادات إيجابية.
  • إلى جانب تغيير طريقة التفكير وتعلم كيفية التعامل مع مستويات التوتر والاكتئاب والمشاعر السلبية التي تدفع إلى الإدمان.

برنامج العلاج الجماعي: يهدف إلى خلق مجتمع علاجي يمنح الدعم والشعور بعدم الوحدة ويعطي الفرصة للاندماج والتعرف على تجارب وقصص الآخرين والتحديات التي واجهوها، مما يساعد على تعلم المواقف الحياتية فيعطي الدافع للاستمرار في العلاج والوصول إلى الشفاء.

برنامج التأهيل الأسري: يرجع الهدف الأساسي من إنشاء البرنامج الذي سعى مستشفى التعافي إلى توفيره إلى علاج أفراد الأسرة من آثار الإدمان نتيجة وجود فرد مدمن في عائلتهم، بالإضافة إلى السعي لإشراكهم في خطة العلاج وخلق نوع من الحوار الأسري المفقود.

مرحلة التأهيل الاجتماعي: في تلك المرحلة يتم وضع خطة رعاية ما بعد العلاج لإعادة تأهيل المريض مرة أخرى ودمجه في المجتمع دون اللجوء للمخدرات وتجنب التعرض للانتكاسة

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى