أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةالضفة وغزة

المُسن قعدان يطوي رزنامة العذاب بعناق نجله “عبد الرؤوف”

كحِمل الجبال كانت تلك الأيام في السنة الأخيرة من عمر اعتقال عبد الرؤوف قعدان (42عامًا)، نجل المُسن سميح قعدان (77عامًا)، في سجون الاحتلال التي أحصاها في رزنامة أطلق عليها “رزنامة العذاب”، وصولاً ليوم “واحد” وهو يوم التحرر واللقاء بين الوالد الكهل ونجله.
شطب المُسن “قعدان” بحبر الصبر الذي لم ينفذ على مدار 364 يومًا من عمر أيام السنة الأخيرة لاعتقال فلذة كبده، وترك لنجله الحرية في شطب اليوم المشهود بتحرره من عتمة سجون الاحتلال الإسرائيلي.
“عبد الرؤوف” لم يهن عليه كسر خاطر والده، بعد أن استسمحه وعانقه وقبل رأسه ويديه، وأمسك الرزنامة، ورفض شطب اليوم الأخير فيها وطيها وإلقائها؛ لوجود عدد كبير من زملائه ما زالوا يقبعون في الأسر.
وعلل المحرر “عبد الرؤوف” عدم رغبته بطي الرزنامة وشطب اليوم الأخير، لوجود أكثر من 5500 رزنامة لم تطوى لأسرى لم يخرجوا من خلف قضبان سجون الاحتلال.
وفاءٌ فريد يجسده المحرر، استلهمه من عشرته التي تقاسم فيها السنوات الظلماء بحلوها ومرها مع زملائه المُكبلة أجسادهم داخل أقبية سجون الظلم، كذلك استشعارًا بمعاناة هؤلاء وأهمية خروجهم من بين أنياب من لا يمتلك رحمة.
ويقول قعدان: “فاجأني والدي قبل عامٍ بهذه الرزنامة، التي عادةً ما يعدها الأسير وليس ذويه، عندما ينتابه شعور بأن اليوم بعشرة أو بألف، خاصة في السنة الأخيرة من الاعتقال”.
ويضيف قعدان: “بالتالي استشعرت صعوبة الرزنامة على صحة ومشاعر والدي، ونصحته بأنها ستتعبه، لكنه رفض وأصر على بقائها، مُحصيًا أيامًا صعبة عاشها في السنة والأشهر والأيام الأخيرة من عمر اعتقالي”.
ويتابع “احترامًا منه ترك والدي الحرية لي لشطب اليوم الأخير، وأنا احترامًا وبعد استئذاني له لم ولن أشطب هذا اليوم، لوجود حوالي 5500 أسير لديهم مثل هذه الرزنامة المفتوحة وفي انتظار الحرية”.
ويواصل قعدان: “لو شطبت هذا اليوم وطويت الرزنامة، ستبقى هناك صفحات للأسرى المذكورين يحتاجون لمن يشطب صفحاتهم، بالتالي قرر عدم شطبه، وسأشطبه عند تحرر جميع الأسرى وفاء مني ولرسالتهم التي حملوني إياها عن خروجهم وهي (العمل على تحريرهم) “.
ويؤكد أن الوضع في سجون الاحتلال صعب جداً لتفشي الوباء، والأمور تأخذ منحى خطير لو لم تتدخل المؤسسات الحقوقية؛ مضيفًا “كفى الأسرى ما يعانونه، من ظلم وحرمان لأبسط الحقوق، نخشى ما نخشاه فقدان حياة مزيد من الأسرى بسبب هذا الإهمال”.
وتمنى قعدان الحرية لكافة الأسرى؛ مشددًا على أن هؤلاء قدموا وضحوا كثير لأجل القضية الفلسطينية ويحتاجون من يقف معهم ويحررهم؛ مؤكدًا أن أملهم في صفقة مشرفة تخرجهم من السجون.
ولعبد الرؤوف قصة ألم قادت موكبه قبل أن يدخل منزله إلى المقبرة المجاورة للحي الذي يسكن فيه، فهناك ترقد والدته داخل إحدى القبور، بعد أن وفاتها المنية حسرةً وألمًا قبل سنوات وهي تنتظر تحرره.
أما سميح قعدان، والد المحرر، فسعادته تختلف عن أي شخص أخر، فرغم إنحاء ظهره من كبر سنه، إلا أنه لم يستطع الجلوس على مقعد وهو يمسك بيده نجله لم يفارقه للحظة، وهو يستقبل المُهنئين.
يقول الوالد: “فرحتي كبيرة لكنها منقوصة، لأنني أتمنى أن يعيش هذه اللحظات جميع عوائل الأسرى؛ أشعر بحجم شوق ولهفة كل أم ووالد أسير، أنا عشت هذا الشعور أكثر من عقد ونصف من الزمن، لم يغمض جفن عيني ولم يغب عن بالي، وهذا هو شعور الجميع من تلك الأسر المكلومة”.
ويضيف “بناءً على رغبة عبد الرؤوف لم أشطب اليوم الأخير في الرزنامة، فتركته له وهو قال (ما دام هناك أسير داخل سجون الاحتلال لن أطوي الرزنامة وأشطب اليوم الأخير)، بالنسبة لي طويت الصفحة لكن لم أطوي قضية الأسرى، وسعيدٌ باليوم المشهود الذي انتظرته طويلاً فيه”.
وأشار الوالد إلى أنه كان في السنة الأخيرة لاعتقال نجله يشطب اليوم الذي يمر؛ واصفًا شعوره في تلك السنة بالقول: “كانت الأيام بطيئة حتى وصلنا لليوم المشهود؛ لا يمكن لأحد أن يشعر بما شعرت به سابقًا والأن عندما أنهيت رحلة العذاب”.
(وكالات فلسطينية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى