أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

أوراق في زمن الكورونا… واقعنا المخصوص رؤية مستقبلية في ظل واقع متكدر (2)

صالح لطفي- باحث ومحلل سياسي..
في أعقاب هبة القدس والاقصى مطلع هذه الالفية (تشرين أول/ أكتوبر من عام 2000) وسقوط كوكبة من الشهداء، ثلاثة عشرة شهيدا، إثر مواجهات دامية هي الأعنف في تاريخ الداخل الفلسطيني سارعت المؤسسة الإسرائيلية ومعها لفيف من الشركات الخاصة الى معاقبة الداخل الفلسطيني اقتصاديا واجتماعيا عبر امتناعها عن تقديم الخدمات لمدننا وقرانا، وشعر الجميع كم داخلنا الفلسطيني قياسا مع أهلنا في الضفة والقطاع خالي الوفاض لا يملكون من قطمير وأننا مجتمع رهينة بيد الأغلبية اليهودية، فسارعت الحركة الإسلامية الى إبداع فكرة المجتمع العصامي الذي تأسس على ثلاثية الأرض والانسان وراس المال وكان من تضاعيف هذه الفكرة ان تناسلت أفكارا عدة منها تشكيل لجنة طوارئ قطرية انبثقت آنذاك عن الإدارة القطرية للحركة الإسلامية وشاركت فيها جهات عدة تخص اجنحة ومكاتب وهيئات الحركة الإسلامية، ووقف على رأس هذه اللجنة فضيلة الشيخ كمال خطيب الذي شغل آنذاك منصب نائب رئيس الحركة الإسلامية وهو ما يؤكد الأولوية والاهمية التي أولتها الحركة لهذه اللجنة، وكانت انطلاقات اللجنة ليس كرد مباشر على مقاطعة الشركات الإسلامية للداخل الفلسطيني فحسب بل استغلال اللحظة التاريخية لتأسيس واقع جديد للداخل الفلسطيني نشرع فيه جميعا نحو تعضيد ذاتي يجمع بين الكفاءات ورأس المال والأرض، لتخليق حالة مُجادلة من التحقيق الاقتصادي الذاتي يبدأ من الذات فردا وعائلة وحمولة وعشيرة وقبيلة وقرية ونجع ومدينة، ويتواصل مع الأجزاء المتفرقة من الكل الفلسطيني والعربي ولإسلامي والإنساني.
في تلكم اللحظة التاريخية التي وُلِدت هذه اللجنة ليس فقط لمعالجة أزمات الغذاء والكساء، بل والاهم من ذلك الحفاظ على الانسان الفلسطيني في الداخل، الحفاظ عليه جسدا وروحا، بناء وكرامة، علما وعملا، فكان أن تَجمَّعَ تحت كنف هذه اللجنة العديد من العيادات المستقلة والكفاءات الطبية والمهنية من مختلف التخصصات التي تخدم الإنسان الفلسطيني، وكانت توجهات وتوجيهات مباشرة لاستغلال الأرض لمن يملك ارضا ومن ذلك حفر آبار للمياه للشرب وري الزرع وتطورت في تلكم اللحظات أفكار حول التخصصات التي يحتاجها الداخل الفلسطيني لمنع حدوث خرق على الراتق، وفي زمن تلكم اللحظات التاريخية تولدت فكرة زرع الداخل الفلسطيني بالعيادات المستقلة التي من المفترض ان يكون لها الدور الطليعي في كل نازلة تضرب مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني.
مهمة لجنة الطواري في رؤية الحركة الإسلامية:
عين على الواقع وأخرى على المستقبل..
لو كانت الحركة الإسلامية اليوم في ظل هذه الجائحة موجودة بمكاتبها وهيئاتها ولجانها لكانت سارعت الى تشكيل لجنة طوارئ قطرية ذات تخصصات مختلفة تغطي الجوانب الإنسانية في حياة الانسان والمجتمع الفلسطيني منها، وفي مقدمتها لجان طبية مهنية متخصصة تاركة العمل الإغاثي للجان الإغاثة ولكانت باشرت الى بناء مشاف خاصة بمعالجة هذا الوباء، وباء كورونا، مقسمة الداخل الفلسطيني الى مناطق جغرافية تتناسب والوجود الفلسطيني وسارعت الى شراء كامل المعدات والأجهزة التي تتطلبها معالجات ومواجهة هذه الآفة مستغلة قوتها وعلاقاتها البينية والداخلية والخارجية لتحقيق أقصى درجات الحماية للمجتمع العربي الفلسطيني، ولباشرت عبر هذه اللجنة التي سيكون في داخلها كما ذكرت لجان من الأطباء والممرضين والمهنيين بفحوصات في كامل بيوت الداخل الفلسطيني في عملية تنسيق شاملة مع الهيئات العاملة في الداخل الفلسطيني، ولكان أثرها المبارك قد تجاوز حدود مجتمعنا العربي الفلسطيني ليصل خيرها الى الآخر غير العربي الذي يعيش على أرضنا المباركة.
ولكانت هذه اللجنة قد تعاقدت مع مجموعة من أصحاب الكفاءات والتخصصات العاملين في مجالات نُظم المعلومات الإدارية-MIS-(هي نظم محوسبة ترتكز على شبكة الحاسوب وتشكّل البنية التحتية التكنولوجية لكلّ منظّم، ونظم المعلومات تدير بيئات الأعمال الجديدة في الإنترنت وتدعم مسارات الأعمال اليومية ومسارات اتخاذ القرارات الإدارية في المنظّمات)، وذلك لضمان أعلى درجات العمل والتنسيق وإيجابيات النتائج ولعملت على تطوير تطبيقات تصلح لهذه المرحلة وظرفيتها الراهنة بحيث تُشرك فيها أكبر قطاع من الداخل الفلسطيني جامعة بين التوعية المجتمعية والاجتماعية والصحية الشخصية والنفسية والمجتمعية فحصانة الانسان والمجتمع هو رأس-المال الحقيقي الذي تراهن عليه مثل هذه اللجنة، ولكانت هذه اللجنة قد عملت مباشرة على تكليف طاقم مهني من الاقتصاديين ورجال الحسابات والمال وأصحاب الخبرة وعلماء الاجتماع والعمل الاجتماعي من أبناء داخلنا الفلسطيني للتفكير في لحظات ما بعد الخروج من هذه الجائحة، وكيف سيتم معالجة أصحاب الانتكاسات الاقتصادية ممن تضرروا اضرارا بالغة بسبب هذه الجائحة وكيفية إعادة عجلة الاقتصاد المحلي في كل بلد وبلد ضمن خارطة عمل قطرية شاملة، ولكانت كوادر العمل من أبناء الداخل الفلسطيني تعمل كخلايا النحل كل في مكانه وموضعه، ولكانت شكلت لجنة خاصة تفحص وتراقب وتتابع سلوك أصحاب السوق السوداء وسلوكياتهم الاقتصادية مع من يتوجهون اليهم ممن أثقلتهم نتائج الجائحة وتركتهم في غياهب الديون والمديونيات وَصُدَت امامهم البنوك فتوجهوا للدين والمداينة، من هذا السوق الذي لا يرحم ويستغل لحظات “الجائحة” لجني أكبر قدر ممكن من الأرباح الحرام، فهذه الجائحة لا يمكن التعامل معها الا انها نكبة ضربت مجتمعنا الفلسطيني وقد علمتنا التجارب مع هذه المؤسسة أننا كمجتمع لا يزال التعامل معنا يتم من خلال لغة “الآخر” العدو والخطر الذي يهددهم، ولأن هذه الدولة دولة اليهود فإنَّ آخر ما سيتم التفكير فيه هو كيفية معالجة هذه الجائحة في مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، ولعل متابعات متواضعة الى سيل الاعلام الإسرائيلي وتصريحات أصحاب الاختصاصات والمسؤولين تؤكد أنَّ الداخل الفلسطيني في آخر سلم أولويات هذه المؤسسة وأذرعها المختلفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى