من المنح الجامعية الروسية إلى المنح الجامعية الأمريكية
صحيفة المدينة
كانت البداية مع المنح الجامعية الروسية، وكان ذلك ما قبل سبعين عاما تقريبا، حيث واصل الحزب الشيوعي الإسرائيلي منذ تلك الفترة سعيه المتواصل لتقريب جيل الطلاب الثانويين والجامعيين إلى صفه بواسطة إغرائهم بالمنح الجامعية الروسية، مشيعا طوال الوقت أن أي ناشط من الطلاب الثانويين يثبت ولاءه ويؤدي خدمته للحزب الشيوعي الإسرائيلي فسيحصل من الحزب على منحة جامعية تتيح له مواصلة دراسته الجامعية في روسيا وفي سائر منظومة الاتحاد السوفياتي في تلك الأيام، ولأن مجتمعنا في تلك الفترة كان يعاني من فقر مدقع طمع الكثير من طلابنا الثانويين بالحصول على تلك المنحة الجامعية الروسية، ورددوا خلف الحزب الشيوعي الإسرائيلي مقولاته المشهورة التي كانت تتغزل بالمنظومة الاشتراكية وبصعود غاغارين إلى القمر وانتصار فيتنام على الإمبريالية الأمريكية وصمود كوبا في وجه الإمبريالية وتلك المقولات التي كانت تعلن حربا شعاراتية لا هوادة فيها على الرأسمالية والاستعمار والإمبريالية والشوفينية والكولونيالية وعلى الرجعية العربية، وكثر في تلك الأيام توزيع شهادات البطولة على كل من أعلن ولاءه العلني للحزب الشيوعي الإسرائيلية حيث كان يحصل على شهادة رفيق ثم شهادة وطني ثم شهادة تقدّمي وهكذا، وفي المقابل كثر توزيع شهادات التجريح على كل من جاهر بإنكاره على الحزب الشيوعي الإسرائيلي ودوره الذي يثبت تورطه بناء على أرشيفه في نكبة فلسطين إذ كان له الدور الأساس إلى جانب بن غورويون وجولدا مئير وموشي ديان وعيزر وايزمن وإلى جانب منظمات الهاغاناة والبلماح والإيتسل بجمع السلاح لصالح المشروع الصهيوني منذ بدايات تسلله إلى فلسطين، إلى جانب تدريب جنود المنظمات العسكرية الصهيونية في معسكرات تدريب خاصة في بعض دول الاتحاد السوفياتي وفتح باب هجرة اليهود من تلك الدول إلى فلسطين، لا بل إن الآلاف من أعضاء الحزب الشيوعي الإسرائيلي كانوا قد انخرطوا عسكريا في منظمات الهاغاناة والبلماح وشاركوا في طرد الكثير من شعبنا الفلسطيني من بلداتهم، وعلى سبيل المثال كان لهؤلاء الجنود الرفاق الدور العسكري الأساس في طرد شعبنا الفلسطيني من قرية عين- حوض والجاعونة ثم السكنى في بيوتهم، وهي حقائق مرّة لا يمكن إنكارها لأنها مدونّة في أرشيف الحزب الشيوعي الإسرائيلي كما بيّن ذلك د. محمود محارب في بحث قيّم أجراه عن دور الحزب الشيوعي الإسرائيلي في نكبة فلسطين مستندا في بحثه إلى أرشيف الحزب الشيوعي الإسرائيلي، وكما بيّن ذلك الإعلامي طه اغبارية في سلسة مقالات بحثية حول دور الحزب الشيوعي الإسرائيلي في نكبة فلسطين كانت قد نشرتها صحيفة المدينة على حلقات متتالية، ومع ذلك كل من أنكر على الحزب الشيوعي الإسرائيلي هذا الدور الوالغ في دماء شعبنا الفلسطيني كان يناله شهادة تجريح من هذا الحزب كأن يقال عنه رجعي أو متخلف أو متعصب أو ظلامي أو عميل أمريكي يتلقى أموالا من أمريكا أو عميل بريطاني يتلقى أموالا من بريطانيا أو قومجي أو تابع للحاج أمين الحسيني وهكذا!! ماذا يقول ذلك لكل حر عاقل؟!
يقول شيئا واحدا مفاده أن الحزب الشيوعي الإسرائيلي استغل المنح الجامعية الروسية، واستغل حاجة طلابنا الثانويين إلى هذه المنح للتغطية على دوره الدموي الإجرامي في نكبة فلسطين جنبا إلى جنب مع بن غوريون ومنظمات الهاغاناة والبلماح وكل ما دار في فلكهم!! ثم ما أشبه اليوم بالأمس، فها هي عضو الكنيست الرفيقة عايدة توما سليمان كانت قد اعترفت في لقاء مطوّل لها مع صحيفة كل العرب بتاريخ 7/11/2008 أن جمعيتها (نساء ضد العنف) كانت تتلقى دعما ماليا من صناديق دعم غربية نشأت في حاضنة أمريكا الرأسمالية الاستعمارية الإمبريالية!! وها هي الرفيقة نبيلة اسبنيولي كانت قد اعترفت في لقاء مطوّل لها مع صحيفة حديث الناس بتاريخ 14/4/2008 أن جمعيتها (مركز الطفولة) وكل الجمعيات التي تعرفها تتلقى دعما ماليا من صناديق دعم أمريكية كندية يهودية نشأت في حاضنة أمريكا الرأسمالية الاستعمارية الإمبريالية!!
ثم تجرأت صحيفة الاتحاد لسان حال الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة ونشرت بتاريخ 28/6/2019 إعلانا بعنوان (للطلاب الجبهويين الراغبين في الالتحاق بالجامعات الأردنية ضمن المكرمة الملكية الأردنية) ودعت في هذا الإعلان الرفاق أتباع الجبهة من الطلاب الثانويين لتقديم طلباتهم إلى مكتب الجبهة القطري للحصول على هذه المنح الجامعية ضمن مكرمة ديوان الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، وهي الجبهة التي كانت ولا تزال تصف الأردن أنه دولة رجعية عربية محسوبة على معسكر أمريكا الرأسمالية الاستعمارية الإمبريالية!!
ثم تجرأ الرفيق سامر سويد وقال على المكشوف خلال لقاء له مع إذاعة الشمس في شهر 2/2020 أن جمعية (التخطيط البديل) التي يعمل فيها مديرا عاما وكل الجمعيات التي يعرفها تتلقى أموالا من صناديق أوروبية وأمريكية أي من حاضنة الرأسمالية الاستعمارية الإمبريالية، وكان صريحا في هذا اللقاء عندما قال: (.. كل الجمعيات في مجتمعنا كم نسبة أموال الذين يحصلون عليها من أبناء شعبنا من أغنياء شعبنا وكم من الخارج؟ النسبة الساحقة هي من خارج البلاد)!!
ثم كان صريحا عندما قال لجاكي خوري الذي أجرى معه هذا اللقاء: (إنك تعرف جيدا الوضع داخليا والجمعيات يعني كل الجمعيات بدون الاتحاد الأوروبي وبدون صناديق دعم أوروبية وأمريكية 90% من جمعياتنا بتسكر..) ثم انتقل الرفيق سامر سويد للحديث عن حملته وحملة غيره من الرفاق والمناضلين (كلنا مصوتين) لحث جماهيرنا الكادحة للتصويت في لعبة الكنيست القادمة بتاريخ 2/3/2020 واعترف لجاكي خوري قائلا: (.. وأنا بقلك على الملأ وبشكل واضح أنا قدمت برنامج كبيرببتجنيد 10 مليون شيكل لهذا المشروع، للأسف حتى الآن لم أستطع تجنيد كل المبلغ ولكن جندّنا تقريبا نصفه أكثر بشوي، وأتمنى أنه نجند كل المبلغ..).
وهكذا يعترف الرفيق سامر سويد (بعظمة لسانه) أنه يتلقى أموالا طائلة من صناديق دعم أمريكية (رأسمالية استعمارية إمبريالية، كما داوم على وصفها الحزب الشيوعي الإسرائيلي والجبهة) بهدف حصول القائمة المشتركة على أكبر عدد من المقاعد الكنيستية!! علما أن الرفيق سامر سويد يعترف في هذا اللقاء قائلا: (… كل ممول بالعالم لأي مشروع له أجندة، لا يوجد ممول يضع أمواله في جمعية معينة بغض النظر إن كانت تتعلق بانتخابات أو بشيء آخر ولا يملك أجندة)!! وهذا يعني أن الرفيق سامر سويد يدرك سلفا أن هذه الصناديق الأمريكية لا تدعمه من باب الصدقة الجارية بل لها أجندة، ومع ذلك عقد الرفيق سامر سويد حبل الوصال مع هذه الصناديق الأمريكية كما عقدته من قبل كل من الرفيق عايدة توما سليمان والرفيقة نبيلة اسبنيولي!!
وهكذا رضي الرفيق سامر سويد من أجل عيون لعبة الكنيست الصفرية أن يكون أداة لتمرير أجندة صناديق أمريكية بغية أن تخترق هذه الصناديق مجتمعنا، علما أن الرفيق سامر سويد حاول أن يتهرب في هذا اللقاء وحاول أن يدّعي أنه هو بالذات يملك المناعة التي تمنع تمرير أجندة هذه الصناديق الأمريكية!! وهو ما قاله بالضبط كل من وقعوا في فخاخ هذه الصناديق الأمريكية الداعمة!!
ثم كي يضفي الرفيق سامر سويد مسحة وطنية على تلقيه هذه الأموال الطائلة من هذه الصناديق الأمريكية ها هو يقول في هذا اللقاء (إن واحدا من البرامج هو تجنيد 1200 شاب طالب جامعي وبتأمل أن أحصل على كل الأموال لتنفيذ هذا لإعطائهم منحة مساعدتهم في التعليم مقابل العمل والتطوع، يعني مساعدة 1200 طالب جامعي عربي بمبلغ كمنحة 3000 شيكل) وهكذا كما استغل الحزب الشيوعي الإسرائيلي سابقا المنح الجامعية الروسية للتغطية على دوره في نكبة فلسطين، ها هو الرفيق سامر سويد يستغل المنح الجامعية الأمريكية للتغطية على حبل وصاله هو وسائر الرفاق والرفيقات مع الصناديق الأمريكية والأوروبية والكندية حاضنة الصهيونية وحاضنة الرأسمالية الاستعمارية الإمبريالية!! فهل من مدكر؟!



