17 عاما على استشهاد الطفل الفلسطيني فارس عودة
لم يكن صاحب شخصية قيادية أو معروفة بالمجتمع، إلا أنّه اكتسب شهرة رغم صغر سنه من خلال صورة واحدة كانت الأولى والأخيرة له عندما حمل حجره بصدرٍ عارٍ يواجه به ترسانة عسكرية متحركة.
فارس عودة، ذاك الطفل الذي جسّد المعنى الحقيقي للمقولة المشهورة “الكف يناطح المخرز”؛ حيث التقطت وسائل الإعلام صورة له وهو يقف بحجره متحديًا دبابة اسرائيلية خلال اجتياح اسرائيلي لقطاع غزة عام 2000.
“فارس” كان يسلك طريقه إلى المدرسة إبان العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الثامن من تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2000، لكنه استبدل تلك الطريق فاتجه كما زملاؤه ورفقاء دراسته إلى حيث المستوطنات الصهيونية الجاثمة على أراضي المواطنين في قطاع غزة “نتساريم”.
لم يكن فارس طفلاً عاديًّا كباقي الطلاب الذين يذهبون ويعودون إلى مدارسهم بشكل اعتيادي يوميًّا، لكنه كان قرب مدرسته يخبئ ملابس يستخدمها يوميًّا خلال المواجهات، وحين ينتهي يُبدلها بملابسه النظيفة التي خرج بها صباحًا للمدرسة.
بعد استشهاد فارس في عام 2000، لم يكن مولود في عائلته يولد إلا ويطلق عليه ذوه اسم “فارس” حتى أصبح معظم المواليد في عائلة “عودة” من الذاكرة منذ عام 2000 وحتى الآن يسمون باسمه – كما تقول والدته أنعام عودة في ذكرى استشهاده.
وقالت عودة في حديث لوسائل الإعلام: “كان فارس شجاعًا رغم صغره سنه، لا يهاب الاحتلال يذهب للمواجهات بشكلٍ يومي وكنت أشعر به؛ حيث أحضرته أكثر من 50 مرة من مواقع المواجهات وكان والده قاسيًا عليه يؤنبه عندما يذهب”.
تضيف والدته: “قبل استشهاده بأيام كنا قد انتهينا من عزاء ابن خالته شادي، فأخذ إكليلاً من الورد كان موجودًا على قبر شادي وخبأه تحت الدرج في منزلنا”.
وتابعت: “طلب من المصورين الذين التقطوا له صورًا في أيامه الأخيرة من المواجهات أن يطبعوا له صورة، فأوصل أحد المصورين صورة لفارس وهو يرشق الحجارة على الدبابات إلى منزلنا، أخذتها بقلق وخبأتها خشية أن يراها والده، وحين سألته عن قصة الإكليل والصورة، قال: “حضرتهم ليوم استشهادي”.
وتمضي قائلةً: “كان فارس من الملتزمين بالصلاة خاصة صلاة الفجر في المسجد، وفي يوم استشهاده، نزل عن الدرج وعاد ثلاث مرات، ورأيت في عينيه تلويحة الوداع، خاصة بعد أن اكتشفت إكليل الورد وصورة المواجهات التي وصلتنا”.
في صبيحة يوم 8 نوفمبر عند التاسعة والنصف اتصل مدير مدرسة فارس بأمه، وأخبرها بأنّه لم يحضر للمدرسة، وفي تلك الساعة كان فارس أصيب برصاصة من العيار الثقيل اخترقت رقبته، واستمر ينزف ساعة كاملة، وتقول والدته: “أخبرني أحد أصدقائه الثلاثة الذين حملوه أن آخر كلماته كانت: أمي، وين أمي”.
فارس هو الابن السادس في أسرة مكونة من تسعة أبناء (7 أولاد اثنان منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وبنتان)، قُصف منزلهم في العدوان الاسرائيلي على القطاع في عام 2014، وأصيب شقيقه برصاص الاحتلال بعد ثلاثة أشهر من استشهاده، وكتبت في فارس عشرات القصائد وكان اسمه يلمع بين سطور عدد من الروايات المقاومة والأغنيات الملتزمة.