أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

كيف استقبلت عائلة الشيخ رائد صلاح قرار سجنه 28 شهرا؟!

نعرف أن الطريق التي يسير فيها والدي مليئة بالتحديات ويترتب عليها التضحية، فهي طريق الأحرار المضحين من أجل أوطانهم والمخلصين لشعبهم…. إنه طريق الثبات على الحق وعدم التنازل عن ثوابتنا ومبادئنا مهما كلف الأمر وخصوصا حقنا الشرعي في المسجد الأقصى المبارك
طه اغبارية
في الخامس والعشرين من شهر آذار/ مارس، القادم، يدخل الشيخ رائد صلاح، مرة أخرى، ضمن مرات عديدة، إلى السجون الإسرائيلية، ثمنا لدفاعه عن الثوابت وفي القلب منها حقنا الإسلامي العروبي الفلسطيني في القدس والمسجد الأقصى.
سوف يغيب شيخ الأقصى عن شعبه، لكنه يغيب أيضا عن أمه وزوجته وباقي أفراد عائلته (8 أبناء- 5 إناث و3 ذكور)، الذين ما كادوا يستقبلونه محررا من السجن الفعلي إلى الحبس المنزلي في قرية كفر كنا ثم في الحبس المنزلي بينهم في أم الفحم، حتى يودعونه مرة أخرى بعد مرات عدة، في طريقه إلى سجون الظالمين.
في اعتقاله الفعلي الأخير، والذي بدأ بتاريخ 15/8/2017 وانتهى إلى الحبس المنزلي في كفر كنا بتاريخ 6/7/2018، حرم السجّان الإسرائيلي شيخ الأقصى من نعمة “لمّته” مع العائلة على مأدبة الإفطار، في شهر رمضان حينها، وهي لم تكن المرة الوحيدة التي تحرم فيها العائلة من الاجتماع بشيخها على طاولة رمضان بحكم اعتقالاته السابقة.
كيف استقبلت العائلة الصابرة، قرار سجن عزيزها الشيخ رائد صلاح، الاثنين، 28 شهرا، وكيف تتعاطى عائلة قائد فلسطيني مع غيابه المتكرر في غياهب السجون الإسرائيلية، إلى جانب انشغالاته الدائمة بهموم شعبه وأمته؟!
يقول عمر، النجل الأكبر للشيخ رائد صلاح لـ “المدينة”، إن قرار سجن والده في “ملف الثوابت”، كان متوقعا، لا سيّما أنه جاء متزامنا مع الأحداث الأخيرة في المسجد الأقصى والمنطقة، لكنه يستدرك “لا شك أننا تلقينا القرار بصعوبة، وكانت لحظات انتظار القرار لا تقل صعوبة، خاصة بالنسبة لجدتي وأمي، لكننا لا نعوّل أبدا على القضاء الإسرائيلي ومحاكمه الظالمة”.
غير أن والدي العزيز دائما يشجعنا ويحفزنا ويبث فينا المعنويات للصبر والتحمل، تقول لبابة رائد صلاح.
تضيف: “نعرف أن الطريق التي يسير فيها والدي مليئة بالتحديات ويترتب عليها التضحية، فهي طريق الأحرار المضحين من أجل أوطانهم والمخلصين لشعبهم، إنه طريق الثبات على الحق وعدم التنازل عن ثوابتنا ومبادئنا مهما كلف الأمر وخصوصا حقنا الشرعي في المسجد الأقصى المبارك”.
حماس رائد صلاح، من جهتها، تعتبر أن توصيات الوالد لها ولإخوانها وأخواتها مثّلت دائما النبراس وخارطة الطريق التي جعلتهم منذ سنوات يصبرون على غياب الشيخ وإمكانية تعرضه للاعتقال.
توضح حماس “كان أبي دائما يؤكد لنا أن هذا طريق الشرفاء الذين يعملون من أجل أمتهم ومستقبلها ومستقبل أبنائها، وعليه فهو طريق ليس بالهين وفيه الكثير من العقبات، علينا أن نتجاوزها بتوكلنا على الله تعالى، وبالسير قدما بثبات المتيقنين على خطى من سبقونا ولا يهمنا اي خذلان أو هوان في تحقيق مرضاة الله تعالى”.
هل كان يفضل أبناء الشيخ رائد صلاح أن يكون والدهم رجلا عاديا لا ينخرط بالشؤون العامة لمجتمعه وأمته؟
تجيب رقية رائد صلاح بالقول: “بالتأكيد لا، فنحن أمة خلقت كي نقف كالبنيان المرصوص بهدف نشر الدعوة والسير في طريق الحق والحرية، نحن نؤمن بأننا خلقنا من أجل إعلاء كلمه الله ومن أجل سير دعوتنا، وهذا طريق متوقع فيه كل أنواع المضايقات من الظالمين وأعداء الدين، لكن لم ولن يثنينا مضايقاتهم أو تخويفهم، بالعكس فإن سجن ابي يزيدنا ثباتا وقوة وعزيمه بالتمسك بثوابتنا ويجعلنا نبقى ثابتين ومثبتين ومشجعين لوالدي العزيز على خدمة شعبه ووطنه وأمته، والحفاظ على المقدسات، وعلى رأسها أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين المسجد الاقصى المبارك”.
أما عمر فيقول: “دائما كان الوالد العزيز يؤكد لنا أن هذه طريق الأحرار والعاملين الصادقين الذين يسأل الله دائما أن يكون منهم، فالانتماء الصادق للوطن بحاجة لتضحيات ودفع ضريبة، فهو بدوره يدفع ضريبة الانتماء للإسلام والوطن. وكان ولا زال يعزينا بالآية الكريمة (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون ان كنتم مؤمنين، إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا …)””.
وحول العلامات الفارقة المميزة للشيخ رائد صلاح، يُجمع أبناؤه أنه يتمتع بشخصية هادئة، لا يغضب سريعًا، لا من صغير ولا كبير، ويتبع في تربية أبنائه الأسلوب القصصي والتحفيزي، فإذا أراد أن يُحفزهم على شيء أو لاحظ عليهم خطأ ما؛ يتعمد مجالستهم وإيصال رسالته بالقصة.
تضيف ابنته ريحانة: “لا نذكر أنه خاطبنا بطريقة مباشرة (مثلًا هذا خطأ أو هذا عيب)، بل كان يقصّ علينا قصص الصحابة والتابعين، وأحيانًا يلجأ إلى مخيلته لإيصال رسالة أو هدف لنا بأسلوب القصة”.
والشيخ رائد صلاح، نعم الرجل البار بوالدته العطوف عليها، ففي اليوم الذي تكون فيه بضيافته يُفرغ وقته كاملًا لها ليجلس معها ويتحدث إليها، فكان في سجنه لما تتأخر عن زيارته، كثير السؤال عن أحوالها وصحتها.
اعتاد الشيخ رائد صلاح، في كل مرة يخرج فيها من السجن، أن يسجّل انتصاره على السجّان، وذلك عبر استغلال كل لحظة من لحظات السجن، في العبادة والمطالعة والتأليف وطرح الأفكار الجديدة الكفيلة بالنهوض بأبناء شعبه عموما وفي الداخل الفلسطيني بوجه خاص.
وأصدر الشيخ رائد صلاح العديد من مؤلفاته والتي تضمنت مذكراته داخل السجون وغيرها من المؤلفات التي ترسم طريق المستقبل في مواجهة التحديات الإسرائيلية، وكان من بين هذه المؤلفات كتابه “أن تعيش في السجن معزولا”، وقد اعتبره عدد من المختصين بمثابة وثيقة مهمة تضاف إلى أدب السجون وهي تغنيه بكل أبعاده الفلسطينية والإنسانية، وقال الشيخ رائد في مقدمة كتابه أن “الأسرى ليسوا أبطالا لأنهم داخل السجون فقط، بل لأنهم تمسكوا بالثوابت رغم السجون”.
لم تنجح المؤسسة الإسرائيلية في ملاحقتها للشيخ رائد صلاح، من الفت في عضده على الإطلاق، وكان يخرج في كل مرة حرا كما كان في سجنه حرا، منتصرا على سجانيه، الذين يعتقدون أن السجن يمكن أن يحدث تراجعا في أفكار ومشاريع وثوابت الأحرار. كذلك فشلت المؤسسة الإسرائيلية في إحباط أبنائه وأهله وأبناء مشروعه، لما ظنّت أن تغييبه الدائم في السجون يعني تغييبه من الوعي الإسلامي والعربي والفلسطيني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى