إجراءات مصرية في سيناء لتنفيذ ترتيبات وساطة غزة

شرعت مصر أخيرًا في تنفيذ مجموعة من الإجراءات في سيناء متعلقة بالأوضاع في قطاع غزة والمفاوضات التي تجريها مع كل من الحكومة الإسرائيلية، وفصائل المقاومة، والسلطة الفلسطينية، بهدف التوصل إلى تهدئة طويلة المدى في القطاع.
وزار وفد أمني رفيع المستوى من جهاز المخابرات العامة، تل أبيب، قبل نحو أسبوع، لبحث مجموعة من الملفات المشتركة بين الحكومة الاسرائيلية ومصر.
وجاء على رأسها، تعديل بنود في معاهدة كامب ديفيد الموقعة بين البلدين عام 1979، متعلقة بالتحركات المصرية في سيناء، في إطار الوساطة التي تقوم بها بين الاحتلال وفصائل غزة.
كما ركزت المباحثات على أمور متعلقة بإعادة إعمار القطاع ضمن المبادرة المصرية التي أعلنها رئيس سلطات الانقلاب عبد الفتاح السيسي في أعقاب توقف معركة سيف القدس الأخيرة مايو/أيار الماضي.
كما بحث الوفد الأمني المصري، مع الجانب الإسرائيلي، تعديل بنود تسمح بإقامة منطقة صناعية بالقرب من الحدود مع القطاع، في إطار التسهيلات التي تستهدف تخفيف صعوبة الوضع المعيشي هناك وتشغيل أبناء غزة. ومن شأن هذا الأمر أن ينعكس بعد ذلك على المضي قدمًا في الاتفاقات التي من شأنها المساهمة في التوصل لاتفاق تهدئة طويل المدى.
وجاءت أبرز الإجراءات والقرارات المصرية الأخيرة في هذا الصدد متمثلة في صدور قرار من وزير دفاع الانقلابيين الفريق أول محمد زكي، بتعيين رجل الأعمال السيناوي وعضو مجلس النواب المصري إبراهيم العرجاني، عضوًا في مجلس إدارة الجهاز الوطني لتعمير شبه جزيرة سيناء، والتي تعتبر هيئة اقتصادية عامة تتبع رئاسة مجلس الوزراء المصري.
مع العلم أن شركة “أبناء سيناء” التي يترأسها ويملكها بالشراكة مع جهاز المخابرات العامة والقوات المسلحة، تتولى الإشراف على تنفيذ مبادرة إعمار غزة.
بناء أول محطة لتوليد الكهرباء في العريش
وفي أعقاب هذا القرار، وبعد أيام قليلة من عودة الوفد الأمني، أعلنت وزارة الكهرباء المصرية، البدء في بناء أول محطة لتوليد وإنتاج الكهرباء في مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء.
وأعلن رئيس مجلس إدارة شركة شرق الدلتا لإنتاج الكهرباء المصرية محمد أبو سنة، أخيرًا، عن إنشاء أول محطة توليد وإنتاج كهرباء في العريش بشمال سيناء، بقدرة إجمالية 250 ميغاوات. وبحسب المسؤول المصري، فإن الخطوة تهدف إلى تحقيق استقرار التغذية وتأمينها، وتوفير الطاقة اللازمة لأهالي سيناء، وجميع المشروعات الاستراتيجية.
وتأتي تلك الخطوة في أعقاب تدشين شركة “هلا” للاستشارات والخدمات السياحية، المملوكة لمجموعة “أبناء سيناء الاستثمارية”، والتي تتولى حصرًا نقل المسافرين من قطاع غزة وإليه، خط حافلات حديثة ومتطورة لتيسير أمور المسافرين الفلسطينيين.
ويأتي ذلك كمحاولة للتجاوب مع غضب الفصائل الفلسطينية، بسبب صعوبة إجراءات السفر عبر معبر رفح البري، الذي يعد نافذة أهالي القطاع على العالم.
وبرز اسم رجل الأعمال إبراهيم العرجاني خلال السنوات الماضية في شمال سيناء، بعد تشكيل اتحاد القبائل الذي تقوده قبيلة الترابين المنتمي إليها، وتدشينه شركة “مصر سيناء للاستثمار”. أُسست الشركة على الشراكة بين القوات المسلحة بنسبة 51 في المائة ورجال أعمال من سيناء بنسبة 49 في المائة، في عام 2014.
وقال العرجاني، في أعقاب الإعلان عن المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة، إن شركتي “مصر سيناء للتنمية الصناعية والاستثمار” و”أبناء سيناء للتشييد والبناء”، هما من أرسلا المعدات الهندسية والأطقم الفنية لقطاع غزة عبر معبر رفح البري.
ملف غزة الأهم في يد القاهرة
في هذه الأثناء، قال مصدر مصري خاص مطلع على الوساطة التي تقوم بها القاهرة، إن ملف غزة يعد الأهم في الوقت الراهن في يد القاهرة على المستوى الإقليمي، وهو ما يدفع القاهرة لتقديم خدماتها فيه بالشكل الذي يلبي اهتمامات الشركاء الدوليين، وفي الوقت نفسه يحققها أمنها.
وأكد أن “الرؤية المتفق عليها بشأن تسكين ملف غزة، هو تحقيق وضع إنساني مستقر لأهل القطاع، وأن هذا لن يأتي إلا عبر جوانب اقتصادية”.
وأشار إلى أن “محطة الكهرباء التي سيتم إنشاؤها في العريش، سيتم زيادة قدراتها بحيث تغطي جزءًا كبيرًا من احتياجات القطاع عقب الانتهاء منها، كما أنها ستدخل ضمن منظومات الربط الكهربائي التي تتبعها مصر في إطار استثمار هذا القطاع”.



