أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

النهضة التونسية.. “خلافات” لا “انشقاقات”

يتوقع أن تعقد حركة النهضة التونسية (إسلامية 54 نائبا/ 217) مؤتمرها الحادي عشر مايو/أيار العام المقبل، وسط صراعات داخلية “قوية” بين شق رئيس الحركة ومكتبها التنفيذي، وشق مجموعة معارضة من رموزها وقيادييها.
وبرزت منذ المؤتمر العاشر للحركة مايو/ أيار 2016) أسماء عديدة تنتقد إدارة راشد الغنوشي، بينها منسق عام الحركة السابق عبد الحميد الجلاصي، ووزير الصحة الأسبق والقيادي الطلابي المعروف خلال الثمانينات عبد اللطيف المكي
وأثارت استقالة أمين عام الحركة زياد العذراي نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تساؤلات عديدة حول حجم ومصير صراعات النهضة الداخلية.
واستبعد محللان، للأناضول، إمكانية حدوث انشقاق كبير في صفوف حركة النهضة في أفق المؤتمر القادم
** استقالة الأمين العام .. لا تأثير لها
وقال الباحث في الفلسفة السياسية المعاصرة رياض الشعيبي إن استقالة العذاري ليست بالحجم الكبير، الذي يمكن أن يتسبب في انشقاق داخل النهضة.
واعتبر أن زياد العذاري ليس له امتداد قوي داخل النهضة وليس له تأثير أيضًا، وإنما استعمل وظيفيًا في إدارة مرحلة ودُفِع للاستقالة عندما انتهى دوره.
وأوضح الشعيبي، في حديث للأناضول، “في مرحلة التوافق كانت حركة النهضة تحتاج لبعض الوجوه التي يمكن تسويقها كوجوه منفتحة على المنظومة القديمة ويمكن أن يقبل بها الغرب”.
وتابع الشعيبي “ولذلك لا عجب أن زياد العذراي صعد بشكل صاروخي من مجرد عضو في الحركة إلى أمين عام باعتباره وجها يمكن تسويقه في إطار الخطة السياسية التي كانت تعمل عليها النهضة”.
من جانبه، قلل الباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي، للأناضول، من أهمية استقالة العذاري “لأنه دخيل على الحركة وهياكلها ألقى به الغنوشي في غمار الأمانة العامة سعيا وراء التشبيب وخدمة صورة الحركة داخل الحكومة، ولكنه غادر في ظرف جعل الكثيرين يعتبرون استقالته هي رد فعل شخصي أكثر منه موقفا سياسيا يجْمَع حوله أو ينضم به إلى المجموعة التي تعارض الغنوشي”.
عبد اللطيف المكي، وزير الصحة الأسبق والقيادي المعروف بالحركة، المحسوب على الخط المعارض للغنوشي، قلل كذلك من أهمية استقالة العذاري ونفى أي إمكانية أن تقود لانشقاقات.
وقال المكي، في حديث للأناضول، “لا تأثير لاستقالة العذراي على وحدة الحركة”، مؤكدًا أن الأخير “لا يعكس تيارًا داخلها”.

** صراع على القيادة والإدارة
وشدّد الشعيبي أن “للصراع داخل حركة النهضة أوجه أخرى بعيدة عن استقالة العذاري المعلنة حديثًا”.
وتابع الشعيبي: هناك اليوم صراع داخل النهضة بين تياٍر يسمي نفسه إصلاحيًا ويضم مجموعة من القيادات الشبابية، التي تطالب بتغيير قيادي واداري داخل الحركة، من دون أن ترتقي إلى مستوى الخط السياسي المتمايز عن الخط الرسمي لحركة النهضة.
أما التيار الثاني فيسمي نفسه بالشرعية وهو الذي انتصر في المؤتمر العاشر لحركة النهضة (مايو 2016) وتمثله رئاسة الحركة ومكتبها التنفيذي ومؤسساتها الرسمية.
واعتبر الشعيبي أن “الصراع هو على تغيير القيادة والإدارة ولا وجود لرؤية سياسية متمايزة فيما يحدث داخل النهضة”.
ويتفق مع المكي، المحلل السياسي رياض الشعيبي في توصيف طبيعة الصراع قائلًا: “هو تعبير عن الملفات المرتبطة بضرورة تطوير هيكلة النهضة ومنظومة اتخاذ القرار والتسيير والحوكمة”.
وقال المكي “هذا (اتخاذ القرار والتسيير والحوكمة داخل الحركة) فيه اختلاف كبير في وجهات النظر”.
وتابع، في ظل النظام الرئاسي في حركة النهضة (الصلاحيات التي يمنحها القانون الأساسي للنهضة لرئيسها)، لم يُسمح بحلحلة هذه المشاكل لذلك يبقى المؤتمر هو المحطة الهامة لتناول هذا”.

** لا خوف على وحدة الحركة
ويستبعد الباحث في علم الاجتماع هشام الحاجي أن يؤدي الصراع داخل حركة النهضة إلى انقسام كبير.
وأوضح الحاجي “إلى حد الآن نجحت حركة النهضة في إدارة خلافاتها وتباين مواقفها”.
وأضاف “تقريبا لم يتسرب من هذه الخلافات للإعلام إلا الجزء اليسير والمقبول من الناحية السياسية من قبل أبناء الحركة عمّا يجري داخلها من رؤى وتجاذبات أصبحت متناقضة”.
وتابع: ولكن مقارنة ببقية الأحزاب “نجحت النهضة في المحافظة على أكثر من الحد الأدنى في التماسك التنظيمي، واستطاعت ترحيل الخلافات وهذه الرؤى المتباينة إلى المؤتمر القادم”.
وأكد الحاجي برغماتية شقي النهضة “فالمجموعة الملتفة حول رئيس النهضة والمجموعة التي تلتف حول الشق المعارض له حافظتا على التماسك وبقيتا براغماتية في المحافظة على الدور الوطني للنهضة وهو دور هام لتجنب الخطوة التي لو وقع تخطيها لوقع بالأكيد الانشقاق”.
القيادي عبد اللطيف يجيب باقتضاب عن مصير الصراع، “استبعد انقسام الحركة”.
الشعيبي يفسر موقفه بالقول: “أعتقد أن انتصار النهضة في الانتخابات التشريعية قد فتح لها أفقًا جديدًا لإعادة ترميم صفّها الداخلي”.
وأضاف الشعيبي: “ربما الذين كانوا يراهنون على انقسام الحركة توقعوا هزيمة لها بما يعمق جراحها الداخلية لكن يبدو أن انتصارها الأخير (أغلبية البرلمان) قد يعطيها أفقًا جديدًا للملمة شتاتها”.

** المؤتمر القادم.. هل تتم تسوية؟
وحول مخاطر انقسام كبير للحركة جراء الصراع الدائر، أعرب الشعيبي عن اعتقاده بأنه آن الآن بتولي رئيس الحركة رئاسة مجلس النواب (البرلمان) ما سيخفف إلى حد ما هذا الصراع.
وأضاف: ربما تستطيع أجنحة الحركة أن تجد التسويات المناسبة التي تستطيع من خلالها الإعداد لمؤتمرها القادم”.
وتوقّع الشعيبي أن “يفرز المؤتمر القادم طاقمًا قياديًا ممثلًا لكل هذه الحساسيات المتنافرة داخل النهضة”.
إلا أن الحاجي يقول إن المؤتمر سيكون بالنسبة للغنوشي “محطة للحسم خاصة وأن له، أولا، رؤية سياسية قد تختلف مع معارضيه وثانيًا، له اعتبارات وحسابات بعضها يرتبط بشخصه وتاريخه وبعضها يرتبط بالمحيط القريب منه”.
ويتابع الحاجي، بالنسبة للتيار المناهض للغنوشي، “يريد من رئيس الحركة احترام القانون ومغادرة رئاسة الحركة”.
ويخلص الحاجي أن “كلا الطرفين يمتلك أوراقًا مهمة ويمتلك حضورًا في هياكل الحركة ومؤسساتها”.

** الغنوشي.. هل يغادر رئاسة الحركة؟
ويتوقع الشعيبي أن “ينسحب الغنوشي شيئًا فشيئًا من الإدارة اليومية للحركة، وبالتالي الإشراف المباشر عليها ليس فقط بسبب ترؤسه المجلس (البرلمان)، ولكن أيضا لأنه سيحاول اغتنام فرصة توليه هذا الموقع ليرسم لنفسه صورة الشخصية الوطنية الجامعة”.
واستبعد الشعيبي أن”يفكر الغنوشي في تغيير القانون الداخلي للاستمرار في رئاسة الحركة في وقت أصبح مطروحًا عليه فيه مجموعة من المسؤوليات الوطنية التي تستدعي ابتعاده ولو نسبيًا عن الانخراط في العمل الحزبي”.
وأكد القيادي في النهضة عبد اللطيف المكي وجود “اقتناع كبير بهذا القانون (القانون الأساسي للحركة) داخل النهضة واستبعد تغييره”.
وأضاف “إلى حد الآن ليس هناك جهة تبنت هذا الاتجاه (تغيير القانون )”، مؤكدا أن “وعي أبناء الحركة واقتناعهم بهذا القانون يجعلان من الصعب تغييره”.
وقال المكي: “لابد من تقديم المؤتمر عوض تأجيله لأن رئيس الحركة أصبح رئيس البرلمان ولم يعد له إمكانية للتركيز على رئاسة البرلمان ورئاسة الحركة في الوقت نفسه”.
وأكد المكي: “وجود فصل في القانون الداخلي يقول إن رئيس الحركة يجب أن يكون متفرغًا”.
إلا أن الحاجي قال “من الصعب التكهن بمصير الغنوشي بعد المؤتمر القادم، معبرًا عن عدم اقتناعه بأن “الغنوشي سيقبل المغادرة بسهولة”.
ورجّح الحاجي أن “يقر المؤتمر القادم منح استثناء للغنوشي هذه الشخصية التي رافقت وتزعمت الحركة في أغلب الفترات منذ تأسيسها”.
واعتبر أن السؤال المطروح هو مدى القدرة البدنية للغنوشي على الاستمرار في إدارة الحركة والبرلمان معًا، والنجاح في المهمتين.
وفي هذا الصدد نوه بأن الغنوشي محاط بعدة قيادات في الحركة مثل رئيس مجلس الشورى (عبد الكريم الهاروني)، وعدة قيادات ومراكز النفوذ يحركها (الغنوشي) كما يريد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى