أخبار رئيسيةأخبار عاجلةتقارير ومقابلات

من الرعيل الأول في مسيرة العمل الإسلامي… الراحلة “أم الحسن” كوثر عبد القادر خليل- عزب… بصمات خالدة

طه اغبارية

يوم الجمعة الفائت، رحلت عن دنيانا، السيدة كوثر عبد القادر خليل- عزب (أم الحسن)، من قرية البعينة- نجيدات، بعد صراع مع المرض، تاركة خلفها إرثا كبيرا من العمل الإسلامي والبصمات الخالدة في مسيرة العمل الأهلي والاجتماعي بالداخل الفلسطيني.

والمرحومة هي، زوج الدكتور الشيخ عبد الرحيم خليل، المحاضر في كلية الدعوة والعلوم الإسلامية في أم الفحم، وأحد قيادات العمل الإسلامي في الداخل الفلسطيني. والراحلة أم الحسن، من الرعيل الأول في العمل الإسلامي النسائي، ولها باع طويل في مجال العمل الدعوي والتربوي والاجتماعي.


من الرعيل الأول

وفي حديث لـ “المدينة” مع السيدة عالية أبو شيخة (أم محمد)، رفيقة عمر المرحومة، قالت إن “المصاب بأم الحسن كان جللا، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الله فإنا لله وإنا إليه راجعون” وأشارت إلى أن الراحلة “ولدت في قرية عارة عام 1967، واكملت دراستها الاعدادية والثانوية في قرية عرعرة، وقد ألقى الله تعالى محبته في قلبها منذ صغرها، فأقبلت على الدعوة في بداياتها وارتدت الجلباب في الصف الأول الثانوي، في وقت لم يعرف هذا اللباس في المنطقة”.
التحقت أم الحسن عام 1986، بمعهد العلوم الشرعية في قلقيلية في الضفة الغربية، تتعلم فيه أمور دينها لتدعو الى الله على بصيرة، وتضيف أم محمد: “عادت الأخت كوثر، الى بلدها تنشر تعاليم الدين وتدعو الى الله وتغرس قيم الاسلام بهمة عالية وعزيمة راشدة، تجتهد بما أوتيت الى ذلك سبيلا، تجمع بين الواعظة في المسجد، والمنشدة في الاعراس الاسلامية والمناسبات لدى النساء، وفرقة المسرح، ومربية في مجموعات دار القرآن”.

ولفتت أم محمد إلى أن “المرحومة أم الحسن كانت من الاخوات اللواتي وضعن اللبنات الاولى في صرح الدعوة الاسلامية في عارة، وأنها كانت من الرعيل الاول في الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا”.


عطاء لا يتوقف

في قرية البعينة- نجيدات، واصلت المرحومة أم الحسن، مشوارها الدعوي بعد زواجها من الشيخ عبد الرحيم خليل.
تقول السيدة سمر شحادة يونس، رفيقة درب المرحومة في البعينة النجيدات، لـ “المدينة”: “أرادت مشيئة الله عز وجل لها مزيدا من العطاء ففي سنة 1989 انتقلت بزواجها من الشيخ الفاضل عبد الرحيم خليل الى قرية النجيدات حيث كان الشيخ عبد الرحيم، حينها إماما للمسجد هناك، فأسست المرحومة الحركة النسائية في في قريتي البعينة والنجيدات، ومنذ وصولها الى القرية كانت تعطي الدروس في البلدين في البعينة والنجيدات تُدرس وتُحفظ القرآن الكريم للطالبات، وكانت تساعدهن في التعرف على أحكام الشرع الصحيحة في الفقه والمعاملات، وقد سكنت في النجيدات بداية حياتها الزوجية مدة 4 سنوات تقريبا”.

لم يتوقف عطاء أم الحسن، حتى أواخر أيامها، كما تقول السيدة سمر: “عملت أم الحسن في تدريس الأطفال في الروضة الإسلامية في البعينة، وكانت ركنا مركزيا في البلدة، صاحبة رأي ورؤية نافذة، نشطت في ترتيب الأمور الدعوية وأسابيع الدعوة والعديد من النشاطات والفعاليات والمهرجانات مثل، الاحتفاء بالإسراء والمعراج والمولد النبوي وذكرى الهجرة وترتيب المخيمات الصيفية والمشاركة بها، كما عملت مع الأخوات على ترتيب رحلات شهرية الى المسجد الأقصى المبارك، وهذا قبل ظهور مسيرة البيارق، ثم واصلت هذا النشاط بعد إقامة مسيرة البيارق”.
وبحسب رفيقة دربها سمر، فقد برعت المرحومة أم الحسن في كافة ميادين العمل الإسلامي والاجتماعي في البعينة- نجيدات، تقول: “كان لها باع طويل في نشر الدعوة الى الله من خلال دروس الاحياء ودروس بيت الاجر، وقد كان لها مجموعتين تربويتين احبتهما ودرستهما بكل حب واخلاص وشغف في نشر الوعي الديني والدعوي، وكانت رحمها الله، تكثف مجهودها في رمضان حيث تساند الاخوات في أخذ درس من دروس المسجد تحكي به عن الصحابة والتابعين وتقيم صلاة التسابيح، وتحث النساء على حفظ ما تيسر من القرآن الكريم بهذا الشهر الكريم وتتعهدهن في التسميع، مع كتابة المسابقات الدينية للنساء التي كنا نقوم بها كل يوم سؤال خلال صلاة التراويح، كما أنها لم تغفل عن الاهتمام في الجانب الروحاني للنساء، وكانت تحافظ محافظة جدا رائعة على ان يكون للأخوات ورد مطالعة وقراءة من كتب متنوعة وبإرشاد من فضيلة الشيخ عبد الرحيم، وكانت لها توجيهات تربوية واسرية رائعة جدا”.

بصمات خالدة في كل الميادين
في قرية البعينة أيضا، انتسبت أم الحسن إلى مركز “نور البيان”، منذ سنوات عديدة، وتخرجت على يديها العديد من الحافظات لكتاب الله عز وجل، من المراحل التعليمية الابتدائية والإعدادية والثانوية.

وأكدت سمر شحادة يونس، أن المرحومة أم الحسن، تميزت بانتمائها الشديد للمركز ومشاريعه، تقول: “بعد عطائها للدعوة على مدار سنين عديدة كان هدفها أن تكون مدرسة للقرآن الكريم، وبالفعل استجاب الله لها وكانت عضوا فعالًا في مركز التحفيظ، كما أنها كانت لسنوات عديدة مندوبة باللجنة التربوية للمركز. اشتركت ولسنوات في التخطيط السنوي للمركز وخاصة بالفعاليات التربوية والدينية والسياسية، كانت مندوبة بلجنة التسميع المحلية”.

إلى ذلك أكدت العديد من العاملات في الحقل الدعوي والاجتماعي في البعينة والنجيدات أن المرحومة أم الحسن “كان لها باع طويل في توفير التبرعات والدعم المادي للمركز، فكانت كالريح المرسلة في جلب التبرعات لدعم مشاريع المركز”.

وأشرن إلى “حرصها على عمل المركز الدؤوب واكمال المسيرة، لم تبخل عليه حتى في محنتها ومرضها الشديد، فكانت ترسل لنا الافكار والتخطيط للفعاليات مثل يوم النكبة الفلسطينية، الطرود الغذائية للعائلات المستورة استقبالا لشهر رمضان الكريم، وفي لحظات موتها ورمقها الاخير اقترحت علينا افكارا لفعاليات العيد، ولكن قدر الله حال بيننا ورحلت عنا قبل مجيء العيد ولكن بقيت روحها الطاهرة خالدة معنا وبيننا”.
لم يمهل المرض العضال، أم الحسن كثيرا، وداهمها قبل نحو 3 أشهر، لكنها، وفق صديقات العمر “كانت تعلم من حولها معاني الصبر والرضى بقضاء الله عز وجل واللجوء الى الله في أحلك اللحظات فكان دعاؤها (رب إني مسني الضر وانت ارحم الراحمين) فكانت صابرة محتسبة مستسلمة لقدر الله”.
تركت الراحلة أم الحسن، خلفها زوجا صابرا محتسبا، وقائدا من قيادات العمل الإسلامي في الداخل، هو الشيخ عبد الرحيم خليل، ورزقهما الله بأربعة من البنين وثلاث بنات.

درس في الوفاء
وعن رحلة الشيخ عبد الرحيم مع زوجه في أيامها الأخيرة، كتب قريب العائلة، إبراهيم خليل في صفحته على “فيسبوك”، قائلا: “هذا هو مربينا الذي نتعلم منه، هذا الرجل هو الدكتور عبد الرحيم خليل، لما مرضت زوجته مرضها الأخير، الذي مكثت فيه شهرين، وكانت في أمسّ الحاجة لمن يرافقها لـ٢٤ساعة ويهتم في مأكلها ومشربها وملبسها وحمامها وكل شؤون حياتها، رأينا في هذا الرجل مدرسة من الوفاء، مدرسة من رد الجميل الذي عاشه مع زوجته، رأينا رجلا لشهرين يكاد لا يتقاسم ادوار المرافقة مع أحد، رأينا رجلا يجلس بجانب زوجته معظم يومه وليلته، رأينا رجلا يوقف معظم اشغاله ليساند زوجته. رجلا يلغي ادوار طبية قد عينها قبل المرض ليبقى بجانب زوجته، رأينا شيخا كان يقول إذا رأيتموني ألغي برامجي الدعوية فاعلموا ان هنالك أمر جلل، رجلا يطعم زوجته ويناولها الماء ويسندها لتجلس ويجلس بجانبها، رأينا رجلا يعامل زوجته كما لو انه أبا يعامل ابنته، لقد رأيناه يلغي ويلغي حتى لا يرد طلبها الذي طلبته، بأن لا يفارقها ويبقى الى جانبها في محنتها وحين وافتها المنية، فور عودته الى القرية، أرسل شابا الى كل دكاكين القرية التي علم ان زوجته تشتري منها، يسأل إن كان عليها دين، ليسد عنها اي التزام أو دين كانت قد غفلت عنه قبل المرض وخلاله، أراد أن ترتاح في قبرها من حقوق العباد… شكرا لك ايها المربي”.

عن صحيفة “المدينة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى