أخبار رئيسيةأخبار عاجلةالقدس والأقصىتقارير ومقابلات

القدس: عائلة صندوقة تتوارث ضرب مدفع رمضان

تشتهر عائلة صندوقة منذ العهد التركي بشرف إطلاق مدفع رمضان ايذاناً بموعد الإفطار والامساك، وذلك في مقبرة المجاهدين وسط شارع صلاح الدين المكان الأقرب للبلدة القديمة، وكان الحاج امين صندوقة يقوم بضرب المدفع التركي الذي نقل للمتحف الإسلامي بالمسجد الأقصى المبارك وتم استبداله بمدفع يستخدم من العهد الأردني الآن.

رجائي صندوقة يروي قصة مدفع رمضان

يروي السيد رجائي صندوقة الذي ورث ضرب المدفع عن والده الحاج يحيى صندوقة منذ قرابة الثلاثين عاما كيف بدأت قصة مدفع رمضان في العهد العثماني وكيف وصلت الى عائلة صندوقة فيقول: ورثنا ضرب المدفع في شهر رمضان الفضيل عن والدي الذي بدوره ورثه عن والده الحاج أمين صندوقة، حيث كانت المهام والمسؤوليات توزع على كبار رجال القدس في حينها فكان نصيب ضرب مدفع رمضان من نصيب عائلة صندوقة.

ويضيف صندوقة ان جده قام ببناء منزله امام مقبرة المجاهدين التي يوجد بها المدفع، ولكن تم هدم المنزل وتحويله اليوم الى مبنى تجاري، ويوضح أن جده كان يعرف مواعيد الأذان عندما يقوم شخص من باحة المسجد الأقصى بالتلويح بإشارة متعارف عليها إلى شخص يقف على سور القدس الذي يقوم بدوره بإعطائه إشارة لإطلاق المدفع.

ويؤكد السيد رجائي ان اخوته العشرة تناوبوا على ضرب المدفع في الماضي حيث كان كل يوم يذهب اثنان منهم لضرب المدفع، الى ان أصدرت حكومة الاحتلال امرا بمنع أي شخص بضرب المدفع الا من يمتلك تصريح لذلك، ومنذ ذلك الحين تم كتابة التصريح باسم رجائي صندوقة والذي يلازم ضرب المدفع حتى اليوم.

صندوقة يتعرض منذ سنوات الى العديد من التنغيصات من قبل حكومة الاحتلال، فبداية تم تحويل القنبلة المستخدمة من قنبلة بارود الى قنبلة صوت الامر الذي يؤدي الى محدودية وصول الصوت الى أوسع مدى.

وهذه القنبلة تصل قبل عشر دقائق من ضرب المدفع عن طريق عناصر من الأمن الإسرائيلي الذين يسلمونها لرجائي صندوقة ويبقون حتى يتم التأكد من ضربها.

إضافة الى ذلك ان الاحتلال اجبر صندوقة على اخذ دورة تدريبية من اجل الحصول على ترخيص لضرب المدفع، ومن أجل الحفاظ على هذا الإرث العربي الإسلامي الفلسطيني الذي استلمته عائلة صندوقة يبذل السيد رجائي كل ما بوسعه لمجابهة خطط الاحتلال بأفشال عزيمته لمنع ضرب المدفع الذي يصدح صوته بسماء القدس الشريف.

ويختتم صندوقة حديثه فيقول: أقوم بتدريب اولادي اليوم على ضرب المدفع كي نحافظ على هذا الإرث من جيل الى جيل.

صندوقة الذي لم يجلس على مائدة الإفطار والسحور مع عائلته وفي العزائم الرمضانية العائلية منذ ثلاثين عاما يؤكد انه لشرف له ان يطرب اذان الصائمين خلال شهر رمضان الفضيل يوميا إيذانا بموعد الإفطار.

ويجمع المقدسيون على أهمية ضرب مدفع رمضان وانه أصبح تقليد متعارف عليه بين الكبار والصغار فقبل موعد الإفطار يتساءلون متى سيضرب المدفع؟ وكم بقي على ضرب المدفع؟

فتسترجع زوجة الفقيد يحيى صندوقة الحاجة أم عادل صندوقة عشرات السنوات من رحلة العمر وفيما يتعلق بمراسيم ضرب مدفع رمضان تقول: ” كان الحج أبو عادل قبل قدوم الشهر الفضيل بشهرين على الأقل يجمع كافة ملبوسات أولاده القديمة ويقصقصها ويحضرها هي واكياس البارود التي كان يوصي عليها قديما من بيت لحم و الخليل من أجل أن يستخدمها لضرب المدفع، وينتظر حين يثبت الشهر يذهب الى المقبرة ويأخذ معه بضع من أولاده فأول يوم يثبت رمضان يضرب المدفع 3 مرات، وفي أيام رمضان يذهب للمقبرة قبل ساعة لتحضير المدفع وضربه عند مغيب الشمس وكذا في وقت السحور يضرب المدفع مرتين الطلقة الأولى عند اعلان وقت السحور و الطلقة الثانية لإعلان وقت الصيام، وهكذا يمضي شهر رمضان في عشرات السنوات التي قضيناها سويا لا أراه وقت الفطور ولا حتى السحور، وحين كنت اطلب منه أن يبقى معنا لو ليوم واحد كان يقول: ” هذا واجب وطني وإرث افتخر به “، وحتى في أيام الأعياد كان يذهب الحاج لضرب المدفع قبل صلاة العيد”، وتقارن اليوم بالأمس فتضيف: ” اليوم مع وجود “اسرائيل” يستخدمون القنابل الصوتية ولكن أبو عادل كان يستخدم البارود رغم خطورته واستذكر جيدا أن صوت البارود كان يسمع في كافة ارجاء القدس وكان الناس يقولون ضرب المدفع ضرب المدفع وليس كما الآن رفع اذان المغرب”.

أما للشيخ محمد مسك يستذكر مدفع رمضان وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة فيقول:” لقد كنت أحد الأطفال الذين سكنوا مدينة القدس بجوار المسجد الأقصى وتحديدا في باب السلسلة، وكان شهر رمضان المبارك مميز بحضوره الى هذه المدينة المقدسة، فأذكر جماله كطفل بالزينة التي كانت تكسو المحلات التجارية و الانارة في كافة الأزقة و للحلويات في رمضان طعمٌ مختلف، وكذا موعد الافطار فأنا أذكر جيدا مدفع رمضان الذي كان ينطلق من مقبرة باب الساهرة صباحا ومساءا، كنا ننتظره قبل الافطار بشغف وحرقة فهو الباب الذي سندخل منه الى الطعام بعد صوم يوم طويل، فكان يمثل لي الفرحة و البهجة بصوته العال الذي يصدح على كافة ارجاء المدينة، كما وأذكر يوما حين تأخر مدفع رمضان لبعد الآذان فرفض جدي “رحمة الله عليه” أن يتناول الافطار الا بعد سماع المدفع وسمعته يقول “ابصر شو مال صندوقة ما ضرب المدفع اليوم إن شاء الله التأخيرة لخير”، وبعدها بثواني ضرب المدفع فانفرجت الوجوه وعلا الضحك على كبيرنا وصغيرنا، وحتى عندما كبرت لازال المدفع جزء منا تمام كما هي القدس بكل ما فيها”.
ويطلق السيد رجائي صندوقه المدفع طلقة واحدة لإعلان الإفطار وطلقة واحدة للإمساك وثلاث طلقات لاستقبال رمضان وثلاث طلقات لاستقبال العيد وسبع طلقات يوم العيد بعد صلاة الظهر ابتهاجا به.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ما أجمل هذه الطقوس في رمضان.. أيضا في مدينة عكا كان يضرب المدفع من فوق أسوار المدينة..هذه العادة بقيت متبعة في المدينة حتى النكبة سنة 1948ثم منع السكان من ضرب المدفع. (هذا ما أخبرني به المرحوم أبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى