حرب “تكسير رأس” بين اليهودي “أبو يائير” والشيعي “أبو مجبري”

الإعلامي أحمد حازم
يعير العرب اهتمامًا كبيرًا لمخاطبة الرجل المتزوج بكنية “أبو فلان”، و”فلان” هنا هو اسم أول مولود ذكر للرجل، والذي يجب – حسب التقاليد – أن يُسمى على اسم جده من جهة الأب. فلو سُمّي هذا المولود “سعيدًا”، يُخاطب والده بـ”أبو سعيد”، حتى لو لم يكن سعيدًا في حياته وكانت أحواله يرثى لها!
وإذا طبقنا هذا التقليد – من باب المخاطبة وليس الالتزام بالعُرف – على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيجب أن نخاطبه بـ”أبو يائير”، نسبة إلى ابنه البكر “يائير”. واسم “يائير” مشتق من الفعل العبري “יָאִיר” (يائير)، ويعني “يُضيء” أو “يُشعل النور”. وإذا تأملنا فيما يفعله نتنياهو في إيران من قصف وتفجيرات، فبالفعل يمكن القول إنه “يُضيء الليل” بهذه الضربات، وبالتالي، فإن “أبو يائير” اسم على مسمّى.
وإذا طبقنا نفس الأسلوب على المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، وهو الرجل الأول في الدولة الفارسية، فسنخاطبه بـ”أبو مُجبَري”. ولهذا الاسم الفارسي حكاية: “مُجبَري” يعني في اللغة العربية “الجابر” أو “من يجبر”، وهو اسم فاعل من الفعل “جَبَر”، الذي يعني “أصلح” أو “أعاد الشيء إلى حالته الطبيعية”. فهل يستطيع الزعيم الفارسي خامنئي (أبو مجبري) أن يُعيد إيران إلى ما كانت عليه قبل ضربات “أبو يائير”؟ شخصيًا، أشك في ذلك، استنادًا إلى المعطيات الميدانية لمسار الحرب.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فقد أطلق على ابنه البكر اسم “دون جون”، أي أنه “أبو دون جون”. واسم “دون” اختصار لـ”دونالد” (Donald)، وهو اسم ذو أصل إسكتلندي وأيرلندي، مشتق من “دومنو-والوس” (Domno-valos) في اللغة البروتستنتية، ويعني “حاكم العالم”. وبالفعل، فإن “أبو دون جون” اسم على مسمّى، فمن غيره يحكم ويدير اللعبة العالمية في أيامنا هذه؟
منذ توليه رئاسة الحكومة الإسرائيلية، ونتنياهو “حاطط إيران براسه”، وكثيرًا ما صرّح بنيّته توجيه ضربة لإيران، لدرجة أن القيادة الإيرانية كانت تسخر من هذه التهديدات ولم تأخذها على محمل الجد. ففي فبراير/شباط 2018، وخلال مؤتمر لعلماء الدين في الحرس الثوري، سخر أمين “مجمع تشخيص مصلحة النظام” في إيران، محسن رضائي، من تهديدات نتنياهو، وقال إن بلاده لن تسمح للمهاجمين حتى بالهرب.
وبحسب وكالة “مهر” الإيرانية، قال رضائي خلال المؤتمر: “إذا فكر الصهاينة في شنّ أي هجوم ضدنا، فلن نعطيهم حتى فرصة الهرب، وسنحوّل العاصمة الصهيونية، تل أبيب، إلى ركام من تراب”. وجاء هذا التصريح ردًا على كلمة نتنياهو في مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث توعد إيران باستهدافها مباشرة، لا “وكلاءها” في المنطقة، إذا اقتضت الحاجة.
لكن عند تحليل كلام محسن رضائي، نجد أن “الصهاينة” لم يكتفوا بالتفكير في الهجوم، بل نفذوه فعلًا وبكل سهولة، رغم آلاف الكيلومترات التي تفصل “الدولة العبرية” عن “دولة الملالي”. لم تجرِ رياح الحرب كما اشتهتها سفن رضائي وخامنئي. فبدلًا من أن يعجز “جيش الصهاينة” عن الهرب، ويُحول تل أبيب إلى ركام، رأينا العكس تمامًا في بلدات ومدن إيرانية، رغم الأضرار التي لحقت بتل أبيب وحيفا وغيرها. لكنها لم تُحوَّل إلى ركام كما وعد رضائي.
الحرب الدائرة حاليًا تُظهر أن إيران تتلقى نتائج سلبية: فالنظام الذي لطالما تباهى بـ”الردّ الساحق” وبنى سمعته على هذا الشعار، ظهر عاجزًا عن حماية منشآته النووية. أما إسرائيل، سواء أحببنا أم لا، فقد استطاعت في الفترة الأخيرة أن تضرب عدة عصافير بحجر واحد: شلّ قدرة حماس إلى حد كبير، تفكيك تدريجي لقدرات حزب الله، تحييد سوريا، والآن، ضربة إلى العمق الإيراني.
الأمر لم يعد مجرد تحليل، بل هو استنتاج مبني على معطيات ميدانية: هذه الحرب قد تكون فعلًا “أمّ المعارك” أو آخرها، وهناك أكثر من سبب لذلك، أهمها تصدع “محور المقاومة”. لكن في الوقت نفسه، لم تُهزم إيران بعد، وما زال لديها وقت للمناورة، ما لم تُفاجئها إسرائيل بضربة قاصمة، وتُرسل خامنئي إلى تلميذه حسن نصر الله، وهو أمر غير مستبعد. خصوصًا أن بعض تصريحات إدارة ترامب تصب في هذا الاتجاه، ولا دخان من دون نار.
فبحسب ما صرّح به مسؤول أمريكي رفيع لوكالة “فرانس برس” – طلب عدم الكشف عن هويته – فإن الولايات المتحدة اكتشفت أن الإسرائيليين كانوا يخططون لاغتيال المرشد الإيراني. وأضاف: “عارض الرئيس ترامب تلك الخطط، وطلبنا من الإسرائيليين عدم الإقدام على ذلك”. والله أعلم.