أخبار وتقاريردين ودنيامقالاتومضات

الأفكار التي تسوقها الجمعيات النسوية باسم حقوق المرأة العربية (3)

ليلى غليون

لقد قدَّمنا في المقالين السابقين لمحة موجزة حول منشأ وفلسفة وأهداف الحركات النسوية ومن يقف وراءها والصناديق الداعمة لها لنصل إلى نتيجة أن الرجل مستهدف، وأن المرأة مستهدفة، وأن الطفل مستهدف، والمجتمع بل الأمة جمعاء في دائرة الاستهداف جراء هذه الحملة الشرسة التي تريد خلق نظام عالمي جديد وأسرة جديدة وامرأة جديدة مفصلة تمامًا حسب المقياس العولمي.

وقد كشف د. هنري ماكوو -وهو باحث في شؤون الحركات النسوية- عن خطط هذه الحملة قائلًا: “إنها حرب ذات أبعاد سياسية وثقافية وأخلاقية، لأنها تستهدف ثروات المسلمين ومدخراتهم، ولا بد كذلك من سلب المرأة أهم ما تملك وهو دينها وثقافتها وأخلاقها، وللمرأة دور رئيسي في تنفيذ هذه المخططات” انتهى كلام د.هنري.

فما هي الأفكار التي تسوقها الجمعيات النسوية باسم حقوق وحرية المرأة العربية؟

هناك جملة أفكار تسوقها هذه الجمعيات بهذا الشأن نذكر أهم ما ورد فيها:

1- التشكيك في صحة الدين وذلك عن طريق إثارة الشبهات التالية:

– أن الدين سبب في تكريس دونية المرأة بسبب آية القوامة (الرجال قوامون على النساء)، (وللرجال عليهن درجة) وكذلك بسبب القسمة في الميراث (للذكر مثل حظ الانثيين) وبسبب شهادة المرأة التي تعدل في بعض الأحيان نصف شهادة الرجل (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان) وكذلك بسبب آية التعدد (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) ثم بسبب وجوب ستر المرأة لبدنها.

2- إثارة قضية مفادها: لماذا يشير القرآن الكريم إلى لفظ الجلالة (الله) بضمير المذكر دون ضمير المؤنث (تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا).

3- تحيز الخطاب القرآني للذكور على حساب الإناث وجعل الضعف والأذى من نصيب الأنثى، بينما أعطى الرجل القوة والسلامة (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).

4- الاجتهاد بدون مجتهدين: أي الدعوة إلى الاجتهاد بغير ضوابط أصولية معروفة عند العلماء ومذاهب المسلمين، أو بعبارة أخرى الدعوة لقراءة جديدة معصرنة للإسلام وهي قراءة علمانية تقوم على ليّ أعناق النصوص بما يتلاءم مع أهوائهم وبما تشتهيه سفنهم، وقد تم فعلًا إصدار تفسير للقرآن الكريم من وجهة نظر نسوية قامت على إصداره المدعوة (لالا بختيار) -وهي أمريكية من أصل إيراني كانت تدرّس مادة الدين الإسلامي في جامعة “شيكاغو” حيث قامت بترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الانجليزية حيث قامت بتشويه وتحريف بعض المعاني وتفسيرها تفسيرًا باطلًا، كذلك حذفت بعض الكلمات الواردة في القرآن الكريم، وقد دعت المنظرات لما يسمى بالإسلام النسوي، لعصرنة القرآن الكريم وفتح باب الاجتهاد أمام الجميع بدون ضوابط أصولية كما أسلفنا، وقد وصل بهن القول إلى: “كيف بوسعنا عبادة من يرى أننا أدنى مرتبة”.

5- المساواة المطلقة: ومن ضمن الأفكار التي تسوقها هؤلاء النسويات باسم حقوق المرأة العربية دعوتها للمساواة المطلقة وذلك على خلاف ما هو منصوص عليه في الشريعة، كالمساواة في الميراث، والمساواة في الطلاق، والمساواة في الانفاق على الأسرة (ويصير تبعًا لذلك إلزام المرأة أن تخرج من البيت للعمل حتى تحصل على لقمة العيش)، المساواة في الحياة الجنسية (وتشمل منع الرجل من تعدد الزوجات وحرية المرأة في الارتباطات الجنسية، وحريتها في مباشرة عقد الزواج من غير الحاجة لولي)، المساواة في السكن والسفر من غير الحاجة لإذن الزوج أو ولي الأمر، المساواة في حق الطاعة بمعنى إلغاء القوامة.

وحتى تتمكن الحركة النسوية من الوصول إلى المساواة المطلقة فقد اقترحت إحدى النسويات المغربيات أن يتم فصل المرأة عن المواضيع الدينية، لأن موضوع المرأة من وجهة نظرها موضوع اجتماعي خاضع لتطور الزمان والمكان ويجب أن يُفهم ويُعالج على هذا الأساس، وتقول ناشطة أخرى: لا يمكن مثلًا أن نتكلم عن مجتمع حديث عصري يضمن حقوق المرأة ويقبل في الوقت نفسه بتعدد الزوجات بحجة أن هذا التعدد قد نص عليه الشرع.

6- الهمز واللمز على معنى المهر على أنه ثمن العروس.

7- ملكية المرأة لجسدها: فمن الأمور التي تثيرها الحركات النسوية، الحديث الدائم عن الحرية الشخصية في كافة المجالات، فالمرأة حرة في العمل، حرة في اختيار الزي (وهذه كذبة كبيرة لأن المرأة عندهم عندما تختار الجلباب والحجاب تسقط هذه الحرية)، حرة في الانجاب وعدمه، وهي حرة عند الحمل في تقرير مصير جنينها بأن تبقيه في أحشائها أو تقوم بإسقاطه، وهذه الحرية المطلقة ترجمة حرفية لشعار نسوي بحت هو (جسدك ملكك) وهذا الشعار من إنتاج الانثوية الغربية ليصل الاستخفاف بالعفة والشرف واعتبار الغيرة على الشرف عاطفة برجوازية ووصاية مرفوضة من الرجل على المرأة.

تقول إحدى النسويات: تعود غيرة الرجل على شرف العائلة إلى عاملين أساسيين أولهما: فكرة أن المرأة من ممتلكاته، لا يحق لأحد الاقتراب منها، وأن المرأة مملوك مدفوع الثمن (بالمهر) ليس لها حق التصرف بنفسها خارج إرادة الرجل.

وثانيهما: تحديد شرف البنت في احتفاظها بعفتها الجسدية.

إن هذه دعوة صريحة للانحلال وإشاعة الفاحشة والدمار الخلقي الرهيب، بل إن هذه الأفكار التدميرية التي تفتقت عنها العقلية النسوية لم تعد مجرد أفكار عششت في عقول شاذة، ولا مجرد أماني لا تزال في قلوب هؤلاء، ولا هي مقررات لا تزال حبرًا على ورق ، بل صارت الآن في مرحلة التنفيذ، فالمساعي حثيثة لإحداث انقلاب قيمي أخلاقي ثقافي، وتوصيات المؤتمرات العالمية للمرأة برعاية الأمم المتحدة يتم تمريرها والعمل بموجبها في مجتمعاتنا على قدم وساق وهذه الخلايا السرطانية تسري في قلب واقعنا وتنشط في وسطنا بصورة غير مسبوقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى