هل نحن أمام شرق أوسط جديد بعد جولة ترامب.. الرابحون والخاسرون

الإعلامي أحمد حازم
قبل زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للخليج لإجراء محادثات مع السعودية وقطر والامارات، شهدت المنطقة حدثين بارزين: أولهما قيام المستوطنين قبل يوم واحد من الزيارة، بمحاولة إدخال قربان إلى داخل المسجد الأقصى وهو تصرف يعد الأول من نوعه في تاريخ الأقصى. رابطة علماء فلسطين، اعتبرت ذلك انتهاكا خطيرا لقدسية المسجد داعية الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي لتحرك عاجل من أجل حمايته.
لكن لم يسمع أحد نداء الرابطة وكانت أهم دول عربية مؤثرة سياسيًا وماليًا (السعودية، قطر والامارات) منشغلة في استقبال “الأخ” ترامب الذي جنى من وراء الزيارة تريليارات الدولارات من هذه الدول الثلاث والتي لم تجرؤ أية واحدة منها على الحديث مع ترامب حول قضية الأقصى وما يجري فيه وحوله. المستوطنون فشلوا في محاولة ذبح قربان في باحة الأقصى، بينما العربان نجحوا في ذبح كرامتهم أمام القادم من بلاد العم سام.
الحدث الثاني: هو زيارة وزير الخارجية الإيراني للسعودية للتباحث مع كبار المسؤولين السعوديين حول التطورات المستجدة، ثم توجهه إلى الدوحة للمشاركة في مؤتمر الحوار العربي- الإيراني، وذلك قبل يومين من زيارة ترامب للمنطقة. هذا بشأن النشاط المعلن للوزير الفارسي، ولا يعلم سوى الله والمخابرات في محادثاته السرية وراء الكواليس خصوصا عشية زيارة ترامب للمنطقة.
لم يكن ترامب أول رئيس أمريكي يزور المنطقة ولا يزور إسرائيل. فقد فعلها قبل ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في العام 2009. فبعد شهور قليلة من توليه منصبه كانت أول زيارة خارجية له إلى السعودية ومصر.
وقتها اعتُبر قراره بعدم زيارة إسرائيل إهانة لنتنياهو، الذي كان قد عاد لتوه إلى منصبه، ورأى فيه كثيرون تعبيرًا عن سوء العلاقة بين أوباما واسرائيل. التاريخ يعيد نفسه والموقف يتكرر. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقوم بأول زيارة له إلى المنطقة في ولايته الثانية، تكون السعودية أول وجهة سفره وبعدها قطر والإمارات، وإسرائيل ليست على جدول أعماله.
وإذا نظرنا الى معادلة الرابح والخاسر في هذه الزيارة، نرى بشكل واضح ان أمريكا هي الرابح الأكبر، لأن ترامب قام بتوقيع صفقة أسلحة بقيمة 100 مليار دولار مع المملكة العربية السعودية، وتشجيع الاستثمارات الخليجية في الاقتصاد الأمريكي بقيمة 600 مليار دولار وابرم صفقات أسلحة، وربما عمل للحصول لنفسه على مكاسب شخصية من خلال استثمارات خليجية في شركاته العقارية وصناديقه الاستثمارية، وحتى عملاته الرقمية.
والصفقات التي أبرمها في قطر والإمارات لا تقل أهمية عن الصفقات مع السعودية. ووفق صحيفة نيويورك تايمز، حققت شركات عائلة ترامب ملايين الدولارات من صفقات مع شركات مرتبطة بحكومات الإمارات وقطر والسعودية.
إسرائيل هي الخاسر في هذه الزيارة. والأمر لا يتوقف فقط على عدم زيارته لها ضمن زيارته للمنطقة، بل لأنَّ ترامب قام باتخاذ خطوات سياسية فاجأ إسرائيل بها. أول هذه المفاجآت أن ترامب أقدم على إقالة مايكل والتز من منصبه كمستشار للأمن القومي عشية الزيارة. وعلى ذمة موقع MDEAST NEWS كان والتز ينسق بشكل وثيق مع نتنياهو بشأن خطط العمل العسكري ضد إيران، ويدفع باتجاه نهج عسكري عدواني تجاه الحوثيين في اليمن.
هذه الإقالة لها دلالة وتترك تساؤلًا عما اذا كان الهدف منها التلميح لقادة الخليج بتغيير نهج ترامب إزاء نتنياهو أم أنه مجرد مناورة عابرة.
المفاجأة الثانية: إعلان ترامب عن محادثات مع إيران بشأن النووي، وهو أمر لم تكن إسرائيل تتوقعه ولا سيما في ظل توقعات بتوجيه ضربة أمريكية إسرائيلية لإيران. والمفاجأة الثالثة: اتفاق ترامب مع الحوثيين في اليمن، حيث أعلن ترامب، عن وقف فوري للقصف. التفاهمات بين الحوثيين وإدارة ترامب وكما نشر الجانب اليمني، تنص على عدم تدخل أمريكا بحماية السفن الإسرائيلية وأن هذا الاتفاق لا علاقة له بقرار إسناد غزة.
أما المفاجأة الرابعة أو بالأحرى الضربة الرابعة، فهي المحدثات المباشرة بين أمريكا وحماس، حيث أوضحت مصادر إسرائيلية عديدة أن إسرائيل لم تكن جزءًا من المفاوضات الأمريكية مع حماس ولم تطلع عليها، بل أُبلغت قبل يوم من تنفيذ الاتفاق بإطلاق سراح الجندي الكسندر عيدان. وليس من المستبعد أن يكون في انتظار اسرائيل مفاجآت أخرى.
هذا المشهد الإسرائيلي الناجم عن زيارة ترامب للمنطقة دفع بأحد المحللين السياسيين الى القول ان الحكومة الإسرائيلية تبدو في أسوأ حالاتها بعد الزيارة ولقائه قادة دول مجلس التعاون الخليجي في السعودية في قمة أميركية – خليجية، وان سوء الحالة الإسرائيلية وعزلة حكومة نتنياهو يبدوان بوضوح في خلفية هذا المشهد. فهل من المعقول أن يتجاوز ترامب العلاقة التقليدية بين أمريكا وإسرائيل والتي سار عليها كل أسلافه، أم أن ما يفعله هو فقط لتلقين نتنياهو درسًا شبيها بالدرس الذي لقنه للرئيس الاوكراني زيلينسكي لجلبه لبيت الطاعة؟
والسؤال الأهم: هل نحن بالفعل أمام شرق أوسط جديد على الطريقة الترامبية؟