عباس وإسرائيل والموقف (الموحّد؟!) ضد الأزهر

الإعلامي أحمد حازم
الموقع الرسمي لرئيس سلطة رام الله يقول إنَّ اسمه محمود رضا عباس، بينما تقول وسائل التواصل الاجتماعي إن اسمه محمود رضا عباس ميرزا الملقب بـ “أبو مازن”، وهو من عائلة ذات أصول إيرانية من طائفة البهائيين. ولا يهمنا أصله وفصله ان كان بهائيًا أو حتى بوذيًا بقدر ما يهمنا ويهم الشعب الفلسطيني مواقفه وسلوكياته السياسية.
أبو مازن لديه كما يبدو “مقاومفوبيا” أي ضد من يقاوم الاحتلال الذي أقرته وشرّعته الأمم المتحدة وأن حق الدفاع الشرعي عن النفس في القانون هو الحق الذي يجيز لكل فرد يدافع عن نفسه وهذا مكفول في القانون الدولي، حيث جاء القرار رقم “3070” عام 1971 عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة، مؤكدًا على شرعية اللجوء الى الكفاح بكافة الاشكال ضد الاستعمار. وأكدت شرعية كفاح الشعوب من أجل التحرر من الاحتلال.
وفي المؤتمر الدولي بشأن تطوير قواعد القانون الإنساني المنعقد في جنيف عام 1976 والذي ترتب عليه الملاحق الإضافية باتفاقيات جنيف الرابعة لعام 1977 حيث اعتبرت حروب التحرير بمثابة حروب دولية اذ جاء في لبروتوكول الأول ان حروب التحرير الوطني هي حروب مشروعة وعادلة، وهي حروب دولية تطبق بشأنها كافة القواعد التي اقرها القانون الدولي بشأن قوانين الحرب، كما ان حركات التحرر الوطني هي كيانات تُحارب لأجل حق تقرير المصير.
محمود عباس وصفه الراحل ياسر عرفات بـ “كرزاي فلسطين” نسبة الى الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي الذي كان عميلًا لأمريكا وهرب مع الجيش الأمريكي عند فراره كليًا من أفغانستان عام 2021.
هذا عباس كرزاي متضايق جدًا كما يبدو ليس فقط من مقاومة للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية التي عينوه عليها رئيسًا، بل وحتى من التصريحات التي تؤيد تشريع مقاومة الاحتلال كما تنص قوانين الأمم المتحدة.
منتهى الإخلاص لمن جاؤوا به الى السلطة. وما دام الشيء بالشيء يذكر فلا بد من القول إن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايز اعترفت في مذكراتها “ذكريات من حياتي في واشنطن…أسمى مراتب الشرف” بأن محمود عباس وصل الى أول رئاسة حكومة فلسطينية بدعم أمريكي.
اسمعوا ما فعله “كرزاي فلسطين” مؤخرا حسب المعلومات المتوفرة: لقد اتصل بشيخ الأزهر أحمد الطيب، ليس لشكره على مواقفه ومواقف الأزهر الوطنية تجاه القضية الفلسطينية، بل ليعرب عن استيائه من البيانات والمواقف الرسمية للأزهر والداعمة للفلسطيني ويطلب منه الكف عن مثل هذه التصريحات. أي رئيس هذا؟ وبما أن شيخ الأزهر رجل مبادئ فقد رد عليه بطريقة كان من المفترض عندما سمعها أن يخجل من نفسه ويتراجع عن مثل هذه التصريحات. لكن “إذا لم تستح افعل ما تشاء”.
ردّ شيخ الأزهر كان بمنتهى الوضوح ان موقف الأزهر قائم على أسس أخلاقية وإنسانية ودينية.
رئيس السلطة الفلسطينية لم يعجبه رد الشيخ احمد الطيب وسارع للاتصال بالسيسي بشكل مباشر، مبديًا انزعاجه من موقف الأزهر، عسى أن يساعده في تلبية رغبته.
وبحسب المعلومات فإن السيسي أكد لعباس خلال الاتصال أنه لا يمكنه التدخل في موقف الأزهر، وأن الموقف الرسمي للدولة المصرية تعبّر عنه مؤسساتها الرسمية ممثلة في الرئاسة ووزارة الخارجية.
مطالبة عباس تأتي تكملة لمطالبة إسرائيلية سابقة لمصر بوضع حد لتصريحات الأزهر إزاء إسرائيل. ففي الرابع من شهر فبراير العام لماضي، شننت القناة 12 الإسرائيلية هجوما حادًا على مؤسسة الأزهر وشيخ الأزهر، بزعم أن مؤسسة الأزهر في مصر تدير نظاما تعليميا به حوالي 2 مليون طالب يدرسون ويقودون خطا متشددا ضد إسرائيل ويتم تعليمهم على كراهية اليهود.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، هاجمت السفيرة الإسرائيلية السابقة لدى مصر، أميرة أورون، شيخ الأزهر أحمد الطيب، ووصفت تصريحاته تجاه إسرائيل بالقاسية جدا واتهمته بمعاداة السامية، لأنه يهاجم إسرائيل.
ونقلت قناة “i24News” الإسرائيلية عن السفيرة قولها: “إن عداء المؤسسة السنية الأهم في العالم لإسرائيل عداء لا مثيل له، وفي منتهى القسوة والصعوبة”. وزعمت السفيرة بأن “عداء الأزهر الشريف وشيخه أحمد الطيب لإسرائيل يختلط بسمات معاداة السامية”، على حد زعمها.
لقد تعودنا على تصريحات ساسة إسرائيل باستخدامهم صياغة “معاداة السامية” في كل صغيرة وكبيرة تتعلق بإسرائيل، وكأن السامية حكر لهم فقط.
وأود أن أسأل رئيس سلطة رام الله عما إذا كان موقفه من الأزهر وشيخه احمد الطيب والمطابق للموقف الإسرائيلي يندرج أيضًا في إطار التنسيق الأمني أو أي تنسيق آخر؟ والمخفي أعظم.