أخبار رئيسيةمقالاتومضات

الخارطة السياسية الإسرائيلية ومسائل التآكل الحزبي

صالح لطفي- باحث ومحلل سياسي

استطلاع الرأي الذي نشرته القناة 12 الإسرائيلية يوم الأحد الماضي، وفيه بيانات جديدة للواقع الحزبي الإسرائيلي والقوى السياسية المختلفة وقوتها داخل الكنيست، تكشف مجددًا تراجع الليكود، من حيث عدد المقاعد ليصل إلى 24 مقعدًا فيما تقدم حزب المعسكر الوطني بقيادة غانتس إلى 28 مقعدًا، وفي المجمل العام يلاحظ أنّ الثنائي بن غفير -سموطريتش سيحصلان على 11 مقعدًا، أي أنه لا يوجد تغيير كبير في نسبة المصوتين لهما، مما يعني أنّ القاعدة الانتخابية لهما ما زالت قوية، ويعود ذلك إلى البُعد الأيديولوجي الديني-السياسي الثاوي داخل المجموعة السكانية الاستيطانية.

السياسة الحزبية الإسرائيلية مليئة بالمتناقضات ومليئة بالتعرجات، ومنذ قيام إسرائيل وإلى هذه اللحظات ظهرت أحزاب واختفت على مسرح الفعل السياسي الإسرائيلي إلا أن هناك ثلاثة ثوابت في هذه المسألة ما زالت راسخة لا تتغير هي في جوهرها ماكينزم السياسة الحزبية الإسرائيلية، وأي خلل في واحد من هذه الثلاثة، يعني دخول إسرائيل إلى خندق الموات السياسي الذي في جوهره مؤسس للانهيار الحضاري باعتبار أن إسرائيل تعتبر نفسها دولة ديموقراطية وأحد أهم مبينات هذه الديموقراطية التعددية الحزبية رغم ارتفاع نسبة الحسم منذ قيامها إلى هذه اللحظات من 1% إلى 3.25%.

أحد أهم مميزات الفعل السياسي في النظم الديموقراطية التعددية الحزبية التي من ضمن مفاعيل الفعل التعددي السياسي، تنزيل حدة الطروحات القومية والوطنية وحتى الفئوية لدى المجموعات الحزبية الممثلة لهذه الطروحات، ويستحيل الخطر الحقيقي على الديموقراطية عندما تتعاظم القيم القومية والوطنية والفئوية على حساب المجموعات المُشكلة للسياسة من منظور تعددي ديموقراطي، وهو ما تعيشه إسرائيل راهنًا.

 

الثوابت الثلاثة..

هذه الثوابت الثلاثة: مشاركة التيار الحاريدي في انتخابات الكنيست، مشاركة الداخل الفلسطيني، أي السكان الذين تمَّ طرد أهلهم وذويهم من البلاد في نكبة عام 1948 في انتخابات الكنيست، ومشاركة القوى الصهيونية والإسرائيلية الناشئة بعد قيامها في الكنيست سواء بتعبيرها عن لوائح طائفية أو عرقية أو فئوية أو مصلحية.

كل هذه الثوابت ليست من أجل تحقيق الفعل الديموقراطي وفقًا لما نقرأه في قاموس الديموقراطيات الغربية بقدر ما هو عملٌ عبقري قام به الآباء المؤسسون لدمج الفئات المذكورة ضمن صيرورة الدولة على أساس من معادلات وضعها الآباء المؤسسون تفيد بأن يكون الجميع تحت سقف الكنيست سياسة وعين الرقيب أمنًا. فعلى مستوى التيارات الحاريدية إشراكها في الكنيست يعني دق أسافين داخل هذا التيار الذي شكل نسبة وازنة بين يهود الشتات وبعد ذلك داخل المجتمع الإسرائيلي، وكان ثمن موافقة حاخامات هذا التيار على الاشتراك في الكنيست تركهم وشأنهم في كل أمور الحياة.

كما ذكرت آنفًا، لم يكن إشراك التيار الحاريدي تحقيقًا للديموقراطية والتعددية السياسية، بل من أجل ضمان وجود مجموعة بشرية تشكك عقديًا بحقيقة أن هذه الدولة يهودية، لأن أصل إقامتها وفقًا لتلكم الرؤية يتناقض والمنظومة العقدية الحاريدية القائلة إن هذه الدولة يقيمها المسيح المُنتظر، وعلى هذه القاعدة تشكلت أسس فكرية داخل المنظومة الحاريدية، ومجرد موافقة قيادات التيار الحاريدي دخول الكنيست بناء على الاتفاق مع بن غوريون، دخل النزاع داخل هذه المجموعة، ولا تزال مجموعة ناطوري كارتا والتيار الحاسيدي الاشكنازي إلى هذه اللحظات لا يعترف بإسرائيل كدولة يهودية أو دولة تنتمي إلى الشعب اليهودي، بل إن بعضهم مثل الحاخام يوئال الحانان اعتبر الصهيونية دينًا ومن ثم فهي تتناقض واليهودية كدين وكقومية وكتب كتابه “دين الصهيونية”، حول فكرة الديني-القومي، الصهيونية الدينية والتعليم الرسمي الديني.

على مستوى السياسة العربية واشتراك نخبها منذ اللحظة الأولى في الكنيست وإلى هذه اللحظات ضمن المشرع الإسرائيلي والقائد السياسي (شخص/ حزب/ تيار) بقاء هذه المجموعة تحت سقفها السياسي وعدم بقائها تحت تأثيرات النكبة وارتداداتها النفسية التي قد تؤدي إلى خلق فعل مقاوم منظم سيكون في جوهره عاملَ هدم في بناء إسرائيل دولة سياسية وأمنية وعسكرية، بل جعل انخراط هذه النُخب مبكرًا في العملية السياسية عموم السكان يعيشون سياسيًا بين  الحالة المطلبية والنضال الشعبي الذي لم تتغير أدواته منذ عام 49 وإلى هذه اللحظات، بل ثمة كارثة سياسية- أخلاقية عاشها الداخل الفلسطيني اسمها الحكم العسكري زاد من عمليات الترويض السياسي للفلسطينيين ومن اعترض كانت المحاكم أو/و الطرد إلى خارج البلاد بانتظاره.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى