أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

التضخم في تونس.. مسؤولية الدولة أم المحتكرين؟

-تواجه تونس زيادات حادة في أسعار السلع قد يستمر خلال العام المقبل.
-يواجه التونسيون رفعا تدريجيا عن دعم سلع رئيسية وبعضها شحيح في الأسواق المحلية..

 

في وقت بدأت الأسعار عالميا، تسجل بعض التراجع النسبي لبعض القطاعات، إلا أن تونس ما زالت تشهد تضخما قويا، قد ينتقل مع المواطنين للعام المقبل.

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أعلن المعهد الوطني للإحصاء في تونس، ارتفاع نسبة التضخم في البلاد إلى 9.8 بالمئة، خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

ونشر المعهد بيانات أشار فيها إلى “استمرار نسق ارتفاع التضخم في السوق المحلية”، ليبلغ أعلى مستوى منذ بداية تسعينيات القرن الماضي.

من جانبه، يطالب الرئيس قيس سعيّد، في كل لقاءاته برئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزراء حكومتها، بالتحكم في الأسعار محملا المسؤولية في ذلك إلى الاحتكار وأطراف لم يسمها، في إشارة إلى المعارضة.

 أسباب عالمية

قال الخبير الاقتصادي معز حديدان، إن “ارتفاع الأسعار مرتبط بأسباب ظرفية مثل التضخم في العالم، وندرة بعض المواد في تونس، وهذا أمر عادي ويوجد في كل العالم ويسمى تضخما مستوردا”.

وأضاف حديدان: “هناك أيضا أسباب هيكلية مثل قنوات التوزيع وبعض الاحتكار (لوبيات) فبعض المواد تتحكم فيها 4 أو 5 شركات في تونس”.

وضرب الخبير الاقتصادي المثل بـ”تجارة أعلاف الماشية التي تتحكم فيها 4 شركات، وأي تاجر بسيط لا يمكن له أن يورد لوحده.. لأن التوريد يكون بكميات كبيرة”.

الدولة مسؤولة

ووفق حديدان، هناك آلية ثانية متسببة فيها الدولة، وهو ارتفاع أسعار المواد المدعمة، فالدولة ذاهبة في برنامج إصلاح مع صندوق النقد الدولي لتخفيض الضغوط على الميزانية العمومية برفع الدعم عن بعض المواد.

وأبرز المواد التي جرى خفض الدعم عنها، المحروقات بأنواعها، والمواد الغذائية المدعمة مثل الطحين والحبوب السكر.

في المقابل، وزير التجارة الأسبق وأستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية محسن حسن، يذهب في ذات الاتجاه بالقول “إن ارتفاع الأسعار المشكل يأتي أساسا من الأسعار التي تحتكر الدولة توريدها وتوزيعها وتحدد أسعارها”.

وأضاف حسن: “المواطن التونسي يشتكي من ارتفاع أسعار المحروقات، ومواد أخرى سترتفع أسعارها بحكم توجه الدولة لرفع منظومة الدعم مثل الحليب والحبوب وغيرها”.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أقرت الحكومة التونسية، زيادة في أسعار المحروقات هي الخامسة خلال العام الحالي، في إطار برنامج تعديل أسعار البترول.

وزاد حسن: “هناك أسعار حرة تحدد بقانون العرض والطلب، فإذا ارتفعت كلفة الإنتاج ترتفع الأسعار بصفة آلية”.

مضيفا، “ما يحدث بصفة عامة يؤدي إلى ارتفاع كلفة الإنتاج، لأنه عندما ترتفع أسعار الطاقة وأسعار الفائدة البنكية وكلفة النقل، واليد العاملة، فإن كلفة الإنتاج ترتفع وبالتالي الأسعار ترتفع”.

المزارع لا يمكنه مواصلة الإنتاج بالخسارة

وقال حديدان: “المواد الغذائية لا قدرة للدولة على توريدها ولا قدرة لها على مواصلة دعم الفلاحين فأصبحت هذه المواد نادرة مثل الحليب.. لا يمكن للفلاح أن يواصل الإنتاج بخسارة”.

“الدعم لم يُرفع لكنه رفع بطريقة أخرى، ذلك أن الدولة لم تعد تدفع، والمواد ارتفعت أسعارها لقلة هامش الربح للمنتجين والمواد ليست موجودة، لو رفعت الأسعار لكان أفضل”.

والأربعاء نفذت المخابز التونسية، إضرابا للمطالبة بتسديد مستحقات لها على الدولة.

وتتمثل مستحقات المخابز بالفارق بين الثمن الحقيقي للخبز والسعر الذي يباع به للعموم، ويقدّرها أصحاب المخابز بـ 250 مليون دينار (75.75 مليون دولار)، عن 14 شهرا.

 تحرير جزئي للأسعار

وأضاف حديدان: “هناك حلّان للتضخم، إما أن تحصل الدولة على منح خارجية أو قروض وتواصل الدعم، وهذا صعب لأن الدولة إذا حصلت على قروض هذا العام، فماذا ستفعل في العام المقبل”.

بينما الحل الثاني، “أن تلغي الدعم وتحرر الأسعار وتحرر الإنتاج والسعر يخضع لقانون السوق”، مضيفا، “الحل البديل الوحيد، هو الذهاب في التحرير الجزئي للأسعار.. وتلك هي حدود قدرة تونس.. نحن دولة ليست غنية”.

ضرب منظومات الإنتاج

الوزير السابق محسن حسن، توقع عدم تراجع الأسعار، قائلا: “من المنتظر أن يصل التضخم إلى خانتين اثنتين قبل نهاية العام، وسيواصل الارتفاع خلال النصف الأول من العام المقبل”.

وأضاف: “أسباب عديدة تفسر هذا، منها التضخم المستورد نتيجة تراجع الدينار بنسبة 23 بالمئة منذ 25 يوليو 2021 أمام الدولار”.

“هناك أيضا أسباب نقدية للتضخم، فالدولة والخزينة العامة تلجأ بصفة مفرطة للنظام المالي والمصرفي لتمويل احتياجاتها في 2022”.

واعتبر حسن أن “اللجوء المفرط للاقتراض من النظام المصرفي الداخلي، يؤدي إلى ارتفاع التضخم، بضخ سيولة دون أن يقابلها ارتفاع للإنتاج والنمو”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى