أخبار رئيسية إضافيةمقالاتومضات

كلمة إلى الطلاب الراغبين بالدراسة في تركيا

د. عبد الرازق متاني (أستاذ الآثار والعمارةباحث زائر في جامعة بهجة شهير والارشيف العثماني في اسطنبول)

 

مع اقتراب السنة الدراسية القادمة، يتوجّه الي العديد من الاهل والطلاب للاستفسار حول الدراسة في تركيا والتي هي ومما لا شك فيه وجهة مرموقة. مع ذلك، للأسف ومن خلال تواجدي في إسطنبول قمت بمعالجة ومتابعة الكثير من القضايا التي كان لها اثر سلبي على الطلاب ومستقبلهم، أضف الى ذلك قضايا السمسرة والتلاعب بمستقبل أبنائنا لأهداف ربحية فقط. واجهت في سنيني هذه لدى الأهل والأبناء الطلاب الكثير من حالات التشتت وعدم الادراك وقياس الأمور؛ وانطلاقا من حرصي على مستقبل أبنائنا أحببت ان اضع بعض الملاحظات التي غالبا ما اكررها للأهل والطلاب لعل وعسى تساهم في إرشاد طلابنا الى ما فيه خيرهم وتسهل عليهم طريقهم:

– مما لا شك فيه، أنّ التعليم في تركيا من الخيارات الجيدة لطلابنا من حيث مستوى التعليم وقرب الثقافة التركية إلينا وسهولة السفر، ما يجعل التعليم في تركيا خيارا جيدا لطلابنا.

– التعليم في تركيا بمستوى عال جدا، هناك الكثير من الجامعات التركية المرموقة على مستوى العالم والتي تصلح لتكون حاضنة تعليمية لطلابنا، وهي متفاوتة بحسب التخصصات والمواضيع، فعلى الطالب فحص التخصص الدقيق ومستوى الجامعة الملائمة والأفضل لتخصصه.

– مع ذلك أتوجه بنداء إلى أبناء الداخل الفلسطيني خصوصا؛ اعزائي الطلاب، نصيحتي لكم التسجيل ومحاولة الالتحاق أولا في الجامعات المحلية (الإسرائيلية) في الداخل، والتي هي من الجامعات الرائدة على مستوى العالم. التعلم في البلاد بالإضافة لكونه على مستوى عال جدا فهو يختزل على الطالب الطريق ويخفف عليه المعاناة بعد التخرج خصوصا في المواضيع التي تحتاج إلى امتحانات إجازة كالمحاسبة والتمريض وغيرها من المواضيع، بكونه غالبا ما يتم تهيئته لهذه الامتحانات أو يُعفى منها الطالب بحكم دراسته في البلاد.

– أيضا التكلفة المادية للدراسة في البلاد أخف منها في تركيا، وإمكانية الحصول على منح أو عمل بسيط يساهم في مصاريف الدراسة في البلاد أوفر منه في تركيا،  وكذلك وجود صناديق المنح المحلية التي تعين الطالب، ما يساعد الطالب على تخطي هذه المرحلة بسهولة أكبر.

– ما أوصي به أن يدرس الطالب اللقب الأول في الجامعات في الداخل، ومن ثم ولمن يريد أن يتقدم ويتطور ويدرس الالقاب المتقدمة يمكنه الالتحاق بجامعات خارج البلاد ومنها التركية، علما أنّ فرص القبول للطلاب الدارسين في الجامعات المحلية في ألقاب متقدمة غالبا ما تكون اعلى منها في بلدان أخرى، بمعنى آخر فهي تسهل على الطالب التقدم والاستمرار في مسيرته العلمية في جامعات عالمية مرموقة.

– أهلنا الكرام، الرجاء الرجاء الحذر من شركات السمسرة التي ليس لها هم سوى جني الأموال من الطلاب واهلهم. وكم عالجت أو تابعت الكثير من الحالات التي وجد فيها الطلاب أنفسهم وحيدين من غير سند ولا توجيه بعد ان قامت هذه الشركات بالتخلي عنهم أو عدم خدمتهم كما تعهدت لهم. كم كان الامر سيئا السنة الماضية والتي سبقتها في ظل وباء كورونا وعدم السماح للأهل بالسفر ومرافقة أبنائهم، ما جعلهم عرضة للنصب والاحتيال ومنهم من عاد أدراجه قبل حتى أن يبدأ المشوار، بحيث ترتب على الأمر ضرر نفسي لأبنائنا الطلبة.

– للأسف، فإن توجيه شركات التسجيل والسماسرة غالبا ما يكون الى الجامعات الخاصة والتي بها أقساط الدراسة باهظة جدا (سنة الطب تفوق 25 ألف دولار). هذه الشركات تدفع جيدا للسماسرة وتشكل لهم مصدر دخل جيد؛ علما ان هناك العديد من الجامعات المرموقة ومنها الوقفية والتي يفوق مستواها الجامعات الخاصة، ولكن لأنها وقفية وغير تجارية أو ذات منفعة للسمسار فلا يرشحها للطالب أو حتى لا يذكر وجودها.

– هناك أيضا الجامعات الحكومية والمرموقة عالميا، والتي لا تكاد تذكر للطلاب كون التسجيل فيها مباشر ولا يدر أرباحا على السماسرة، والتسجيل فيها ليس بالصعوبة التي يصورونها.

– للعلم، فإن تكاليف التعليم باللغة التركية وحتى لدى الجامعات الخاصة منخفضة جدا مقارنة بالتعليم باللغة الإنجليزية وبالتالي فلو قام الطالب بدراسة اللغة فسوف يوفر على نفسه الكثير من المصاريف.

كما أن اتقان اللغة التركية محبذ لدى الطلاب الذين يدرسون باللغة الإنجليزية وهذا سيساعدهم أولا في دراستهم وكذلك في أمور حياتهم في تركيا.

– الدراسة في تركيا لا تعني فقط إسطنبول، هناك العديد من المدن والتي فيها من الجامعات المرموقة جدا والتي لا تقل عن جامعات إسطنبول بل على العكس تفوقها، وامكانيات القبول فيها قد تكون أسهل وكذلك التكلفة اقل والمعيشة في هذه البلدات اقل، وبالتالي فالدراسة خارج إسطنبول غالبا ما تكون خيارا ممتازا ومتاحا للطالب.

الأهل الأعزاء، ابناءكم أمانة في اعناقكم، فالرجاء أخذ الحيطة والحذر والتيقن اين تضعونهم؛ تركيا فيها ما فيها من الخير كما فيها ما فيها من الشرور، فالحذر الحذر والاخذ بأسباب السلامة بقدر الإمكان.

– ما انصح به الاهل والطلاب الأعزاء، هو إرسال الطالب لتعلم اللغة التركية لسنة تحضيرية يتعرف من خلالها على طبيعة الحياة، ويقوم بالامتحانات المحلية للالتحاق بالجامعات ومن ثمّ يحدّد مساره التعلمي أو يلتحق بالجامعة التي يريد.

– ما ألاحظه لدى كثير من طلابنا في الداخل انهم يبحثون عن الرفاهية والدلال الزائد حتى في الدراسة، فمنهم من لا يقبل إلا السكن في شقة، ومنهم من يريدها شقة خاصة. في هذا المقام أقول إن على الطالب أن يتذكر أنه جاء للدراسة وليس السياحة. وهنا انصحه بالتسجيل في السكن الطلابي، وبالإمكان كذلك إيجاد سكن طلابي مع غرفة منفردة مريحة للطالب وفيها تتوفر الخدمات الجيدة، وهذا يوفر على الطلاب المبالغ والتكاليف التي هم في غنى عنها.

– السكن الجامعي له قيمة إضافية ومن خلاله يستطيع الطالب العيش أجواء التعليم والتي هي من أجمل سنين العمر، وهي أيضا مدعاة للطالب للدراسة والعيش في جو التعليم والاجتهاد؛ والاهم من ذلك كله انها اكثر أمنا على الطلاب والطالبات منهم خصوصا.

– عزيزي الطالب، اعزائي الاهل، الدراسة في تركيا ليست نزهة، ومن يأتون الى الدولة بهدف الدراسة عليهم أن يعلموا انهم غير قادمين الى جولة أو رحلة ترفيهية؛ وبالتالي عليهم الخروج من دائرة “السائح” والانتقال الى دائرة “الطالب” بكل ما يترتب عليها من استحقاقات تعليمية، ثقافية اجتماعية ومادية. بمعنى آخر على الطالب أن يلتزم بدراسته وأن يجعلها على رأس سلم أولوياته، وألا ينجر وراء حياة السائح والمتنزه في إسطنبول الذي يقضي أيامه بين المطاعم والمتنزهات والمجمعات التجارية.

اعزائي الطلاب، اعلموا انكم فلذات اكباد آبائكم، وأنكم أغلى ما يملكون، وانهم يريدون لكم الخير كل الخير، فالرجاء أن تكونوا عونا لهم وعند حسن ظنهم، فأنتم اعلم بحالهم وما يكابدون في سبيل نجاحكم.

– أوصيكم أولا، بالعمل الجاد من اجل تحقيق ما تصبون إليه، وكذلك عليكم حفظ أنفسكم، لتكونوا مدعاة فخر لآبائكم الذين ينتظرون نجاحكم بفارغ الصبر، بل ويقدمون الغالي والنفيس في سبيل ذلك. فلا تخيبوا آمالهم.

– الطلاب الأعزاء، اعلموا انكم بنجاحكم لا تحققون دفعة فردية لأنفسكم فقط، فكونوا على قدر المسؤولية، واجعلوا من أيام الدراسة فرصة لصقل الذات واكتساب المهارات لتعودوا لأهلكم وبلدكم بالخير. أنتم اليوم اصبحتم لبنة هامة وعنصرا قيما في مجتمعنا في الداخل الفلسطيني، بل إن الآمال معقودة عليكم لرفعة هذا المجتمع.

– وفي النهاية، أودّ اخباركم أن أيام الدراسة الجامعية وبالرغم مما تتخلله من تعب وجد وسهر، لعلها تكون من أجمل أيام العمر فاغتنموها قبل انقضائها.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى