أخبار رئيسية إضافيةمقالاتومضات

قبل أن ندخل في الوقت الضائع!

أمية سليمان جبارين (أم البراء)

أي عاقل لا بد وأن يلاحظ غليان العالم، وكثرة المناطق الساخنة، التي تشهد توترًا حتى أصبحنا وكأننا نعيش فوق فوهة بركان قابل للانفجار في أي وقت. تارة نسمع عن هزات أرضية تضرب مناطق معينة وتقلبها رأسًا على عقب محدثة دمارًا شاملًا، وتارة نسمع عن استعار الحرب بين دول مخلفة الكثير من القتلى والجرحى والدمار، وتارة أخرى نسمع عن انتشار الأمراض والأوبئة التي لم نكن نسمع بها من قبل، وآخرها جائحة كورونا التي اجتاحت العالم في العام 2020 ولا يزال العالم يعيش تحت تأثير هذه الجائحة التي ظهرت تأثيراتها على شتى مناحي الحياة سواء من ركود اقتصادي وزيادة في نسبة البطالة، وارتفاع الأسعار، ثمّ الحرب الروسية الأوكرانية التي زادت الطين بلة كما يقولون، وجميعنا يعلم أن استمرار هذه الحرب له تأثير كبير على دول العالم أجمع لا سيما الدول النامية في الشرق الأوسط ودول شمال إفريقيا التي هي دول مستهلكة بامتياز لا تمتلك الاكتفاء الذاتي بأي شيء بسبب ما خلفه الاستعمار من رؤساء خونة وحكومات ذليلة، فعلى سبيل المثال: مصر بعد أن كانت تصدر القمح منعت زراعته وأصبحت أكبر دولة مستوردة في العالم إذ تستورد 10% من مجموع صادرات القمح العالمية! وهذا ما عملت عليه الماسونية العالمية حتى تبقى هي المسيطرة المتحكمة بالدول. وقد شاهدنا ماذا حصل للرئيس الشهيد محمد مرسي عندما خرج عن المسار المرسوم للدول من قبل الحكومة الخفية للعالم وبدأ بمشروع الاكتفاء الغذائي الذاتي وبدأت مصر بزراعة القمح والخروج من دائرة الاستهلاك إلى دائرة الاكتفاء الذاتي، الأمر الذي لم يرق لدول الاستكبار العالمي فعملت على إسقاطه لا بل وقتله، وذلك حتى تبقى جميع الدول المستهلكة مرتبطة غذائيًا بالدول المصدرة، وتبقى تحت تأثير ما يحدث في تلك الدول وتحت رحمتها.

وقد يسأل سائل، وما دخل هذه الدول بالذات باستمرار هذه الحرب ؟! أما الجواب فيكمن في عدم تمكن دول الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا من استيراد القمح والزيوت النباتية وغيرهما من السلع الضرورية التي يتم استيرادها من روسيا وأوكرانيا بسبب استمرار هذه الحرب، لأنها- كما ذكرت آنفا- تقع تحت تأثير ما يحدث في هذه الدول، وتعمل وفق إستراتيجية خاطئة ألا وهي وضع البيض كله في سلة واحدة، إذ أن هذه الدول لا تتعامل إلا مع روسيا وأوكرانيا في استيراد القمح نظرًا لأنها أقل تكلفة من استيرادها من أمريكا أو كندا أو أستراليا.

والأنكى والأمّر من ذلك، أن روسيا استخدمت في هذه الحرب المستعرة سلاحًا جديدًا في المواجهة ألا وهو استخدام سلاح الجوع أداة للحرب، فكما سمعنا فإن روسيا تضرب السفن المحملة بالقمح وتضرب بمدفعيتها حقول القمح الأوكرانية مما سيساهم في العمل على زيادة النقص في واردات القمح إلى الدول المستوردة، وبالتالي حصول أزمة غذاء عالمية وهذا ما تحذر منه رئيسة المفوضية الأوروبية بسبب استحواذ روسيا على القمح الأوكراني، وكما ذكرت آنفا فإنّ الدول النامية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستكون أكبر المتضررين من هذه الحرب، لأنها تستورد القمح من أوكرانيا وروسيا، لأن التكلفة أقل من أن تستورده من أميركا أو أستراليا على سبيل المثال. وكما هو معلوم فإن روسيا وأوكرانيا تصدران من القمح ما نسبته 25%من صادرات القمح على مستوى العالم، وبما أن الدول النامية هي دول مستهلكة تعتمد على غيرها في توفير الطعام، فها هو شبح المجاعة بات يخيم عليها، وما نراه في لبنان ومصر من نقص ملحوظ في القمح وغلاء الأسعار بشكل خيالي ينذر بكارثة غذائية كبيرة. لا بل أن العديد من الخبراء الاقتصاديين من يقول إننا دخلنا فعليًا في الأزمة الغذائية.

لذلك وبغض النظر عن المسؤول في التسبب بهذه الأزمة الغذائية التي قال عنها رئيس برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد فيزلي: إن جميع أزمات الغذاء التي مرت بها البشرية ستكون بمثابة نزهة مقارنة بالأزمة الحالية. لذلك هنالك العديد من أصوات الخبراء في الشأن الاقتصادي والشأن الغذائي الذين يطالبون الدول والشعوب على المستوى الحكومي والشخصي أن يخزنوا الغذاء والماء وخاصة الغذاء الذي تطول مدة صلاحيته حتى يستطيعوا عبور هذه الأزمة بسلام، وأن تبدأ العوائل باستخدام سياسة التقشف منذ الآن، وأن نترك حياة البذخ والإسراف التي تعود عليها أغلبنا، وأن نكتفي بالضروريات فقط ونوفر ونستعد لما هو قادم علينا من شدائد. إذ لا يخفى على أي عاقل أن كافة الأحداث العالمية،  والظروف الحالية تؤكد لنا قرب العلامات والآيات العظام كظهور المهدي وخروج الدجال، وهنا يحضرني حديث النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، الذي يتحدث عن ثلاث سنوات من الشدة والمجاعة قبل خروج الدجال، وكيفية النجاة منها حيث يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: (قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد يأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثانية أن تحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلثي نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثالثة أن تحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا يبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله. قيل فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل والتكبير والتحميد ويجزئ ذلك عليهم مجزأة الطعام).

وأخيرًا وفي ذات السياق، أستذكر قصة يوسف عليه السلام وكيف فسر رؤيا الملك في البقرات السمان والسنابل الممتلئة بالقمح اللاتي تأكلهن البقرات العجاف والسنابل العجاف، وكيف طلب يوسف من الملك أن يحضر لهذه المجاعة ويخزن الطعام لسبع سنوات، وهذا ما حصل ومرت تلك السنوات العجاف بسلام. لذلك علينا أخذ العبرة من هذه القصة والعمل على تخزين ما نستطيع وحسب ظروفنا من غذاء وماء، ومن لم يستطع التخزين لظروفه الاقتصادية الصعبة عليه العمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرته في سياق المقال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى