أخبار عاجلةتكنولوجياومضات

لماذا سيكون الغزو الروسي لأوكرانيا اختبارا كبيرا لخرائط غوغل؟

اتخذت خرائط “غوغل” (Google) خطوة كبيرة في عام 2014، بعد 6 أسابيع من غزو روسيا لشبه جزيرة القرم. خطوة لا تزال الولايات المتحدة والأمم المتحدة والمجتمع الدولي ترفض اتخاذها. فقد اعترفت الشركة بشبه جزيرة القرم كأراضي روسية، لكن فقط في بعض إصدارات الخرائط.

ولا يزال المستخدمون في أوكرانيا يشاهدون إصدار خرائط غوغل، الذي اعتاد الجميع على رؤيته حيث لا توجد حدود محددة بين شبه جزيرة القرم وأوكرانيا. لكن خطا رماديا فاتحا يشير إلى حدود داخلية داخل أوكرانيا -على الإصدار الروسي من خرائط غوغل- وهو عبارة عن خط ثابت فجأة ظهر بين أوكرانيا وشبه جزيرة القرم.

بالنسبة للمستخدمين في روسيا، يعكس هذا الخط ما أكدته الدولة الروسية بغزوها لشبه جزيرة القرم. بحيث تنتمي شبه جزيرة القرم بشكل لا لبس فيه إلى روسيا.

في غضون ذلك، رأى مستخدمو إصدار “دوت كوم” (com.) العالمي من خرائط غوغل نسخة ثالثة، وهو خط متقطع بين شبه جزيرة القرم وأوكرانيا يشير إلى أن الحدود الآن محل نزاع.

وبحسب تقرير نشره موقع “تايم” (Time) تحتاج غوغل الآن ومع احتمال نشوب حرب أوروبية كبرى، إلى أن تكون مستعدة بشكل كبير للاستجابة للتأثيرات المحتملة للغزو الروسي لأوكرانيا كدولة ذات سيادة.

وباعتبارها واحدة من أقوى الشركات في العالم، غالبا ما يتم التعامل مع خرائط غوغل باعتبارها السلطة المطلقة في رسم الخرائط. فغوغل لديها القدرة على إضفاء الشرعية على الأعمال غير القانونية للدول المعادية.

 

شركة الهند الشرقية “التقنية”

من شركة الهند الشرقية البريطانية في القرن الـ18 إلى شركات الطيران وشركات الطاقة في الوقت الحاضر، وجدت الشركات الخاصة نفسها منذ فترة طويلة غارقة في الصراعات الدولية.

ومع أن شركة الهند الشرقية البريطانية عملت بشكل أساسي على أنها امتداد لسلطة التاج البريطاني في الهند، مما دفع إدموند بيرك إلى وصف الحكومة البريطانية بأنها “دولة تحت ستار تاجر”، فإن العكس قد يقال اليوم عن شركات التكنولوجيا التي هي “فوق الوطن”.

لم تعد علاقة الشركات بالدول على أنها جزء لا يتجزأ من الوطن الأم، فاليوم، تقوم شركات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل متزايد بوظائف شبيهة بالحكومة من تلقاء نفسها وتدخل في الأنشطة التي ترتبط عادة بمجال الدول ذات السيادة.

وتمتلئ إدارات شركات التكنولوجيا بمسؤولين حكوميين سابقين رفيعي المستوى، وتفرض مجالس الرقابة الشبيهة بالمحكمة العليا التزامات التعديل الأول على هذه الكيانات الخاصة، وترسل “سفراء” لبناء علاقات مع الحكومات الأجنبية.

وبالطبع، تهيمن غوغل على مجال رسم الخرائط، والذي كان غالبا، من القرن الـ17 إلى منتصف القرن الـ20، امتدادا مباشرا للسلطة السيادية للدول.

وتنتشر خرائط غوغل في كل مكان تقريبا بحصة سوقية تبلغ 80% في رسم الخرائط الرقمية. ومع هذه القوة السوقية الهائلة، يعتقد العديد من المستخدمين أن غوغل توفر لهم خريطة العالم.

ويرجع هذا جزئيا إلى دور غوغل في حياتنا كمقدم للحقائق، جنبا إلى جنب مع الشعور بأن رسم الخرائط الرقمية علمي وموضوعي وغير متحيز، بالإضافة إلى حقيقة أن العديد من الحكومات أسندت وظائف إدارة البيانات إلى شركات خاصة.

ومع ذلك، فإن خرائط غوغل ليس لها أي دعم وتدقيق من السلطات والحكومات. بل تعكس خرائط غوغل آراء شركة خاصة واحدة من واجبها زيادة قيمة المساهمين إلى أقصى حد. ونتيجة لذلك، غالبا ما تتعارض الطريقة التي ترسم بها غوغل الحدود أو أسماء الأماكن على خريطتها مع تلك المعترف بها من قبل المجتمع الدولي أو الأمم المتحدة.

ففي الهند على سبيل المثال، تعرض خرائط غوغل منطقتي كشمير وأروناتشال براديش المتوترة سياسيا منذ فترة طويلة بشكل مختلف عن المستخدمين في أي مكان آخر.

فباستخدام سطر جديد من التعليمات البرمجية، يمكن أن تتغير الخريطة الأصلية في لحظة من مستخدمين يعيشون في دولة ما عن المستخدمين خارج هذه الدولة.

ولا تخفي غوغل حقيقة أنها توفر نسخا مختلفة من الخرائط في بلدان معينة حول العالم لأن عدم الامتثال لقوانين البلد يعني أن الشركة لا تستطيع العمل داخل تلك البلدان.

وتسببت عملية حل نزاعات أسماء المواقع الجغرافية والحدود غير المحددة بوضوح في غوغل في تورط الشركة في بعض أكثر الاشتباكات احتداما على الخريطة.

وعلى مدار التاريخ القصير للشركة والارتقاء السريع إلى السلطة، أصبحت غوغل محرضا ووسيطا في الوقت نفسه في النزاعات التاريخية العميقة بين الدول ذات السيادة، وفق تقرير موقع تايم.

ومع تصاعد التوترات خصوصا مع تراكم القوات الروسية على الحدود الأوكرانية، فإن قرارات أقوى الشركات الأميركية التي تؤثر على الشؤون الجيوسياسية مهمة للغاية بحيث لا يمكن حلها بطريقة تبدو مخصصة ولاحقة كما هو الحال مع شبه جزيرة القرم في عام 2014.

فغزو روسي لشرق أوكرانيا سيضع خرائط غوغل أمام التحدي الأكبر لها حتى الآن، وهو التحدي الذي من شأنه أن يثير التزام غوغل بسياستها المتمثلة في تصوير “الحقيقة الأساسية” مع مخاوف بشأن الانتصار الرمزي لبوتين الذي يمثله الاعتراف من قبل مثل هذه الشركة الأميركية القوية.

ويقول التقرير إنه في إطار الاعتراف بقوتها على الساحة العالمية، يجب أن يكون لدى غوغل خطة أكثر واقعية وشفافية حول كيفية تعاملها مع الحدود المتنازع عليها في منتجاتها المنتشرة في كل مكان.

وفي النهاية تظل الحقيقة الحقيقية على الأرض هي أن عواقب خيارات غوغل فيما يتعلق بتمثيل النزاعات الدولية الراسخة بعمق أصبحت تتعارض مع جوهر المفاهيم القديمة لهوية وسيادة الدول، يختم التقرير.

المصدر: تايم

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى