أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

قيادات ونشطاء في المشروع الإسلامي يتحدثون لـ “المدينة” بعد مرور ست سنوات على حظر الحركة الإسلامية

د. سليمان أحمد اغبارية: حظروا الاسم وأغلقوا الجمعيات، لكن التمسك بالثوابت الذي كان عنوان الحركة قبل حظرها، لا زال راسخا في القلوب

د. سليمان أحمد اغبارية: حظروا الاسم وأغلقوا الجمعيات، لكن التمسك بالثوابت الذي كان عنوان الحركة قبل حظرها، لا زال راسخا في القلوب

 

طه اغبارية

بعد مرور ست سنوات على حظر الحركة الإسلامية واعتبارها وفق “قانون مكافحة الإرهاب” الذي صدر قبل نحو 5 سنوات، “تنظيما محظورا وإرهابيا”، يدخل مجمل العمل السياسي والحزبي للفلسطينيين في الداخل، في حالة الخطر في ظل خطاب سياسي متهافت على الانخراط في قواعد اللعبة الإسرائيلية بكل أبعادها، وصلت إلى حد الاندماج في كل موبقات العمل السياسي الإسرائيلي، ابتداء من التوصية على رؤساء لحكومة إسرائيلية وانتهاء بالانضمام الفعلي لحكومة إسرائيلية تمارس أبشع أنواع الاضطهاد والتصعيد الاحتلالي ضد أبناء شعبنا ومقدساتنا.

بعد ستّ سنوات على الحظر، تؤكد متغيرات ومستجدات الخارطة السياسية للفلسطينيين في الداخل، سرعة الانحدار باتجاه خطاب الأسرلة الذي يسعى لتحويلنا من شعب أصلاني حُرّم من حقوقه القومية والمدنية إلى “أقلية” تستجدي الحقوق والفتات.

صحيفة “المدينة”، التقت عددا من القيادات والنشطاء من أبناء المشروع الإسلامي في الداخل للوقوف على آرائهم بخصوص المتغيرات والمخاطر التي تتهدد المجتمع العربي في الداخل على ضوء الفراغ الذي تركه غياب الحركة الإسلامية بالمفهوم التنظيمي على الخارطة السياسية للجماهير العربية في الداخل.

الدكتور سليمان أحمد اغبارية، أحد أبرز قيادات الحركة الإسلامية قبل حظرها إسرائيليا، قال في حديث لـ “المدينة”، إنه يتضح يوما بعد يوم غباء المؤسسة الإسرائيلية وأذرعها المخابراتية والأمنية التي اتخذت قرار الحظر، مضيفا “الكل يعلم أن الحظر لا يمكن أن يلغي الفكرة والمشروع الإسلامي، هم حظروا الاسم وصادروا الحواسيب وأغلقوا الجمعيات، لكن المشروع الإسلامي وخطاب التمسك بالثوابت الذي كان عنوان الحركة قبل حظرها، لا زال راسخا في قلوب أبناء شعبنا في الداخل”.

حول تأثير الحظر على العمل السياسي والاجتماعي والتنموي في الداخل، أكد اغبارية أن التراجع في كافة مناحي حياة الفلسطينيين في الداخل، بعد الحظر، ظاهر وجلي، ما ساهم في المزيد من إفقار المجتمع العربي وبروز ظواهر مقلقة جدا في مقدمتها العنف والجريمة والسوق السوداء.

الدكتور سليمان أحمد اغبارية
الدكتور سليمان أحمد اغبارية

وقال إن “المؤسسة الإسرائيلية عملت بعد الحظر على تشجيع أطر أخرى لملء الفراغ شريطة أن تمارس عملها وفق الرغبة الإسرائيلية وتنخرط في مشروع الأسرلة وتساوم على الثوابت. كل هذا لا يعنينا بطبيعة الحال، دفعنا ثمن تمسكنا بالثوابت، الحظر والاعتقال والملاحقات التي لا تتوقف، ابتغاء لوجه الله تعالى ومن أجل أن نبقي على بوصلتنا في اتجاه مناهضة الظالمين ونبقي على دعوتنا نقية طاهرة”.

وتابع الدكتور سليمان أحمد “المؤسسة الإسرائيلية تشجع كل من يتماهى مع أجندتها المعادية لشعبنا وفي مقدمة ذلك سياسات التهويد والسعي لتقسيم المسجد الأقصى المبارك. والدليل ان بعض الإسلاميين وتحديدا الحركة الإسلامية الجنوبية لم تحرك ساكنا إزاء التغول الإسرائيلي لحكومة بينيت على الأقصى، لا يحركوا ساكنا إزاء سياسات الإبعاد الظالمة عن القدس والأقصى وإزاء الاقتحامات والصلوات التلمودية في الأقصى، هل يعقل ألا نرى تحركا للقائمة الموحدة تجاه ما يحدث لأهلنا في الشيخ جراح؟! هل يعقل أن يؤيدوا تمرير المزيد من الميزانيات للاستيطان؟! هل يعقل أن يتجرؤوا على الثوابت ويطلقون تسميات الاحتلال على الأقصى؟!”.

وزاد “لأننا رفضنا كل هذه المساومات التي تقبل بها الإسلامية الجنوبية اليوم، جرى حظر الحركة الإسلامية. أنا والشيخ رائد والشيخ كمال وغيرنا من قيادات العمل الإسلامي قالوا لنا أكثر من مرة “ادخلوا الكنيست” وحينها نرفع الحظر عنكم! المؤسسة الإسرائيلية لا تريد من يرفع الصوت بوجه ظلمها، ولكننا سنواصل مناهضة السياسات العنصرية للمؤسسة الإسرائيلية مهما كان الثمن، ولن نساوم على ثوابتنا كما فعل آخرون”.

ويرى الدكتور سليمان أحمد أن البديل للحالة المتردية للأوضاع السياسية والاجتماعية في الداخل، هو في إعادة بناء لجنة المتابعة العليا وتأسيس صندوق قومي للنهوض بهموم الداخل الفلسطيني في كافة المجالات وذلك استنادا إلى مشروع “المجتمع العصامي” الذي طرحه الشيخ رائد صلاح والحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا.

المدينة: البعض يلومكم بعدم رفع دعوات لاستعادة المؤسسات المحظورة؟

اغبارية: بعد العديد من الاستشارات القانونية التي تلقيناها من مختصين واستشارات سياسية، كان هناك إجماع أن القضاء لن ينصفنا، لأنهم سيتذرعون ان الحظر بناء على مواد سرية. لذلك كل جمعية حظرت في السابق وخضنا لأجلها المسار القضائي خسرناها بسبب ادعاء القضاء استناده الى مواد سرية، فالقاضي صهيوني والمدعي العام صهيوني والنتيجة في النهاية صهيونية.

وختم الدكتور سليمان أحمد اغبارية بالقول: المشروع الإسلامي لا يمكن أن تلغيه المخابرات الإسرائيلية ولا نتنياهو فهو مشروع رباني مؤيد من الله، سنبقى في خدمة شعبنا بكل الوسائل القانونية المتاحة والطرق المشروعة، فلا يمكن منعنا من تذكير الناس بالخير وتذكيرهم بفعل الخير، صحيح هناك تحديات كبيرة ومؤامرات أكبر لتفتيت مجتمعنا عبر عصابات الاجرام وشبكات التدمير والاسقاط، ولكن أمام وحدتنا وتضحياتنا ونشر الخير وأعمال الخير بين الناس يمكن أن نتجاوز كافة هذه التحديات بإذن الله تعالى”.

وعقّب القيادي الإسلامي الشيخ عبد الرحمن أبو الهيجاء على المناسبة قائلا: “قرار حظر الحركة الإسلامية اسرائيليا، هو قرار ظالم وجائر وجبان، ارادوا من خلاله اخراس الصوت الصادق الامين في مجتمعنا، الذي يفضح مخططاتهم على جميع المستويات، ليبقى شعبنا في الداخل بلا دليل ولا بوصلة، وكأنه مجرد رقم تمرر عليه السياسات والمكائد”.

وأضاف: “أن يكون صوت فوق ارادتهم يلاطم المخرز، ويسير عكس التيار والامواج، هذا أمر مرفوض في عقلياتهم ومعاييرهم، لا بد أن يخرس. أرادوا ضرب الهوية والانتماء في شعبنا، وتمييع الثوابت بكل أنواعها. أرادوا لنا تحويل الاقصى الى هيكل، والقدس بلا أهل. كانت الحركة الاسلامية المحظورة إسرائيليا، تقف سدا منيعا أمام هذه السياسات الخطيرة وغيرها الكثير، وكانت تسير بشعبها الى طريق العصامية، لتعزيز القدرات والطاقات المحلية لبناء المجتمع العصامي. أرادوا تأديب مجتمعنا بكل أطيافه وأحزابه وانتماءاته بهذا الحظر، لكننا نقول، إن كانوا قادرين على حظرنا على المستوى التنظيمي والاداري، فلا يمكنهم أبدا حظرنا في مفاهيمنا وقيمنا ومبادئنا وثوابتنا بمختلف أسمائها”.

الشيخ عبد الرحمن أبو الهيجاء
الشيخ عبد الرحمن أبو الهيجاء

يقول الأستاذ نسيم بدارنة، رئيس جمعية اقرأ سابقا: “كانت الحركة الإسلامية ممثلة بأفكارها ومؤسساتها الدرع الحافظ والحامي لأهلنا في الداخل الفلسطيني من خلال تنظيمه لمواجهة التحديات التي تقف أمام تحقيق الكرامة للإنسان الفلسطيني في البلد وتلبية احتياجاته الناتجة عن التمييز العنصري الذي يتعرض له من قبل المؤسسة الحاكمة”.

وأضاف لـ “المدينة”: “قد يغيب التنظيم نتيجة الحظر ولكن الأيام تؤكد لنا أن الأفكار ما زالت تعيش في عقول وقلوب الناس، ومحفوظة على هيئة ثوابت في وجدان أهلنا لا يمكنهم التخلي عنها لأنهم يدركون أنها سفينة النجاة كسفينة نوح عندما كان الطوفان، من ثمار الحركة الإسلامية هي الحركة الطلابية التي حافظت على أهم شريحة في قيادة المجتمع وهي شريحة الطلاب فاعتنت بهم ثقافيا وماديا وسياسيا تحت لافتة “مجتمع كامل في انتظارك”، فصنعت جيلا يحمل هموم مجتمعه، ويتقدم بها ويبادر لحلها في كل جوانب الحياة، ويرتقي بأهله رافعا شعلة “مشاعل النور” ليضيء بها أملا للجميع من خلال جمعية اقرأ والتي حظرت كمؤسسة، ولكن لا يمكن حظرها كآية في كتاب الله “اقرأ باسم ربك الذي خلق” تعيش في قلوب الكثيرين وما زالت تمثل بوصلة ومنارة لهم”.

الأستاذ نسيم بدارنة
الأستاذ نسيم بدارنة

وقال الدكتور أحمد أبو عجوة، إمام مسجد حسن بيك في يافا بمناسبة ذكرى الحظر: “نؤكد أن حظر الحركة الإسلامية بتاريخ 17/11/2021، لم يكن قرارا اتخذته المؤسسة الإسرائيلية لوحدها، بل شاركت في اتخاذه جهات إقليمية وعالمية توافقت على اتخاذ هذا القرار الظلم، وما ذلك إلا لإدراك هؤلاء لحجم الدور الذي كانت تؤديه الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح، شيخ الأقصى واخوانه، وعلى وجه الخصوص في ملف الأقصى المبارك الأسير، والقدس المحتلة عموما، فضلا عن رعبهم من المشروع الذي تبنته الحركة وهو مشروع المجتمع العصامي لخدمة أهلنا في الداخل الفلسطيني، كمشروع نوعي مبتكر، يقدم الحلول والخدمات لعموم أهلنا في الداخل، كما وكان هناك الدور المبارك للحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليا، في دعم وإغاثة الأرامل الأيتام من أهلنا في غزة العزة والضفة المحتلة. كل ذلك كان خدمة للمشروع الإسلامي في ضوء الكتاب والسنة، مع تأكيدنا أن كل هذه المشاريع كانت تتم في إطار القانون”.

الدكتور أحمد أبو عجوة
الدكتور أحمد أبو عجوة

وأضاف أبو عجوة: “الحظر جاء ليؤكد على صوابية المنهج الذي تبنته تلك الحركة بقيادتها وبكوادرها وبحاضنتها الشعبية، اعتمادا على فهم أصيل للكتاب والسنة وقراءة دقيقة وعميقة للواقع وللمشهد برمته، وخصوصا في الداخل الفلسطيني، وفي القدس والمسجد الاقصى الأسير”.

وأردف إمام مسجد حسن بيك: “نؤكد أن حظر الحركة الإسلامية، لا يمكن بحال من الأحوال أن يمكن الظالمين من حظر الفكرة، أو قتل روح المشروع الإسلامي، فحيثما وجد المخلصون الذين يحملون المشروع الإسلامي المبارك على كواهلهم ويضحون في سبيله، فإن هذا المشروع سيستمر في أداء الدور المنوط بأبنائه خدمة لما يحملونه من قضايا، وفي مقدمتها القدس والاقصى والقضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتعليمية”.

وختم الدكتور احمد أبو عجوة بالقول: “أشدّد على أهمية استمرار أبناء المشروع الإسلامي بالطريق الذي ارتضوه لأنفسهم، بالرغم من الأثمان التي يمكن أن تدفع في سبيل ذلك، فهذه هي سنة الله سبحانه وتعالى التي لا تتغير ولا تتبدل بالتمحيص والغربلة، وكل جماعة عملت لنصرة الدين وخدمة المسلمين مرّت بمثل هذه الابتلاءات، وهذا يؤكد أن أبناء المشروع الإسلامي كانوا ولا زالوا يسيرون في الطريق الصحيح بضوء الكتاب والسنة. إذا لا بد من مواصلة العمل، لأن المرحلة لا تحتمل غير ذلك، والقادم قد يحمل ما هو أشق وأصعب ونسأل الله التوفيق لكل المخلصين”.

يقول الشيخ أسامة العقبي، عضو لجنة التوجيه العليا في النقب، إن “الحظر لن يجعلنا نعقّ طريقنا الإسلامي واعتز انني كنت أبناء بارا للحركة الإسلامية قبل حظرها من قبل المؤسسة الإسرائيلية بقرار ظالم، سنواصل خدمة أهلنا في النقب ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، فالحركة كانت وسيلة لخدمة الناس وتعبيدهم لله وهذا لا يمكن حظره لو اجتمعت كل الدنيا”.

ويرى العقبي أن تداعيات الحظر كانت مؤلمة بشكل خاص على النقب، بسبب ما يتعرض له النقب عموما والقرى مسلوبة الاعتراف من مخططات عنصرية إسرائيلية لا تتوقف.

وأضاف: “في البعد الأول التوجيهي والدعوي التوعوي عملت الحركة الإسلامية على تمرير التوعية الدينية والسياسية والاجتماعية، وربط الناس بهمومهم اليومية، بالدين والوطن والأرض من خلال المواعظ والمحاضرات الأسبوعية والنشاطات الدورية، وقد نجحت الحركة المحظورة إسرائيليا في توعية الأهل في النقب والدليل أن الإعلام الإسرائيلي حاول أن يحرض الأذرع الأمنية على قيادات العمل الإسلامي وتقييد عملهم وتحركاتهم وجرى استدعاء الكثير من النشطاء الإسلاميين إلى التحقيق عدة مرات”.

الشيخ أسامة العقبي
الشيخ أسامة العقبي

وتابع الشيخ العقبي: “في البعد الثاني الإنمائي والاجتماعي والاغاثي، عملت الحركة من خلال مؤسسة “النقب للأرض والإنسان” فقامت بمشاريع جبارة في مختلف ربوع النقب مع توفير متفرغين يواكبون كافة الاحتياجات لأهلنا في النقب، رعت الحركة العائلات المحتاجة واليتامى والمساكين وبنت البيوت ورممتها وعملت على صيانة المدارس والمساجد، كما نشطت بشكل بارز في القرى مسلوبة الاعتراف إلى جانب إطلاقها يوم تواصل مع النقب حيث أمّ النقب أهلنا في الداخل من مختلف البلدات ونفّذوا مئات المشاريع الجبارة التي عجزت عنها السلطات المحلية كما مدّوا شبكات المياه والكهرباء إلى البلدات مسلوبة الاعتراف، كل هذه الأعمال والمشروعات توقفت بعد الحظر طبعا، ولم تقدر أي جهة سياسية أو حزبية من الداخل أن تملأ هذا الفرغ، ولكننا لا نعدم الوسيلة لخدمة أهلنا ونعمل على إعانة أهلنا بقدر المستطاع من خلال التبرعات في المساجد وتبرعات أهل الإحسان وسنبقى على ذلك ما حيينا بإذن الله”.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى