أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحلياتومضات

مخطّطات “عميدار”… زحف استيطانيّ لمحو الملامح العربيّة في يافا

عائشة حجار

تشهد مدينة يافا الساحلية في الآونة الأخيرة، توترًا إثر محاولات استيطانية حثيثة لشراء العقارات التي يسكنها العرب في المدينة، وخاصة حي العجمي، حيث قامت الشرطة الاسرائيلية بالاعتداء على الاهالي أكثر من مرة، سواء ردًا على خروجهم في مظاهرات سلمية ضد مخططات تهجيرهم، أو مدافعةً عن مجموعات المستوطنين الذين ينظمون مظاهرات استفزازية، تطالب بإخراج العرب من بيوتهم وتحويلها الى بؤر استيطانية.

يعود الناشط إياد زبدة، مدير مكتب العجمي للعقارات والسياحة بيافا، بقصة أهالي يافا إلى عام 1948، مع احتلال يافا وتهجير أهلها، ويقول: “من 100 ألف نسمة بقي ثلاثة آلاف فقط. هؤلاء وضعتهم دولة إسرائيل في حي العجمي وأحاطته بسياج ليصبح أشبه بالـ “غيتو”، فكان العرب يسكنون في بيوت تعد بيوت لاجئين كانت ليافويين آخرين جرى تهجيرهم. وضمن ما يسمى (قانون أملاك الغائبين)، سيطرت الدولة على كل البيوت في الحي، وبهذا أصبح السكان مستأجرين للبيوت لدى الدولة”.

يضيف زبدة: “في يافا اليوم هناك حوالي 20 ألف نسمة من العرب. خلال الفترة منذ الاحتلال جلبت الدولة العائلات اليهودية الشرقية، لتسكن هي أيضًا في حي العجمي، الى درجة أن بعض البيوت كانت تقسم بين عائلتين، فتسكن العائلة اليهودية مع العربية”.

حول سبب الأزمة الأخيرة، يتابع الناشط زبدة: “حي العجمي اليوم، هو حي إستراتيجي، وخطة رؤساء البلديات المختلفة الذين حاولوا تطوير يافا بكل الطرق والوسائل لكي يدخلوا إليها مع السنوات أشخاصًا ذوي إمكانيات مادية جيدة، وهؤلاء معظمهم من اليهود. اليوم أصبحت أسعار العقارات في الحي مرتفعة جدًا، نحن نتحدث عن سعر 50 ألف شيقل للمتر المبني، أي أنّ البيت يمكن أن يصل سعره إلى ستة ملايين شيقل”.

ويردف: “قبل بضع سنوات، الدولة أعطت صلاحية للشركات التي تدير هذه العقارات، مثل: عميدار وحلاميش، لبيع كل الأملاك التي تسيطر عليها. وبما أنّ الأسعار مرتفعة بدأت هذه الشركات تعرض العقارات التي يسكنها العرب في السوق الحر، وهذا يعني السوق الاستيطاني، أي أنها تعرض البيوت في المزاد العلني، ولا يمكن للأهالي شراء المنازل التي يسكنون بها. فهم يتعاملون مع السكان العرب بشكل خبيث مثل تجاهل دين للسكان بشكل مؤقت، حتى يتضخم هذا الدين، ويكون ذريعة لطرد الأهالي من البيوت. نحن نعيش هذه المعاناة في يافا، فعدا عن بيع بيوتنا، أحضرت الدولة فرقًا استيطانية إلى حي العجمي وملكتهم كنسًا. هذه الفرق مدعومة محليًا دوليًا، وهي تدخل إلى سوق العقارات وتتملك البيوت بهذه الطريقة. يصل الحال إلى أن المجموعات الاستيطانية تدخل بيوت الناس بشكل مفاجئ بدون أي إذن، وهذا كان السبب الرئيسي للمواجهات الأخيرة، فقد دخل أحد الحاخامات إلى بناية بشكل مستفز، الأمر الذي أدّى إلى محاولة طرده من قبل شابين تم اعتقالهما”.

ويضيف الناشط إياد زبدة: “يافا تعاني منذ سنوات من ظلم الدولة، فلا مشاريع تساعدنا، بل إن سياسة الدولة هي التخلص من الناس وهوية يافا العربية، وتبديلهم بأغنياء فرنسا وأمريكا. وللأسف وصلنا اليوم إلى مرحلة أصبح العرب في حي العجمي، أقلية نسبتهم 30% فقط”.

وتوجّه زبدة إلى المجتمع العربي بنداء أن: “من يفهم قيمة يافا وعراقتها وتاريخها، ومن يتباها بكونها جزءًا من فلسطين، يجب أن يساعدها، أنا أنادي دومًا أننا بحاجة لأموال، وهناك مؤسسات يمكنها المساعدة. إذا تم تجنيد الأموال لتشتري العقارات وتزرع العرب في أرضهم وتدعم رباطهم. أنا أوجّه نداءً إلى كل المؤسسات ورجال الأعمال الوطنيين، وأصحاب النخوة ليعززوا الصمود العربي في هذه المدينة. فإذا بقي الوضع كما هو، بعد عشر سنوات، لن يبقى أي عربي في حي العجمي”.

الشيخ طارق أشقر، رئيس الهيئة الاسلامية المنتخبة في يافا، تحدث عمّا يميز مدينة يافا عن غيرها من بلدان الداخل الفلسطيني، ويجعلها من أكثر المدن المستهدفة من قبل المؤسسة الرسمية، وليس فقط من عميدار والبلدية.

فهو يرى أن تهويد يافا هو “مشروع ممنهج وغير عشوائي يتمثل بكل الأذرع الأمنية والسياسية والاجتماعية، مثل الشرطة أو بلدية تل ابيب أو شركة عميدار الممثلة لسلطة أراضي اسرائيل. فالمشروع يهدف الى تهويد المدينة، وترحيل أهلها وطمس أي معالم عربية إسلامية فلسطينية، ومع الأسف فأهداف هذا المشروع تحقق على مراحل، ويبدو أنه في الآونة الأخيرة بدأت المرحلة الظاهرة أمام الناس، والتي بدأت بالتضييق عن طريق غلاء المعيشة وارتفاع أسعار الشقق والبيوت في يافا، وخاصة حي العجمي، وكانت جائحة كورونا التي زادت الطين بلة. فهذا المشروع ليس جديدًا علينا، لكن بين آونة وأخرى نشعر بتأثير هذا المشروع علينا، وفي الفترة الاخيرة بدأت شركة عميدار تخرج من يسمون المستأجرين المحميين من البيوت، فهم ليسوا محميين ابدًا، واليوم يوجد في يافا نحو ألفي بيت يتهددها التهجير”.

وعما يميز يافا ويجعلها مستهدفة بشكل يختلف عن غيرها من المدن، فيرجّح أشقر أن “مدينة يافا قبل التهجير كانت تتبعها أكثر من عشرين قرية، منها تل الربيع التي أصبحت تل ابيب، وعند تهجير أهلها في النكبة، بقي ثلاثة آلاف شخص، ونحن اليوم بقينا آخر من يدافع عن المقدسات وهوية المدينة والطابع العربي الفلسطيني الاسلامي. يافا مستهدفة لأنها موجودة في تل ابيب، وعندما نتحدث عن تل ابيب، لا نقول بلدية تل ابيب، بل دولة تل ابيب، فاليوم بلدية تل ابيب تتعامل مع السكان العرب كدولة وليس كبلدية، فهناك تضييق في المعيشة والسكن والتربية والتعليم، وفي قضايا مثل مقبرة الإسعاف، حيث كانت لدى البلدية عشرات الحلول، لكن رئيس البلدية أصر على إقامة المشروع على المقبرة الإسلامية لطمس ومحو المعالم الاسلامية العربية”.

وذكر أشقر مبادرة الهيئة الاسلامية لاقتراح حل لمشكلة التهجير التي يتعرض لها اهالي يافا، حيث أن أهداف التضييق واضحة ولذلك “فإننا في الهيئة الاسلامية نحضر لإنشاء لجنة سكن لإيقاف أو إبطاء هذا المشروع التهجيري على الاقل. فنحن نكون لجنة سكن تشمل اناسًا مهنيين من اقتصاديين ومحامين ومجندي أموال، والتي سيتركز عملها على حماية الناس المهددين بشكل مباشر بالتهجير. هذه فرصة لأدعو أهالينا في يافا والداخل الفلسطيني والشتات أن يكون هناك التفاف حول هذه اللجنة، ودعمها ماديًا لمنع تهجير أهالي يافا، فكما ذكرت نحن الحارس الأخير لحماية يافا ومقدساتها وهويتها، نناشد أهلنا للوقوف إلى جانبنا قبل أن نخسر مدينتنا”.

يذكر أنّ المؤسسات الرسمية الإسرائيلية، تتجاهل أزمة أهالي يافا بشكل كامل، وتتعامل مع ما يحصل فيها على أنه “زعرنات” يقوم بها شبان عرب يجب قمعهم لحماية المستوطنين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى