نظمته لجنة الحريات…. المئات في الافطار الرمضاني لأهالي الشهداء والأسرى في الداخل الفلسطيني

ساهر غزاوي، طه اغبارية
شارك المئات من أهالي الشهداء وأهالي الأسرى السياسيين والأسرى المحررين، في الداخل الفلسطيني، مساء الجمعة، في الإفطار الرمضاني، الذي نظّمته لجنة “الحريات” المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، في منتجع “ميس الريم” في قرية عرعرة.
وترعى لجنة “الحريات” والأسرى والشهداء والأسرى، سنويا، إفطارا رمضانيا، على شرف أهالي الشهداء والأسرى والجرحى في الداخل الفلسطيني، حيث تأتي هذه المبادرة، في إطار الوعي التام بملف الأسرى ومعاناة أهاليهم وتذكيرا بوجود نحو 4500 أسير وأسيرة من أبناء شعبنا الفلسطيني، في سجون الظلم الإسرائيلية.
وكان من بين الحضور إلى جانب أهالي الشهداء والأسرى، عدد من قيادات الداخل الفلسطيني، برز من بينهم: السيد محمد بركة، رئيس لجنة المتابعة، الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات، القيادي الدكتور سليمان أحمد، الأستاذ توفيق محمد، عضو لجنة المتابعة، القيادي قدري أبو واصل عضو، القيادي أمير مخول، السيد محمود مواسي عضو لجنة الحريات والقيادي محمد اسعد كناعنة.
بعد تناول الإفطار، نظّمت أمسية خطابية استهلت بآيات من الذكر الحكيم تلاها الشيخ نضال أبو شيخة، وتولى عرافتها الأستاذ توفيق محمد جبارين، عضو لجنة المتابعة العليا.
حيّا توفيق جبارين الحضور، وقال “باسم المتابعة، والحريات، وباسم بطلين نجمين من نجوم شعبنا، كان أحدهما الروح التي ترفرف دائما في هذا الاحتفال، الشيخ رائد صلاح، وباسم الأسير السياسي الذي كان العامود الأساس هذا الاحتفال وكان فارس الميدان، الأسير الأستاذ فراس عمري، باسمهم جميعا اسمحوا لي أن أرفع التحية إلى الأسير السياسي المحرر حديث العهد، الأخ محمد سمير محاجنة، وباسم شعبنا الفلسطيني نحيي عوائل الاسرى والشهداء”.
وأضاف جبارين: “في حضرة من بذلوا زهرة سني أعمارهم أسرى في سجون الظلم الإسرائيلية، وفي حضرة من كانوا في انتظار أحبابهم طيلة سنوات الحرمان فذبلت منهم العيون وذوت منهم الخدود حتى تكاد ترى خارطة الوطن في وجوههم. في حضرة من فقدوا أبناءهم شهداء على تراب الوطن، لا يسعنا إلا أن نقف تحية إجلال وإعزاز واحترام، نقف جميعا لتلاوة سورة الفاتحة نهدي ثوابها لأرواح شهداء شعبنا الفلسطيني على امتداد الوطن ونتبرك جميعا بعطاياها لنا ولأسرانا البواسل وعوائلهم”.
كلمة البلد المضيف
ثم ألقى المحامي مضر يونس، رئيس مجلس عرعرة عارة ورئيس اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، كلمة البلد المضيف، فحيا الحضور جميعا قائلا: “ها نحن اليوم نلتقي بكم أهالي الشهداء والأسرى لنحتفي بكم في إفطار رمضاني نشد على اياديكم ونتعلم منكم الصبر والإرادة، والانتماء ووحدة الصف، تذكروننا بمعنى التضحية والبقاء على العهد في ظل ظروف صعبة أحاطت وتحيط بمجتمعنا وشعبنا، تذكروننا أن نضالنا، نضال حق، نضال استمر ويجب أن يستمر حتى يحق العدل ويحل السلام والأمان على شعبنا في ارضه فلسطين”.
وأضاف يونس: “عشرات السنين من النضال وما زال شعبنا مستهدفا، يحاولون كسر إرادته وشق صفوفه، انتشر العنف والجريمة في مجتمعنا في سياسة موجهة لإضعافنا والهائنا عن هويتنا وقضيتنا، أحداث العنف تتوالى والسبل شتى، يحاولون بها إخراجنا من أراضينا وبيوتنا في يافا في الشيخ جراح في العراقيب، يحاولون السيطرة على أقصانا وقدسنا الشريف، ولكن هيهات”.
وأكد أن صبر وإرادة أهالي الشهداء والأسرى وتضحياتهم “علمتنا ألا نيأس وأن لا نكل، فنضالنا نضال حق. بوحدتنا ووعينا سنفشل كل هذه المخططات الآثمة ونرسخ وجودنا في بلداننا، ونمنع كل محاولة لتهجيرنا من أراضينا”.
وتابع رئيس مجلس عرعرة عارة: “قبل أيام أحيينا ذكرى النكبة، وبهذا اليوم ومن هذا المكان نقول بصوت عال إننا لن نسمح بعونه تعالى ومشيئته أن تكون هناك نكبة ثانية”.
وختم مضر يونس قائلا: “ندعو الله أن يتقبل منا ومنكم الصيام والطاعات، وأن يحلّ علينا جميعا رمضان القادم ونحن صابرون مؤمنون معافون، وقد فك أسر أبنائنا الاسرى الذين ما زالوا يقبعون في سجون الاحتلال. رحم الله شهداءنا ونسأل الله أن يعم السلام والأمان علينا وعلى شعبنا وعلى أمتنا”.
استعادة القيم السياسية والنضالية والوطنية
ثم كانت كلمة رئيس لجنة المتابعة، السيد محمد بركة، وتوجه بتحياته إلى الحضور من ذوي الشهداء والأسرى، كما توجّه بتحية خاصة إلى لجنة الحريات ورئيسها الشيخ كمال خطيب على المبادرة السنوية في كل رمضان.
وقال بركة: “هذا الجمع الكبير والفخم إنسانيا ووطنيا، يجتمع هنا، أهالي الشهداء والأسرى المحررون، المشترك بين كل هؤلاء أن الشهداء أعطوا كل ما تبقى من حياتهم، والأسرى أعطوا جزءا عزيزا من حياتهم. لا أحد منهم خاض المواجهة من اجل منفعة ذاتية وشخصية، إنما من أجل عزة شعب وعزة وطن”.
وأضاف: “هذا يقودنا الى رؤية حالنا في هذه الأيام، عندما نرى أن هناك تشوها في بعض المفاهيم، وكأن نضالنا ومعركتنا وحياتنا السياسية منصبة على نيل هذه الخدمة أو تلك من المؤسسة، مع إهمال القضايا المركزية الجوهرية التي على أساسها وبسببها تقوم المؤسسة الصهيونية بملاحقة شعبنا في وجوده وفي أرضه وحياته ومقدساته، وكأن ما نعانيه من جور وظلم هذه المؤسسة هو خلل ما في سلوكها يجب إصلاحه، بينما نحن نعتقد أن هذا الظلم وهذا الاضطهاد الذي تمارسه إسرائيل والحركة الصهيونية علينا هو جزء عضوي من تركيبتها من كينونتها من وجودها، لذلك لا يمكن أن نقف في مواجهة القشور بينما نترك الجوهر، هذا الأمر يحتاج الى استعادة القيم السياسية والنضالية والوطنية، وهذه مهمتنا جميعا، ومن أولى بهذه الفكرة الكبيرة والعظيمة من هذا الحفل الذي يجمع الناس الذين قدموا حياتهم أو قدموا من حياتهم”.
وتطرق بركة إلى زيارة وفد المتابعة، الخميس، الى القدس والأقصى واللقاء مع المرجعيات الدينية والسياسية هناك، وقال إن “اللقاء كان مؤثرا، لكن هذا اللقاء جرى على خلفية يجب أن نعتبرها جيدا يجب أن نراها بدقة، وهي انتفاضة باب العامود، انتفاضة شباب الجيل الثالث بعد الاحتلال الذي توهم أنه كوى وعيهم وأبعدهم عن انتمائهم، ولكن في المعركة الأخيرة وفي معارك سابقة اثبتوا انهم على عهد مدينتهم وعلى عهد قدسهم واقصاهم وعهد فلسطينهم. هذه الانتفاضة اضطرت المحتل أن يزيل مظاهر استفزازه عندما وضع الحواجز على مدخل القدس القديمة في منطقة باب العامود. وهذا يعيدنا إلى صيف شهر 7 و8 من عام 2017 في معركة البوابات التي اعتقدت إسرائيل انها ستنجح في فرض ما قامت به في الحرم الابراهيمي الشريف بعد مجزرة، فوضعت البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى، لكن الوقفة الشعبية الجماهيرية المثابرة المصرة على الحق أزالت تلك البوابات. العبرة واضحة، أن تحقيق المطالب لا يكون بالتوسل ولا بالتسول ولا بالترجي. إذا كنت ضعيفا وتعاملت مع نفسك كضعيف مهيض الجناح مكسور الخاطر، فهم سيتعاملون ويفرضون عليك كل شيء، ولكن إذا آمنت بقضيتك وحقك وكنت على استعداد للتضحية من أجلها فأكبر جبروت وأكبر طغيان صهيوني لا يستطيع أن يقف أمامك، وكما قلنا في اكثر من مناسبة إن الجيوش يمكن أن تنسحب، يمكن أن تتراجع، يمكن أن تهزم، لكن الشعوب لا يمكن أن تهزم، يمكن أن تحصل كبوة هنا وكبوة هناك، لكن الشعوب لا تستطيع أن تخرج من التاريخ ولا تخرج من الحياة، وإنما تلك الطغمة الطاغية هي التي يمكن أن تهزم، أمّا الشعوب لا يمكن أن تهزم، وشعبنا الفلسطيني ليس أقل من أي شعب في العالم”.
وتابع رئيس المتابعة: “في هذا الموقف نحن نتمنى أن يكون كل الاسرى بيننا، ونحن سعداء بالأسرى الذين تحرروا حديثا، وآخرهم الأخ محمد محاجنة، ونحن ننظر إلى هذا الظلم والطغيان الذي بسببه الشيخ رائد صلاح موجود في السجن، مكان الشيخ رائد صلاح هو بين أبناء شعبه وفي طليعة الصفوف المناضلة، من اجل حقوق شعبنا، ولذلك اسمحوا لي أن نبعث هنا بتحية باسمنا جميعا إلى كل اسرانا والى أخينا الشيخ رائد صلاح حفظه الله”.
وقال: “الأيام التي نعيشها أيام صعبة. من ناحية منسوب الطغيان ومن ناحية تهتك المفاهيم، من ناحية التهتك الاجتماعي المشتق من انتشار العنف والجريمة، واعتقد إذا ذهبنا إلى ما يجمعنا ستقل مساحة ما يفتتنا. العنف والجريمة هي شكل من أشكال التفكيك والتفتيت المجتمعي، لذلك العودة إلى القيم النضالية الكفاحية، الى القيم السامية التي يمكن أن تجمعنا، هي بالضبط ما يمكن أن يقلص مساحة التسيب والعنف. وهذه إحدى المهمات الأساسية الموجودة على جدول أعمالنا”.
في ختام كلمته قال بركة: “أحييكم جميعا فردا فردا، وأتمنى أن نلتقي في السنة القادمة وقد تحرر أسرانا جميعهم، وأن تكونوا جميعا بخير وصحة وعافية”.
خطيب: شعبنا يملك الإرادة والتصميم والصبر والثبات التي ستقود الى إفشال مخططاتهم
الكلمة الختامية في اللقاء، كانت للشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني، وحيا في مستهلها أهالي الشهداء والأسرى.
وقال: “ما هذا الملتقى وهذا الجمع بالذي يمكن أن يفي من أفنوا أعمارهم أو قدموا أرواحهم في سبيل الله وفداء للوطن، ما كان هذا ليفيهم حقهم، وإنما هو بعض واجب وبعض جميل يمكن أن نؤديه، من خلال لجنة الحريات التي تكلم عنها الاخوة من قبل، والتي أكملتُ فيها مسيرة بدأها من قبل أخوين عزيزين، الشيخ رائد صلاح، والأستاذ أميل مخول الذي حرر العام الماضي من السجن”.
وأضاف: “شعبنا في هذه الايام يمر بمنعطف تاريخي ولا شك، عبر حالة الخذلان التي يعيشها شعبنا من خلال مشاريع التآمر والتطبيع وإدارة الظهر ممن اعتبروا في يوم من الأيام أخوة وأشقاء. أليس عارا أنه في اليوم الثالث من رمضان، نرى فيه سفيرا عربيا مسلما، يأتي ليقدّم التهاني في ذكرى تأسيس إسرائيل، سفير الامارات الجديد. في أيام اشتدت فيها الوطأة على المسجد الأقصى واشتد فيها التهديد والاستهداف للمسجد الأقصى بدأت ملامحه بإعلان ينشره أحد الصحفيين المقربين من نتنياهو، ينشر صورة للهيكل وقد امتلأ بالناس مكان المسجد الأقصى ويقول “في السنوات القادمة سنحتفل بذكرى الاستقلال في هذا المكان””.
وتابع الشيخ كمال خطيب: “تبلغ ذروة الاستهداف فيما حصل في الأيام الماضية، وفيما سيبلغ ذروته يوم 28 رمضان في الدعوة غير المسبوقة لاجتياح المسجد الأقصى المبارك، ولكن هؤلاء لحماقتهم وحماقة قيادتهم لا يقرؤون التاريخ، ليكتشفوا أن دائما وأبدا ان النظرية تقول “إن لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومعاكس له في الاتجاه”. قد لا يملك شعبنا إمكانات القوة التي يملكونها لكن شعبنا يملك الإرادة والتصميم والصبر والثبات التي ستقود الى إفشال مخططاتهم رغم كل الذي أوتوه من قوة. وعليه هذا الجيل الفلسطيني الذي يكبر، إن كان قيل عن الجيل الذي ضاعت فلسطين في زمنه عام 48 انه جيل النكبة، أو الذي ضاعت فيه القدس جيل النكسة، هذا الجيل يقول لهم إنه جيل النخوة جيل النصرة الذي لا يساوم أبدا. ما يحصل هذا الأيام في القدس والاقصى صحيح انه لا يمثل نصرا استراتيجيا، لكنه يمثل انتصار إرادة حالة معنوية، إذا أضيفت مع بعضها البعض على تراكمات ستجد أنها تبشر بخير”.
وزاد خطيب: “عام 1999 كانت وقفة شعبنا بفتح المصلى المرواني رغم كل التخطيط الذي كان لعكس ذلك، كانوا يخططون ان يفتحوا بابا يطل على القصور الأموية ليكون معبدا لهم. في العام 2017 كان افشال مشروع البوابات الإلكترونية. عام 2019 كان كسر اقفال باب الرحمة. وها نحن في العام 2021 يتم افشال مشروع إقامة الحواجز الشرطية الغاشمة على مدخل باب العامود، هذه مع بعضها البعض تمثل حالة تراكمية من الإصرار والعناد ستقود ان شاء الله عز وجل إلى ما هو أبعد من ذلك”.
وأردف “إنما خلال هذا كله، هناك في السجون يقبع ابطال أبناء شعبنا الذين هم مصدر الفخر والعز لشعبنا، ويجب أن يظلوا دائما في بال كل سياسي، لذلك طالبنا وسنظل نطالب، أنه في كل صفقة قادمة لتحرير الأسرى نصر على أن يكون أسرى الداخل في مقدمة من يشترط أن يكونوا من المحررين، وألا يحصل ما حصل في صفقات ماضية”.
وقال “شعبنا يعيش همين، همّ الاسرى وهم المسرى، القدس والاقصى. وهذا يجعلنا نقول بوضوح وصراحة، كنا نعيش املا، أن تظل القيادة الفلسطينية مصرّة على إجراء انتخابات تم التوافق عليها رغم عمل الاحتلال على افشالها، ما حصل بالأمس (تأجيل محمود عباس للانتخابات) خضوع للإرادة الإسرائيلية الغاشمة، آمل أن لا يكون لقرار تأجيل الانتخابات تداعيات داخلية فلسطينية، لأن الأشهر الماضية حملت معاني أمل وتفاؤل لتجاوز الكثير من الإشكالات الداخلية، كانت ستتوج بالانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة التي يقول شعبنا من خلالها مثل كل الشعوب انه يحق له اختيار قيادته من خلال صندوق الاقتراع”.
وختم الشيخ كمال خطيب كلمته بالقول: “أملنا ورجاؤنا لله تبارك وتعالى أن نلتقي في العام القادم إن شاء الله، وقد رفع الله عن شعبنا هذا الكرب وهذا البلاء، وأن يكون أسرانا بيننا محررين إن شاء الله، اسأله تعالى أن يحفظ عوائل الاسرى، أبناءهم وبناتهم ونساءهم وأمهاتهم وآباءهم، أن يخلفهم فيهم خيرا، وأن يرحم الله عز وجل شهداءنا، وأن يجمع الله عز وجل شمل شعبنا جميعا، إنه ولي ذلك وقادر عليه”.














.




