أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقارير

“أرفض… شعبك يحميك”… صحيفة “المدينة” تسلّط الضوء على الفرية الإسرائيلية بزيادة نسبة العرب المتجندين في صفوف الجيش

•حامد اغبارية: محاولة يائسة لتشويه مجتمع كامل… وأبناؤنا أكثر وعيًا من أن يقعوا في هذا الفخ

•أمير مخول: إما مجتمع متماسك وانتماء وطني وإما تطوع شباب عرب في جيش الاحتلال

•الشيخ أسامة العقبي: النقب في عين الاستهداف الإسرائيلي الصمود والبقاء همنا ونرفض الخدمة العسكرية

ساهر غزاوي

رغم فشلها المتكرر لأكثر من سبعين عامًا في محاولة فرض سياسة التهويد والأسرلة على الفلسطينيين في الداخل، لتمسكهم بالثوابت الوطنية وتصديهم للمؤامرات الإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية، لم تيأس السلطات الإسرائيلية من محاولة مواصلة مخططاتها لتجنيد الشباب العرب في البلاد بصفوف الجيش الإسرائيلي، حتى لو كان ذلك عبر تسويق إنجازات وهمية وتضليل إعلامي شديد الوضوح.
في تقرير نشر مؤخرا، في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، زعم التقرير أن أعداد العرب، من المسلمين في الداخل، والدروز في الجولان السوري المحتل، الذين التحقوا بالخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، قد تضاعف في السنة الأخيرة، كما زعم التقرير بوجود عرب من دول عربية أعربوا عن دعمهم للدولة الإسرائيلية عن طريق الخدمة في الجيش الإسرائيلي. وزعم التقرير بحسب ادعاء الناطق العسكري الإسرائيلي، عن وصول أعداد “المتجندين” إلى رقم قياسي، بما يزيد عن ألف شاب خلال 2020.
ويواصل التقرير زعمه وتضليله بالإشارة إلى أن نحو 700 شاب من سورية ولبنان بادروا بالاتصال بالجيش الإسرائيلي عبر وسائل التواصل الاجتماعي يطلبون الانضمام إلى صفوفه، وذلك بعد توجه الجيش، عبر حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي، إلى الشبان العرب في إسرائيل بدعوة للتطوع في صفوف الجيش، كما يفعل طوال الوقت، فتجاوب معه نحو أربعة آلاف شاب، وهو ما يضاهي ضعفي عدد الذين تجاوبوا في السنة السابقة.
الملفت للانتباه أنه في الموازاة مع تقرير صحيفة “يديعوت أحرونوت”، نشرت صحيفة “مكور ريشون” الإسرائيلية بعد أيام قليلة تقريرًا يتحدث عن فقدان ثقة الدولة الإسرائيلية بجيشها، حيث جاء على لسان الخبير بشؤون العسكرية الإسرائيلية، نوعام أمير، أنه في “الآونة الأخيرة شهدت تغييرا في نظرة الإسرائيليين إلى جيشهم، الذي نادرًا ما يحظى بانتقادات داخلية”.
وأوضح نوعام أن “تواتر التقارير حول أداء جيش، داخليا وخارجيا، وقضية انتظام المتدينين الحريديم في صفوفه، “فضلا عن التنبؤات بفشله في الحرب القادمة، واستمرار إطلاق البالونات الحارقة من غزة، كلها أسباب أدت إلى تراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي بجيشه”، مضيفا أن الجيش حافظ في العقود الأخيرة على نسبة ثقة عالية جدًا تزيد عن 93 بالمئة في المتوسط، “لكن معهد الديمقراطية الإسرائيلية نشر تقريره السنوي لعام 2020، وقدم لمحة سريعة عن ثقة الجمهور في جميع مؤسسات الدولة، وأظهر هذه المرة أن الثقة في الجيش تنهار”. بحسب تقرير صحيفة “مكور ريشون” الإسرائيلية.
إلى جانب ذلك كشف الخبير العسكري الإسرائيلي يوآف زيتون في تقريره على صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن “شعبة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي أعلنت مع انقضاء عام 2020 عن مقتل 28 جنديا إسرائيليا مقابل 27 عام 2019، تسعة منهم أنهوا حياتهم عن طريق الانتحار، مقارنة بانتحار 12 منهم في عام 2019”.
غير أن الموقف الوطني في جميع أنحاء الداخل الفلسطيني هو الرافض والمقاطع للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ومحاولات وزارة الأمن المستمرة لفرض التجنيد وصناعة وعي إسرائيلي لدى العرب في الداخل الفلسطيني لم ولن تنجح وسيكون دائمًا مصيرها الفشل، كما يؤكد مختصون ومتابعون لهذا الشأن عبر تقرير أعدّته صحيفة “المدينة”.

أوهام منافية للحقيقة

الكاتب والإعلامي الأستاذ حامد اغبارية، يرى أن المؤسسة الإسرائيلية تسعى، كعادتها منذ أن تأسست على أنقاض الشعب الفلسطيني عام 1948، إلى أن تثبت أنها دولة حقيقية، ولذلك “تراها طوال الوقت تركز على رموزها، مثل العلم والشمعدان وسائر الرموز الوطنية، وفرضها أو محاولات فرضها على الآخر، سواء بطريقة مباشرة عن طريق سنّ القوانين، أو بطرق غير مباشرة من خلال مناهج التعليم والأدبيات الصهيونية، والضخ الإعلامي، واستحضار أسماء وشخصيات غير يهودية لتتحدث على الملأ عن الانتماء للدولة الإسرائيلية ورموزها، فتجدهم مثلا يختارون كل سنة عربيًا أو عربية لإضاءة الشعلة في يوم استقلالهم، وهو تحديدًا اليوم الذي عملت هذه الدولة على طرد آبائهم وأجدادهم من وطنهم؛ عام النكبة. ومما لا شك فيه أن قضية العمل على تجنيد عرب فلسطينيين للخدمة في الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها الخدمة العسكرية، تعتبر إحدى وسائل المؤسسة الإسرائيلية لتحقيق هذا الهدف”.
ويتساءل: “فمن هو الذي يفعل ذلك؟ ولماذا يفعل ذلك؟ إن الذي يسعى إلى تأكيد رموزه (الوطنية) كلما طلعت الشمس أو غربت هو الذي يشعر في قرارة نفسه أنه في الحقيقة ليس له دولة كسائر الدول في الدنيا. وهو يفعل ذلك لتعويض النقص الذي يعاني منه. إنها عقدة “يوجد لنا دولة”!!
وحول ما نشره الإعلام العبري مؤخرا من أن أعداد العرب الذين التحقوا بالخدمة العسكرية في جيش الاحتلال قد تضاعف في السنة الأخيرة، يُبين “اغبارية” أنها وسيلة العاجز الذي يبحث عمّا يخفي عجزه خلفه من خلال إنجازات وهمية وتضليل إعلامي شديد الوضوح.
ويضيف اغبارية: “صحيح أن هناك من خدموا في جيش الاحتلال ويخدمون وسيخدمون، وهذا مؤلم وسيء. ولكن… كم عددهم؟ والأهم من ذلك: لماذا يفعلون ذلك؟ ومن هم؟ ومن أية بيئة جاءوا؟ وكيف وقعوا في فخ الخدمة العسكرية؟ هذه أسئلة لا بد من الإجابة عليها حتى نعرف الحقيقة. والحقيقة أن السلطات الإسرائيلية تتشبث بأوهام وتبُثُّ أوهامًا لتقنع الرأي العام أن العرب يهرولون للخدمة، وهذا مناف للحقيقة مطلقا. انظر مثلًا عندما تركز على أن من بين المتجندين مسلمين. وأن هناك شبانًا من دول عربية يدعمون التجنيد. هذا يقول شيئا واحدا: “المسلم أيضا يخون…”. هكذا يريدون أن يقولوا لك.

الأستاذ حامد اغبارية
الأستاذ حامد اغبارية

أبناؤنا أكثر وعيًا من أن يقعوا في هذا الفخ

ويقول أيضًا: إن الذين يخدمون في جيش الاحتلال من أبناء شعبنا في الداخل هم في نظري سواء، مسلمين كانوا أو مسيحيين أو دروزًا. ويجب ألا نتوقف كثيرا عند مقولة إن من بين الذين تجندوا مسلمين. فهذه محاولة يائسة لتشويه مجتمع كامل، وهي محاولة لن تنجح، لأن أبناءنا أكثر وعيًا من أن يقعوا في هذا الفخ.
ويستطرد الأستاذ حامد اغبارية حديثه بالقول: “أحاول دائما أن أبحث وأقرأ الأسباب التي تدفع شابًا عربيًا من مجتمعنا إلى الخدمة العسكرية، فما وجدت بين كل هؤلاء من يفعلها إلا لأسباب شخصية بحتة، وسبب ذلك ضعف الانتماء واختلال المفاهيم وتشويه الهوية والتعرض لعملية غسيل دماغ فظيعة. فمنهم من يتعرض لضائقة اجتماعية أو اقتصادية ويتوهم أن الحل الوحيد للخروج من أزمته هو في الخدمة العسكرية، حتى إذا أنهى تلك الخدمة عاد إلى أهله بـ “إنجازين” لا ثالث لهما: تعرضه لممارسات عنصرية من طرف الذين خدمهم، والانضمام إلى سوق البطالة وانسداد الطرق في وجهه. هذا يعني فشله في تحقيق ما أوهموه به، يرافقه إهانة ووصمة. ومنهم من يعاني من الجهل لحقيقة انتمائه لمجتمعه، وحقيقة الأهداف التي تسعى السلطات إلى تحقيقها من وراء تجنيدهم. وغالبية هؤلاء فاشلون في حياتهم الشخصية وفاشلون في دراستهم، يعانون من عقدة النقص. ومنهم من لهم أقارب مقربون من السلطة أو شخصيات ذات تأثير في بيئتهم الضيقة، وهؤلاء يعملون على إقناعهم بالخدمة في الجيش على اعتبار أن هذه الخدمة ستحميهم من أي تهديد!!!! أو أنها ستحقق لهم الرفاهية، وستضمن للشاب المتجند البيت والوظيفة والسيارة والزواج والمال الكثير والعيش الرغيد”.
ويختم إغبارية حديثه بالقول: “قبل أيام فقط تعرض ضابط كبير من الدروز للضرب من المستوطنين أثناء مظاهرة لهم في منطقة المركز. الرسالة كانت: أنت عربي، وستبقى عربيًا يستحق الضرب والإهانة حتى لو كنت ضابطًا كبيرًا يخدم في جيشنا أو في حرس حدودنا أو في شرطتنا. وفي داخل معسكرات الجيش قصص تقشعر لها الأبدان عن العنصرية التي يتعرض لها هؤلاء من “زملائهم” اليهود””.

“إما مجتمع متماسك وانتماء وطني وإما تطوع شباب عرب في جيش الاحتلال”

ويتفق الناشط السياسي والأسير المحرر، الاستاذ أمير مخول مع الإعلامي حامد اغبارية فيما قاله ويضيف: “لا أستطيع التأكد من سعة نطاق الظاهرة المذكورة في التقرير والصادرة عن جيش الاحتلال، إذ لا توجد بحوزتي معطيات، وعادة لا تنشر مثل هذه المعطيات إلا إذا كان من ورائها نوايا مبيّتة. في الوقت ذاته وللأسف، لم اتفاجأ من المعطيات، في ظل الحالة المتردية التي يمر بها مجتمعنا الفلسطيني في الداخل. ومهما كان فالمسألة بالنسبة لي ليست احصائيات فحسب، بل إن كل متطوع او متطوعة عرب في الجيش الاسرائيلي هو أمر مقلق وتوجه خطير، ينبغي أن يشغلنا جميعنا”.
ويتابع: “أعتقد أن أجواء الكورونا والتعامل الرسمي معها، هي سبب لكنه ليس كافيًا، رغم أن استقبال بلداتنا لقوات الجبهة الداخلية والـ “تطبيع” معها، هو أمر ينبغي أن يشغلنا ويقلقنا. وقد يكون قد دفع ببعض الأوساط الضئيلة للتطوع في الجيش الإسرائيلي. لكن العامل الأكثر تأثيرًا في الدفع بهذا الاتجاه هو التآكل الحاصل في متانة المجتمع الفلسطيني في الداخل. وجزء كبير من ذلك أحدثته الجريمة المنظمة المسلحة وحين اتحدث عن الجريمة المنظمة، أقصد منظومتها الإرهابية والاقتصادية، أقصد تواطؤ وتورط المؤسسة الإسرائيلية. وكلما اتسع نفوذ منظومتها لا بد أن يوازيه زيادة عدد المنتسبين للجيش طوعًا”.
ويلفت مخول في حديثه إلى أن “التعددية السياسية والاجتماعية الواسعة داخل المجتمع الفلسطيني هي نقطة القوة الهائلة إذا اعتمدناها أساسًا لوحدتنا الكفاحية والكيانية، وهي نقطة ضعف قاتلة إذا حوّلناها إلى شرخ اجتماعي يقسّم جماهير شعبنا إلى مجموعات متناحرة، ويفقدنا بوصلة الموقف الوطني والهوية الوطنية الجامعة. إن خطابات التخوين أو التكفير أو إلغاء الآخر المختلف، إنما تدفع نحو الولاءات للمنظومة الاستعمارية الحاكمة، لأنها في طبيعتها تدفع شرائح أو مجموعات “خارج المجتمع”، في حين أن المجتمع ليس ملكًا لأحد من أفراده، ولا شريحة من شرائحه، ولا لتيار من تياراته، وإنما لكل أفراده وتياراته وشرائحه. كما أن العصبيات المنفلتة سواء أكانت عائلية أم جهوية وبالذات طائفية فهي تدفع بشبان إلى التمسك بـ “خلاص الدولة” من المجتمع. إن ما يميز لغة التخاطب السائدة اليوم هو عنفها الاقصائي داخليًا، وهذا لا يعزز لا الحوار ولا قوة المجتمع الجامعة”.
وحول ما يقوم به الإعلام العبري من ترويج لهذه الظاهرة، يقول أمير مخول: “هو تأكيد أن هذه المنظومة حين تتعامل مع العرب في الداخل فإنها تحرر نفسها من أية موضوعية ويتحول إلى إعلام البلاط الإسرائيلي وصاحب الموقف الإستعلائي والوصائي. الإعلام الإسرائيلي بالنسبة لنا هو أداة سيطرة وضبط وهندسة سياسية. الإعلام الإسرائيلي في المجمل لا يختلف عن الثقافة العنصرية والعدائية والاستعلاء السائدتين”.

الاستاذ أمير مخول
الاستاذ أمير مخول

التراجع الراهن في مواجهة كل أشكال الخدمة

في المقابل، يرى الناشط السياسي مخول أن مسارات اجتماعية مثل الخدمة في الجيش ليست وليدة لحظتها، بل هي انعكاس لسياسات وأنماط تأثير وسيطرة وضبط، طويلة الأمد وغير مرئية أحيانا، تتغلغل في ذهنية أوساط معينة من المجتمع وتنزع ارتباطها بالمسؤولية الوطنية. وللحقيقة لم يتوقف يومًا تطوع أفراد من الداخل في الجيش الاسرائيلي، لكن اللافت اليوم أمران:
1. عدم الالتفات إلى ذلك كمشكلة حقيقية نضعها على جدول أعمالنا الجماهيري.
2. تراجع حضور الحملة الشعبية الشبابية التي أطلقها في حينه مركز بلدنا الشبابي تحت شعار “أرفض شعبك يحميك” ومن ثم اقامة لجنة شعبية بالموضوع في لجنة المتابعة، قد أبليتا بلاء حسنا. والحديث كان عن الخدمة المدنية والقومية وتسميات أخرى، وتنبيه إلى أن القبول بالخدمة المدنية يقود إلى الخدمة العسكرية. لكن حاليًا تراجع هذا الدور بل غاب. وكانت الحملة المذكورة في العقد الأول من القرن الحالي نموذجًا في التصدي الشعبي والمبادرات الشعبية وبالذات الشبابية والسياسية لهذه الآفة الخطيرة.
وفي ردّه على سؤال: ما هو المطلوب جماهيريًا؟ يجيب الأستاذ أمير مخول ويقول: “إن المطلوب جماهيريًا هو أن تضع الأحزاب والحركات السياسية موضوع التطوع للخدمة على جدول أعمالها الحقيقي وأن تنطلق حملات تثقيفية وتوعوية لفرض التراجع على مخططات الدولة. المعركة صعبة لكن ليست غير ممكنة. كما أن الحراك الشعبي ضد مسبباتها والبيئة التي تتسع فيها ظاهرة الخدمة، تتطلب رؤية أوسع من محاربة ظاهرة واحدة وإنما محاربتها ومحاربة منظومة الجريمة ودور الدولة في ترعرعها وفي التعامل مع تعددية المجتمع كأساس لوحدتنا وليس لفرقتنا”.
ويختم الناشط السياسي والأسير المحرر، أمير مخول حديثه بالقول: “هناك تجربة متراكمة ومتجذرة في هذا الصدد، سواء ما قامت به تاريخيًا في مواجهة التجنيد الإجباري، لجنة المبادرة الدرزية، ومن ثم حركة المعروفيين الأحرار، ولاحقا مركز بلدنا الشبابي والائتلاف الشبابي لمناهضة الخدمة المدنية، ومن ثم لجنة مناهضة الخدمة المدنية وكل أشكال التجنيد والمنبثقة عن لجنة المتابعة. أما اليوم فليس مثل جيل الشباب بقادر على مناهضة كل أشكال الخدمة، وهو جيل مبدع ويتقن إدارة الحملات، سواء من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لكن بالأساس ميدانيًا بالانطلاق في حراكات مشحونة بالزخم الشعبي وبالقوة والعزيمة، وهو يقود نفسه، وهذا سواء على مستوى الطلاب الجامعيين العرب أم القطاع الشبابي الأوسع”.

النقب في عين الاستهداف الإسرائيلي

في موازاة مواصلة السلطات الإسرائيلية محاولاتها لتجنيد الشباب العرب في منطقة النقب، في صفوف الجيش الإسرائيلي، ومحاولة مؤسسات التجنيد تثبيت إشاعة التجنيد في النقب بكل ثمن وخلق حالة “النقب الإسرائيلي” بدون علاقة حقيقية للإشاعة بالواقع في النقب، تتواصل المعارضة والرفض بشدة للخدمة العسكرية الإسرائيلية، وتستمر مناهضة مشاريع الأسرلة التي تسعى لتشويه هوية الشباب في المجتمع العربي.
كما وتحاول السلطات الإسرائيلية بيع الأوهام والوعود الكثيرة لشباب النقب من أجل الانضمام للجيش الإسرائيلي، وهي تستهدف من تعتقد أن لديهم القابلية للانضمام للجيش بسبب انعدام وجود مستقبل آخر أمامهم وخلفيتهم الاجتماعية صعبة ومن واقع فقير، وترى أنهم قد يقعون في فخ التجنيد سعيًا لمستقبل أفضل يعدهم به متعاقدو التجنيد ومما تبثه من دعايات مغرية، وهو أمر خاطئ، وقد ثبت كذب المؤسسة فيه. كما يقول الشيخ أسامة العقبي، عضو لجنة التوجيه العليا لعرب النقب.

الصمود والبقاء همنا وليس الخدمة العسكرية

ويضيف العقبي: “إن أهالي النقب يعانون من التمييز وسلب الحقوق وسياسات التهجير وهدم البيوت، وتواجه في السنوات الأخيرة أعتى الحملات القمعية الهادفة لإنهاء حضورهم على أراضيهم التاريخية. والهمّ اليومي للعرب في النقب هو الصمود والبقاء ورفض الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي”.
ويُبين: “أهل النقب مرّت عليهم فترة كانت نسبة الخدمة تكاد لا تذكر فيها يوم أن كانت الحركة الإسلامية (المحظورة من 2015) في الميدان على أرض النقب وأفعالها تسبق أقوالها من خلال مشاريع تعنى بتوعية الشباب وربطهم بأرضهم ووطنهم وهويتهم، لكن للأسف بعد الحظر ارتفعت قليلًا نسبة إقبال الشبان العرب في النقب على التجنيد والخدمة في الجيش الإسرائيلي. وما يؤكد ذلك هو تحريض “سموترتش” وزير المواصلات الاسرائيلي السابق خلال جولته في النقب قبل عدة أشهر على الحركة الإسلامية المحظورة إسرائيليًا واتهامها في عرقلة مشاريع الاندماج والتجنيد وانخراط شباب النقب في الجيش الإسرائيلي من خلال مشاريعها الميدانية والتوعوية المختلفة”.
في مقابل ذلك يقول الشيخ العقبي: “الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي هو عمل فردي ينسب لفاعله ومهما كانت الموارد والمشاريع الموضوعة لتجنيد شباب النقب فإن الوعي الوطني وواقع الملاحقة اليومي للعرب في النقب لا يسمح لنا بالانخراط في هذه المؤسسات”.
ويعيد عضو لجنة التوجيه العليا لعرب النقب، تأكيده على أن المصالح الشخصية الذاتية هي من تجعل من الشاب النقباوي في السقوط في فخ التجنيد والخدمة في الجيش الإسرائيلي وليس من باب الذوبان في المجتمع الإسرائيلي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الشاب النقباوي مثله مثل سائر شباب المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل يتأثر بترهل وضعف وتشرذم الحالة السياسية المحلية من غياب مشروع سياسي واضح إلى جانب المناكفات والتجاذبات الحزبية حول مصالح ضيقة، كما هو حال القائمة المشتركة، إلى جانب ضعف الحالة السياسية الإقليمية العربية والتهافت على مشاريع التطبيع مع الجانب الإسرائيلي.

إيجاد بدائل
ومن أجل التصدي للمحاولات الإسرائيلية لتجنيد الشباب العرب في منطقة النقب خصوصًا، يدعو الشيخ أسامة العقبي، عضو لجنة التوجيه العليا لعرب النقب في ختام حديثه، إلى “العمل على إيجاد البدائل للشباب وإقامة جمعيات لدعم الطلاب الجامعيين، وإعادة التوأمة بين قرى النقب ومدن وقرى الداخل الفلسطيني، بمعنى كل قرية أو مدينة تتواصل مع قرية في النقب ويكون التواصل في جميع المجالات بدون استثناء، إلى جانب تكثيف المحاضرات التوعوية والتثقيفية السياسية حول الانتماء الديني والوطني، وإقامة جمعيات نسائية تعنى بتربية الفرد في أسرته قبل خروجه إلى المجتمع وايجاد أطر خاصة بالشباب لحمايتهم من غول الفقر والذوبان، وهكذا نستطيع الوقوف والتصدي أمام المحاولات الإسرائيلية لتجنيد الشباب العرب في منطقة النقب التي هي بمثابة العمق الاستراتيجي للداخل الفلسطيني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى