أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

مترجم: كيف يمكن أن ينقذ الاستثمار في الثروة البشرية مستقبل الشرق الأوسط؟

كتبت كيكو ميوا، المديرة الإقليمية للتنمية البشرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، وجيرمي أموروسو، مسؤول الإستراتيجية والعمليات للتنمية البشرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالبنك الدولي، دراسة نشرها موقع معهد بروكنجز حول التحسن الذي تحقق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيما يتعلق بمؤشر الثروة البشرية. ويرى الكاتبان أننا يجب أن نفعل الكثير للحفاظ على الثروة البشرية وتحسينه في المنطقة، خاصة في ظل جائحة كوفيد-19 والصراعات التي تعاني منها المنطقة.

ما هي حالة الثروة البشرية في الشرق الأوسط؟
أوضح الكاتبان أن بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أحرزت تقدمًا جيدًا في تحسين الثروة البشرية على مدار العقد الماضي. ومع ذلك يمكن للطفل المولود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليوم أن يتوقع (في المتوسط) تحقيق 57% فقط من إنتاجيته المستقبلية. وعلاوةً على ذلك تشكل أزمة كوفيد-19 مخاطر كبيرة على التحسُّن الذي تحقق بشق الأنفس في الثروة البشرية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ونحن يمكننا أن نفعل الكثير للحفاظ على الثروة البشرية وتحسينه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بل يجب علينا ذلك.
أصدر البنك الدولي مؤخرًا مؤشر الثروة البشرية 2020 (HCI). ويغطي هذا التحديث 174 دولة – بزيادة 17 دولة عما كان عليه الحال عندما أُطلِق المؤشر لأول مرة في عام 2018. وليس من المستغرب أن تتفاوت درجات مؤشر الثروة البشرية بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تفاوتًا كبيرًا من 0.67 في الإمارات العربية المتحدة إلى 0.37 في اليمن. وتحصل البلدان المتضررة من النزاعات، مثل العراق واليمن على درجات منخفضة في المؤشر؛ مما يطرح سؤالًا مهمًا حول كيفية دعم حماية الثروة البشرية وتعزيزه حتى في خِضَم الصراع.
وبالنظر إلى اتجاه السنوات العشر، تحسَّن مؤشر الثروة البشرية في 11 من أصل 14 دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مع توفر البيانات). وسجَّلت المغرب وعُمان والإمارات أكبر مكاسب في مؤشر الثروة البشرية خلال هذه المدة. ويُعد الالتحاق بالمدارس – في المستويين ما قبل الابتدائي والثانوي – بالإضافة إلى درجات الاختبار المُنسَّقة وبقاء البالغين على قيد الحياة، هي الدوافع الرئيسة لتحسين الثروة البشرية في المنطقة. وخلال هذه المدة، تفوقت الفتيات على الأولاد في التحصيل العلمي. من ناحية أخرى، فاق التراجع في الالتحاق بالمدارس الابتدائية والإعدادية المكاسب التي تحققت في المكونات الأخرى لالثروة البشرية في الكويت، وتونس، والأردن.

الشكل 1 التغير في مؤشر الثروة البشرية في 2010، ومؤشر الثروة البشرية في 2020 في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

المصدر: البنك الدولي 2020. تحديث مؤشر الثروة البشرية لعام 2020: الثروة البشرية في وقت كوفيد-19.
المصدر: البنك الدولي 2020. تحديث مؤشر الثروة البشرية لعام 2020: الثروة البشرية في وقت كوفيد-19.

ملاحظة: الأسهم تشير إلى الانخفاض في مؤشر الثروة البشرية بين 2010 و2020. البيانات غير متاحة لليمن، والعراق، ولبنان، والضفة الغربية، وغزة، عن مؤشر الثروة البشرية.

ما الجديد في مؤشر الثروة البشرية 2020؟
يقدم تحديث مؤشر الثروة البشرية لعام 2020 مؤشر الثروة البشرية المُعدَّل وفقًا للاستفادة (UHCI). ويُعد هذا أمرًا مهمًا في عديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نظرًا لوجود فجوة كبيرة بين الثروة البشرية ونتائج سوق العمل. وتفسر الاستفادة من الثروة البشرية حقيقة أنه عندما يصبح طفل اليوم عاملًا في المستقبل، فقد لا يتمكن من العثور على وظيفة (مؤشر الثروة البشرية الأساسي المُعدَّل وفقًا للاستفادة). وحتى لو استطاع، فقد لا تكون وظيفة يمكنه فيها استخدام مهاراته وقدراته المعرفية بالكامل في عمل أفضل يُزِيد من إنتاجيته (مؤشر الثروة البشرية الكامل المُعدَّل وفقًا للاستفادة). وعند تعديل نسبة السكان الذين هم في سن العمل ويعملون في وظائف محددة، تنخفض قيمة مؤشر الثروة البشرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمقدار الثلث على الأقل – من 0.57 إلى 0.32 (مؤشر الثروة البشرية الأساسي المُعدَّل وفقًا للاستفادة) و0.38 (مؤشر الثروة البشرية الكامل المُعدَّل وفقًا للاستفادة). ومعدلات مشاركة النساء في القوى العاملة، والتي تُعد منخفضة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عامل رئيس في انخفاض مؤشر الثروة البشرية المُعدَّل وفقًا للاستفادة في المنطقة.

الشكل رقم 2 تنخفض ​​قيمة متوسط مؤشر الثروة البشرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكثر من الثلث عند حساب نسبة السكان الذين هم في سن العمل ويعملون.

المصدر: البنك الدولي 2020. تحديث مؤشر الثروة البشرية لعام 2020: الثروة البشرية في وقت كوفيد-19.
المصدر: البنك الدولي 2020. تحديث مؤشر الثروة البشرية لعام 2020: الثروة البشرية في وقت كوفيد-19.

بُنيَ بشق الأنفس.. ما المخاطر على الثروة البشرية؟
أشار الكاتبان إلى أن جائحة كوفيد-19 تدرَّجت حتى وصلت إلى صدمات تعليمية وأسوأ ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية. وفي ذروة الجائحة، كان ما يقرب من 84 مليون طفل خارج المدرسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والآن تعيد البلدان التي بدأت في فتح مدارسها النظر في قرارها بسبب الموجة الثانية. وقد يؤدي هذا إلى خسارة 0.6 سنة من الدراسة (معدَّلة حسب الجودة). ومع ذلك اتخذت بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إجراءات مبكرة واعتمدت تدابير مبتكرة لمواصلة التعليم. وفي الأردن على سبيل المثال تعاون القطاع الخاص ومسؤولو التعليم لتطوير بوابة تعليمية وقنوات تلفزيونية مخصصة لمحاضرات افتراضية باللغات العربية، والإنجليزية، والرياضيات، والعلوم للصفوف من الأول الابتدائي إلى الصف الثالث الثانوي. وحققت الجامعات السعودية نتائج غير مسبوقة حيث حضر أكثر 1.2 مليون مستخدم أكثر من 7 آلاف و600 فصل افتراضي، بإجمالي 107 ألف ساعة تعلم.

يستخدم تحديث مؤشر الثروة البشرية لعام 2020 البيانات التي جُمِعت اعتبارًا من مارس (أذار) 2020 – قبل جائحة كوفيد-19. إنه بمثابة خط أساس لواضعي السياسات من أجل تتبع التغييرات في الثروة البشرية وتوجيه السياسات لحماية الناس والاستثمار فيهم في وقت الجائحة وما بعدها. وقد علَّمتنا الأوبئة والأزمات السابقة أن آثارها لا يشعر بها أولئك الذين تأثروا تأثرًا مباشرًا بها فحسب، ولكنها غالبًا ما تتمدد عبر السكان، وفي كثير من الحالات، عبر الأجيال. وجائحة كوفيد-19 ليست استثناءً من هذا الوضع. ونتيجةً لذلك، يمكن للمنطقة – ويجب عليها – أن تبني على تقدم الثروة البشرية لديها وسط الاضطرابات بثلاث طرق رئيسة.

أولًا، تحتاج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى مواصلة بناء الثروة البشرية لديها حتى أثناء الجائحة أو الصراع. وتوفر تدابير الاستجابة للأزمات التي ظهرت بدافع الضرورة – مثل التعلم عن بعد والتطبيب عن بعد – فرصًا جديدة لإعادة بناء «الوضع الطبيعي الجديد» على نحو أفضل ومختلف.

ثانيًا، أظهر عديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تركيزًا شديدًا على حماية الثروة البشرية من خلال تكثيف التحويلات النقدية وتقوية شبكات الأمان الاجتماعي منذ ظهور الجائحة. غير أنه لم تزل هناك حاجة إلى بذل جهود أقوى للحفاظ على الثروة البشرية للأشخاص النازحين داخليًّا واللاجئين وتعزيز الإدماج الاجتماعي من أجل الحراك الاقتصادي.
ثالثًا، يُعد استخدام الثروة البشرية أمرًا مهمًا بالنسبة لتحقيق الانتعاش الفوري والتنمية طويلة الأجل لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – المنطقة التي يوجد بها أعلى معدل بطالة بين الشباب في العالم بنسبة تزيد عن 25%. وتستلزم الاستفادة من الثروة البشرية وَضْع سياسات تركز على الوظائف؛ حيث تزداد المخاوف بشأن مستقبل العمل.

واختتم الكاتبان مقالهما قائليْن إن تحديث مؤشر الثروة البشرية يُظهِر أن عددًا من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد أحرزت تقدمًا ملموسًا في الثروة البشرية على مدى السنوات العشر الماضية. ونظرًا لأن الجائحة تهدد هذه المكاسب الثمينة، فإن الاستثمار في الثروة البشرية أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى. وأطلقت الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مبادرات واعدة من شأنها أن تساعد في بناء مستقبل أفضل. وعندما يصبح أطفال اليوم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالغين، فمن المأمول أن يروا كيف حوَّلت هذه المنطقة من العالم الأزمة غير المسبوقة في عام 2020 إلى فرصة لبناء رأس مال بشري أقوى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى