أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمحليات

“خربة وطن” في النقب..من التهديد بالتهجير والتشجير إلى قرية على مسار الاعتراف

طه اغبارية
يخوض النقب ببلداته وربوعه معركة على أرضه وإنسانه، منذ عقود في مواجهة مخططات المصادرة والتهجير والاقتلاع الإسرائيلية.
ويعاني أهل النقب منذ النكبة الفلسطينية، من حرمان لأبسط مقومات الحياة بغية التضييق عليهم ودفعهم إلى ترك أراضيهم والانتقال إلى قرى معترف بها لا تعدو عن كونها “كانتونات” عرف الناس حجم خطورتها في وقت متأخر، وهذا ما دفع باقي الأهل الرافضين أساسا لفكرة الانتقال إلى التمسك بأرضهم بشدة ولو حرموا كل مقومات الحياة وهدمت بيوتهم فوق رؤوسهم.
في السنوات الأخيرة وخاصة بعد استلام المدعو أوري أريئيل ملف سلطة عرب النقب وفي فترته ازدادت وتيرة هدم البيوت ومصادرة الأراضي وأوامر الإخلاء وظهرت مخططات كارثية كمخطط الكيرن كييمت، مخطط شارع ستة، مخطط منجم الفوسفات، مخطط الكرفانات، مخطط أنابيب النفط، مخطط إقامة مستوطنات جديدة على أراضي النقب وغير ذلك من المخططات التي تهدف إلى مصادرة أراضي الأهل في النقب.

“خربة وطن” في عين العاصفة
قرية “خربة وطن” كغيرها من البلدات في النقب، خاضت نضالا متواصلا في مواجهة مخطط التشجير الذي تهدد البلدة بالتهجير والاقتلاع، وبحسب رئيس اللجنة المحلية في “خربة وطن” الأستاذ ماجد الشنارنة فإن خربة وطن “أُفشلت هذا المخطط عبر ضخ دماء جديدة في النضال العربي في النقب وبثت روح الأمل والتفاؤل والوحدة بين الأهل واليوم هذه القرية على مسار الاعتراف”.
وأضاف الشنارنة في لقاء مع صحيفة “المدينة: “قبل أكثر من ثلاثة أشهر استفقنا على صوت الجرافات الإسرائيلية وهي تقتحم أراضينا تجرفها وتتوعد بوصول التجريف إلى أفواه البيوت كخطوة أولى نحو تهجيرنا إلى حارة جديدة في تل السبع غربي شارع 6 أنشئت خصيصا لهذا الهدف. ومنذ اللحظة الأولى أدركنا خطورة الأمر وحجم الكارثة والنكبة التي ستقع في حال تمرير المخطط لا قدر الله، فبادرنا إلى اجتماعات وتنظيم زيارات للأهل في بيوتهم ودواوينهم بهدف توعيتهم وحثهم على التصدي للمخطط”.
وتابع “ثالث أيام عطلة عيد الفطر المبارك منعنا بصدورنا العارية جرافات الخراب من دخول أراضينا على الرغم من استفزازات الشرطة التي جمدت أعمال التجريف لمدة أسبوع كنوع من تهدئة الأوضاع، وفي هذه الفترة نصبنا خيمة الاعتصام وجرى انتخابي لرئاسة اللجنة المحلية وقمت الأخوة أعضاء اللجنة بوضع خطة نضالية للتصدي لهذا المخطط”.
وقال الشنارنة “عملت اللجنة منذ اليوم الأول على تفعيل الخيمة وتوصيل صوتها للجميع حيث نظمت محاضرات مكثفة في كافة المواضيع تاريخية ثقافية سياسية دينية عشائرية شعرية صحية وغيرها بالاضافة إلى إقامة صلاة الجمعة بشكل ثابت واستضافة وفود وضيوف وقيادات تدعم قضية الناس ومطلبهم بوقف التشجير. وتنظيم اجتماعات لرؤساء المجالس والأحزاب السياسية كان ذروتها استضافة اجتماع لجنة المتابعة العليا في الخيمة. ومما لا شك فيه أن هذه المحاضرات والورشات وخطب الجمعة قد صاغت من جديد الشخصية النضالية لأهل القرية والمنطقة فالشخصية التي دخلت إلى الخيمة بداية بنائها لم تعد هي بعد طيها بل ازدادت وعيا وثقافة وإصرارا على الرباط والصمود”.
“رأت اللجنة المحلية كذلك ألا تحصر نضالها في أروقة الخيمة فقررت الخروج به خارجها حيث كانت وقفة احتجاجية ناجحة في مدينة القدس أمام مكاتب “الكيرن كييمت” ومظاهرة جبارة في بئر السبع، بالإضافة إلى ذلك فقد رابط الأهل في الخيمة صباح مساء ولم يتركوها لدقيقة واحدة، فقد تحولت إلى ديوان القرية المركزي وكان الهدف من ذلك مراقبة تحركات الكيرن كييميت على الارض وعدم إعطائها فرصة لمغافلة الأهل وفي حال حاولت الدخول لأراضي القرية استنفر الأهل وتركوا كل ما في أيديهم وتصدوا بصدورهم العارية للجرافات ومنعوها من دخول الأراضي.
وأشار رئيس اللجنة المحلية في “خربة وطن” إلى تواصل سكان البلدة مع إخوانهم في القرى المجاورة وبنوا جسور التعاون وتضامنوا معهم في مواجهة المخططات الإسرائيلية، فكانت لهم وقفة في أحداث بئر الحمام، كما وشكلت اللجنة المحلية وفدا من وجهاء القرية لزيارة أهالي بئر هداج حين تعرضوا لحملة تشويه وملاحقة بشعة كذلك شارك الأهل في مهرجان العراقيب تحدي وصمود الذي لخص مسيرة عقد من نضال العراقيب.
كما بحثت اللجنة، يضيف الشنارنة مع مؤسستي الميزان وعدالة مدى جدوى التوجه للمحاكم الإسرائيلية وبعد الكثير من النقاشات والمشاورات في هذا الشأن رأت اللجنة ألا تتوجه إلى هذه المحاكم لأنها ترى فيها أداة لشرعنة الظلم ومصادرة أراضي الناس.
كذلك اهتمت اللجنة المحلية بالجانب الإعلامي وأوصلت قضيتها إلى الرأي العام في البلاد والعالم العربي.
وأوضح الشنارنة “لم تنفرد اللجنة المحلية بإدارة النضال لأنه كان يمثل رأس الحربة في نضال النقب ولكن في الوقت نفسه لم تسلم نضالها لأية جهة فقد أدارته بالتعاون مع المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها في النقب وبالاشتراك والتفاهم مع كافة الأحزاب السياسية المنضوية تحت سقف لجنة المتابعة، ولم تسلم اللجنة قرارها لجمعيات ممولة بل كان الدعم من الأهل في صلوات الجمعة”.

إنجازات اللجنة
يؤكد الأستاذ ماجد الشنارنة “استطاعت اللجنة المحلية بالتعاون مع أهالي القرية والمنطقة إفشال مخطط التشجير من أجل التهجير الذي كان ينوي مصادرة 40 ألف دونم من دونمات الأهل في النقب فقد توقف هذا المخطط الخبيث عند حدود القرية وحين أرادت دائرة أراضي إسرائيل الانتقال إلى قرية الرويس المجاورة استنسخ الأهل هناك تجربة خربة الوطن فبنوا خيمة اعتصام وانتخبوا لجنة محلية والتحموا مع الأهل والمجلس الإقليمي وكل القوى الفاعلة في مواجهة هذا المخطط الذي ما زال واقفا على حدود هذه القرية فقد شكلت تجربة خربة الوطن مثالا نضاليا يحتذى به”.
وأضاف: “استطاعت خربة قلب الموازين والانتقال بالقرية من بلة مهددة بالتهجير إلى قرية تنوي الحكومة الاعتراف بها كقرية زراعية ذات نمط حياة بدوي مع التشديد على إقامة القرية على كافة أراضيها وعدم التنازل عن ذرة تراب فيها ومراعاة نمط حياة الناس ومصادر رزقهم أثناء التخطيط، ويمكن القول إنه تم إنقاذ أكثر من 95% من أراضي القرية في المرحلة الأولى من النضال”.
ولفت إلى أن “الأهل كذلك رفضوا أعمال التجريف في الأراضي المسماة تحت بند “أراضي متروكة” وتقع ملكيتها في يد الدولة فقد عارضت اللجنة المحلية بشدة أعمال التشجير فيها لأنها تتبع للقرية يزرعها الناس كل عام وكذلك لأن أعمال التجريف تشكل خطرا صحيا على الأهل، تقطع الطرقات، تخوف الأطفال وتحرمهم من مساحة اللعب بجوار بيوتهم لا سيما وان القرية تفتقر لمؤسسات عامة تلبي حاجة الأطفال. ونتيجة لهذه المعارضة الشديدة حصلت اللجنة المحلية على مكتوب رسمي من دائرة أراضي إسرائيل مفاده أنه في حال تم الاعتراف بالقرية ستسوى الأعمال في هذه الاراضي، كذلك حصلت اللجنة المحلية على وعد بعدم اقتراب الاعمال مسافة 300 متر من البيوت وعلى الرغم من هذا رابط الأهل حتى زال الخطر”.
وختم الأستاذ ماجد الشنارنة حديث لـ “المدينة” بالقول: “بدأت اللجنة المحلية مسار الاعتراف قبل أسبوعين من خلال تقديم المخطط الأزرق للقرية للجهات المسؤولة وإلى جانب ذلك فقد طالبت اللجنة من هذه الجهات إبداء حسن نية كخطوة أولى نحو التقدم وذلك من خلال: الغاء مشاريع الدولة التي تهدد القرية شارع 31، مشروع وادي عتير، مشروع التشجير، مشروع خط الغاز والنفط ومشروع المجاري، تجميد أوامر الهدم والسماح للأزواج الشابة بالبناء على بعد 50 متر من بيت الاب. إقامة مركز خدمات عام في مركز القرية يضم مسجدا ومدارسا ورياض اطفال وعيادات ومركزا جماهيريا وغير ذلك. كما وتسعى اللجنة المحلية إلى إقامة عدة لجان شعبية للقرية مثل: اللجنة التعليمية ولجنة الطوارئ ولجنة الشباب والرياضة وغيرها من اللجان التي تخدم أهلنا. إضافة إلى ذلك فإن اللجنة المحلية ستبقى على تواصل دائم ومباشر مع الأهل وستعزز العلاقات بين أبناء القرية الذين سطروا قصة من أروع قصص نضال أهلنا في النقب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى