أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمحليات

الرعيل الاول في الدعوة…شهادات ومحطات لا تنسى في ذاكرة المؤسسين

شادي عباس
الرعيل في المعاجم، جماعة قليلة من الرِّجال أو الخيل تتقدَّم غيرَها. الرَّعيل الأوَّل من الناس، هم من يتصدرون ويتقدّمون على غيرهم بالمبادرة والعمل. والرعيل الاول في الدعوة هم المؤسسين الذين ساروا ضد التيار، وواجهوا المسلمات السائدة في المجتمع، في سبيل نشر الدعوة، وإعلاء كلمة الحق نصرة للدين.
هؤلاء هم العملة النادرة، والنبع الذي بذل الغالي والنفيس لتكون كلمة الله هي العليا.
أحد هؤلاء هو الحاج فتحي عباس (أبو شادي)، من بلدة كفركنا. كان لنا معه لقاء سافرنا به عبر الزمن الى محطات علقت في ذاكرته، تنسمنا منها عبق الماضي القريب، واخذنا جرعة من التفاؤل لغد أفضل بإذن الله.

بداية طريقي في الدعوة
بدأ الحاج فتحي حديثه قائلا: “عام 1984 في بدايات الدعوة بدأ العمل في كفركنا على بناء مسجد عمر بن الخطاب، وفي تلك الفترة كنت اقوم ببناء بيتي الخاص، وكان يعمل لدي مقاول هو الحاج عرسان عواودة “ابو يوسف”، ومعه الحاج عبد الكريم كريم “ابو وائل”، وهم اخوة من السباقين في الانضمام الى الدعوة، وكانوا ايضا من القائمين على بناء المسجد، وبفضلهم تعرفت على الاخوة في الدعوة المحلية، حيث تم استدعائي للمساعدة في بناء مسجد عمر وكان كل العمل فيه تطوعيا من خلال اهل لبلدة الذين كانوا يأتون للعمل بعد دوامهم وفي ايام عطلهم”
وأضاف: “أذكر بالتحديد، عندما واجه الاخوة مشكلة في بناء عنق القبة، وكانت لي خبرة سابقة في المجال فذهبت الى المسجد واقترحت عليهم طريقة البناء، فطلبوا مني تجهيز المواد للتنفيذ، وقمنا بالعمل ووفقنا الله تعالى فيه، وهذه كانت باكورة أعمالي التي تعرفت من خلالها على شباب الدعوة وبداية انضمامي للمشروع الإسلامي”.

مهرجان عالمي في كفركنا
وتابع الحاج فتحي “أبو شادي”: “عام 1988 استضفنا في كفر كنا مهرجان الفن الاسلامي الرابع، وكان عملا فنيا رائعا وضخما، تجلت فيه اللحمة بين شباب الدعوة من جميع القرى والمدن في فلسطين من الداخل والضفة وغزة، وشارك فيه الفنان العالمي يوسف إسلام”.
وأردف بالقول: “كان لهذا العمل الاهمية الكبرى في بناء لبنات الدعوة في بداياتها، والعمل الذي انجز في هذا المهرجان كان جبارا وعالميا من حيث البناء والتنظيم، والفقرات الفنية. وشارك في مسيرته الافتتاحية ما يقارب 20 ألف شخص. وكان يزور المهرجان يوميا ما يقارب 10 آلاف زائر، وكان الكثير منهم يبيتون في بيوت الاخوة المضيفين من كفر كنا والبلدات المجاورة. مهرجان تجّلت فيه معاني الاخوة في الله، والصدق في العمل والتضحية”.

الحفاظ على إرث الآباء والأجداد
محليا، يقول الحاج فتحي: “في إطار أحد معسكرات العمل الاسلامي في البلدة، اقترحنا على القائمين إعادة ترميم وتنظيف “عين كبشانة” التاريخية والتي تقع شرقي البلدة، وأذكر أن جدي رحمه الله كان يزرع الخضراوات في بساتين الرمان في منطقة العين التي أهملت لسنوات عديدة، فغارت مياهها”.
ويفصّل قائلا: “بعد أن قمنا بحفر البئر، وإنزال 3 مواسير من الباطون بقطر متر وقمنا بالحفر وتعميق البئر حتى خرجت المياه من باطن الارض، وركبنا عليها مضخة يدوية، وقد كان بناء العين بالشكل الاثري القديم الذي كانت عليه، وبحجارة ملائمة لهذا البناء، وانتهينا من هذا العمل الجبار في غضون ثلاثة أيام، وما زالت العين معلما بارزا في تاريخ البلدة يزورها أهل البلدة يوميا، بعد أن تم ترميمها مجددا من قبل مجموعة من شباب البلدة مشكورين”.

للأقصى دائما حصة في قلوبنا
واستطرد قائلا: “في سنوات الـ 2000 بدأت مشاريع ترميم المسجد الاقصى المبارك. بعد مناشدة من المشايخ والعلماء وبالتحديد الشيخ رائد صلاح، الذي حذر من الحفريات الاسرائيلية أسفل المسجد الاقصى، وأطماع هؤلاء تجاهه. هبّ الآلاف من شتى أنحاء فلسطين، من الداخل والضفة، وباشروا بتفريغ الاتربة والحجارة التي ملأت المسجد الاقصى القديم والمصلى المرواني، وكان هذا العمل عملا جبارا، تم فيه إنقاذ المصلى المرواني والمسجد الاقصى من الاعتداء والسيطرة من قبل المؤسسة الاسرائيلية، وكان العمل بالأيدي وباستخدام المعدات البسيطة، لتعذر إدخال المعدات الثقيلة والجرافات الى باطن الأرض”.
وتعلو جبهة الحاج الابتسامة، ويستدرك: “أذكر في أحد الايام التي كانت لتبليط المصلى المرواني بالشايش الخليلي، وكان ما يقارب 30 بلاطا ومجموعة كبيرة من الشباب يعملون في آن واحد، ووصلت شاحنة محملة بالبلاط في ذات اليوم، وكان الشباب يفرغون البلاط من الشاحنة عبر سلسلة بشرية، وفور وصول البلاطة الى الداخل يتم تلقفها من قبل البلاط، الذي كان قد اعد لها مكانها، ووضع “الطين” وتم تبليطها فورا، حتى إذا وصلت آخر بلاطة من الشاحنة تم تبليطها فورا. بمعنى أنه في ظل الهمة العالية التي كانت من الشباب لم يكن البلاط يمكث ساعة جانبا، وكانت همة عالية لدى الشباب”.
ويضيف “ابو شادي”: “ولا أنسى طبعا في تلك الايام، دور أهلنا وإخواننا من بلدات الداخل وخاصة اهلنا من طرعان الذين كانوا يجهزون الطعام ويحضرونه لإطعام المئات من العمال في الاقصى، أيام الجمعة والسبت من كل اسبوع”.
ويختم قائلا: “كان للعمل التطوعي ميادين عدة، وتواصل، إن كان عبر معسكرات التواصل في المدن المختلطة، أو في معسكرات التواصل مع النقب، أو من خلال صيانة المساجد، والمقابر. وسابقا بمعسكرات التواصل المحلية في البلدات”.

عين على النقب
يقول الحاج فتحي: “في ذكرى يوم الارض السنوية بادرت الحركة الاسلامية المحظورة إسرائيليا، إلى إقامة معسكرات تواصل مع النقب، أنجزنا من خلالها اعمالا جبارة، حيث كانت تتبنى البلدات اعمالا عينية تنجزها بالأيدي العاملة وبجزء كبير من تكاليف المشروع. في عام 2010 قام الاخوة في كفركنا ببناء مسجد الصحوة في مدينة رهط، وخلال ثلاثة أيام تم تجهيز المسجد و”تشطيبه” ليصبح جاهزا للصلاة. والمسجد صرح عظيم أمّه في اول صلاة جمعة 800 مصل”.

وللحرائر نصيب…
وطبعا لا يمكن لنا أن ننسى جنديات الخفاء، اللواتي كان لهن جزء كبير في العمل، ودعم الرجال بالعمل، والمعنويات، والمال، حيث تبرعن بالمال والذهب من اجل انجاح المشاريع.
الحاجة “أم شادي” التي كانت تجالسنا مستمعة، قالت: “كانت النساء تقوم على إعداد الطعام في المعسكرات والمناسبات العديدة، وكن يأخذن وجبات الطعام الى الصائمين والمرابطين في المسجد الاقصى”.
وتستذكر قائلة: “في إحدى المرات وعندما حضرنا للمسجد الاقصى ومعنا وجبات لإطعام الصائمين، منعنا جنود الاحتلال من إدخال الطعام، وقالوا لنا اتركوا هذا الطعام هنا (عند البوابات)، وادخلوا، فقمنا بإخفاء الوجبات في حقائب بنات المدرسة المقدسيات، وهؤلاء قمن بإدخاله سرا الى الصائمين في المسجد الأقصى”.
وختم الحاج فتحي عباس لقاءه معنا بالقول: “هذا هو الجيل الذي نشأنا بحضنه، وفي كنفه. ومن هممه اكتسبنا الامل والحماس، لنكمل طريق الدعوة، ونسير في ركب المشروع الاسلامي الذي ما زال ينبض بالحياة، ويبشرنا بمستقبل أفضل يحمل لنا البشريات والخير، عبر جيل جديد يكمل ما بدأه السابقون”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى