أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

أوراق في زمن الكورونا…واقعنا المخصوص رؤية مستقبلية في ظل واقع متكدر..

صالح لطفي- باحث ومحلل سياسي

هذه المقالات
سلسلة مقالات سأكتبها تتعلق بواقعنا المخصوص في سياق جائحة كورونا وما تتعرض له البلاد، ومن ضمن ذلك مجتمعنا العربي في الداخل الفلسطيني وسأجتهد في هذه المقالات أن أتوهم (بناء على مصطلح الامام المحاسبي في كتابه التوهم بسياقه الإيجابي المصحوب برؤية مستقبلية تتجاوز الدنيوية الى السرمدية) ماذا كانت ستفعل الحركة الإسلامية لو أنها موجودة وتعمل على خدمة المجتمع العربي. وأنا لا أفعل ذلك من باب تذكير الخلق بأنه قبيل سنوات قليلة كانت حركة إسلامية ملء الدنيا وسمعها، فالحركة صارت في حكم المحظورة قانونيا لكنها باقية في الضمير الحي لأبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني.
مدخل هذه المقالات
1. واقعنا المأزوم: لا ينكر إلا مكابر أننا في المجتمع العربي الفلسطيني نعيش أزمة معقدة بل أزمات تهدد أمننا المجتمعي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي، فضلا عن المعيشي ولا تزال دراسات بكر تبحث الحالات النفسية للمجتمع العربي الفلسطيني في ظل تردي الأوضاع التي ذكرت وكيف يمكن صياغة عقل جمعي لمجتمع مثل مجتمعنا يعيش تناقضات الهوية والواقع وفشل السياسة وتدهور الاقتصاد وغياب النُخَبْ، هذا الى جانب أننا نتعاطى مع حكومات متعاقبة تتسم بالشعبوية والتطرف والعلو المصاحب لسلسة من القوانين العنصرية والفاشية المستهدفة للإنسان الفلسطيني ومكوناته الحياتية، في مقدمتها المسكن والمَعَاش. تتفاقم الأوضاع سوءا وإن منحت هذه الحكومات السلطات المحلية رافدا ماليا معتبرا في بعض الأمور يشكل لفترة “ما” رافدا معيشيا لعديد الموظفين ممن يدخلون طابور الموظفين المعتاطين على نفقة الدولة ليكون الارتباط بها صُرِيا ومصيريا.
داهمنا فيروس كوفيد-19 المعروف باسم فيروس كورونا ونحن في أضعف أحوالنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والمعيشية، فواقعنا السياسي يشي بحجم المأساة التي نعيشها وإذا قلنا إننا مجتمع بدون قيادة فلا نبعد النجعة في التوصيف، وإذا قلنا إن الفقر ما زال يتسيد الحالة الاقتصادية فالشواهد على ذلك واضحة، وإذا قلنا إننا في حالة ترد ورِدة اجتماعية فالواقع المُعاش خير دليل على ما نذهب إليه، ومع ذلك فليس هذا معناه أننا مجتمع فاقد لمقومات الحياة بل وقيادتها، فكل المجتمعات تُقاس في حجم رأسمالها الاجتماعي ممثلا بكوادرها البشرية المتعلمة والمتخصصة.
المجتمع الإسرائيلي مجتمع متنوع ومتعدد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، ونحن نعيش ضمن هذا المجتمع المتنوع الذي يجتمع رغم تناقضاته على موقف موحد من المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل بسبب الشعبوية الناظمة للحياة السياسية الحزبية واليومية في إسرائيل.
المجتمع الإسرائيلي مجتمع يجمع بين الرأسمالية المتوحشة والرأسمالية الرسمية والاشتراكية، ونظامها الاقتصادي نظام مؤسس على المجتمع بين رأسمالية الدولة والسوق الحر، ومن خلال هذه المزاوجة بين السياستين يتم تسييس الاقتصاد الإسرائيلي، والداخل الفلسطيني خارج هذا السياق مطلقا بل هو متأثر من تداعيات هذه التناقضات ولعل الجريمة والفوضى والجريمة المنظمة والفقر من تداعيات هذا التناقض القائم بين السياستين وما يجمع بينهما من سياسات حكومية اتجاه المجتمع العربي.
2. كورونا تعري الرأسمالية: هذا الفيروس يعري المجتمعات الرأسمالية، ووفقا لعديد الدراسات المستقبلية فثمة من يتوقع أن هذه الجائحة قد وضعت عمليا اللبنات الأساس الأولى لوفاة النيوليبرالية والمنظمات الدولية ويؤسس لواقع سياسي لمَّا تتجلى معالمه بعدُّ، هذا الفشل الذي ذكرته تتبدى معالمه جيدا في مقولات الناس والشعوب مع يقيني أن المؤمنين بهذا الفكر( النيوليبرالي) لن يستسلموا بسهولة الى هذه الفاجعة التي نزلت بهم بسبب هذا الوباء، ولأننا مجتمع أقلية على هامش مجتمع الأغلبية في حكومة تجمع متناقضات: تجمع النيوليبرالية مع رأسمالية الدولة واشتراكية وإن كانت مشوهة لا زالت قائمة ممثلة بالكيبوتسات والهستدروت وبعض الدوائر الحزبية والمدنية، فإننا ندفع ثمن هذه المتناقضات، فإسرائيل دولة قومية تعتز بيهوديتها ورئيس وزرائها أضحى يحتل يوميا الشاشات الثلاث في مشاهدات ساعة الذروة ويقدم البيانات والقرارات التي تسعى لفرض نظام صحي- سياسي يحول دون تفشي الفيروس، وواضح أن اهتمامه أساسا في المجتمع الذي ينتمي إليه ونصيبنا من هذه التوجيهات ومن المعالجات يؤول الى الصفر، وهو ما يدفعنا للسؤال حول مستقبلنا كمجتمع في ظل هذه الجائحة وما الذي يمكننا أن نفعله ونحن مجتمع لا يملك سوى مستشفيين- تم تأسيسهما قبل قيام إسرائيل- بتجهيزات متواضعة وعدد من العيادات الخاصة والمجتمعية لا يمكنها أن تصمد للحظة إذا ما انفجرت هذه الجائحة في وجوهنا.
3. حاجتنا إلى مجتمع عصامي: في سياق ما ذكرت لا بدَّ الإشارة الى تفكير الحركة الإسلامية في سِنيها التي خلت يوم فكرت في العمل على تخليق المجتمع العصامي الساعي لحماية المجتمع العربي الفلسطيني بعد هبة القدس والأقصى وسياسة العقوبات التي فرضتها الدولة وكارتيلات الاقتصاد كتنوفا وشطراوس وشركات شريكة بها الدولة كشركة الكهرباء وبيزك، للتحسب من مثل هذه اللحظات التي نعيش حيث تتكشف عارية ليس لها من أمرها من شيء سوى بعض عطف قد يأتيها وقد لا يأتيها من حكومة تصر يوميا على هويتها اليهودية وفوقيتها وشعبويتها.
لم تكن طروحات المجتمع العصامي سوى صدى طبيعي لواقع عاشه الداخل الفلسطيني في ظل تغول المؤسسة الإسرائيلية ورفضها التعامل مع المجتمع بصفته جزءا مكونا من مكوناتها البشرية-السياسية بل تعاملت معه كمجتمع معاد يستوجب المواجهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى