أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

القدس عاصمتها الخلافة القادمة على منهاج النبوّة (2 – 2)

حامد اغبارية

لم تتوقف الحملات الصليبية منذ أن بدأت في القرن الحادي عشر الميلادي[1]، والتي أطلق عليها المسلمون اسم “حروب الفرنجة”، والتي انطلقت تحت راية الصليب بذرائع خادعة لتأليب شعوب أوروبا التي كانت (ولا تزال) تعيش في ظلمات الجهل، ضد المسلمين في الشرق. وما تزال هذه الحملات مستمرة حتى هذه اللحظة، ويبدو أنها لن تتوقف حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، وحتى يُحسم الأمر. ولقد كانت فترة الاستعمار العسكري التي أعقبت مؤامرة إسقاط الخلافة الإسلامية (العثمانية) بدءًا من الغزو الفرنسي لمصر أواخر القرن الثامن عشر؛ مرحلة من مراحل تلك الحملات الصليبية، وإن تدثرت بمسميات خادعة، تبعتها مرحلة (استقلال) الدول العربية، التي كانت هي الأخرى مرحلة من مراحل الحملات الصليبية ضد الأمة ومقدراتها ومستقبلها. وكان الهدف الحقيقي والوحيد لتلك الحملات – ولا يزال-هو هدم الإسلام وتشتيت أهله. فما الدافع وراء ذلك؟

قد يستغرب كثيرون، لكنه الدافع هو بالضبط نفس المصدر الذي يستند إليه المسلمون في تأكيد ما سيحدث لاحقا من انتصار الأمة الإسلامية، وعودة أمة الإسلام أمة واحدة تحت قيادة واحدة، عاصمتها بيت المقدس. إنها آيات القرآن العظيم، وأحاديث سيد الثقلين عليه الصلاة والسلام عن أحداث آخر الزمان. فقد درس أهل الباطل الإسلام دراسة عميقة وجديّة، وثبت عندهم أن هذا الدين هو دين الحق، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رسول حق وأنه خاتم النبيين، وأنه لا ينطق عن الهوى، وأن كل ما يصدر عنه هو الحق، وأن أحاديثه عليه الصلاة والسلام عن أحداث آخر الزمان هي حقيقة، ومنها أن بيت المقدس ستكون عاصمة الخلافة التي ستكون على منهاج النبوّة. وفي التالي فإن سلوكهم السياسي والفكري والعسكري ينطلق من هذا الفهم (العميق)[2] للإسلام، ولم تكن الحملات الصليبية (العسكرية) وحدها هي الوسيلة الوحيدة لمحاربة الإسلام، بل ربما كانت هي الحلقة الأقل خطورة، قياسا مع الحملات الفكرية والسياسية التي انتهت إلى تغلغل الثقافة الغربية الصليبية إلى المجتمعات الإسلامية، وإلى صعود أنظمة سياسية حاكمة، تحكم بغير ما أنزل الله، بل وتحارب دين الله في الخفاء، من خلال دساتير وقوانين وضعية هي في الحقيقة نسخة سيئة جدا عن دساتير أوروبا الصليبية وقوانينها. وقد عمدت تلك الأنظمة، التي قال قائلها فيها: “أنا موظف لدى حكومة التاج البريطاني برتبة ملك”[3]، إلى قمع شعوبها بالحديد والنار، وإلى محاربة التيارات الإسلامية على اختلاف توجهاتها، وفي مقدمتها تنظيم الإخوان المسلمين، التيار الإسلامي الوسطي الأكبر في العالم الإسلامي، والذي رفع راية إعادة أمجاد الأمة وبناء أجيال قرآنية – كما في مرحلة النبوّة الأولى-لحمل مسؤولية الإعداد للخلافة القادمة على منهاج النبوّة، والتي ستكون عاصمتها القدس.

وكان من وسائل الخداع الذي مارسته تلك الأنظمة، مستعينة بالمفكرين الغربيين، الذين تخرجت على أيديهم نخبة فاسدة من المثقفين العرب، أنها أطلقت على التيارات الإسلامية اسم “الإسلام السياسي”، في محاولة لفصله في أذهان عامة الناس عن “الإسلام الحقيقي”، دون أن يقولوا لنا مثلا: ما هو الإسلام الحقيقي؟!! وهل هناك إسلام غير سياسي؟ هل هناك فرق بين الإسلام كما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين الإسلام الذي تنادي التيارات الإسلامية بعودته إلى المجتمعات الإسلامية؟

الحقيقة أنه لا فرق بين الإسلام وبين “الإسلام السياسي”، وهذا المصطلح لا يعدو كونه تلاعبا بالألفاظ، الهدف منه تلبيس الأمور على بسطاء الناس. فالإسلام ليس دينا كهنوتيا يحشر في أروقة المساجد وفي الزوايا، وإنما هو دين حركة، فهو يتحرك في كل مجال، ويُحرّك كل شيء في مختلف مجالات الحياة، ويؤثر فيها ويحتل منها المكان الأول، بما في ذلك المجال السياسي. الإسلام هو كل شيء، لأنه هو الحياة: هو عبادة، ومعاملة، وهو اقتصاد وهو سياسة وهو تربية وهو ثقافة وهو مجتمع وهو حضارة وفكر وهو علوم وهو عسكرية وهو نظام حكم. يدرك الغرب هذا جيدا، ولذلك يحاربه، لأنه بقدومه وسيادته وتمكينه لن يكون له (أي للغرب) مكان ولا تأثير ولا وجود، وستنهار قصور أوهامه التي يعمل على تحقيقها من خلال الشراكة مع الحركة الصهيونية العالمية.

فما هي الأحلام والأوهام التي يعمل الغرب الصليبي والمشروع الصهيوني على تحقيقها؟!

باختصار شديد نقول: إن الغرب الصليبي يعمل على الإعداد لعودة المسيح في آخر الزمان، وهو يؤمن أن هذه العودة حتمية[4]، ولكن هذه العودة مشروطة بأحداث لا بد أن تتحقق كي تتحقق عودته. ومن هذه الشروط شرطان أساسيان لا بد من وقوعهما؛ الأول: قيام مملكة إسرائيل الكبرى (من النيل إلى الفرات). وثانيهما يعتبر شرطا لوقوع الأول، وهو بناء الهيكل الثالث (المزعوم) على أنقاض المسجد الأقصى المبارك. إذن لا بد أولا من بناء الهيكل الثالث، كي تقوم مملكة إسرائيل الكبرى، التي سيأتي إليها المسيح في ظهوره الثاني، ليحكم العالم من خلالها، بعد أن يحسم الأمور ضد أمير الظلام (المهدي عليه السلام) وضد معسكر الشر (المسلمين!!) في معركة “هرمجدون” في فلسطين!![5].

ولقد استخدم أعداء الأمة وسائل عديدة من أجل اختراق عقول المسلمين، فخرجوا بكذبة محاربة الإرهاب، الذي هو في الحقيقة محاربة للإسلام. بينما الواقع الذي نراه عيانا أن الإرهاب الحقيقي، بكل فظائعه وممارساته الدموية لا تصدر بالذات إلا عن هؤلاء الذي يقولون إنهم يحاربون الإرهاب!. ثم فجأة وإذا بصوت يخرج في صحراء العراق يعلن (خلافة إسلامية) باسم (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، يقودها شخص مجهول الأصل والهوية يدعى أبو بكر البغدادي. ويبدو لي أن ظهور هذا الجسم الغريب في خاصرة الأمة تقف وراءه قوى عالمية وإقليمية صنعته ضمن مشروع محاربة الخلافة القادمة على منهاج النبوّة، والتي ستكون عاصمتها بيت المقدس. مجموعة من المتشحين بالسواد، لا يعرف عنهم أحدٌ شيئا، يقطعون الرؤوس ويذبحون الأسرى بالخناجر ويحرقون الأحياء ويغتصبون النساء ويُخرجون الأطفال التفجيريين على شاشات التلفزيون بإخراج هوليوودي شديد الإتقان!! ولعلنا نضيف أن هناك أجهزة مخابرات تابعة لدول الغرب الصليبي تساهم في إنتاج هذه الأجواء المرعبة (وقد حدث هذا في العراق[6])، وخاصة اغتصاب النساء من السبايا، تؤدي فيه دور المغتصبات نساءٌ يعملن في تلك الأجهزة، التي تخضع لأجندات معسكر الدجال، الذي يسعى إلى تشويه مصطلح الخلافة في أذهان المسلمين، كي يقاوموه ويشاركوا الغرب الصليبي، وعلى رأسه المسيحية الصهيونية، في منع تحققها[7].

هذه – باختصار-حقيقة المعركة التي تقودها قوى المعسكر الصهيو-صليبي، والتي تساندها نخبة من السياسيين والمثقفين العرب، الذي يرفعون راية “اليسار”.

إنهاـ إذًا ليست حربا على الإخوان، ولا على الحركات الإسلامية، وإنما هي حربٌ على الإسلام، هي حرب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وإن نفوْا ذلك وإن أنكروا. ذلك أن تمكين الإسلام دينا ودولة هو وعدٌ من الله سبحانه وتعالى، وبشرى من رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت هذا في القرآن والسنّة، كما أسلفنا في القسم الأول من هذا المقال. معنى ذلك أن الأحزاب والتيارات اليسارية والأنظمة القمعية تطعن بحقيقة إسلامية ثابتة، وهي بموقفها هذا تطعن بصدق القرآن وبصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن الخلافة التي ستقوم في آخر الزمان على منهاج النبوة، وعاصمتها القدس ليست مشروعا سياسيا لتيار إسلامي معين، ولا هي بند في برنامجه السياسي، بل هي عقيدة ثابتة، ينتظر أهل الحق تحقّق وقوعها. وهو ليس انتظار الاتكاليين الغافلين، الجلسين على قارعة الطريق في انتظار ظهور المهدي عليه السلام، بل العاملين على تحقيقها على أرض الواقع.

في كتاب الله عز وجلّ آيات سورة “الإسراء” التي تتحدث عن دخول المسلمين إلى المسجد الأقصى المبارك في آخر الزمان: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ألَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي ‎وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي إلارْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)}.

فمعنى الآيات أن المسلمين سيدخلون بيت المقدس فاتحين في آخر الزمان.

ثم تأتي الأحاديث النبوية المطهرة لتفصّل في هذا، وتبين أن خلافة على منهاج النبوة ستقوم في آخر الزمان، وستكون في بيت المقدس.

فقد جاء في الحديث: {“حَدَّثَنِي ‏ ‏ضَمْرَةُ ‏ ‏أَنَّ ‏ ‏ابْنَ زُغْبٍ الْإِيَادِيَّ ‏ ‏حَدَّثَهُ قَالَ: نَزَلَ عَلَيَّ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَوَالَةَ الْأَزْدِيُّ ‏ ‏فَقَالَ لِي: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لِنَغْنَمَ عَلَى أَقْدَامِنَا فَرَجَعْنَا فَلَمْ نَغْنَمْ شَيْئًا، وَعَرَفَ ‏ ‏الْجَهْدَ ‏ ‏فِي وُجُوهِنَا فَقَامَ فِينَا فَقَالَ:‏ ‏اللَّهُمَّ لَا تَكِلْهُمْ إِلَيَّ فَأَضْعُفَ عَنْهُمْ، وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَيَعْجِزُوا عَنْهَا، وَلَا تَكِلْهُمْ إِلَى النَّاسِ ‏ ‏فَيَسْتَأْثِرُوا عَلَيْهِمْ، ‏ ‏ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي ‏ ‏أَوْ قَالَ عَلَى ‏ ‏هَامَتِي ‏ ‏ثُمَّ قَالَ: يَا ‏ ‏ابْنَ حَوَالَةَ ‏ ‏إِذَا رَأَيْتَ الْخِلَافَةَ قَدْ نَزَلَتْ الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةِ فَقَدْ دَنَتْ الزَّلَازِلُ ‏وَالْبَلَابِلُ ‏ ‏وَالْأُمُورُ الْعِظَامُ وَالسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْ النَّاسِ مِنْ يَدِي هَذِهِ مِنْ رَأْسِكَ. رواه أبو داود. (قال الحاكم في المستدرك: صحيح الإسناد، وصححه الألباني).

قال حمود التويجري في كتابه “إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة”: وفي هذا الحديث الصحيح إشارة إلى ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-أن المهدي ينزل بيت المقدس.

ولفظ حديث أبي سعيد: قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {يخرج رجل من أمتي يقول بسنتي، ينزل الله -عز وجل-له القطر من السماء، وينبت الله له الأرض من بركتها، تملأ الأرض منه قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، يعمل على هذه الأمة سبع سنين وينزل بيت المقدس}.

ومعلوم أنه لم يسجل التاريخ أن القدس كانت ذات يوم من الأيام عاصمة لأيٍّ من الخلفاء المسلمين، رغم أنها فتحت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم أعاد صلاح الدين الأيوبي، رحمه الله تعالى ورضي عنه، تحريرها من الصليبيين. وهذا يعني أن الخلافة فيها ستكون في قادم الأيام. ويدلل على هذا حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم: {روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه الله، قال: كنا جلوساً في المسجد فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء، فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته. فجلس أبو ثعلبة. فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت}.

والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وحسنه الأرناؤوط.

ومن معاني الحديث أن الخلافة على منهاج النبوة ستكون عقب مُلك جبري، هو الأنظمة الجبرية القمعية التي تحكم بلاد المسلمين اليوم.

خلاصة القول إن مسألة عودة الخلافة على منهاج النبوة، كما كانت في عهد الخلفاء الراشدين ليست من اختراع التيار الإسلامي المعاصر، بل هي في صميم عقيدة المسلمين، وكل ما فعله التيار الإسلامي أنه أحيا هذه العقيدة في المجتمعات الإسلامية، بعد أن نجح الغرب الصليبي وعملاؤه من العرب والمسلمين ومن لف لفهم، في تغييب هذه الحقيقة عنها على مدار قرن من الزمان.

إنهما مشروعان متناقضان، أو خارطتا طريق متناطحتان. الأولى رسم خطوطها الغرب الصليبي والمشروع الصهيوني، وهدفها تحقيق نبوءات مزوّرة ينسبونها-زورا-إلى التوراة، والثانية خريطة ربانية هي قدر من أقدار الله تعالى. فأي الخارطتين المنتصرة؟ وأيهما أجدر أن يتبع؟

عجبا لتلك التيارات الفكرية التي تدندن على أوتار خارطة أعداء الأمة، تاركة جذورها منسلخة عن أصالتها وهويتها وانتمائها!!

____________________

 

[1] . المقصود هنا الحملات الصليبية التي خرج بها الفاتيكان في عهد البابا أوربان الأول. لكن الحملات الصليبية بدأت في الواقع ليلة السابع والعشرين من رمضان سنة 610 ميلادية، وهي الليلة التي نزل فيها الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبعد تلك اللحظة التي أعلن فيها محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أنه نبي مرسل من عند الله تعالى، وأنه النبي الخاتم، بدأت القوى العظمى في ذلك الوقت (الروم والفرس) ومعهما من عاش في جزيرة العرب من بني إسرائيل الحملة الصليبية الأولى للقضاء على الإسلام. بل هناك من رأى أن الحملة الصليبية الأولى بدأت فعليا ليلة الثاني عشر من ربيع الثاني سنة 571 ميلادية، وهي الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. (راجع: الرحيق المختوم للمباكفوري، وسيرة ابن هشام والسيرة النبوية للصلابي). فقد كان أهل الكتاب من اليهود والنصارى ينتظرون بعثة نبي آخر الزمان، وكانوا يطمعون أن يكون هذا النبي منهم، فلما ولد عليه الصلاة والسلام، وتبين لهؤلاء القوم أنه النبي الخاتم بدأت مؤامراتهم للتخلص منه. ولا تزال هذه المحاولات قائمة إلى يومنا هذا للاجتثاث الإسلام وطي صفحته.

[2] . ربما يستغرب القاريء من نعتانا دراستهم للإسلام بـ “الفهم العميق”، لكن هذا حقيقة ثابتة. وربما يتساءل: طالما أنهم فهموه بهذا العمق ويعلون ما سيحدث في نهاية المطاف، فلماذا لم يُسلموا؟! والجواب على ذلك: الأوائل أيضا من أهل الكتاب علموا يقينا صدق نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك حاربوه (إلا قليل منهم ممن اتبعوه)، لأنهم أصحاب أطماع ومصالح دنيوية، وقد أبى عليهم كِبْرُهم إلا أن يعاندوا ويعلنوا رفضهم لنزول النبوة في العرب من دونهم، واختاروا طريق محاربة الإسلام مع علمهم بصدق الرسالة. أوليس إبليس اللعين أعلم الخلق بالحق؟ ومع ذلك أبى واستكبر وكان من الكافرين. وفي التالي فإن أعداء الإسلام اليوم هم أحفاد أعدائه بالأمس. ذرية بعضها من بعض.

 

[3] . قالها الملك فيصل الأول بن الحسين بن علي، عميل بريطانيا الذي انقلب على الخلافة العثمانية مقابل وعود كاذبة من المندوب السامي البريطاني (مراسلات مكماهون – حسين). وكانت حكومة بريطانيا قد عينت فيصل الأول أميرا على إمارة شرق الأردن قبل تعيينه ملكا على العراق. واليوم عندنا موظفون عرب لدى واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب برتبة ملوك وأمراء ورؤساء دول ورؤساء حكومات.

[4] . يؤمن المسلمون كذلك أن المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام سيعود في آخر الزمان، وينصر المهدي عليه السلام، ويقتل المسيخ الدجال. والمسيخ الدجال في الحقيقة هو (المسيح) الذي ينتظر الغرب الصليبي عودته، وهو ذاته الذي يطلق عليه اليهود (ميلخ مشيّح) الذي سيأتي في آخر الدهر ليحكم العالم بهم.

 

[5] . عمل قادة ومنظمات تابعة للكنيسة الإنجيلية في الولايات المتحدة على ممارسة الضغط على الرئيس الأميركي دونالد ترامب بخصوص قراره بنقل سفارة بلاده من تل- أبيب إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية. وقد تحقق لهم هذا، علما أن أوهام الكنيسة الإنجيلية بدأت في الظهور علنا في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغن، الذي كان أول الرؤساء الأمريكيين الذين تحدثوا علنا عن معركة “هرمجدون”، وذلك في منتصف الثمانينات من القرن الماضي. وقد أعلنها بعده صراحة جورج بوش الابن، الذي قال أمام وسائل الإعلام عشية غزو العراق عام 2003 إنها جزء من الحروب الصليبية. ومثله فعل فلاديمير بوتين من خلال قساوسة الكنيسة الروسية (الأرثوذكسية) الذين أعلنوا الحرب المقدسة في سوريا، والتي لا تزال مستمرة حتى هذه اللحظة.

[6] . كشف تشارلز شويبردج ضابط الاستخبارات البريطانية في جهاز مكافحة الإرهاب عن أن وكالة المخابرات الأمريكية ” سي اي آيه” والاستخبارات البريطانية دفعتا دولا خليجية لتمويل وتسليح تنظيمات مسلحة في مقدمتها داعش. وقال شوبريدج إن الاستخبارات البريطانية والأمريكية تقفان وراء كل الأحداث الدراماتيكية التي تعصف بدول في الشرق الأوسط مثل سوريا والعراق وليبيا. ويكشف رجل المخابرات السابق عن تفاصيل خطيرة مثيرة حول دور واشنطن ولندن في صناعة الإرهاب.

 

[7] . ليست هذه هي المرة الأولى التي يعمد فيها أعداء الأمة إلى محاولة تشويه صورة الخلافة في نظر المسلمين. وقد عمل الغرب (بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية) على تشويه صورة الخلافة الإسلامية في عهد السلطان عبد الحميد الثاني؛ آخر خلفاء المسلمين العثمانيين، ونعتت عصره، كذبا، بالاستبداد وأطلقت عليه لقب (السلطان الأحمر)، كناية عن دمويته، وحرضت عليه من استطاعت من ديار المسلمين، خاصة بعض القبائل العربية، وعلى وجه أخص في الجزيرة العربية، وأنفقت أموالا طائلة في سبيل ذلك، وجيشت الإعلام ضده بكل ما أوتيت من قوة، واشترت ضمائر ضعفاء النفوس ومرضى القلوب من الأتراك، وخاصة من الدائرة القريبة من الخليفة. وقد خُدع الكثيرون بهذه الافتراءات، من الذين وقعوا فريسة للأطماع الشخصية، أو ناوشتهم عصبيتهم القبلية والعرقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى