اقتطاع 220 مليون شيكل من خطّة تطوير المجتمع العربي يثير انتقادات واسعة: قرار سياسي يمسّ بجوهر الصمود

أثار قرار الحكومة الإسرائيلية، الذي صادقت عليه يوم أمس الأحد، باقتطاع 220.7 مليون شيكل من ميزانية الخطة الخمسية المخصّصة لتطوير المجتمع العربي، موجة واسعة من الانتقادات في أوساط القيادات العربية والجهات القانونية، وسط تحذيرات من تداعياته الخطيرة على التعليم والخدمات الاجتماعية والسلطات المحلية.
وبحسب القرار، ستُنقل الميزانيات المقتطعة، والتي كانت مخصّصة للأطر التعليمية والتربوية، والثقافة، والرياضة، وبرامج الشباب، وتطوير السلطات المحلية العربية، إلى جهاز الشرطة وجهاز الأمن العام (الشاباك)، بذريعة مكافحة العنف والجريمة في المجتمع العربي.
ويأتي هذا القرار في سياق مطالب سبق أن طرحها الوزيران إيتمار بن غفير وماي غولان قبيل إقرار ميزانية الدولة، دعيا خلالها إلى اقتطاع ميزانيات من المجتمع العربي وتحويلها لصالح الأجهزة الأمنية، وهو ما اعتبره مراقبون استجابة سياسية مباشرة لضغوط داخل الائتلاف الحكومي.
وفي هذا السياق، قال رئيس منتدى السلطات المحلية في النقب ورئيس بلدية رهط، طلال القريناوي، إن الميزانيات التي جرى تقليصها مخصّصة منذ أكثر من ثلاث سنوات للخدمات الاجتماعية والتربوية والتعليمية، مؤكدا أن “الادعاء بتعزيز الشرطة والشاباك لا يبرر المساس بهذه الميزانيات، خاصة أن هذه الأجهزة تمتلك الموارد الكافية لمحاربة الجريمة إذا توفرت الإرادة الحقيقية”.
وشدد القريناوي على أن السلطات المحلية العربية تدرس جميع السبل القانونية المتاحة، بما في ذلك التوجه إلى المحكمة العليا بالتعاون مع مركز السلطات المحلية، لإسقاط القرار، مؤكدا أن خلفيته “سياسية بحتة” وتهدف إلى إرضاء وزراء في الحكومة، وعلى رأسهم بن غفير وغولان.
وأشار القريناوي إلى تفاقم مظاهر التمييز في توزيع الميزانيات، لافتا إلى تخصيص مئات الملايين لسلطات محلية يهودية مجاورة ذات عدد سكان محدود، مقابل حرمان مدن عربية كبيرة مثل رهط من أي إضافات جديدة والاكتفاء بميزانيات منقوصة.
من جانبه، اعتبر الباحث والمختص في القانون والجريمة، المحامي رضا جابر، أن اقتطاع ميزانيات التربية والتعليم وبرامج الشباب لا يمكن تفسيره كخطوة جدية لمحاربة الجريمة، موضحا أن “المسار الذي تُسحب فيه هذه الأموال يكشف عن مشروع يستهدف المجتمع العربي نفسه، لا الجريمة”.
وأضاف جابر أن الحكومة قادرة على رصد مئات الملايين لمكافحة الجريمة من ميزانيتها العامة دون المساس بما يشكل عصب المجتمع العربي، محذرا من أن هذا الاقتطاع “يمس بجوهر المجتمع ويقوّض أسس صموده”.
وبيّن أن الإشكالية القانونية تبرز عندما تكون السلطات المحلية قد بنت خططها ومشاريعها على هذه الميزانيات، مؤكدا أنه في حال إثبات “الاعتماد المشروع” عليها، يمكن التوجه إلى القضاء استنادا إلى الالتزامات التي نشأت عنها.
وختم جابر بالتأكيد على أن القضية تتجاوز البعد المالي، إذ تشكل الميزانيات أداة ضمن سياسة شاملة تُدار ضد المجتمع العربي، تُستخدم فيها الشرطة كذراع تنفيذية، محذرا من غياب موقف جماعي منظم لمواجهة هذه السياسات، وما قد يترتب عليه من ارتدادات خطيرة على التعليم، والشباب، وعمل السلطات المحلية مستقبلا.



