ما هو السيناريو الأسوأ الذي يخشاه الصحافي الإسرائيلي رفيف دروكر؟

طه اغبارية
افتتح الصحافي الإسرائيلي رفيف دروكر، مقالا له في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية اليوم الاثنين، بالحديث عن “الأكاذيب التي تنشر في الهواء بالأيام الأخيرة”، وتابع أن “رئيس الحكومة وآخرين ضموا إعادة المخطوفين (الأسرى) إلى الهدف الأسمى للعملية (العدوان على غزة) ويزعمون أن ذلك يأتي مترافقا مع التصميم على الإطاحة بحركة حماس”.
وأضاف أن “أهالي المخطوفين (الأسرى) غير مقتنعين تماما بذلك. والحق معهم”.
واكمل “قد يكون قاسيا قول ذلك، ولكن لا يوجد أية طريقة لتحقيق هذين الهدفين، لانهما متناقضان. حركة حماس مستعدة للذهاب في اتجاه صفقة لتحرير الأسرى، فقط في حال أيقنت أن إسرائيل تخلت عن النية لتدميرها. يكفيها (حماس) أن تتخلى إسرائيل عن هذا الهدف بشكل عملي، وبعد أن تهدر حماس المزيد من الوقت، ستُفقد الشرعية الوطنية للاستمرار وسيصبح العبء على الاقتصاد والسوق كبيرا للغاية”.
واعتبر أن حديث البعض (الحكماء) عن فكرة “الكل مقابل الكل”- بخصوص الأسرى- ثمّ التفرغ بعدها للقضاء على حماس، مجرد وهم، زاعما أنه “صحيح أن حماس تهتم بأسراها، ولكن هذا لم يعد الهدف الأسمى. يجب أن لا نقارن بين الوضع الحالي وصفقات سابقة. أولياتهم الآن هي النجاة والحفاظ على سلطتهم. الانخراط في مفاوضات عن صفقة ستتيح لهم حرق المزيد من الوقت- ربما يقومون بخطوة لبناء الثقة، ويحررون عددا من الأسرى، ولكن صفقة شاملة لن تتم حتى يتأكدوا أننا لن نستطيع الدخول في عملية برية مكثفة للقضاء عليهم”.
هناك خياران واقعيان للتعامل مع المسألة- بحسب دروكر- الأول هو الذهاب إلى صفقة من منطلق الفهم أنه لن تكون هناك عملية برية. مؤكدا أن هذا الخيار تترتب عليه أثمان كبيرة جدا في موضوع الردع والقدرة على إعادة سكان غلاف غزة، وأشار إلى أن “الصفقة ستطول لعدة أشهر، وخلال ذلك سيتم إعادة المزيد من الأسرى. حينها نبدأ بالاستعداد لحرب من أجل القضاء على حماس، تطلقها وتبادر إليها إسرائيل بعد 6 أشهر إلى سنة، وربما يكون ذلك من خلال قيادة أخرى موثوقة أكثر من رئيس حكومة الذي يغرّد في الواحدة ليلا ضد رؤساء الأجهزة الأمنية. ولو بقيت عند نتنياهو قدرة لعدم التفكير فقط في شخصه، كان قد أعلن من الآن أنه سيستقيل في نهاية المعركة. ويخيل حينها أن دولة كاملة ستتنفس الصعداء. وقتها كان هذا الخيار سيكون أكثر منطقية. قيادة أخرى يمكن أن تشكل تهديدا حقيقيا على حماس”.
أما الخيار الثاني بحسب دروكر، فهو “البدء بهجوم بري شامل ومكثف، كما خطط من البداية، حتى تحقيق الهدف: القضاء على قيادة حماس، تدمير المترو (الأنفاق)، إخراج حماس من السلطة في غزة والبقاء داخل القطاع بهذه الطريقة أو بأخرى، حتى يمكن صعود آخرين إلى السلطة هناك. هذا إن كان يمكن أصلا القيام بذلك. إلا أن جزءا من الثمن سيكون أننا لن نرى-ربما- القسم الأكبر من الأسرى، وربما كلهم. قد يقتلوا خلال الاشتباكات، أو من خلال إجراء انتقامي تقوم به حماس”.
ورأى أن “السؤال المهم في حال اتخاذ الخيار الثاني، هو هل يمكن للجيش الإسرائيلي تنفيذ هذه المهمة؟ السيناريو الأسوأ من كل ذلك، هو القيام بعميلة برية مكثفة، امتصاص الضرر الاجتماعي- الإنساني المروع الذي سينزل على عائلات الأسرى وعلينا جميعا، بالإضافة إلى أننا في نهاية الأمر سنغرق في غزة كما حصل مع الجيش الروسي في أوكرانيا”.
وأكمل أن “القيادة في إسرائيل تدرك هذا التحليل. لا أحد يوهم نفسه هنا. لذلك كان القرار الأصلي للقيادة واضحا: الإطاحة بحماس. فدولة تريد الحياة، لا تستطيع بعد هزيمة كهذه، أن تخضع للابتزاز من قبل منظمة إرهابية تهاجمها. إزالة التهديد من الجنوب وتحذير الشمال هي إجراءات لازمة ووجودية تقريبا. ونتنياهو خلال إحاطة للصحفيين قال إن الأسرى لن يكونوا ضمن التقدير لشن هجوم بري، إلا في حال عرفنا أين هم بشكل محدد”.
وختم الصحافي رفيف دروكر مقاله بالقول: “غير أن الهجوم المفترض تعطل، وحاليا في أعقاب الحراك الذي تقوم به عائلات الأسرى والجدل المثار بهذا الشأن في الشارع الإسرائيلي، تراجع مجلس الحرب خطوة إلى الوراء. قرروا المراهنة على نصف حمل: البدء بمناورة برية- ربما تضغط حماس، وربما مع هذا يتم إرجاع أسرى. ليتني أكون مخطئا، ولكن ربما في نهاية الأمر نتلقى الأسوأ من أي أمر: عدم الإطاحة بحماس وعدم إرجاع الأسرى”.



