أخبار رئيسية إضافيةأخبار وتقاريرمحلياتومضات

طالبات مدرسة إسكندر يتواصلن مع الجيل الذهبي

في أواخر شعبان ومع حلول شهر رمضان الفضيل، قامت ممثلات مجلس طلاب مدرسة إسكندر في ام الفحم الطالبات رغدة جبارين وبتول جبارين وأسيل اغبارية برفقة موجّهتهن المعلمة فاطمة والعم عادل الذي كان الدليل لزيارة كبار السن في المدينة للاطمئنان على أحوالهم ولاثراء المعرفة بالتواصل معهم، حيث قدمن لكلٍ منهم هدية رمزية عبارة عن صورة شخصية لكل واحدٍ فيهم، والتي تركت أثرّا في نفوسهم.
كانت حارة الجبارين أول محطاتهن حيث زرن فيها أربعة مسنين، الزيارة الأولى في بيت الحجه وصيفة والتي تبلغ من العمر 92 عامًا، حيث شاركت الطالبات تجربتها بمساعدة ابنها الذي يفوق 65 عاما، فتحدّثوا عن الترابط الذي كان بين الجيران والحارات، وذكر ابنها جملة “الحجة وصيفة اليوم بيننا بفضل الممرضة بديعة”، وأكمل “أن الحجة وصيفة وهي في مقتبل العمر تعرّضت لحادث قرروا على أثره أنها في عداد الموتى وأخرجوا لها شهادة وفاة، ومع بداية الجنازة وقعت الحجة من على السلم الذي كانوا ينقلون فيه الموتى، وكان في الحضور الممرضة بديعة التي بدا لها ما يدل على أن الشابة ما زال فيها حياة، فنقلوها للمستشفى وبعد الفحوصات تبيّن أنها على قيد الحياة وأكملت مسيرتها الحياتية وأنجبت البنات والبنين وها هي أمامكم”.


أمّا الزيارة الثانية فكان في بيت الحجة شريفة التي تبلغ من العمر 92 عامًا، التي استقبلت الطالبات بابتسامة تجعل تضاريس وجهها تبدو كأنها ممر لزمان، تكثر فيه الذكريات الجميلة، ولم تتحدث كثيرًا لأن سمعها ثقيل لكنها ودّت لو تعطي الطالبات كل ما لديها فملامح الكرم ظاهرة في محيّاها.


الزيارة الثالثة كانت للحجه رمزية والتي تبلغ من العمر 93 عامًا وذكرت أنها ابنة مختار المحاميد، الحجه تحدثت عن البطل الشهيد احمد الفارس وعن علي الفارس اعمامها وعن بطولات الثوار وخاصه احمد الفارس، كيف ترصّد عند عين النبي وقتل سته جنود من الانجليز، وكيف هرب منهم، الانجليز طوّقوا أم الفحم ووضعوا الرجال والأطفال في الميدان والنساء في المسجد. وكيف اختبأ ولبس خمار نسائي أحمر وجلس على المنبر بشكل فتاة بحيث كان عمره لا يتعدى السادسة عشر حينها. ولم يعثروا عليه. وتكلمت كيف استشهد عن طريق كمين له في كفر قرع. وتحدثت عن أجواء رمضان حيث كان يخرج الأطفال مع المسحراتي مع قناديل مضيئة بالزيت يجوبون الشوارع بالغناء الخاص في رمضان. واختتمت كلامها بأن الحياة سابقًا كانت أفضل وأجمل من اليوم من جميع الجهات.


كما اختتمت الطالبات زيارة حارة الجبارين في بيت الحاج عبد الرؤوف والذي يبلغ من العمر 88 عامًا، حيث كان أول مؤذن لمسجد المحاميد، كان بلا حولٍ ولا قوة، ولكن دموعه التي ذُرفت عندما رأى صورته سردت كل تفاصيل حياته، واستقبلت الطالبات زوجته بكل ترحابٍ وحب.
من هناك انتقلت الطالبات لحارة الاغبارية وبالقرب من مسجد الخلايل التقين بالحاج لطفي والذي يبلغ من العمر 85 عامًا. الذي تحدّث عن أيام اللجون والذكريات الجميلة التي عايشوها قبل النكبة، وتابع بأحداث النكبة وكيف سقطت اللّجون وذكر أن الخيانة العربية هي أول الأسباب للهزيمة بصوت يملؤه الأسى، وتابع كيف هجّر هو وجميع العائلات لتظهر في عيونه الحسرة والألم. وكانت التنهيدات كفيلة لكي تخبر بكم الظلم الذي تعرضوا له.


ومن حارة الاغبارية واصلت الطالبات لحارة المحاميد حيث التقين الأستاذ حمزة الذي يبلغ من العمر89، والذي بدأ مسيرته التعليمية قبل أحداث النكبة، حيث عايشها وعايش كل التغيّرات التاريخية التي عقبتها، تكلّم عن عدة حقبات في سلك التعليم، ما قبل النكبة وما بعد النكبة حيث كان التعليم يقتصر على الذكور ومدرسة واحدة لعدة قرى متجاورة. وفي عام 1953 سنّ قانون التعليم الالزامي والذي قلب موازين التعليم حيث زاد عدد الطلاب وكان هناك نقص في المدارس والمعلمين، والذي استقطب معلمين من بلدان مختلفة وعلّموا في البيوت حتى أقيمت المدارس. من الذي ذكره أنه عمل في سلك التعليم 48 عامًا وفي هذه الأعوام غاب فقط 22 يومًا لحالة مرضية. شغل الأستاذ حمزة منصب مدير مدرسة ابن خلدون مدة ثلاثين عامًا، وهو مليء بالطاقة والحيوية رغم كبر سنة.


والمحطة الأخيرة كانت في حارة المحاجنة لدى الحجة رقية الخشان والتي تبلغ من العمر 86 عامًا إلا أنها تملك طاقة الشباب حيث استقبلت الطالبات بنفسها وقامت هي بتقديم الواجب لهن بنفسها فهي لا تحب أن يقوم أحد بخدمتها، وعندما سألنها عن رمضان في الماضي تنهّدت وتذكّرت الطبخة التي كانت تطعم الحارة والصحن الذي كان يدخل للبيت من أكثر من جار، وقالت: “أنه اليوم لا حدا بسأل عن حدا والناس قلوبها مش على بعض، وتابعت أنه لما كنا نقلي الزنقل كنا نوزّع عالحارة كلها وللا الفلافل والطبيخ كنا نسكب منه، ما هو الرسول وصّى على سابع جار”. كانت كلماتها ممتزجة بالألم لما وصلنا به من وضعنا اليوم، وتحدثت عن تجربتها في سنة النكبة حيث كانت تقطن في البياضة وكان أخوها وابن أخيها ممن استشهدوا في أحداثها، ومن المهم ذكره أن الحاجة رقية هي والدة الشيخ رائد صلاح فك الله أسره.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى