“المدينة” تسلّط الضوء على حياة زوجها علي عقل وطفليهما بعد سنة من الاعتقال: آية خطيب ناصرت المحتاجين فجرّمتها المؤسسة الإسرائيلية
طه اغبارية
انتزعت المؤسسة الإسرائيلية، الأسيرة آية خطيب (32 عاما) من قرية عرعرة، من حضن عائلتها: زوجها علي عقل (38 عاما) وطفليها محمد الفاتح (9 سنوات ونصف) وعبد الرحمن (6 سنوات ونصف) وأهلها، يوم 17/2/2020.
لم تعرف خطيب، الجامعية العاملة في معالجة “النطق واللغة” عند الأطفال، حين اعتقالها أن الخلفية، هي بسبب نشاطها الإنساني عبر صفحتها على “فيسبوك”، في جمع التبرعات للأطفال المرضى من الضفة وغزة الذين يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية إلى جانب مواكبتها للعديد من الحالات الإنسانية في الداخل الفلسطيني، مثل: عائلات محتاجة وطلاب وطالبات جامعيين حالت ظروفهم الاقتصادية دون إكمال أقساطهم الجامعية.
غير أن تجريم العمل الإنساني وتجريم الفلسطيني الذي يمارس انتماءه لشعبه من خلال الفعل، هو ديدن السجّان الإسرائيلي، فاتهم آية خطيب بـ “التعاون مع عميل أجنبي ودعم جهة معادية هي حركة حماس”!!

من أوكار المخابرات إلى “الدامون”
بعد اعتقال الأسيرة آية خطيب من منزلها في قرية عرعرة، بتاريخ 17/2/2020، خضعت لكل أشكال التنكيل والقهر النفسي من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، اقتيدت بداية، إلى معتقل كيشون (الجلمة) وجرى التحقيق معها في وكر المخابرات، ثم نُقلت في تاريخ 23/2/2020 إلى وكر آخر للمخابرات الإسرائيلية في سجن عسقلان، وبقيت هناك حتى تاريخ 28/2/2020 ثمّ أُعيدت مرة أخرى إلى كيشون وبقيت هناك قيد التحقيق حتى تاريخ 18/3/2020 لحين تقديم لائحة اتهام ضدها، ثم جرى نقلها إلى سجن “الدامون” المخصص للأسيرات الفلسطينيات.

بدر الدين اغبارية، محامي الأسيرة آية خطيب، يؤكد لـ “المدينة”، أن ظروف اعتقالها خلال فترة التحقيق، في كيشون وعسقلان، كانت صعبة جدا، وأن جهات التحقيق المخابراتية اتبعت أساليب غير قانونية معها في محاولة لانتزاع “اعترافات”. ويلفت إلى أن الانتهاكات التي ارتكبت بحق خطيب خلال التحقيق ستكون محل طعن طاقم الدفاع في مجمل الملف.
على سبيل المثال، يوضح محامي اغبارية “حين نقلت آية إلى سجن عسقلان وضعت في قسم خاص بالرجال وهذا الأمر مناف لأبسط المعايير الإجرائية والقانونية، جعل الأسيرة في حالة نفسية صعبة جدا”.
المحكمة والمداولات وشهود النيابة
تختص المحكمة المركزية في مدينة حيفا بالنظر في ملف اعتقال الأسيرة آية خطيب بهيئة مؤلفة من 3 قضاة، وقد دخل الملف قبل عدة أشهر مرحلة “الإثباتات” أو سماع شهود النيابة.
وفق المحامي بدر اغبارية، عقدت حتى الآن 8 جلسات لسماع شهود النيابة، جرى خلالها الاستماع لشهادات عنصرين من المخابرات الإسرائيلية الذين حققوا مع خطيب، كما أدلى نحو 15 مدنيا بشهاداتهم في الملف.
يشدّد اغبارية على أن كافة الشهادات التي أدلى بها مدنيون، دعمت موقف الأسيرة.

وبيّن أنه “ساهمت شهادات الأخوة من أهلنا في الداخل بالتأكيد على إنسانية الملف الذي جرت فبركته وحياكته لآية، وأكد الشهود أن تواصلهم مع آية كان عبر قنوات قانونية وأن معرفتهم بها كانت من خلال صفحتها على فيسبوك واطلاعهم على نشاطها الإنساني والاجتماعي في دعم الحالات الإنسانية والمرضية، وأوضحوا أن تبرعاتهم للحالات التي أعلنت عنها خطيب، تمت بصورة قانونية، وأكد أحد الشهود أن نشاطات آية لم تقتصر على دعم الأطفال المرضى من الضفة وغزة الذين يعالجون في المستشفيات الإسرائيلية، مشيرا إلى أنه على معرفة بتفاصيل دعم آية لعائلة عربية من الداخل كان أحد أفرادها يعاني من أعاقة حركية تمنعه من التنقل بسهولة داخل المنزل، فأطلقت آية حملة لدعم هذه العائلة وجمعت التبرعات، وبالفعل جمعت الأموال اللازمة لترميم المنزل بما يتلاءم مع الشخص المعاق حركيا”.
حول المداولات القادمة في ملف اعتقال آية خطيب، قال محاميها إنه “جرى تأجيل الجلسات بسبب اكتظاظ جدول أعمال القضاة الذين ينظرون الملف، وستستأنف جلسات الاستماع لشهود النيابة في تاريخ 9/5/2021”.
وظيفة: الأب والأم
يحاول علي عقل، زوج الأسيرة آية خطيب، التأقلم في الحياة مع طفليه محمد الفاتح وعبد الرحمن، بصورة اعتيادية، وقد اضطّره السجّان الإسرائيلي على القيام بوظيفة الأب والأم لطفليه الذين حرما حضنها منذ سنة.
يُمنع عقل من حضور جلسات محاكمة شريكة حياته ورفيقة دربه، بزعم أنه “شاهد” في الملف، بحسب النيابة الإسرائيلية. لم يتمكن منذ 3 أشهر ونصف من زيارتها في سجن “الدامون” بسبب الاغلاقات وجائحة كورونا، وكان قبل ذلك يزورها مع أحد طفليه لنصف ساعة، يوم الأربعاء، مرة كل أسبوعين، في حين كان يسمح لأهلها، والديها واخوانها بزيارتها في الأسبوع الذي يغيب فيه الزوج وأحد الأطفال.

واجه علي عقل تحديات كبيرة في تربية طفليه بعد اعتقال الزوجة والأم، فضلا عن التحديات التي فرضتها جائحة كورونا بخصوص نظام التعليم عن بعد، ويجتهد في التوفيق بين حياة الأسرة مع طفليه وبين عمله كتقني تصليح وتركيب مكيفات.
يقول لـ “المدينة”: “ليس سهلا على الإطلاق الاعتياد على حياة طبيعية في ظل تغييب الزوجة خلف القضبان، ولكن بفضل الله تعالى ومساعدة الأهل، تجاوزت أنا والطفلين المرحلة الأصعب والتي كانت بعد اعتقال آية بفترة”.
وأضاف “بعد الاعتقال كانت نفسية الأطفال سيئة جدا، نحن اليوم والحمد لله في مرحلة متقدمة أفضل بكثير، وبما أنني مستقل في عملي فهذا الأمر يتيح لي التواجد مع الطفلين أطول فترة ممكنة، ننام معا في سرير واحد، نقوم بالعديد من الفعاليات معا مثل طبخ الكعك والبيتزا وغيرها، عبد الرحمن في الصف الأول، وبسبب كورونا واعتقال آية لم يجد طريقه كما يجب في التعليم، محمد الفاتح في الصف الثالث وبالتالي فإن سرعة تأقلمه مع الحياة بدون الأم أكبر من أخيه بطبيعة الحال”.
للتغلب على المصاعب والتحديات، انتسب علي إلى دورات في “الوالدية” عبر تطبيق “الزوم”، تساعده في تربية الطفلين ودعمهما نفسيا.
“ماما أحسن أم في العالم”
“عندما أقول لمحمد وعبد الرحمن، لماذا لا تنامان في غرفتكما، يجيبان: لما تطلع ماما من السجن، بنّام معكم أكم يوم وبعدها بنرجع لغرفتنا”.
يضيف علي “لا يمر يوم دون أن نتحدث عن آية الأم الأسيرة التي ضحّت من أجل انقاذ أطفال مرضى من أبناء شعبنا، وأحس بمدى الاعتزاز عند الطفلين وهما يتحدثان عنها: ماما أحسن أم في العالم، وانت أحسن أب في العالم، بدنا ماما تطلع من السجن”.
يكمل “في أحد الأيام أخذت محمد وعبد الرحمن لزيارة مقبرة البلدة حيث تجري هناك أعمال تطوعية لترميمها، وقد أصرّا عليّ في أن أتبرع بمبلغ كبير لدعم هذه الأعمال، فسألتهما لماذا؟ أجابني عبد الرحمن: “لما المبلغ بكون كبير هيك ربنا بسرعة بطلع ماما من السجن”.

يقول عقل “نكثر في البيت الحديث عن الذكريات الأخيرة التي جمعتنا مع آية، وعن سفرنا إلى إسطنبول قبل اعتقالها بأقل من شهر، يحاول الطفلان دائما التركيز على كل ذكرى كانت لهما مع أمهما بصورة طبيعية”.
يلفت إلى أن آية حين تلتقي الأطفال خلال الزيارات أو في جلسات المحاكم، تكون متماسكة جدا رغم التأثر البادي على وجهها، فهي قوية جدا وتحاول حتى وهي خلف القضبان أن تبث قوتها هذه في الطفلين.
“فضفات من الدامون”
في حديثه عن حياة زوجته في سجن “الدامون” يقول علي “آية معنوياتها عالية جدا بدون مبالغة، تشغل وقتها في معظم الأحيان في المطالعة، وكتابة مذكراتها داخل السجن تحت عنوان “فضفضات من الدامون”، كذلك تجتهد أن تحفظ القرآن الكريم، وتتعلم التطريز والحياكة وتقوم بنشاطات مختلفة مع شقيقاتها الأسيرات الفلسطينيات”.
منذ اعتقالها إلى اليوم، يحاول علي بكل الوسائل الإبقاء على قضية زوجته متقدة وحاضرة، وقام بمساعدة العديد من الجهات بإنتاج أعمال مرئية وأنشودة عن زوجته ونشاطاتها الإنسانية، كما أنه دائم الكتابة عن القضية عبر صفحته على “فيسبوك”.
يختم علي عقل بالقول “آية غير نادمة على الإطلاق على نشاطاتها ودعمها للحالات الإنسانية لأطفال شعبنا، وهي تؤكد أنها لم ترتكب أي مخالفة، لكن هذه المؤسسة تريد تجريم آية وكل من يفكر بخدمة شعبنا، هي فخورة بطفليها وزوجها وقدرتنا على الاحتمال رغم كل الظروف”.
يشار إلى أنه جرى اعتقال علي عقل، يوم اعتقال زوجته وجرى التحقيق معه في أروقة المخابرات بسجن كيشون مدة 12 ساعة.
الشيخ كمال خطيب لآية: أنت مصدر عز وشرف لشعبك
في ذكرى مرور سنة على اعتقال آية خطيب، قال الشيخ كمال خطيب، رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني، لـ “المدينة”: “لا بد من التأكيد على أن ما كانت تقوم به آية خطيب من إغاثة الملهوفين والوقوف إلى جانب الأطفال المرضى وعائلاتهم، وتخصص لذلك من مالها ووقتها، هو شرف وهبها الله إياه”.
وأضاف: “في منطق الواقع، الأصل أن تُقلد آية الأوسمة والنياشين، لا أن يُزجّ بها في الزنازين وخلف القضبان، لكن قدر آية خطيب أنها تحمل في رأسها وصدرها الفكر الإسلامي وتضع على رأسها الحجاب ويبدو أن هذه الهوية جعلت آية خطيب تنسى من ذاكرة القيادات والكثيرين من أصحاب المواقع في داخلنا الفلسطيني، لكن لن يضر آية أن أهل الأرض قد قصّروا بحقها، لأنها إن شاء الله هي في مقام عال عند اهل السماء. آية خطيب قامت بالعمل الذي يتمنى كل إنسان منّا أن يقوم به، وهو خدمة الأيتام وذوي الاحتياجات، لكن في ظل حكومة ظالمة، فإن عمل آية خطيب أصبح مدانا ومطاردا وملاحقا”.

وتابع خطيب: “ليس سهلا على أم أن يمرّ عليها العيد تلو العيد، وأن تمر عليها ذكرى ميلاد أطفالها وزوجها وهي بعيدة عنهم، لا تحتضنهم، لكن يوم حريتها سيكون قريبا إن شاء الله”.
وختم الشيخ كمال خطيب بالقول: “لأهلها وزوجها وأطفالها نبعث أسمى آيات التقدير على وقفتهم الدافئة المساندة في دعمها، لأنهم يعلمون حقيقة ما قامت به. للأخت آية في سجنها أقول: أنت مصدر شرف وعز لشعبك وبلدك وعائلتك وزوجك وأطفالك الذين سيكبرون وفي ذاكرتهم وفي ألبومات صورهم، يتذكرونك خلف القضبان وفي المحكمة عند قاضي الظلم، وهذا سيكون مبعث عز وفخر لأولادك، ولسان حالهم يقول بعز وشرف لأقرانهم وزملائهم: نحن أبناء آية خطيب”.



ندعو لكم بالخير والثبات وان يعجل الله بالفرج القريب لتعود آيه لبيتها وزوجها واولادها والى مجال تخصصها ليستفيد الجميع من علمها ،ندعو لكم دائما ونتطلع بشوق ليوم الفرج ، كما وندعو بالصبر الجميل لذوي الاسرى عامة ،يسألونك متى هو ؟ …. عسى ان يكون قريبا ،