أخبار رئيسية إضافيةمحلياتمقالات

خطاب التكفير والتجزئة في “الاتحاد” مرفوض

توفيق محمد

منذ البداية كان واضحا لنا أن المدعو نور اليقين بدران لا يثير انتباه أحد، ولا يُرى حتى يستحق الرد من أحد أيا كان، ولكن الذي يسترعي الرد والانتباه هو الخطاب التهديدي والطائفي المقيت الذي صدر عنه في احتفال تأبيني حضره جمع كبير من المعروفيين واستمعوا إليه وتفاعلوا معه بالتصفيق والتشجيع وليس بالاستنكار والاستبعاد.

منذ البداية كان واضحا أن من قال ما قال في الحفل التأبيني لا يستحق لحظة من نظرة، وإنما ما قاله هو الذي يستدعي موقفا واضحا لا لبس فيه، ولا تلعثم ولا تردد، لأن ما قاله يفتح شرخا عميقا في النسيج الاجتماعي لمجتمعنا في الداخل الفلسطيني، وخاصة أنه صدر بحق الشيخ كمال خطيب رئيس لجنة الحريات وهو رجل له مكانته الاعتبارية الكبيرة محليا في أوساط أبناء مجتمعه الفلسطيني سواء هنا، أو هناك في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو على المستوى الإقليمي كله، وبالتالي فإن التعدي على شخصية بهذا الحجم، وفي جمع مثل هذا الجمع ليس له محل من الإعراب أو القبول، ولا يمكن إلا أن يصب زيتا على نار لطالما اجتهدنا وعملنا على إطفائها ووأدها دائما قبل أن تستقوي شعلتها، ولطالما رفضنا وابتعدنا ومججنا واستنكرنا الخطاب الطائفي الذي يسعى البعض الى التعلق بأهدابه والتخاطب بمفرداته ومن ثم يرمي به غيره.

لكن الذي استرعى اهتمامي واستدعاني لكتابة هذه السطور هو ما ورد في كلمة العدد في صحيفة “الاتحاد” الصادرة يوم الخميس 26/10/2017 خاصة وأن المقالة المعنية والتي سأنقل جزءا من فحيحها في السطور القادمة تعبر عن موقف صحيفة هي ناطقة بلسان “الحزب الشيوعي الإسرائيلي” وبالتالي فإن المقالة تلك تعبر عن موقف الصحيفة وموقف هذا الحزب الذي له مكانته الوازنة على رقعة العمل السياسي في الداخل الفلسطيني.

الشيخ كمال خطيب كتب في تغريدته رأيا مشروعا بعد مقتل عصام زهر الدين وإن لم يكن مجمعا عليه من أبناء شعبنا لكنه يبقى رأيا له مشروعيته ويوافقه عليه قطاع عريض جدا بل هو الأعرض من أبناء شعبنا، ولم يشتم أحدا ولم يتهجم على أحد ولم يتحدث بشكل طائفي أبدا إنما تحدث عمن استعمله النظام السوري أداة وحشية في إبادة الشعب السوري وبغض النظر إن كان سنيا أو شيعيا أو درزيا أو مسيحيا، فإن ما قام به مرفوض لماهية الفعل وليس لهوية الفاعل، فهوية الفاعل تجتمع مع بقية الهويات لتشكل نسيجا مجتمعيا واحدا في بلادنا يسعى الجميع من خلاله  لبناء وطن واحد يستظلون فيه ويتعاونون سوية للعيش على ترابه، وللملحوظة فقط فإن كثيرا من الروايات تقول: إن من قتل عصام زهر الدين هو النظام نفسه حتى يتخلص من أدواته الإجرامية التي مارست القتل والتعذيب والاجرام بحق الشعب السوري في ظل المنظومة الجديدة التي تحاك خيوطها في موسكو.

أما المدعو نور الدين بدران وهو بالمناسبة ينتمي سياسيا الى الجبهة الديموقراطية (جبهة الحزب الشيوعي) فقد كفَّر الشيخ كمال خطيب وخوَّنه وأخرجه من الصف الوطني ودعا بصريح العبارة الى قتله.

صحيفة “الاتحاد” الصادرة الخميس 26/10/2017  كتبت من ضمن ما كتبت ما يلي: “خطاب الفتنة والاستفزاز والتكفير غير اللائق والمقيت الذي أطلقه الشيخ كمال خطيب بحق الشهيد السوري زهر الدين في منشور حاقد كتبه ونشره على حائط الفيسبوك ..”.

إن الخطاب “الداعشي” الذي تبنته صحيفة “الإتحاد” هو خطاب مرفوض على كل أبناء شعبنا فالخطاب “الداعشي” الذي رسخته أجهزة مخابرات عدة سواء على المستوى الإقليمي أو أجهزة المخابرات عابرة القارات التي التقت مصالحها جميعا لبث هذا الخطاب، بهدف تشويه الإسلام كدين، هذا الخطاب مرفوض علينا نحن أبناء الداخل الفلسطيني، وإننا نحن الذين نعاني من موجة العنف الموجه إلى أبنائنا أولى الناس وبالذات على مستوى الكتاب والصحف والمشارب السياسية والدينية على اختلافها بنبذ هذا الخطاب واستبعاده من حواراتنا استبعادا غير مشروط ولا متعلق بشيء أيا كان.

إن محاولة صحيفة “الاتحاد” المساواة بين الشيخ كمال خطيب وبين المدعو نور اليقين بدران في طلبها من كل منهما الاعتذار هي محاولة غير مؤدبة (أقل ما يمكن أن يقال فيها) وغير موضوعية وغير موزونة وغير عقلانية وتفتقر لأبجديات المعاملات السياسية التي تعرف أن تنزل الناس منازلها فهو (نور اليقين الجبهوي) هدد الشيخ كمال بالقتل والتصفية وصفق له من صفق، ووقف هناك من وقف متأثرا بخطاب التكفير والكراهية والحقد وقال: “لن نسامح الخونة، لا تسامح مع الخونة لا تسامح مع الخونة .. القتل لهم”.

أعتقد كمتابع للحالة السياسية في الداخل الفلسطيني أن على العقلاء في الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة والحزب الشيوعي أيضا التنصل من خطاب التجزئة والتفريق الذي ورد في كلمة “الاتحاد” الخميس 26/10/2017 واستبداله بالخطاب الوحدوي الجامع مع احتفاظ كل المكونات السياسية بالنقد والنقاش المؤدب للآخر دونما تجريح أو تخوين أو تكفير فقد عرف شعبنا كيف يفعل ذلك، وأعتقد أن على من كتب ما كتب وعلى من وافق على ما كُتب في كلمة “الإتحاد” عدم زرع بذور الفتنة والكراهية والتفرقة بين أبناء شعبنا فقد قطعت قياداته شوطا كبيرا في اتجاه خطاب يؤسس لحالة وحدوية حول المتوافق عليه ومؤدبة في المختلف عليه.

إن الخطاب الذي تبنته صحيفة “الإتحاد” في هذه المسألة هو خطاب تفريقي تشتيتي طائفي فئوي يهدد النسيج الاجتماعي الدقيق لمجتمعنا، ولذلك فهو خطاب ممقوت مرفوض يجب التراجع عنه لصالح الخطاب الوحدوي الذي يسعى السيد محمد بركة رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية هو وزملاؤه جميعا في اللجنة إلى ترسيخه وسيادته في أوساط أبناء مجتمعنا جميعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى