أخبار رئيسيةأخبار عاجلةمقالات

نحن وقانون القومية…

 المحامي علي حيدر

لم تعد السياسة الإسرائيلية تفاجئنا في درجة ترديها وانحطاطها العام، فالتوجهات العامة معروفة وواضحة وبينة منذ سنوات، لم تكن مخفية أو مستورة، دولة يهودية استعمارية واستيطانية ذات نزعات شوفينية تمييزية وعنصرية، تسعى إلى السيطرة المطلقة والتفرد بالسلطة والسيادة وتجسيد الاستعلاء القومي والإثني اليهودي، ناشطة وفاعلة بشكل منهجي ومتواصل من أجل محو الوجود والذاكرة الفلسطينيين والتراث واللغة العربيين، والسيطرة والاستيلاء على الأرض والتخلص من العرب، والفصل العنصري والتطهير العرقي، مستخدمة من أجل تنفيذ ذلك كل الوسائل القانونية والقضائية والعسكرية، والأساطير واللاهوت وكل أساليب المراوغة، غير مؤمنة بفكرة المواطنة المتساوية.

قانون القومية، قانون أساس فوق دستوري، هو خلاصة فصل معين في هذة السيرة، ولحظة انتقال إلى فصل جديد، يعلن التصعيد ويؤكد الاستمرار بنفس المنهج تصريحا وممارسة، وخصوصا أن المجتمع اليهودي، والثقافة والقضاء آخذين بالتطرف، الأمر الذي سيتيح للمحاكم تقديم تفسيرات أكثر تطرفا على إثر تركيبة المحكمة،  وعلى إثر سن قوانين أخرى مؤخرا، مثل القانون الذي يمنع الفلسطينين في الأراضي الفلسلطينية المحتلة، من التوجه إلى المحكمة العليا، والتقليل من مكانة اللغة العربية الرسمية، و أحد رموز هذه المرحلة السيئة نتنياهو الشعبوي العنصري.

إن غياب مفهومي الديموقراطية والمساواة من القانون، ليس جديدا. فقيمة المساواة غير موجودة في القانون الإسرائيلي أصلا، ووثيقة الاستقلال لا تمثلنا، والمركب الديمقراطي في قوانين الأساس الأخرى، أُردف بالمركب اليهودي وفي غالب الأحيان قدمت الدولة الديموقراطية قربانا على مذبح يهوديتها. ولم تكن أبدا ديموقراطية بل إيتنوقراطية بامتياز.

ورغم سن قانون القومية إلا أن إسرائيل، ما زالت متخبطة وستبقى في فحص هويتها وطبيعتها، فهي ما زالت تبحث عن ذاتها لا  تعرف لها حدودا، ومن هم سكانها، ومن هم مواطنوها، وما هي مرجعياتها، وما هي طموحاتها، وما هو نظام حكمها؟ ولكن تدرك أنها يهودية( وتمنح أفضلية لليهود في إسرائيل والخارج)، ومن هنا فهي تتخبط أيضا من هو اليهودي، وما هي اليهودية، وبذلك فهي في حالة دوار مستمرة.

ما ينبغى علينا فعله في هذا السياق، هو الصمود في وطننا، وعدم اليأس، والتصدي للتوجهات العنصرية، واستخدام اللغة العربية والاعتزاز بها، وتعزيز هويتنا العربية الفلسطينية، والتنظيم وتفعيل وابتكار مؤسسات جماعية جادة ومسؤولية، مثل المجلس الأعلى للجماهير العربية، ارتقاء بلجنة المتابعة العليا، وجعلها أكثر أهمية من الكنيست بالنسبة لنا، وجعلها مركزا حقيقيا لروح الجماعة وهمتها. وعدم الاغترار بالإنجازات الوهمية، والتصريحات الهلامية والاستعراضات والمصالح الضيقة لبعض الأشخاص والفئات، بل العمل على بناء مؤسسات للتخطيط، والعمل الاستراتيجي والجماعي المستدام، والتواصل مع المؤسسات الدولية بشكل مستمر ومنهجي ورسمي وجماعي، وتحقيق إنجازات حقيقية وملموسة، وليس مجرد زيارات فردية وأحادية، وبلورة مشروع وطني متكامل يتواصل مع مركبات شعبنا الأخرى، مثل الذين يعيشون تحت الاحتلال وفي مناطق اللجوء، تقوده قيادة جماعية موحدة قادرة مخلصة وصادقة، والتواصل مع المجموعات اليهودية الديموقراطية المتنورة ولو كانت قليلة.

في نهاية المطاف القضية قضيتنا، ويجب أن نعتمد على أنفسنا، واتخاذ القرارات الصحيحة والمتزنة والمسؤولة، وأن نكون قدر مستوى تحديات المرحلة وخصوصيتها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى