أخبار عاجلةأخبار وتقاريردين ودنياومضات

أسرع هزيمة في التاريخ


عامر عواودة- باحث في التراث (كفر كنا)

دخل قائد قبائل العرب المناذرة اللخميين “عقة بن أبي عقة” على سيده القائد الفارسي “مهران” في (عين التمر) بالعراق وسجد له، وقال له: “دعنا و “خالدًا” نحن العرب أعلم بقتال العرب”.

وعندما سمع “مهران” هذا الكلام من “عقة” تبسم وقال له: “صدقت لعمري لأنتم أعلم بقتال العرب، وإنكم مثلنا في قتال العجم، دونكموهم، وإن احتجتم إلينا أعناكم”.

وكان “مهران” قد أراد تجنب قتال المسلمين لعلمه أنهم لا يُقهرون بعد انتصاراتهم المتلاحقة في العراق في ذلك الوقت.

وقد انتقد قادة الفرس ذلك الأمر من “مهران”، واستنكروا قوله لـ “عقة”، فقال “مهران”: “دعوني فإني ما أردت إلا الخير لكم والشر لهم!!، فإن غلبوا “خالدًا” فهو نصر لكم، وإن غُلبوا قاتلنا “خالدًا” وقد ضعف ونحن أقوياء”. فاعترفوا له بفضل الرَّأي عليهم، وكان “عقة بن أبي عقة” مغرورًا و متعجرفًا، تملكته الرغبة لحيازة الفخر والمجد بالانتصار على المسلمين هو وحده، واهدائه لساداته الفرس.

كان حينها عرب العراق المناذرة يتبعون الفرس، وتمادى “عقة” في غيّه وغروره، وكأنه بذلك يسعى لحتفه بقدميه كما يقولون، فقرر الخروج بعشرة آلاف عربي من قبائل (النمر) و (تغلب) و (إياد) لقتال المسلمين خارج المدينة في الصحراء المفتوحة، لأنّ الصحراء المفتوحة هي ميدان العرب المفضل في القتال.

بلغت مقالة “عقة” لـ “خالد بن الوليد” رضى الله عنه، فعزم على أن يلقن هذا المغرور درسًا ويخبره أيّ رجال حربٍ هم المسلمون.
وفي أناة القطاة وثوب الأسد كان عاشق المفاجأة من لا ينام ولا يُنيم، ولا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، قام “خالد” وقال لصحبه: “إني حاملٌ عليه بعينه ومَيْنِه”.

فخرج إليه “خالد” وحده وهو وسط مجموعة من الخيل وهو منشغلٌ بتسوية صفوف جيشه العربي، وجيشه منشغلٌ بالنظر إلى “خالد”، وماذا يفعل أمام عشرات الآلاف؟!!!

وبينما هم غارقون فى دهشتهم، انقض “خالد” على ذلك المغرور فاختطفه من بين يدى جيشه كأنه ذبابة. حمله على فرسه كما يُحمل الصبى الرضيع ورجع به الى المسلمين.

ثم قال له “خالد” نفس مقولته: “نحن العرب أعلم بقتال العرب”، ثمّ ضرب عنقه بالسيف ورماه على الجسر، وقال للمجـاهدين: “هكذا فاصنعوا بهم”.

عندها تجمدت الدماء في عروق العرب المناذرة، وركبهم الفزع الشديد، ففروا من أرض المعركة دون أن يسلوا سيفًا واحدًا في أسرع هزيمة في التاريخ، فتبعهم المسلمون يقـتلون ويأسـرون.

فلمَّا بلغ “مهران” هزيمة “عقَّة” وجيشه، وكان قد أرسل الاستطلاع لمراقبة مجريات المعركة تملكه الخوف، نزل من الحصن وهرب مسرعًا مع جيشه الفارسي باتجاه (المدائن)، تاركًا أعوانه العرب لمصيرهم المحتوم.

ورجعت فلول العرب المناذرة إلى الحصن، فوجدوه مفتوحًا فدخلوه واحتموا به، فجاء “خالد” وحاصرهم، فلما سألوه الصُّلح، أبى إلا أن ينزلوا على حكمه، فجعلوا في السَّلاسل، وتسلَّم الحصن، وغنِم جميع ما في ذلك الحصن، دون أن يخسر المسلمون جـنديًا واحدا.
ولذا يقول “أبو بكر الصديق” رضي الله عنه: “عجزت النساء أن يلدن مثل خالد”.

المراجع:
1) تاريخ الأُمَم وَالمُلُوك – الطبري – المجلد الثاني.
2) التّاريخ الإسْلامَي – شاكر محمود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى