أخبار عاجلةأخبار وتقاريرأدب ولغةمحليات

د. رضا اغبارية: ‘العربية لغتنا’.. مبادرة لحماية الهوية وصون اللغة في وجه التحديات

لغة القرآن هي هويتنا... والتحدي الأكبر هو الحفاظ على العربية في مجتمعنا

طه اغبارية

في وقت تتزايد فيه التهديدات باللغة العربية داخل المجتمع الفلسطيني في الداخل، ووسط حالة من انغماس الكثير من الناس في اللغات الأجنبية وخاصة اللغة العبرية، تأتي مبادرة “العربية لغتنا” التي أطلقها عدد من الغيورين على اللغة العربية، بقيادة د. رضا اغبارية، من بلدة مشيرفة، لتكون بمثابة نداء لاستعادة الهوية العربية الفلسطينية، من خلال هذه المبادرة، التي تُروّج لاستخدام اللغة العربية سليمة وطبيعية.

يهدف القائمون علي المبادرة إلى تعزيز مكانة اللغة العربية وحمايتها من محاولات طمسها والتشويه الذي قد يلحق بها بسبب التأثيرات الأجنبية.

تجدر الإشارة إلى أنّ د. رضا اغبارية، يعمل محاضرا في كلية القاسمي في مدينة باقة الغربية، وهو حاصل على اللقب الثالث من جامعة حيفا ورسالته حول “الأخلاق في التراث العربي”، وله عدة مؤلفات، منها: “مسرح الحركة الإسلامية”، “خط الرقعة- تطبيق”، “أُنس المنقطعين لعبادة رب العالمين”، “سلسة الإمتاع والإبداع في فهم المقروء”، “المبين في أمثال فلسطين”، “قاموس اللهجة الفلسطينية”.

في هذا الحوار مع موقع “موطني 48″، يتحدث د. رضا اغبارية رئيس “العربية لغتنا” عن أسباب إطلاق المبادرة، أهدافها، وأبرز التحديات التي تواجه اللغة العربية في الداخل الفلسطيني.

موطني 48: ما الذي دفعكم لإطلاق المبادرة؟

د. رضا اغبارية: جاء إطلاق المبادرة نتيجة لحبنا العميق للغة العربية، فهي لغة القرآن الكريم، ولغة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولغة أهل الجنة. إضافة إلى ذلك، فإن التحديات التي تواجه اللغة العربية في المجتمع الفلسطيني داخل مناطق الـ 48، وفي ظل محاولات طمس الهوية من خلال غزو اللغات الأخرى، وخاصة العبرية، كانت أحد الأسباب التي حفزت إطلاق هذه المبادرة. نحن نسعى لحماية لغتنا من التشويه، وتعزيز حبها في نفوس الأجيال الناشئة.

موطني 48: كيف تصف واقع اللغة العربية اليوم في المجتمع الفلسطيني في الداخل؟

د. رضا اغبارية: الواقع مرير، والتهديدات على لغتنا العربية مستمرة. إذ نرى تزايدًا في ظاهرة دمج اللغة العبرية في العربية المحكية اليومية، ما يؤدي إلى تشويه اللغة العربية. هذا الواقع يدعونا إلى العمل الجاد لحماية لغتنا، خاصة في ظل وجود كثيرين يحاولون تهديدها وتشويهها. ويحضرني قول عبد الملك بن مروان: “خوفي من اللحن وصعود المنابر”، فما يُشكل خطرًا على لغتنا يجب أن يكون مصدر خوف واهتمام من الجميع.

موطني 48: حدّثنا عن أهداف المبادرة؟

د. رضا اغبارية: اسم المبادرة هو “العربية لغتنا”، وهي مبادرة جماعية قامت عليها إلى جانبي مجموعة من الغيورين على اللغة العربية، منهم: الشيخ رائد صلاح، والبروفيسور نادر مصاروة، والأستاذ توفيق محمد جبارين، والأستاذ أحمد هاني محاميد، والسيد حسن جبارين (أبو ذر)، والأستاذ سميح اغبارية، والسيد علي خليفة، والدكتور مروان أبو غزالة، والأستاذ علي أحمد اغبارية، والشيخ محمد يوسف ناجي اغبارية، والشيخ قصي كبها، والأستاذ حسين جبارين والأستاذ نمر قعدان، وغيرهم. تهدف المبادرة إلى نشر الوعي بين أبناء المجتمع الفلسطيني وحثهم على استخدام اللغة العربية الفصحى والمحافظة عليها من التشويه، وهي خطوة أساسية لحماية هويتنا الثقافية.

موطني 48: كيف نحقق هذه الأهداف؟

د. رضا اغبارية: بدايةً، سنبدأ بمشاريع صغيرة لكنها فاعلة، مثل إقامة نشاطات ثقافية وندوات توعوية لتعزيز مكانة اللغة العربية، كما سنعمل على تشجيع المطالعة في المدارس، وتنظيم المسابقات اللغوية، وعقد ندوات وإعداد نشرات تهدف إلى تصحيح الأخطاء اللغوية. بالإضافة إلى ذلك، سنسعى لوقف ظاهرة اللافتات والإعلانات التي تكتب بلغة غير العربية أو بلغة عربية مشوهة.

موطني 48: هل هناك تنسيق مع هيئات تربوية وثقافية ومؤسسات أخرى؟

د. رضا اغبارية: نعم، نحن نعمل على التنسيق مع المجالس المحلية، والبلديات العربية، والمراكز الثقافية في محاولة لتوسيع نطاق المبادرة وضمان نجاحها. بالإضافة إلى ذلك، نعمل على تنظيم جلسات توعية مع مجامع اللغة وكل الهيئات المعنية بالدفاع عن اللغة.

موطني 48: ما الفئات المستهدفة؟

د. رضا اغبارية: نستهدف المجتمع العربي بشكل عام، ولكن الفئة الرئيسية التي نركز عليها هي طلاب المدارس. إذا نشأ جيل من الشباب يحب اللغة العربية ويفخر بها، فإن ذلك سيكون له تأثير إيجابي طويل الأمد.

موطني 48: كيف ترى العلاقة بين اللغة والهوية الفلسطينية؟

د. رضا اغبارية: اللغة العربية هي صلة الوصل بين الفلسطينيين وهويتهم الوطنية. من لا يحترم لغته، فهو يقضي على هويته الثقافية والوطنية. لذلك، يجب أن نحافظ على لغتنا العربية لأنها تمثل جزءًا من وجودنا، وتراثنا، ومستقبلنا.

موطني 48: ما أبرز التهديدات التي تواجه اللغة العربية في الداخل؟

د. رضا اغبارية: أبرز التهديدات تتمثل في غزو اللغة العبرية للمجتمع الفلسطيني، سواء في المحكية اليومية أو في المؤسسات العامة. وهذا يشوه اللغة العربية ويفقدها نقاءها. نحن بحاجة إلى نشر البدائل العربية السليمة، وهذا ما سعى إليه كل من المرحوم البروفيسور فاروق مواسي والأستاذ أحمد سليم محاميد (أبو بلال) عبر إصدارين لهما هدفا إلى تعليم الناس كيفية استخدام العربية السليمة بدلُا من الكلمات العبرية.

موطني 48: كيف تخططون لمواجهة استخدام العبرية والإنجليزية؟

د. رضا اغبارية: نخطط لمواجهة هذا التحدي من خلال التوعية المستمرة عبر المحاضرات، والندوات، وورش العمل في المراكز الثقافية والجماهيرية. أيضًا، سنعتمد على النشر التوعوي في الصحف والمواقع الإلكترونية لحث الناس على الالتزام بالعربية السليمة.

موطني 48: كيف كان تفاعل الجمهور مع المبادرة؟

د. رضا اغبارية: تفاعل الجمهور كان إيجابيًا للغاية. لاحظنا ترحيبًا واسعًا بالمبادرة، خاصة من قبل أولئك الذين يشعرون بأننا بدأنا نفقد هويتنا وأن لغتنا تتعرض للخطر. المبادرة جاءت في وقتها المناسب، وكأنها صرخة لحماية ما تبقى من لغتنا.

موطني 48: هل هناك دعم مؤسسي ومالي لهذه المبادرة؟

د. رضا اغبارية: حتى الآن، لم نحتج إلى دعم مالي، لكننا بصدد تسجيل المبادرة كجمعية رسمية، وهو ما سيمكننا من الحصول على تمويل إذا دعت الحاجة لذلك. في المستقبل، قد نحتاج إلى دعم لتمويل بعض الأنشطة مثل المسابقات الثقافية أو الأمسيات التكريمية.

موطني 48: أخيرًا، ما رسالتكم للأجيال الناشئة؟

د. رضا اغبارية: أود أن أذكّرهم بالحديث النبوي الشريف: “أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي”، وهو حديث ضعيف، ولكن معناه صحيح. يجب أن ندرك جميعًا أن اللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي جزء من هويتنا الدينية والوطنية. المسؤولية تقع على عاتقنا جميعًا، خاصة على الأم، في أن تقوم بتعليم أبنائها اللغة العربية وتعزيز حبها داخل البيت.

في سياق متصل، زار وفد من مبادرة “العربية لغتنا” يوم الثلاثاء الفائت، مجلس طلعة عارة المحلي، وضم: الشيخ رائد صلاح، ود. رضا اغبارية، والسيد علي خليفة، والسيد حسن جبارين، والأستاذ توفيق جبارين، وأد.نادر مصاروة، والأستاذ علي أحمد سعيد, كان في استقبال الوفد رئيس المجلس المحلي السيد محمد جلال اغبارية، والقائم بأعماله السيد علي حسن جبارين، ومدير قسم المعارف السيد توفيق جبارين، الى جانب شخصيات تربوية من قرى طلعة عارة.

خلال اللقاء، استعرض أعضاء الوفد أهداف المبادرة ومجموعة من البرامج المتنوّعة في هذا المجال، أبرزها: تنظيم فعاليات وندوات ثقافية، تشجيع المطالعة والمسابقات اللغوية، حفظ سور من القرآن الكريم وقصائد من الشعر العربي، وتكريم الأدباء والأساتذة المختصّين في اللغة العربية.

من جهته، رحّب رئيس المجلس محمد جلال اغبارية بالمبادرة والقائمين عليها، واعتبرها خطوة مباركة وضرورية، لا سيّما في ظل ما تتعرض له لغتنا وثقافتنا من تحديات، مؤكدًا التزام المجلس بدعم المشروع وتبنّي مجموعة من مقترحاته، والعمل على تضمينها في أوساط المجتمع المحلي والمؤسسات التعليمية والتربوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى