أخبار رئيسيةالضفة وغزةتقارير ومقابلاتومضات

إطلاق نار ومحاولات اغتيال.. ماذا يجري في الضفة؟

نجا المحامي عبد الكريم فرّاح الأحد الماضي عندما كان عائدًا إلى منزله -بعد انتهاء جلسة المجلس البلدي بمدينة الخليل- من محاولة اغتيال بعد اعتراضه من قبل مسلحين ملثمين وإطلاق النار عليه وإحراق سيارته.

قبل ذلك بأيام، تعرضت سيارة عضو المجلس البلدي أسماء الشرباتي لإطلاق نار، كما تعرضت عيادة زوجها طبيب الأسنان أمجد الحموري لإطلاق نار مماثل.

ولم يكشف فراح أو الشرباتي عن سبب وخلفيات استهدافهما، لكن تصريحاتهما للصحفيين تتركز حول “خارجين عن القانون” و”حالة فلتان وفوضى”، مع إشارة إلى أن الأمر يتعلق بدورهما في المجلس البلدي.

لم يكن إطلاق النار في الخليل الأول من نوعه، بل سبق ذلك في شمالي الضفة تعرض الوزيرين السابقين في الحكومة الفلسطينية العاشرة ناصر الدين الشاعر والراحل وصفي قبها، لإطلاق النار من قبل مسلحين، من دون أن يُعلن عن اعتقال أي متورطين.

وإن كان المستهدفون في الخليل هذا الأسبوع شخصيات عامة، فإن إطلاق النار على أملاك الآخرين أصبح ظاهرة شبه يومية في مدينة الخليل (كبرى مدن الضفة) ومدن أخرى بالضفة، ولأسباب عديدة: إما عائلية أو بسبب خلافات مالية وأحيانا لأسباب سياسية.

مسؤولية السلطة

في المستشفى الأهلي بالخليل، يتلقى فراح العلاج من آثار إطلاق الرصاص على قدميه، ومن كسور وكدمات في أنحاء جسده نتيجة ضربه بالهراوات بعد إنزاله من سيارته والاستيلاء عليها ثم إحراقها.

يقول، إنه لم يكن يتوقع أن تصل الحالة في مدينته إلى محاولة القتل والاغتيال، لا سيما أنه لا توجد أسباب أو مبررات لجريمة كهذه.

وأضاف “لم أكن أتوقع أن يصل الانفلات إلى هذه الدرجة، تعودنا على إطلاق النار على السيارات والمحلات التجارية والمنازل، لكن أن يطلق الرصاص بشكل مباشر لمحاولة القتل من دون أي خلافات شخصية، فهذا لم يكن متوقعًا”.

وحمّل فراح وزارة الداخلية في السلطة الفلسطينية والمستويين السياسي والأمني “مسؤولية فرض الأمن والأمان”، مضيفا أن “ما يحدث أمر مؤسف وفوضى لا تخدم إلا الاحتلال”.

ويقول عضو المجلس البلدي إن القبض على الجناة ليس أمرا صعبا، ويضيف أنه ينظر بإيجابية إلى زيارة وزير الداخلية زياد هب الريح لمدينته إثر محاولة الاغتيال، وهو ما عدّه دليل عدم رضا عما يحدث، حسب وصفه.

وعلى خلفية الأحداث الأخيرة، عقد وزير الداخلية الاثنين الماضي اجتماعات مع قادة الأمن وأمناء سر أقاليم حركة “فتح” وفعاليات أخرى في الخليل، وفق ما أعلنته محافظة الخليل، وهي أعلى جهة حكومية تمثل المحافظة، واستعرض هب الريح الوضع في محافظة الخليل على المستويات كافة، بعد الأحداث المؤسفة التي شهدتها المدينة خلال الأيام القليلة الماضية.

 

والثلاثاء الماضي، قالت وكالة “معا” المحلية إن قوى الأمن الفلسطيني اعتقلت -في ساعة مبكرة من فجر الثلاثاء- 3 من المشتبه بهم في عمليات إطلاق نار على أعضاء مجلس بلدية الخليل، وتم ضبط ذخيرة بحوزتهم.

 

القادم أخطر

وعن الوضع في الخليل خاصة والضفة عامة، يقول الحاج داود الزير (رجل إصلاح عشائري بارز وعضو المجلس الوطني الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية) إن ما يجري الآن يمكن تسميته “فلتان”، مضيفا “الخطر الأكبر قادم”.

وأضاف الزير أنه إذا تطورت هذه الحالة السائدة فسيكون الوضع أمام مشكلة أكبر ومستعصية على الحل، مبينا أن ما يجري غريب على المجتمع، مشيرا إلى وجود إطلاق نار شبه يوميا.

وقال المتحدث ذاته إن الظاهرة تنتشر سريعا في أنحاء الأراضي الفلسطينية، “ويبدو أن الاحتلال يغذي الظاهرة، ويهمه أن تتسع في ظل ضعف السلطة”.

وأشار الزير إلى تعدد المرجعيات القانونية المطبقة بين مصرية وأردنية وفلسطينية وإسرائيلية؛ “فالمحاكم ضعيفة، وهناك قضايا تحتاج سنوات حتى يتم البت فيها، وإذا صدرت القرارات فمن الصعب تنفيذها”.

كما أشار إلى سيطرة إسرائيل على أغلب المناطق، فضلا عن حيازة بعض السكان -خاصة في القدس وأراضي 48- بطاقات هوية إسرائيلية، مما يصعب ملاحقة أي متهمين بأعمال جنائية.

وأضاف أن القضاء العشائري بات مرجعية لعلاج كثير من الإشكاليات بنسبة 70%، لكنه لا يمكن أن يكون بديلا للقضاء.

ويشير الزير إلى نوعين من السلاح في الضفة: سلاح وطني مقاوم وهو الأقل، وسلاح العائلات وهو الأكثر انتشارا وزعزعة للأمن والاستقرار، ويقول “إذا لم يتم ضبطه وملاحقته سنكون أمام مليشيات عائلية يغذيها الاحتلال”.

ولم يفت الزير التحذير من فوضى السلاح .

 

الانقسام والاحتلال

ما بين الاحتلال والانقسام تتجه أصابع الاتهام في حالة الانفلات. ويقول أستاذ الإعلام في جامعة الخليل الدكتور سعيد شاهين قائلا: إن السبب الرئيسي وراء حالة الانفلات هو الانقسام السياسي بين غزة والضفة منذ 2007، لما له من تداعيات سلبية على المجتمع الفلسطيني.

ويضيف شاهين أن تردي الوضع الأمني بات خاضعا لاعتبارات فصائلية، فضلا عن عدم القدرة على إنفاذ القانون ولجم التعديات من كل الأطراف فصائلية وعشائرية.

ويرى شاهين أن عدم القدرة على إنفاذ القانون قضية ترتبط بوجود الاحتلال وعدم احترام الاتفاقات الموقعة، إذ يمكن أن يدعم ذلك بعض الجهات لإحداث خلل في السلم الأهلي وتعريض سلم المجتمع لخلل أمني، حسب تقديره.

ويضيف المحلل الفلسطيني أن “أغلب العناصر التي تخل بالقانون وتخترقه تسكن في مناطق (ج)”. في إشارة إلى أن نحو 60% من الضفة بقيت تخضع للسيطرة الإسرائيلية وفق اتفاق أوسلو.

ويرى شاهين أن على السلطة الفلسطينية مضاعفة جهودها الأمنية وضبط القانون، محذرا من إمكانية أن تتدحرج الأمور إلى حال أسوأ مما هي عليه في أراضي 48، التي تشهد حالات قتل شبه يومية.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى