أخبار رئيسية إضافيةتقارير ومقابلاتعرب ودوليومضات

وسط نكبة الزلزال وتداعياته.. موجة ارتفاع أسعار جديدة تفاقم معاناة السوريين في مناطق النظام

لم تكد تمضي أيام على حادث الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وعدة مدن شمالي سوريا في السادس من فبراير/شباط الجاري، حتى ارتفعت أسعار معظم السلع في الأسواق السورية بنسب قياسية؛ مفاقمة معاناة السوريين.

وتراوحت نسبة ارتفاع أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية في مناطق سيطرة النظام من 20 إلى 40%، في حين ارتفعت أسعار بعض السلع إلى 80 و100% في ضوء ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية مقابل الليرة؛ ليسجل سعر صرف الدولار 7350 ليرة (بتاريخ 20 فبراير/شباط الجاري).

وتأتي هذه الموجة من الغلاء وسط فوضى تداعيات الزلزال وازدياد الطلب على مختلف السلع الغذائية لإغاثة المنكوبين في مناطق متفرقة من سوريا، وتزامنا مع أسوأ واقع معيشي يواجهه السوريون منذ اندلاع الأزمة في بلادهم قبل نحو 11 عاما.

 

لهيب الأسعار

وفي جولة استطلاعية ضمن أسواق دمشق، رصدت الجزيرة نت الزيادة في أسعار مختلف السلع الغذائية، إذ ارتفعت أسعار معظم أنواع الخضر في الأسواق؛ ليسجل سعر كيلو الباذنجان والكوسا 5 آلاف ليرة (0.7 دولار) بدلا من 2500 ليرة (0.3 دولار)، في حين بلغ سعر كيلو البطاطا 4500 ليرة (0.6 دولار)، بينما سجل سعر كيلو البصل 12 ألف ليرة (دولارين تقريبا) بدلا من 6 آلاف (1 دولار تقريبا).

وإلى جانب الخضر، طال الارتفاع أسعار الحبوب التي يعتمد عليها السوريون في معظم وجباتهم، فتراوح سعر كيلو الأرز بين 10 و15 ألف ليرة (1.5 و2 دولار)، وسجل سعر كيلو العدس 11 ألفا (1.6 دولار)، وبلغ سعر كيلو البرغل 8 آلاف ليرة (أكثر من دولار).

بينما سجلت اللحوم بجميع أصنافها ارتفاعا قياسيا في أسعارها، وتجاوز سعر كيلو بعض الأصناف (لحم العجل والغنم) حاجز 70 ألف ليرة (10 دولارات تقريبا) بعد أن كان ثمنه 50 ألفا (7 دولارات) مطلع الشهر الجاري.

في حين رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري الثلاثاء الماضي سعر لتر المازوت الصناعي إلى 5400 ليرة (0.7 دولار).

صورة تبيّن شح المحروقات في دمشق (رويترز)
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام السوري رفعت سعر لتر المازوت الصناعي إلى 5400 ليرة (رويترز)

البصل بات حلما

ويقول خالد (41 عاما) -موظف في القطاع العام في دمشق “نحن نعيش في بلد حتى البصل بات فيه حلما، أيعقل أن ثمن كيلو البصل يساوي 10% من راتبي الشهري”.

ويضيف “لا يمكن تسمية ما نعيشه بالحياة، لأن الحياة لتسمى كذلك عليها أن تتوفر على حد أدنى من الشروط، ونحن في سوريا لا نستوفيها، أشتري اليوم اللبنة والجبنة بالغرامات (200 غرام من الجبنة ومثيلها من اللبنة) والقهوة بالأوقية كل أول أسبوع”.

وتشير تقديرات إلى أن كلفة الوجبة الواحدة التي تحتوي على نسبة معقولة من البروتين لـ3 أشخاص في سوريا تبلغ نحو 32 ألف ليرة (5 دولارات).

بينما يشير لؤي (32 عاما) -باحث وخبير اقتصادي من دمشق- إلى أن دخل الأسرة السورية المكونة من 5 أفراد يجب أن يصل إلى 2 مليون ليرة (277 دولارا) لتتمكن من تغطية الحاجات الملحة والضرورية فقط.

ويضيف، “معظم السوريين الذين لا يزالون محافظين على مستوى معين من جودة المعيشة لا بد أنهم يتسلمون حوالات خارجية من أبنائهم أو أقربائهم في دول المهجر، أو أنهم يعملون عن بعد مع شركات خارجية”.

ومنذ عام 2021، يبلغ متوسط رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص في مناطق سيطرة النظام نحو 150 ألف ليرة (21 دولارا)، في حين حدد مرسوم تشريعي الحد الأدنى للأجور بـ92 ألفا (13 دولارا تقريبا).

من المسؤول عن ارتفاع الأسعار؟

وقال أمين سر جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها عبد الرزاق حبزه الأربعاء الماضي إن أسعار السلع الغذائية -ومن ضمنها الخضر واللحوم- وأسعار السلع الاستهلاكية ارتفعت بنسبة تفوق 20%.

وأضاف حبزه، أن بعض التجار استغلوا كارثة الزلزال ورفعوا أسعار سلعهم بحجة زيادة الطلب على المواد الغذائية لتقديم المساعدة لمتضرري الزلزال، مشيرا إلى توفر السلع في مخازن التجار في وقت سابق على الكارثة.

بينما يرى الخبير الاقتصادي لؤي أن للزلزال -كأي كارثة طبيعية- أثرا على الاقتصاد من خلال تدميره المباني والمحلات والمنشآت الصناعية، وتجميده عددا من الأعمال والمصالح في المحافظات المنكوبة، ولكن في المقابل فإن للسياسات التي أخذت حكومة دمشق في تطبيقها منذ بداية العام الحالي أثرها في هذا التضخم المتسارع الذي بات من الصعب السيطرة عليه.

وتابع أن تحرير الأسعار، ومنع تداول الدولار وتشديد العقوبات على المتعاملين به وغيرها من سياسات الإنكار التي بدأت الحكومة متأخرة التخلي عنها تحت الضغوط الاقتصادية، إضافة إلى عدم تقديم تنازلات في المسار السياسي لرفع بعض العقوبات؛ كلها عوامل أسهمت في زيادة الأسعار.

وقال بيان لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة مطلع الشهر الجاري إن 70% من السوريين ربما لا يتمكنون في المدى المنظور من توفير الطعام لعائلاتهم.

وأكد البيان أن هناك 12 مليون سوري لا يعرفون من أين ستأتيهم الوجبة التالية من الغذاء، وهناك 2.9 مليون آخرون معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى